عشق المجانين في زمن القرن21
    السبت 18 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 05:26
    بنيحيى علي عزاوي
    ناقد مسرحي مغربي الدراماتورج
     صدفة تم اللقاء عبر مغناطيسية الأرواح ، فبعد التحية بينهما عبر”البريد الخاص” لم يشعران بالملل في حديثهما الشفاف الذي كان انسيابا وكأنهما يعرفان بعضهما البعض منذ زمان بعيد، طبعا لم يتذكران أين كان اللقاء؟ و متى؟ وكيف؟ ثم استفسر كل منهما عن هذا التلهف بشكل كبير للتعرف بسرعة على ما هو/ مهم/ و /أهم/، ناسين متناسين واقعهما اليومي المشحون بالتشنجات والصراع الطبقي الذي توغلت فيه الرأسمالية الوحش الكبير وهما يستحمان بمائها من غسلين خائفين من الغول الثاني ابن الرأسمالية المسمى العولمة.. انتهى الحوار في اليوم الأول بنتائج يمكن القول أنها كانت ايجابية، ثم تكرر اللقاء في اليوم الموالي فاستفسر كل واحد منهما عن بعض العناصر الأساسية  لماضيهما الغابر المبين ، وبعفوية انسيابية  تلمسا أن إحساسهما أصبح مفعما بأريج فواح كطيب مسك طاهر عليل..وكأن جاذبية مغناطيسية تقربهما نحو بعضهما بدون خلفيات مادية ولا أفكار مكبوتة جنسيا ولا تأويلات  مبيتة استغلالية كما هي من عادة الأهداف المربية للقطيع من الأنعام؟، ثم لم يتجرأ أي أحد منهما الإبحار في الواقع والمتوقع فتأجل الحوار إلى يوم لم يحدد من الطرفين فبقي اللقاء بينهما مفتوحا كصفحة السماء....بغثة ،تكررت اللقاءات وتبادل الأفكار والآراء فسأل الرجل الحكيم الفنان  المرأة الإنسان /الفكر/ بحماس عبر البريد الخاص:هل من أحساس رومانسي لديك نحوي يا تسنيم الحياة؟ ضحكت المرأة العاشقة فاختصرت جوابها في فكرتين رئيسيتين و قالت:
    هناك تجاوب وتقارب ما بين فكرين وهذا شئ ايجابي وجميل،..!!  أحس بعالمك الجميل في اللقاء معك وكأنني التقيت بك من قبل منذ زمان بعيد يا توأم روحي.. وأردفت في حديثها واختصرت قولها بكلمة: " إلى اللقاء"..  وانسحبت من الحوار إلى اليوم الموالي بالتمام ،فباركت بتحية جميلة فكتبت عن رؤوس الأقلام الرئيسية السالفة الذكر ببيان، وخاصة أن قرار التعرف جاء نتيجة لمعرفة مراحل حياتهما الأساسية بصدق وشفافية … قرأ الرجل الحكيم الفنان ما كتبته  المرأة /الإنسان/  عن محطات أساسية من حياتها . فاكتشف الصدق يشع نورا من بين حروف جملها  في الكلِم المنمق بالجمال.. فأُعجب بفلسفة المراحل التي عايشتها هذه المرأة الفكر/الإنسان/ داخل مجتمع مكبل بالأساطير والخرافات الغريبة على مستوى البنية الفكرية  والمتراصة والمتجذرة في اللاشعور الجمعي العربي منذ غابر الأزمان..وهذه المراحل التي مرت بها المرأة الإنسان ، ذكَرت الحكيم الفنان بمراحله التاريخية الايجابية وما أكثرها سلبية ذات طلاسم  بمارج من نار..فتذكر وقال بشفافية انسيابية في القول والقرار ثم اختزل للمرأة الفكر/الإنسان/ مراحله التاريخية حول مفهومه للأنثى وحمولة أعضائها الفسيولوجية والبيولوجية بتفنن أدبي رائع التعبير، ثم بعد صمت هادئ تذكر بتحفيز ذاكرته الانفعالية عن الحلم الدفين في اللاشعور منذ سنين خلت كانت في طي النسيان ..حاول الرجل الحكيم الفنان أن يبتعد عن الخيال والمتخيل فبقي الحوار بينهما سائرا محملا بالاحترام والتقدير وفيه متعة الحنان ..وبعد أيام قليلة ذات أفنان،  استمرت التحيات المفعمة بالمشاعر الجياشة الدلال، ومن خلال حوارهما الصريح حيث تعرفا بصدق صادق على كل صغيرة وكبيرة بالتمام،مما جعل المرأة تعترف بجاذبية مغناطيسية روحية  الكمال ،والتي كانت تبحث عنها منذ حداثة سنها وقالت: أنا يا سيدي أسيرة مقيدة بقيود لا أعرف  كيف؟ ومتى؟ وأين ؟ ولماذا؟ انجذبت إليك بهيام روحي لم أتلذذ أبدا في حياتي سلسبيله الرائع البديع إلا معك يا سيد الأسياد، تصور معي.. أن صورتك رُسِخت في ذاكراتي وأصبحت منارة فكري وقلبي وقررت طواعية أن أتزوجك وأعيش معك إلى أبد الآبدين إلى حين.. ، ولكن كيف ؟ ومتى؟ حائرة أنا، صدقني ..،أنا محاصرة...أنا أصبحت أسيرة في سجن وحوش مستوحشة ومن بينها الغول الوحشي الذي التصق بي بدون رغبتي ولا ذرة غرام من مشاعري..أسرني باسم زواج القبيلة وقيدني بمتاريس القارعة.. في كل ليلة ينهشني كلما استفاضت مشاعره  الغريزية الجنسية ثم يستغلني كوعاء لإنجاب الأطفال فقط، والغريب في أمره لا يعرف لا رحمة ولا شفقة للمرأة الإنسان...أنا إنسان يا سيدي ،ولي إحساسات ومشاعر كسائر المخلوقات... أنتم في بلدكم يا سيدي المرأة أصبحت  تتمتع بحقوقها نسبيا  وأصبحت  عند رجالاتكم  لها وزن واعتبار، أما "النحن"...لازلنا تحت مطرقة سلطة شيخ القبيلة وسندان ديكتاتورية الذكورة  بامتياز...عم الصمت ما بين الرجل الحكيم الفنان والمرأة الإنسان وانقطع الاتصال.. ...وفي يوم من شهور العام استمر التواصل وفي كل يوم عند الله مقدر بمقدار وحسبان.. استفاض الهيام الروحي بينهما كالبركان..ومع كل دقائق من ساعة الزمان..تراكمت بسرعة تعدد الأيام حتى ولجت اللقاءات اليومية الرومانسية في شهور إلى عام... استمرت المناجاة عبر البريد الاليكتروني، وفي كل لحظة من لحظات اللقاء كان شعورهما مفعم بالمشاعر الجياشة الروحية  يعبران بكلمات صادقة ذات سمو وجمال ، وفي يوم من سلسلة الشهور كتبت العاشقة الأسيرة رسالة تقول فيها:
    أنا مَثَلي كمثل تسنيمٍ الحياة والكوثر العسلي العظيم ، سأشبعك من لوعة صبابتي الأنثوية المزركشة بالإيقاعات الممتدة ظلالها بمختلف الألوان..عثرت عليك في رحلتي الروحية صدفة ك: "تفاحة نيوتن" ....وفي أعالي علياء السماء كان نجمك اللؤلؤ الثاقب يطرق كل أيام حياتي الدنيوية باب قلبي..فابتسمت /العاشقة/عبر رموز صور متحركة متواجدة بالموقع لها تعبير سيكولوجي خطير.. ..حينها ، تدخَل الحكيم الفنان وقال:فهطلت علي رذاذا معينة وانتعشت غصون روحك الجردى وانبعث النور البهي في ريعان شبابك أليس كذلك؟ ابتسمت المرأة الناضج لتوأم روحها فواعدته وعاهدته أن لا تتخلى عنه  مهما قصر أو طال الزمان ،وأقسمت العاشقة المثالية بقسم الرجال ، أن  تتحدى المستحيل في الحال والأحوال وتخترق المحال.. ...وأكدت في الكلِم والأقوال..أن بإرادتها القوية  وفي زمان ليس ببعيد ،ستتخلص من القيد والقيود...لأن حبها أصبح للحكيم الفنان كمارد من جنون.....فجأة عمت الفرحة قلب الرجل الحكيم الفنان..وركز ثم دقق في آخر كلماتها عندما قالت:كل ما أملك من حاجاتي الخاصة والعامة في جسمي وعمق ذاتي هي:  ملكك بالقسطاس والميزان.. يا توأم روحي الشاعرالمغوار والعاشق الولهان..وأخيرا ،عبر مغناطيسية الأصوات اكتشف كل منهما نبرات الصوت الذي كان مسجَل في اللاشعور منذ السنين الخوالي…فاستقرت بارتياح نفسهما المطمئنة التي كانت تترقب هذا اللقاء النوراني منذ زمان،وفي اصطفاء روحاني لأرواحهما تحدث الضمير الجمعي لهما وقال:"ولكل أجل كتاب” يا مجانين  الهيام الروحي في القرن21….اعلموا حتى صدفة الصدف المسماة لدى الفلاسفة الماديين ب: ((الظروف)) هي مسجَلة في سجِل مرقوم تتحكم فيها نورانية أرواحكم… كل واحد منكما له نجمه الخاص في علياء السماء يتجاذب مع أراوحكما الطيبة عبر مغناطيسية النجم الطارق الذي بدوره يعطي أمره للنجم الساطع ليبحث عن توائم الأرواح في علياء السماء.. ..فالأرواح يا طيبين هي جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تنافر وتناكر منها اختلف. ((سُنًةُ الله في خلقه)) سبحان الخالق العظيم الرحمن الرحيم الذي يؤتي الملك لمن يشاء والنعم الكثيرة منها العلم المبين ثم سيكون لكما آلاء نعمة النعم وهي : النصف والشريك الثاني للإنسان، ومن خلال التلاقي بينكما والتواصل والوصال ستتلذذون بأعظم نعمة من نعم الله المسماة عند علماء الأرواح:" اللذة الكبرى" فماءها فواح عطر أزهار وورود وريحان.. ومن ماء الرجل والأنثى الدافق المهين تولد حياة جديدة لامتداد الإنسان الكوني العظيم…..وهو من جينات العباقرة الأبرار والأحرار…ما أعظم هذه الروعة لللَذة الكبرى في الخلق والإبداع لخالق الكون والأكوان… هو الرحمن الرحيم ..أجل  هو:((رحيم)) على كل عباده حتى من قطيع الأنعام الذين يفسدون في الأرض فسادا، وعقاب الله لشديد ورحيم… ولكن الأبرار الطيبين إذا أقسموا على الله لأبرهم في الدنيا قبل الآخرة ،بغض النظر عن مللهم أو نحلهم أو عقائدهم وحتى فلسفتهم...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media