عين الزمان .. مصبوبات الألمنيوم
    الأثنين 20 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 07:18
    عبد الزهرة الطالقاني
    لعله مصطلح جديد لم يطرق سمعنا وسمع الكثيرين من قبل ، سوى سمع اولئك الذين يعملون في مجال الصناعة ، والذين يطلعون بشكل يومي على كثير من التفاصيل الفنية والعمليات الانتاجية . في عمود سابق تناولنا بعض ما تقوم به شركة متخصصة في وزارة الصناعة والمعادن هي الشركة العامة للفحص والتأهيل الهندسي . واطلعنا على كثير من التفاصيل التي نجهلها عن صناعتنا الوطنية التي غابت عنا ملامحها فبدأنا نتلمسها من خلال ما ينشر عن هذه المنشأة أو تلك من منشآت وزارة الصناعة والمعادن .. وسبق أن لمحت الى ان الاهتمام بالزراعة والصناعة والسياحة واخبارها يعتبر جزءاً مهماً من الاهتمام بالبلاد وما يجري فيها ، حيث ان الوطنية لا تنحصر في الاهتمام بالاخبار السياسية وما تقوم به الحكومة أو مجلس النواب فحسب ، بل يمتد إلى كثير من تفاصيل الحياة بما فيها مستوى التطور في القطاعات الاقتصادية والتعليمية والثقافية أو حتى تسليح القوات المسلحة .. وتقوم الصحافة عادة بدور وطني خلاق من خلال تسليط الضوء على كل هذا , وتنقل بشكل مستمر الحياة اليومية والفعاليات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في رفد السوق العراقية بمختلف البضائع .. ولا تقتصر هذه المهمة على الخبر أو التحقيق أو التقرير الصحفي أو اللقاء أو الحوار مع المسؤولين والمختصين في هذه المجالات ، بل أيضاً هي واحدة من مهمات العمود الصحفي الذي يستهوي الكثيرين في متابعة المعلومة من خلال اللغة الرصينة والاسلوب المحبب الذي يعمد إليه كتاب الأعمدة في إظهار الموضوع الذي يتناولونه بشكل لائق بحيث يلاقي استحسان القارئ . وللدخول في الموضوع فان الشركة العامة للصناعات التعدينية هي إحدى شركات وزارة الصناعة والمعادن ، وقد قامت مؤخراً بالتشغيل التجريبي لمشروع انتاج (مصبوبات الألمنيوم) وهو العنوان الذي اخترناه لهذا المقال .. وتستخدم الشركة العلب المعدنية الفارغة مادة أولية لهذه الصناعة كونها تتميز بنقاوة عالية تصل إلى 99.99% . وهذا المصنع الذي بدأ العمل التجريبي فيه تم استيراده من الصين بقيمة (800) مليون دينار عراقي وهو مبلغ لا يبدو كبيراً اتجاه هدف متعدد الاغراض لعل احد اهم الأغراض هي البيئة .. فالمشروع يحمل إلى جانب كونه إنتاجيا ، فانه يدخل في باب معالجة النفايات والمخلفات التي ننتجها بآلاف الأطنان يومياً دون الافادة منها كما تفعل الدول المتقدمة وبعض الدول النامية . والمشروع على بساطته فإن طاقته الانتاجية تبلغ (600) طن سنوياً من الألمنيوم النقي الذي يدخل في مجالات عدة .. وكلنا شاهد وتابع صبيان لا تتجاوز أعمارهم أحياناً الخمسة عشر عاماً يقومون بجمع العلب المعدنية الفرغة من الشوارع والأسواق ومجمعات النفايات ، لكننا لا نعرف إلى أين يذهبون بهذه العلب .. ويبدو أن القطاع الخاص سبق وزارة الصناعة إلى استثمار هذه المخلفات لصناعات عدة قد تكون بدائية ولا تحمل مواصفات الجودة .. إلا ان الوزارة بادرت إلى إقامة هذا المشروع الذي اسمته "استراتيجي" لإنتاج المصبوبات وهي عبارة عن سبائك من الألمنيوم الخالص تدخل في مجال  الصناعات المختلفة بدءا من ملاعق الطعام وصولاً إلى الطائرات المسيرة .. ويبدو ان كميات كبيرة تقدر بالأطنان تهرب أو تصدر بشكل غير مدروس إلى خارج البلاد كما جرى في تصدير (السكراب) وغيرها من المخلفات الصناعية . المختصون في الشركة العامة للصناعات التعدينية اكدوا ان الشركة تعمل على انجاز المرحلة الثانية لهذا المشروع وهو انتاج الألمنيوم الحبيبي الذي يدخل في صناعة الأصباغ وصناعة الثرمستون .. كون العراق يستورد هذه المادة من الخارج وقد وضعت الشركة دراسات الجدوى لهذا المشروع الذي يعتبر في طور الاحالة .. ويوفر المشروع ما مقداره 300 طن سنوياً من الألمنيوم الحبيبي , وتقدر كلفة المشروع ب (700) مليون دينار عراقي .. ويبدو أن الطموح في تطوير الصناعة الوطنية لم يتوقف عند هذا الحد بل انها تتجه نحو توطين صناعة التكنلوجيا الحديثة من خلال مشروع استراتيجي آخر لإنتاج معدن السليكون من الرمال العالية النقاوة ويدخل هذا المعدن في انتاج الخلايا الشمسية وهي طاقة المستقبل ويفتقر العراق إليها لإهمال المختصين وعدم التوجه إلى تطويرها والعمل على جعلها البديل عن الصناعة التقليدية للطاقة التي تعاني من مشاكل عديدة ما زالت قائمة وتسبب أرقاً ومعاناة للمواطن إضافة إلى ما تسببه من تلوث عالٍ للبيئة .. إنها بوادر خير .. وقد قيل تفاءلوا بالخير تجدوه .

    عبدالزهرة الطالقاني
    القاهرة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media