الطائفية تحت الشمس
    الأحد 22 يناير / كانون الثاني 2012 - 07:58
    هيثم الغريباوي
    تحت هذا العنوان احاول ان اعقب على مقال الاستاذ الدكتور عبدالخالق حسين في نقطة واحدة فقط حيث لم اجد حقلاً لتعليقات القراء. ابتداءً انا اتفق مع كل ما طرحه الدكتور في مفاصل مقالته لأنها كلها قائمة على شواهد تاريخية مع انعكاساتها على واقعنا الراهن لحضور ماضي العراق السياسي القريب في حاضره من خلال شخصيات واحزاب مخضرمة شهدت كل تلك المنعطفات بمآسيها. تلك النقطة هي تحرج الدكتور واعتذاره عن تعاطي الاصطلاح الطائفي في مقاله وكأنه يكفر بمقدس حاشاه.

    وادعو منذ هذه اللحظة الى تسمية الاشياء بمسمياتها وبصوت غير مبحوح ودون ادنى حرج في نسبة شخص او منطقة الى طائفة لأنها ليست معرة ولا مثلبة بحقهما، الا اللهم ان يشاء ذلك الشخص ان ينسب نفسه الى ما يحب من باب قول نبي الاسلام صلى الله عليه وآله "ادعوهم بأحب الاسماء اليهم". فما الضير في ان اكون شيعياً وجاري سنياً والآخر صابئياً؟ وما الضير في ان يكون عدد تلك الطائفة اكبر من غيرها كحقيقة رياضية لا غير، ثم وزنها الانتخابي اكبر؟ دعوتي هذه تأتي الى اشباع هذا الموضوع بكل ابعاده دون اي شعور بالخجل او التردد حين يتم تناول هذه المصطلحات في الخبر والبحث الاجتماعي والتاريخي. لكن الضير كل الضير في ان تقدم طائفة ما نفسها او شخص فيها على انها افضل في ادارة الحكم بدون مرجح علمي او غيبي!، والضير كل الضير في ان ينطلق الارهاب والتخريب من منطلقات طائفية وتكفيرية ومن مناطق تعشيشها وتفريخها ثم نتردد في ان نشير الى ذلك او نتعامى عنه، الضير كله حين يتم السكوت عن الطعن ظلماً وكذباً وتهريجاً بحق طائفة تتشرف بتاريخها الوطني الناصع الا وهي الطائفة الشيعية على مر تاريخ هذه المنطقة والعراق خاصة -موضوع المقال-.

    ان اعتزاز الفرد بطائفته مع احترامه للمختلف شيء، وحب الطائفة بازدراء المختلف شيء آخر لم يعد يخفى على العراقي الذي ذاق من الاقصاء الى حد الذبح الشيء الكثير وعلى مدى طويل من الزمن. فالطائفيون من النمط الثاني هم اليوم من يقود حملة التهريج الى ابعد مدياتها بحق النظام الديمقراطي الناشئ في العراق لاحد سببين او كليهما. فالسبب الاول هو محاولة الصاق بعض من الممارسات الطائفية القذرة للانظمة السابقة بحق النظام الجديد لتلويث سمعته فالكل في الهوى سواء، والثاني الاعتذار المبطن لأنفسم عن تلك الممارسات الاجرامية تحت عنوان انها سلوك متبادل وان الشيعة هم ايضاً طائفيون وليسوا ابرياء منها اذ اتيح لهم تولي السلطة اليوم او كانت اتيحت لهم بالامس. ولكن هيهات لهم ان يثبتوا ذلك والتاريخ يصرح بالامس واليوم عن اداء كل فريق.

    ان قادة حملة التهريج تحاول التعمية على حقيقة دور قادة ورموز السنة التخريبي في النظام الديمقراطي ومحاولة منهم لترسيخ قناعة لدى الشيعة انفسهم بأنهم طائفيون ويظلمون السنة، ومن تحت تلك القناعة لن يقف طمع اؤلئك الساسة من حصد المكاسب الظالمة حتى استعادة كامل السلطة وهو امر مستحيل في احسن الاحوال لأن المعادلة قد تغيرت جذرياً على المستوى الكوني ولم يعد ذلك ممكناً.

    واخيراً نقول اذا كان التعميم بالحكم غير جائز، فهذا لا يبرر غض النظر وعدم الاحتراز من خطط اؤلئك النفر الجهنمية، فلقد اصبح من السهولة بمكان لأي فرد يحترم خياراته المعقولة ان يسمي نفسه كما يحب ويصطف في الجبهة التي تعبر عنه، ودعوتي الى استاذي الدكتور عبدالخالق حسين راجياً منه ان يستمر برفد الوعي العراقي العام بسلبيات التجربة السياسية العراقية السابقة وفرصة تصحيحها الحالية لأن ذلك سيساهم في ابراء المصابين بالشعار المريض ان "السلطة امتياز سني لا يمكن التنازل عنه" وانهم "خبازات الخبز الوحيدات"، من جهة اخرى يوجه ضحايا الامس لعدم الاستسلام للمسكونين بالسلطة كرة اخرى لأنهم يرونها غنيمة واداتها القتل الاهوج.

    فلا تأخذك بقول الحق لومة طائفي او بعثي، فما خبرناه لم يكن خطأ عابراً، بل انتهاك ممنهج مدعوم بنظرية اجرامية ربوا عليها نشأً كثيراً يرمينا بأحقاده كل حين.

    هيثم الغريباوي- الولايات المتحدة

    رابط مقال الدكتور عبد الخالق حسين
    دكتاتورية الشيعة وتهميش السنة، وهمٌ أَم حقيقة؟
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media