هناء ادور: الاختيار الامثل للمرأة العراقية تأسيس مفوضية عليا مستقلة تهتم بشؤونها
    السبت 3 مارس / أذار 2012 - 14:28
    بغداد (آكانيوز) -
    أكدت الناشطة النسوية العراقية ورئيسة جمعية الامل هناء ادور على ان وضع المرأة في العراق يسير على نحو  تراجيدي ومأساوي،مشيرة الى ان السنوات الاخيرة شهدت تحولاً خطراً باتجاه التقليل من دورها في الحياة السياسية والاجتماعية، مشددة على ان تأسيس  المفوضية العليا المستقلة للمرأة هو الاختيار الامثل لتطوير المرأة بدلا من وزارة لشؤون لشؤونها لاتستطيع تمثيلها بالكامل،فضلاً عن خضوعها لتوجهات الحكومة،وقالت أدورمتن المقابلة التي اجرتها معها مراسلة وكالة كردستان للانباء(آكانيوز)في بغداد ان تصريحات وزيرة المرأة ابتهال كاصد الزبيدي  بشأن قوامة الرجال على المرأة مخالفة للدستور العراقي .

    مارأيك بتصريحات وزيرة وزيرة شؤون المرأة ابتهال كاصد الزبيدي الاخيرة،  بشأن ازياء الموظفات وتوصيات لجنة شؤون المرأة  التي اثارت جدلا كبيرا لدى فئات المجتمع  من حيث مساسها بالحريات والحقوق التي نص عليها الدستور العراقي؟
    - من المعلوم أن لدينا آراءً متباينة ومتعارضة احيانا، ومن حق الانسان حرية التعبير عما يراه صائباً وفق رأيه،لكن عندما يكون شخص في موقع القرار، وسبق ان أدى اليمين على قسم دستوري وبوظيفة حكومية عامة، فذلك يعني انه يمثل كل العراق، بجميع اطيافه وشرائحه، ولابد ان يمتثل للقوانين واحكام الدستور العراقي، لكن وزيرة الدولة لشؤون المرأة ابتهال الزيدي خالفت منصبها ووظيفتها العامة حينما تذكر عبر تصريحاتها الاعلامية انها ضد مبدأ مساواة المرأة مع الرجل وانها مع قوامة الرجل عليها، ومع تأديب المرأة، بشكل اعطى موقفا هزيلا عن المرأة العراقية، في حين ان من المفترض ان تكون قدوة لهذه المرأة، وان رأيها الشخصي بعلاقتها مع الرجل كان يجب ان تخفيه وهي في منصبها العام الذي يحتم الحيادية الكاملة والانقياد للدستور.

    *وكيف تجدين استقلالية وزارة المرأة في العراق، وشكل تبعيتها للحكومة؟
    - بلا شك ان الوزارة تابعة وناطقة باسم الحكومة اليوم، فالوزيرة عندما سئلت عن اسباب اصدارها مذكرة تحديد ملابس الموظفات قالت ان عدد من الوزراء في الحكومة  طلبوا مني التدخل لوضع حد بشأن ملبس الموظفات، ووعدتهم بعقد اجتماع في لجنة شؤون المرأة، اي انها عملت كما طلب منها، بأصدار تلك المذكرة (سيئة الصيت) التي حددت ملابس المرأة في الدوائر الرسمية، وبشكل مناقض لمبادىء الحريات في العراق وفق مانص عليه الدستور، وبالنسبة لطروحاتها الاخرى فأنا اقول ان عملية النهوض بالمرأة تستدعي اول ماتستدعي هو الاعتراف بالمرأة كائناً كامل الاهلية في الحقوق والواجبات في حين انها ضربت هذا الشيء عرض الحائط  عندما سمتنا كائناً ناقصاً للاهلية.

    *كيف تجدين دعم الدولة للمرأة، وكيف تنظرين اليها بشكل عام في واقع عراق اليوم ؟
    -في الحقيقة تعيش المرأة العراقية اليوم وضعاً تراجيدياً وماساوياً،بل ان هذا الوضع لايبشر بخير،ويستطيع المراقب ان يلمس تراجعاً كبيراً في شأن المرأة حصل خلال السنوات الاخيرة،حتى ان المرأة اصبحت مجرد دعاية انتخابية للكتل للحصول على اصوات انتخابية للسياسيين،وهذه مسألة مقلقة فعلا خصوصا مع بروز توجهات للتقليل من دور المرأة الموجود في الكوتا داخل قبة البرلمان سواء في داخل اللجان او على مستوى الكتل السياسية، وعدم اشراكها في قضايا صنع القرار والتمثيل الدولي،ولو دققنا في تشكيلة الحكومة الحالية سنجد ان لدينا وزيرة واحدة من مجموع 36 وزيراً،في حين كان لدينا في عام 2005 خمس وزيرات، وعشر وكيلات لوزارات،  وعدد اخر من المديرات العامات ، حاليا هناك تراجع كبير، لان العقلية الذكورية صارت تتغلب على العقلية السياسية ،وهناك توجهات في التعديلات الجديدة على  الدستور لتقليص الكوتا وتحجيمها.

    *مارأيك بشكل التمثيل المناسب للمرأة العراقية، وبما يعبر عن طموحاتها وتأثيرها في المجتمع بشكل عام ؟
    - عبرنا عن موقفنا من مشروع قانون وزارة المرأة، بعد استقراء بنوده،  وقلنا ان الوزارة لاتحقق طموحات المرأة  العراقية في التقدم، لانها ستخضع لسياسة الحكومة،  واقترحنا تأسيس مفوضية عليا مستقلة لتقدم المرأة، وهو يحقق التأثير بالكثير من قضايا المرأة على مستوى  الوزارات، و رسم السياسات والخطط ومتابعتها مع الوزارات، فاذا كانت وزارة واحدة ستخصص لها ميزانية هزيلة، لكن المفوضية تمثل المرأة في وزارات الدولة، اي تجنيد الطاقات لاجل انجاح اهداف المشروع، نحتاج الى هيئة مستقلة للمرأة  للتأثير ليس فقط  على الوزارات الحكومية ،بل على الجهات التشريعية والسلطة القضائية والمجتمع المدني والاعلام ايضا، وهذا لايتحقق الا بتشيكل هيئة مستقلة.

    *كيف تفسرين تغييب النخب النسوية العراقية عن اداء دور ملموس لها داخل البرلمان والحكومة، في حين ان لهن دور فاعل في المجتمع وميادين العمل؟
    - هذا الامر لاينعكس على المرأة فقط، هي مشكلة الرجل ايضا، لكن الاولى اكثر سهولة للاستهداف، معظم  من اتى لموقع القرار في الحكومة سواء من الرجال او النساء لايملكون مع الاسف خلفية سياسية، او عملاً سياسياً سابقاً او خلفية عن قضايا المرأة، فهي اما تكون معلمة او طبيبة او حتى ربة بيت وغيرها اي انها ممارسة لوظيفتها فقط، لذا نؤكد  على اهمية تضمين قانون الاحزاب المرتقب كوتا للمرأة في قيادة الاحزاب لاجل اختيار المرشحات في الانتخابات المقبلة من داخل الاحزاب وليس من خارجها،هذا من جانب،لكن من جانب آخر و على ضوء العلاقات الفئوية والمذهبية والعلاقات الشخصية، نلاحظ ان هناك تغييباً لدور النساء من المستقلات وذوات الكفاءة ايضا، الاختيار صار على العناصر التي تقول (نعم) والدليل على ذلك  ان البرلمان مازال يستخدم  طريقة الاقتراع  السري وليس الالكتروني، لمعرفة من صوت ومن لم يصوت وبالتالي التحكم بكل الاطراف وفق ذلك.

    *سنوات نضالك لاجل قضايا المرأة مرت بالكثير من المحطات والذكريات، هل تحدثينا عن بداية  انخراطك في العمل النسوي؟
    -انا من مواليد البصرة، وكان لتداعيات ثورة 14تموز 1958 تأثير كبيرعلى حياتي العملية والمهنية،عبرالانغمار في اجواء المظاهرات داخل المدارس والمجتمع بالكامل وانتميت مبكرا للحركات الطلابية انذاك، واستمريت بالعمل المدني والوطني، وفي  مرحلة الجامعة انتقلت الى بغداد وواصلت عملي وانا طالبة في كلية الحقوق وسط اجواء صعبة بعد انقلاب شباط المشؤوم والذي صار فيه العمل سرياً، وهذا ابرز في نفسي روح التحدي من خلال الحركة الطلابية، واذكر ان اهم انجاز حققناه في سنة 1967 في الانتخابات الطلابية  التي تقام لاول مرة،  هو فوز قائمة اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية بأكثر من 75% من مقاعد الجامعات والثانويات برغم ان عملنا كان عمل سرياً، بعد سنوات الجامعة نشطت في العمل للحركة النسوية عبر رابطة المرأة العراقية، ورشحت ان اكون ممثلة للرابطة في برلين في المانيا الشرقية في سكرتارية اتحاد النساء العالمي من سنة 1972 وحتى سنة 1982 وكانت تجربة اعطيها الفضل  الكبير في خبرتي وتجربتي لان التصقت بحركة نسائية عالمية وبقضايا السلام والديمقراطية ونزع السلاح. في عام 1980 انتقلت الى دمشق، بسبب صعوبة العودة الى بغداد كوني من المعارضة ومنتمية لصفوف الحزب الشيوعي العراقي بشكل مبكر  ومنذ عام 1967، وفي عام 1985 التحقت بفصائل الانصار في الحزب الشيوعي في جبال كردستان ، وبقيت هناك ثلاث سنوات،تخصصت في مجال العمل النسوي والمدني، وبعد اعلان الهدنة بين النظامين العراقي والايراني، اتخذ الحزب قراره  بضرورة ابعاد النصيرات من المواقع فخرجت مرة اخرى الى دمشق وتفرغت للدراسة في موسكو ، درست الفلسفة الماركسية ،وعدت بعدها الى الشام، وكانت قد بدأت حرب الخليج الثانية بعد غزو الكويت، وفكرنا في كيفية تقديم الدعم الانساني بعد انتكاسة الانتفاضة الشعبية العراقية عام 1991، واعلنا عن تشكيل جمعية الامل العراقية  بداية عام 1992 مع مجموعة من العراقيين في سوريا ،واتصلنا بالجاليات الموجودة في اوربا واميركا واتصلنا بمنظمات دولية، ودخلنا للعمل في كردستان، وكانت وقتها  خارج سيطرة النظام الدكتاتوري،واستعطنا فتح مكتب للجمعية بأسم جمعية الامل العراقية، ولاتزال عيادة اربيل التابعة للجمعية لحد الان تعمل هناك، وتم التركيز على عمل الاغاثة وتقديم الخدمات الصحية، واستقبلنا مشاركة وفود عربية في تقديم الدعم، وبدأنا نوزع خدمات انسانية وننظم حملات توعية ودورات لمكافحة الامية، التي توسعت كثيرا بعدها حتى اننا استطعنا تخريج نحو 2000 امرأة وشابة من صفوف محو الامية،  من عام 1996 وحتى عام 2003 ، وكذلك فتحنا مركزاً ثقافياً للشباب في السليمانية ومركزين لتدريب وتطوير النساء في اربيل والسليمانية، كماعملنا في برامج تمكين النساء من الارامل  شملت 3017 ارملة وتجهيزهن بماشية من الغنم والماعز لتحسين اوضاعهن المادية اضافة الى تقديم دروس محو الامية وكذلك التعريف بالحقوق والتوعية الصحية، واستطعنا بناء عدد من المدارس والعيادات الشعبية خصوصا في السليمانية واربيل، وبدأنا بمشاريع الماء في القرى وفتحنا ثلاث عيادات اخرى في كلار ومجمع بيره مكرون في السليمانية واخر في مركز المدنية، واشتغلنا في تطوير الامكانات المعرفية وركزنا على قضية تدريب الشباب والنساء وقضية البحوث  الميدانية في  موضوعة العنف ضد المرأة في اربيل والذي شمل 2350 عينة ، وكان لكل ذلك تأثير على البرلمان الكردستاني.

    وبعد الاجتياح الاميركي للعراق، عام 2003  بأسبوع كنت في بغداد مع زميل لي واستطعنا فتح مكتب للجمعية، وتوجهنا لتفيذ الخطة والتأكيد على تقديم الخدمات الصحية الجوالة في عدد من مناطق كركوك والقائم والحلة والكوت وديالى والديوانية والمناطق الريفية خصوصا لانها كانت تعاني وضعا بائساً، وتواصلنا في قضايا مكافحة الامة، وتوسعنا بعدها لكيفية التأثير على صناعة القرار وبدأنا بحملة الكوتا، واشتركنا مع المنظمات النسائية في عام 2004 حققنا الكوتا في الدستور العراقي اضافة الى التأكيد على تعديل الدستور العراقي في المادة 41 حول مذهبية الاحوال الشخصية في العراق، وكيفية اخراج قانون للمنظمات غير الحكومية رقم 12 لسنة 20010 بشكل قريب للمعايير الدولية.

    Leqa Hanaa Edwar
    * وماهي ابرز تشكيلات منظمة الامل العراقية التي تتولين قيادتها،والنشاطات المستقبلية؟
    - لدينا ستة مراكز للارشاد الاسري في ست محافظات عراقية، وخمسة مراكز للتدريب على التكنلوجيا الحديثة في بغداد والنجف وكربلاء وبقية المحافظات العراقية، واصلنا عملنا مع المنظمات النسوية عبر شبكة النساء العراقيات، ولدينا برامج مناهضة العنف ضذ الاطفال والنساء، اضافة لبرامج  تمكين النساء الارامل وتأهيلهن، وبالنسبة للنشاطات الجديدة، نسعى ومنذ عام ونصف على انجاح مشروع التقييم الخارجي والكلي لعمل الجمعية واعادة النظر بوضعها ورسالتها واهدافها، والذي تولته احدى الشركات اللبنانية المتخصصة بمنظمات المجتمع المدني،  وهي خطوة ليست سهلة في كيفية تطوير الجمعية الى مؤسسة عبر اليات العمل المستمرة وديمومتها،  ونسعى للتقديم لمؤتمر الجمعية السادس في نسيان المقبل لعرض نتائج التقييم ووضعنا خطة استراتيجية جديدة على ضوء التقييم وسننطلق انطلاقة متنوعة تحمل ملامح التركيز على كيفية تطوير الوعي للمواطن العراقي وتمكينه من اجل بناء مبادئ السلام وضمان حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية.

    *كيف تقييمن شكل الحريات  اليوم في العراق ا؟
    - الحريات عموما  لاتمنح انما تنتزع، وهناك فوضى غير مدروسة لشكلها  في البلد، كما ان هناك محاولة لتقليصها والسيطرة عليها، والدليل هو قانون حرية التعبير وفرض حظر التجوال ومطاردات  الناشطين واعتقالهم واقتحام منظمات المجتمع  المدني وحالات الاعتقالات والتعذيب في السجون ، والسعي لتشريعات غير سليمة مثل قانون جرائم المعلوماتية ، وقانون حرية التعبير والتظاهر السلمي والاجتماع، تصب في جميعها لاجل تحجيم وتضييق الحريات في العراق. ونسعى عبر الجمعية والمنظمات الاخرى، الى تعديل مشاريع تلك القوانين والالتزامات العراقية الدولية بالنسبة للحقوق المدنية والسياسية وقضايا  حرية ومساواة حقوق المرأة وازالة كافة اشكال التمييز  ضدها ، ونعمل منذ سنتين على قانون الحماية من العنف الاسري، كوننا اعضاء في لجنة الخبراء، كذلك انتقاء المتقدمين لمفوضية حقوق الانسان  المستقلة من قبل ذوي الخبرة والكفاءة.

    *كيف تجدين المساحة المعطاة لمنظمات المجتمع المدني اليوم، خصوصا مع اتهام الحكومة لها بأنها داعمة وراعية للارهاب؟
    - استطعنا بجدارة ان نفند تلك الادعاءات من خلال اهم  قرار قدم من خلالنا لانهاء الجلسة المفتوحة للبرلمان، وهو يعد انتصاراً كبيراً لمنظمات المجتمع المدني وكذلك متابعتنا لقضايا الفساد في الدولة ، واعلنا بداية هذه السنة 2012 انها بداية عام السلم الاهلي، لشعورنا بالمسؤولية ازاء الاعتداء الذي حصل على وزارتي الخارجية والمالية، وشكلنا تجمع اربعاء الرماد لمنظمات المجتمع المدني وتواصلنا بحملة مدافعة وتاثير على صناع القرار لحماية امن المواطن.

    التعليقات
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media