أجهزة يدوية لكشف المتفجرات يكلف الواحد منها 60 ألف دولار تثير جدلا أميركيا ـ عراقيا
    أميركي يدرب الشرطة العراقية: الكلاب أجدى * مسؤول أمني عراقي: لا أكترث بما يقولونه
    الخميس 5 نوفمبر / تشرين الثاني 2009 - 09:25:10
    -- --
    بغداد: رود نوردلاند «نيويورك تايمز» - على الرغم من التفجيرات الضخمة التي شهدها العراق والمخاوف من تصاعد أعمال العنف مع انسحاب القوات الأميركية، تعتمد القوات الأمنية العراقية على جهاز للكشف عن القنابل والأسلحة يقول الجيش الأميركي والخبراء الفنيون إنها لا جدوى لها.
    وتستخدم العصا الصغيرة التي تحمل في اليد، والتي بها هوائي تليسكوبي دوار، في المئات من نقاط التفتيش داخل العراق، ويعتمد الجهاز على «فكرة الإيحاء»، حسب ما يقوله هال بيدلاك، الضابط المتقاعد الذي كان يعمل في القوات الجوية الأميركية.

    ومع ذلك، اشترت الحكومة العراقية أكثر من 1.500 جهاز مما يعرف باسم «إيه دي إي 651» بتكلفة تتراوح بين 16.500 دولار و60.000 دولار للجهاز الواحد. ويوجد تقريبا في كل نقطة تفتيش تابعة للشرطة العراقية وفي الكثير من نقاط التفتيش التابعة للجيش العراقي جهاز من هذا النوع يستخدم في المعتاد كبديل عن أن يقوم شخص ما بتفتيش السيارات بنفسه.

    ومع تراجع أعمال العنف خلال العامين الماضيين، أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بإزالة الحواجز الكونكريتية من عشرات الشوارع، ويقول إن العراقيين سيحمون البلاد عندما ترحل القوات الأميركية.

    ولكن التفجيرات الأخيرة التي نالت من المباني الحكومية في بغداد تعكس حجم المخاطر التي لا تزال تُحدِق بالعراق، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يُتوقع أن تصاحبها أعمال عنف، فقد كان على المفجّرين الانتحاريين الذين تمكنوا من الوصول بطنَّين من المتفجرات وسط بغداد في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما أدى إلى مقتل 155 شخصا وتدمير ثلاث وزارات، أن يمروا بنقطة تفتيش على الأقل يُستخدم فيها الجهاز «إيه دي إي 651»، بناء على مشاهد الفيديو التي نشرتها محافظة بغداد. ولا يستخدم الجيش الأميركي هذه الأجهزة، ويقول ريتشارد روي، الذي يشرف على تدريب الشرطة العراقية لصالح الجيش الأميركي: «لا أعتقد أن هناك عصا سحرية يمكنها الكشف عن المتفجرات، ولو كانت هناك عصا كذلك لكنا استخدمناها. لا أثق في أن هذه الأشياء تحقق نتائج».

    ولكن، يثق العراقيون كثيرا في هذه الأجهزة. ويقول جهاد الجابري رئيس إدارة مكافحة المتفجرات بوزارة الداخلية: «سواء كان ذلك سحرا أم شيئا علميا، فإن ما يهمني هو أنها تكشف عن القنابل».

    ويقول ديل موراي رئيس المركز الأمني القومي لعلوم هندسة المتفجرات في معامل «سانديا»، الذي يقوم باختبارات لصالح وزارة الدفاع الأميركية، إن المركز «اختبر العديد من الأدوات ضمن هذه المجموعة وكانت النتائج عشوائية».

    وقد حذرت وزارة العدل الأميركية من شراء مجموعة من الأدوات التي تزعم أنه يمكنها رصد المتفجرات عن بعد باستخدام جهاز يمكن حمله. وتتكلف أجهزة رصد المتفجرات المعتادة، والتي تُستخدم غالبا في المطارات، مئات الآلاف من الدولارات، كما أنها تزن عدة أطنان. ويوجد معظم مستخدمي جهاز «إيه دي إي 651» في الدول النامية، ولا يستخدم جيش أو شرطة أي دولة كبرى هذه الأجهزة، حسب ما تفيد به الشركة المصنّعة.

    ويقول اللواء الجابري: «لا أكترث بما تقوله أي من (سانديا) أو وزارة العدل، وأنا أعلم عن هذا الموضوع أكثر مما يعلمه الأميركيون. وفي الواقع أعرف عن القنابل أكثر من أي شخص آخر في العالم».

    ويرجع الجابري التراجع في التفجيرات داخل بغداد منذ 2007 إلى استخدام هذه الأجهزة داخل نقاط التفتيش. وفي المقابل، يقول مسؤولون في الجيش الأميركي إن الزيادة في عدد القوات الأميركية وتشكيل حركة الصحوة، التي تحول من خلالها متمردون عراقيون للعمل ضد تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين»، هي السبب في تراجع معدلات وقوع هذه التفجيرات.

    وقال عقيل الطريحي المفتش العام بوزارة الداخلية، إن الوزارة اشترت 800 من هذه الأجهزة من شركة تدعى «إيه تي سي إس (يو كيه) ليمتد » مقابل 32 مليون دولار عام 2008، وهناك كمية أكبر لم تحدد مقابل 53 مليون دولار. ويضيف الطريحي أن المسؤولين العراقيين دفعوا ما يصل إلى 60.000 دولار مقابل الجهاز الواحد، على الرغم من أنه يمكن شراء هذه الأجهزة مقابل 18.500 دولار. ويقول إنه بدأ تحقيقا في عقود مع الشركة.

    ولم يرد جيم ميتشل رئيس الشركة التي تتخذ من لندن مقرا لها، على مكالمات هاتفية للحصول على تعليق منه على ذلك.

    وأعلنت قيادة عمليات بغداد أنها اشترت 100 جهاز آخر، لكن الجنرال روي يقول إنه من الأفضل شراء 5 ـ 8 كلاب لنفس الغرض مقابل 60 ألف دولار، وستكون هناك نتائج يمكن إثباتها عمليا.

    ولكن، عملية فحص السيارات باستخدام الكلاب تتسم بالبطء، فيما يستغرق فحص السيارة باستخدام هذه العصي ثواني قليلة. ويقول اللواء الجابري: «هل يمكن أن تتخيل وجود كلاب في 400 نقطة تفتيش داخل بغداد؟ ستكون المدينة مثل حديقة حيوان».

    وفي العالم الماضي، عرضت مؤسسة «جيمس راندي» التعليمية، وهي مؤسسة تسعى لكشف زيف الأشياء غير العلمية، على شركة «إيه تي إس سي» مليون دولار مقابل إجراء تجربة علمية واحدة تثبت أن هذا الجهاز يمكنه اكتشاف المتفجرات. وتقول مؤسسة «جيمس راندي» إنها لم تتلقَّ ردا.

    وتزعم شركة «إيه تي سي إس» أن جهازها يمكنه اكتشاف الأسلحة والذخيرة والمخدرات والأطعمة والأجساد البشرية وحتى العاج الممنوع من مسافات تصل إلى كيلومتر تحت الأرض أو من خلال الحوائط أو تحت المياه أو حتى من طائرات على ارتفاع ثلاثة أميال.

    ولرصد هذه المواد، يضع المستخدم كروتا كرتونية لها شفرات خطية في حامل مرتبطة بالعصا عن طريق كابل. ويقول الكولونيل بيدلاك: «سيكون ذلك مضحكا؛ تخيل شخصا ما في الشارع يعتمد على هذا!».

    ويقول مؤيدو الجهاز إن الأخطاء تأتي من المستخدم، الذي يقولون إنه يجب أن يستريح وأن تكون درجات الحرارة ومعدل النبضات الخاصة به مستقرة قبل بدء استخدام الجهاز. وبعد ذلك يجب على المستخدم أن يتمشى في المكان لعدة لحظات كي «يشحن» الجهاز، حيث لا توجد فيه بطارية أو أي مصدر آخر للطاقة، ويمشي مع الجهاز على الزوايا اليمنى من الجسم. وإذا كان هناك أي متفجرات أو مخدرات على يسار المستخدم، فإنه من المفترض أن يدور الجهاز ناحية يسار المستخدم ليشير إليها. ولو لم يتم العثور على متفجرات أو أسلحة، كما يحدث في الغالب، يمكن للشرطة أن ترجع الخطأ إلى وجود أشياء أخرى داخل السيارة مثل وجود عطر أو أجهزة تجديد الهواء أو حشو ذهبي في أسنان السائق.

    والثلاثاء الماضي عبر حارس وسائق لـ«نيويورك تايمز»، وكلاهما لديه تصريح بحمل سلاح، من خلال تسع نقاط تفتيش تابعة للشرطة وتستخدم نقاط التفتيش التسع هذه الأجهزة. ولم يكتشف حراس نقاط التفتيش رشاشين «إيه كيه 47» وذخيرة كانت داخل السيارة. وخلال مقابلة أُجريت يوم الثلاثاء، تحدى اللواء الجابري صحافيا تابعا لـ«نيويورك تايمز» في اختبار الجهاز «إيه دي إي 651»، ووضع قنبلة يدوية ورشاشا في مكان مسطح داخل مكتبه. وعلى الرغم من إجراء محاولتين، لم يتمكن الجهاز من العثور على السلاحين عندما استخدمه الصحافي، ولكن الجهاز اكتشف القنبلة والرشاش في كل مرة استخدمه فيها رجل شرطة. ولذا قال اللواء للصحافي: «تحتاج إلى المزيد من التدريب».
    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media