غمامة الأفلام الجنسية العراقية إلى أين؟
الثلاثاء 5 يونيو / حزيران 2012 - 21:54
حسن الخفاجي
في البداية هل مفهوم الشرف نسبي أم مطلق ؟ .
اعتقد انه نسبي , لان الإنسان الغربي لا يعتبر عذرية المرأة هو الخط الفاصل لشرفها وشرف من يرتبطون بها , في حين يعتبر اغلب العرب شرف المرأة فقط هو عذريتها قبل الزواج والمحافظة على شرفها وسمعتها بعد الزواج , هذا هو المقياس العربي الوحيد للشرف .
أما المقاييس الأخرى للشرف وهي: الأمانة والصدق والنزاهة والوطنية وغيرها من القيم النبيلة, فلا علاقة لها بالشرف عند اغلب العرب , بعضهم يسرق ويرتشي ويخون ويكذب ويزور ويتآمر ويحنث باليمين ويبقى من وجهة نظر اغلب العرب شريفا , لكن ثمة قاسما مشتركا بين جميع العقلاء من مختلف الأمم على ان الشرف مجموعة من القيم النبيلة متى ما توفرت عند الإنسان يصبح شريفا .
مع احتدام الصراع بين الفرقاء السياسيين العراقيين وأتباعهم من ساسة وإعلاميين وتحوله من منافسة سياسية مشروعة إلى خصومة , كنت أتمنى على كل الأطراف ان تدرك ان للخصومة والمبارزة والقتال قواعد وأصول .
قبل أكثر من خمسين سنة صرخ الكاتب المسرحي الاسباني اليخاندرو كاسونا بلسان احد أبطال مسرحياته محددا ثوابت المبارزة الشريفة قائلا:"أنت خصمي ابرز لي ولنتقاتل بشرف" . قبل كاسونا بأكثر من 1300 سنة طبق الإمام علي ع أصول وقواعد المبارزة , حينما أشاح بوجهه وترك خصمه عمر بن العاص بعدما كشف ابن العاص عن عورته خشية القتل .
ما أحوجنا في العراق اليوم لنتعلم من دروس العظماء عن أصول وقواعد الخصومة . لهم في تخاصمهم مرجع وحكم هو الدستور والمحكمة الاتحادية , ان كان في الدستور هفوات وأخطاء بإمكانهم جميعا الاجتماع لتعديله وإضافة بنود وإلغاء أخرى , ما من دستور في العالم ولد كاملا , لكنهم ركنوا الدستور وعمدوا إلى اتفاقات جانبية مخالفة للدستور هي من جرت البلاد إلى كارثة بإيعاز وتدخل من دول الجوار والإقليم . هناك دولا عظمى لا وجود للدستور المكتوب فيها مثل بريطانيا , السعودية مثلا وشتان بين الاثنين .
لو غادرنا المبارزة والقتال بشرف وأخلاق الفرسان , كون هذه المفاهيم أصبحت من الماضي , حين يعتقد البعض ان هذه المفاهيم سريالية لا تتفق مع الواقع السياسي , كون السياسية تعني في لغة اليوم: المناورة والتملص والدهاء المعتمد على الكذب والتزوير والميكافيلية, لكن هل يصح ان يصبح طبيعيا الكلام الدائر حول تزوير التواقيع؟. الذي لا يؤتمن ولم يخول رسميا بالتوقيع عن زميل له . كيف نأتمنه على بلد غني كالعراق ومستقبله ؟. كأن لسان حالنا يقول: "ودع البزون شحمة", إذا كانت تهمة التزوير فبركة إعلامية لا صحة لها , كيف لنا ان نصدق من كذب علينا جهارا نهار؟.
لنترك سحب الثقة جانبا ولنتحقق من مسالة التواقيع المزورة فهذه لوحدها ستبين لنا أخلاق من زوروا , أو من اتهموهم كذبا .
العراقيون يتمنون ان لا تمر مسالة التواقيع المزورة مثل غيرها دون حساب وعقاب أي يكن الفاعل , لأنها تؤسس لمسالة في غاية الخطورة تهم مستقبل العراق الديمقراطي .
شيء آخر يدخل من باب المبارزة بشرف. وصلتني الأسبوع الفائت ايميلات كثيرة ومن مصادر شتى , كأنها غمامات سوداء محملة بأفلام جنسية رخيصة , حين تمكن خصوم احد الصحفيين من ان ينتهكوا خصوصيته ويسجلوا له فلما جنسيا , وفلم آخر موجود على النت منذ أشهر أضافوا له صورة احد أصحاب المواقع ونسبوا له ان من تظهر في التسجيل ابنة أخيه .
ضمن قواعد وقيم الشرف وابتعادا عن أخلاق البعث وصدام في تتبعه لخصومه السياسيين والإساءة إلى سمعتهم عبر تسجيل أفلام لهم أو لأسرهم , ان من يقتحم خصوصيات الناس ويتلصص عليهم ومن يحاول تلفيق التهم الرخيصة لهم.
هل لهؤلاء علاقة بالشرف وقيمه؟ .
هؤلاء بأفعالهم يعيدوا سنة صدام التي لم تسيء لضحاياه ,الذين سجل لهم ولأسرهم الأفلام الجنسية المبتذلة بالإكراه , لا بل رفعتهم درجة, ونزلت بصدام وحزبه ودوائره الأمنية والمخابراتية إلى الحضيض. من اختار العيش في الحضيض من الصعب ان تجده في القمم , ومن سلك سلوك الصراصير لا يمكن له العيش بين نسيم الورود والحرية والديمقراطية . إذا كان من سجل الأفلام الجنسية وبثها وساوم الخصوم عليها خارج السلطة المركزية الآن , كيف بنا إذا اقترب واستلم سلطة أي بلاء سيقع على خصومه ومنتقديه ؟ .
ويبقى قول: "أنت خصمي ابرز لي ولنتقاتل بشرف" شعار لكل الشرفاء , الذين يعرفون الخصومة ويفرقونها: عن الدسيسة والتزوير والعيش بالحضيض , ان العيش بالحضيض من صفات من ارتضى أن يكون حشرة تلدغ وتهرب وتداس في الأقدام عاجلا أم آجلا .
أن صحت واقعة التزوير هل من زور التواقيع شريفا ؟
5-6-2012
Hassan_alkhafaji_54@yahoo.com