تركيا تجمع مطلوبين للقضاء في مؤتمر يدعو لتغيير النظام بالعنف بينهم الهاشمي والجنابي والكربولي والدايني
بغداد (الصباح الجديد) - أقدمت تركيا مرة أخرى على عمل يعد تدخلا سافرا في شؤون العراق الداخلية من شأنه أن يساهم في تكريس ومفاقمة الخلافات بين البلدين. فقد أثار احتضان العاصمة التركية اسطنبول مايسمى بــ "المؤتمر الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في العراق" بحضور شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي بقضايا إرهاب، ودعوته لتغيير نظام الحكم في العراق عبر العنف، ردود أفعال ساخطة سواء على الصعيد الرسمي أو البرلماني أو الشعبي.
وقد انتقد نواب وشخصيات عراقية رعاية أنقرة للمؤتمر الذي حضره طارق الهاشمي المطلوب للقضاء العراقي بتهم الارهاب، وعبد الناصر الجنابي وعمر الكربولي ومحمد الدايني، كما حضره لقاء الوردي وكريم الجواري حيث دعوا الى " تحرك دولي لإسقاط النظام الفاسد في العراق" على حد تعبير الخطاب الذي تبناه المؤتمر.
وفي تصريحات نشرها موقع " المسلة " الاخباري عد علي الشلاه القيادي في ائتلاف (دولة القانون) ان " ما تقوم به أنقرة هو محاولة يائسة للعودة الى العالم الاسلامي باستخدام (إرهابيين) معروفين عبر تشكيل محاور تعتمد العنف المرفوض من قبل المجتمع الدولي كوسيلة للتغيير".
وأضاف الشلاه :" ما تقوم به انقرة اليوم، يعد عملاً عدوانياً ضد دولة اخرى وينبغي على الخارجية العراقية ان تأخذ دورا بهذا الجانب خصوصا وان هناك دعوة للانقلاب بالعنف على عملية ديمقراطية انتخابية أساسها ما تقرره صناديق الاقتراع ".
وتساءل الشلاه :" لماذا الانقلاب وهناك انتخابات ستجري بعد تسعة اشهر، هل يريدون تغيير قرار الشعب العراقي عبر العودة الى الطائفية والعنف والنزاعات المسلحة ".
وزاد الشلاه في القول :" مفهوم أولئك للدولة العراقية، طائفي، وكلهم مطلوبون للقضاء لأنهم شاركوا في قتل مواطنين عراقيين ".
وطالب الشلاه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان " بتسليم الارهابيين الى العدالة ليحاكموا على ما ارتكبوه بحق الشعب العراقي، والا يصبح شريكا في جرائمهم ".
وطالب الشلاه "استدعاء السفير التركي في بغداد وطلب التوضيح من حكومته عبر القنوات الدبلوماسية".
واعتبر طارق الهاشمي المتهم بالارهاب والمطلوب قضائيا في العراق، في خطابه في المؤتمر أن "رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، يتبنى مشروعاً طائفياً في العراق"، مشيراً إلى أن "التغيير الذي بدأ في العراق عام 2003 لم يستكمل أغراضه، برغم وجود دستور جيد في البلاد".
ولفت الهاشمي انتباه المراقبين دعوته في خطاب له في المؤتمر " تطلعه إلى دور تركي أكبر في مساعدة العراق في نقل قضيته إلى المجتمع الدولي"، مؤكدا على أن" تركيا لا تتدخل في المشهد العراقي".
وبحسب مراقبين فإن الهاشمي يناقض نفسه حين يقول: ان تركيا لا تتدخل في الشأن العراقي بينما هو يقيم فيها على الرغم من أنه مدان في بلده ومطلوب للقضاء.
وقال رئيس مجموعة علماء المسلمين في العراق الشيخ خالد الملا: إن من المهازل أن يتحدث الهاشمي والدايني عن حقوق الإنسان.
وأكد الملا في كلمة له خلال المؤتمر العلمي الرابع الذي أقامه مركز الدراسات التخصصية على قاعة قصر الثقافة والفنون في كربلاء، إن "من مهازل الدنيا ان يخرج طارق الهاشمي الى الإعلام الآن ليتحدث عن حقوق الإنسان"، مبينا إنه "لم يعترف بها حينما كان بالسلطة ويتمتع بامتيازاتها وجوازاتها وأموالها وسمحت نفسه له بأن يستخدم مكتبه لقتل الناس واستئصالهم".
وشدد الملا إنه "من مهازل الدنيا ان يخرج محمد الدايني ليدافع عن حقوق الإنسان وهو من ادخل المفخخات حتى الى المؤسسة التي كان ينتمي إليها"، وأوضح إنهم "يريدون للعراق ان يكون سوريا ثانية لكي يعبثوا به كما يعبثون هنا وهناك"، مشددا على إننا "لن نسمح بذلك ولن يحصل إلا على جثثنا".
وفي حديثها الى " المسلة"، رأت عالية نصيف ان "تركيا تتدخل في الشأن العراقي في سعي الى تفتيت اللحمة العراقية عبر إيواء شخصيات متهمة بالإرهاب ومطلوبة قضائيا في العراق، وهي شخصيات ذات توجهات طائفية ارتبطت بالمشروع الخارجي وتتلقى الدعم من المال السياسي الخارجي"
وأضافت أن :" تركيا خرجت اليوم على الاعراف والاتفاقيات الدولية عندما تحتضن مثل هكذا مؤتمرات تخرق فيها السيادة العراقية وتسيء الى مبدأ حسن الجوار.
وطالبت نصيف ان يكون هناك "موقف رسمي عراقي معلن من ذلك".
وتابعت :" على الحكومة ان تطرح القضية في الامم المتحدة لقيام تركيا باحتضان مؤتمرات تمس السيادة العراقية، كما ان من المعيب ان بعض النواب يحضرون هكذا مؤتمرات، تحت راية دولة اجنبية وكأنهم عديمي الاهلية وفاقدي القدرة على صنع قرارات بلدهم".
من جهته انتقد النائب عن التحالف الوطني، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب رافع عبد الجبار، حضور نواب عراقيين مؤتمرات تنطوي على العداء للعملية السياسية في العراق.
وقال عبد الجبار إن "النظام السياسي الجديد في العراق فرض نفسه عن طريق الانتخابات التي يغيّر الشعب عن طريقها، القيادات والأحزاب الحاكمة وشكل النظام، وان القرار سيكون للشعب العراقي وليس عن طريق أي جهة خارجية".
وأضاف عبد الجبار ان "تركيا تُخطِئ كونها تبنت موضوع التغيير في سوريا من قبل، وفشلت، وان النظام في العراق يختلف عن النظام السوري".
وحمّل عبد الجبار "الحكومة العراقية مسؤولية التعامل مع هذا الموضوع "، مطالبا في الوقت ذاته " وزارة الخارجية باستدعاء السفير التركي الموجود في العراق والاستفسار حول هذا المؤتمر سواء تبنته الحكومة التركية او سمحت بإقامته على أراضيها".
واشار عبد الجبار الى ان "الشخصيات المطلوبة للقضاء العراقي التي حضرت المؤتمر لا يهمها العراق في شيء، لأنهم يحاولون الاصطياد في الماء العكر ولن يحققوا أغراضهم، ولكن المهم في الموضوع هو ما قامت به الحكومة التركية".
ودعا عبد الجبار "العراق الى التعامل مع جميع دول الاقليم بغض النظر عن مسمياتها بالندية واستخدام ورقة الاقتصاد كورقة ضغط لأن كل دول الاقليم مستفيدة في هذا الجانب ولاسيما ان تركيا التي تستثمر اكثر من 13 مليار دولار في داخل العراق".
وشدد عبد الجبار على ان "على الحكومة العراقية اتخاذ موقف اكثر جرأة من مجرد الاستفسار وابلاغ السفير التركي اعتراض الحكومة العراقية".