أدم سميث في بكين
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 03:45
    مراجعة: د. محمد سعيد العضب
     يعتبر  الكتاب الموسوم (ادم سميث في بكين) اول محاوله رائدة في تفسير نظرية ادم سميث حول التطور الاقتصادي واختبار مدي امكانية اعتمادها في تفسير التحولات الجارية في السياسة والاقتصاد والمجتمع العالمي واسقاطها لتحليل ابعاد تطوران هامان يطبعان عالمنا المعاصر وهما اولا: مشروع المحافظون الجدد للقرن الاميركي الجديد وثانيا بزوغ الصين كقوة رائدة للنهضة الاقتصادية  .    عموما تمحورت نظرية ادم سميث في ان التوسع في المبادلات التجارية والاقتصايةبين بلدان العالم ستؤدي الى بزوغ ما يطلق علية تحالف اقتصاد السوق القائم علي المساواة بين الحضارات المختلفة.
        يتألف الكتاب من اربعة اجزاء:اعتمد الجزء الاول بفصولة المختلفة التحليل النظري في حين اتسمت أجزاءه الثلاث الأخرى علي الملاحظة والاختبار والمعالجات التجريبية. شكلت فصول الجزء الاول الخلفية النظرية للبحث حيث بداء الكاتب بتوفير نظرة عامة حول اكتشافه الجديد بما يتعلق بأهمية ودلالات نظرية ادم سميث حول التطور الاقتصادي لفهم وادراك ما اطلق علية الانعطاف او الانحراف الكبير الحاصل في الاقتصاد الكوني, بعدها حاول اعادة بناءها ومقارنتها بنظرية ماركس  وشومبيتر.
    فمن خلال الافتراضات والتوكيداتلواردة في الجزء الاول نراه توصل الى ادعاءات هامة منها:
        اولا:لايعتبر ادم سميث منظرا او داعية للتطور الرأسمالي
        ثانيا: يمكن الاستفادة من نظريته حول الاسواق ودورها الحاكم والموجة للاقتصاد وتطوره واسقاط ذلك لفهم الية اقتصاديات البلدان غير الرأسمالية مثل الصين .. كما معلوم خضعت الصين واندمج اقتصادها سابقا بالاقتصاد العالمي في اطار نظام البلدان الاوربية . هذا ومن المحتمل ان يعيد الاقتصاد الصيني اندماجه بالاقتصاد العالمي خلال الالفية هذه لكن تحت ظروف سياسية محلية وعالمية تاريخية مختلفة..
        تابعت فصول الجزء الثاني مسالة الاضطرابات الكونية...وهنا تم الاعتماد ايضا على منظور ادم سميث حولها بعد تطويره في الجزء الاول من الكتاب. يرجع الكاتب بدايات الاضطرابات الكونية الى عاملان: الاول فائض التراكم الرأسمالي العالمي.الثاني:تصاعد التمرد والانتفاضات الثورية في الجنوب ضد الغرب بالنصف الاول من القرن العشرين. برزت محصلة الاضطرابات الكونية هذه في تفاقم ازمة الهيمنة والسيطرة الاميركية علي العالم اواخر الستينات والسبعينات . حاولت الولايا ت المتحدة الاميركية مواجهة تحديات الازمة هذه في هجومها العنيف والمكثف علي الاسواق المالية العالمية بهدف تعبئة استغلال رؤوس الاموال المتاحة واخضاعها لمصالحها الاقتصادية السياسية والامنية, كما تصاحبت هذه الهجمة مع تصعيد التسابق العسكري الاميركي مع الاتحاد السوفيتي اثناء الحرب الباردة. .
        فعلي الرغم من نجاح ردود الفعل هذه في انعاش الآمال الوردية لدعاة الترويج والمفاخرة بالمهارات السياسية والاقتصادية الاميركية الاانها ولدت تبعات سلبية جانبية فاقمت بدورها الاضطرابات بالاقتصاد الكوني من ناحية وعمقت تبعية الولايات المتحدة للأسواق المالية العالمية كما رهنت قوالا قتصاد والرفاة الاجتماعي للشعب الاميركي لدي دوائر المستثمرون الاجانب وحكومات بلدان العلم المختلفة صاحبة الادخارات الفائضةالوفيرة.
        استهدف الجزء الثالث تحليل مشروع القرن الاميركي الجديد وتبني ادارة بوش لةكرد فعل لاحداث 11 سيبتمبر عام 2001 من ناحية والنتائج الثانوية غير المقصودةلتطبيقات المشروع من قبل الرؤساء السابقون من الناحية الاخري. .. فبعد تحليله الجوانب الهامة لانهيار المشروع وهزيمته الساحقة تم تسليط الضوء علي الترابط العضوي بين منظور ادم سميث الشامل الذي تم تطويره في الجزء الاول والثاني من الكتاب من جانب وبين تبني وهزيمة مشروع القرن الاميركي الجديد. علاوة علي ذلك هدف الكاتب اثبات وجود علاقة بين حصيلة مغامرة اميركيا الفاشلة في العراق والاستنتاجات والعبر المستخلصة من حرب فيتنام مؤكدا علي حقيقة نهاية التفوق الغربي وظهور علامات تفجره الداخلي...فكافة الاستنتاجات المستخلصة من حرب فيتنام او العراق تشكل وحدة كاملة بل انها حلقات متصلة تكمل بعضها الاخر.
        ففي حين دفعت الهزيمة في فيتنام ان تقوم الولايات المتحدة الاميركية في تكثيف جهودها لا عادة الصين الى مسرح السياسة الدولية لا جل تقليل الاضرار التي لحقت بهامنا جراء هزيمتها العسكرية, في حين قاد فشلها الساحق لمغامراتها في العراق الي تعاظم الصعود الاقتصادي الصيني بالتالي اعتبر الكاتب الصين الرابح والمستفيد الاول من حرب الولايات المتحدة الاميركية ضد الارهاب.
        تناولت فصول الجزء الرابع من الكتاب ديناميكية الصعود الاقتصادي الصيني وهنا تم تناول الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية محاولتها احتواء وكبح التوسع الاقتصادي الصيني او علي الاقل جعل الصين تدور في فلك النفوذ الاميركي,مؤكداعلي جملة اسباب في فشل هذه المحاولات حيث ان الصين ليس بلدا تابعا كاليابان كما انها ليست دولة –المدنية مثل هون كونك. بعد ذلك طرح احتمالات السياسة الصينية وسلو كهار سواء اتجاه الولايات المتحدة الاميركية او اتجاه بلدان الجوار او اتجاه العالم بأجمعه. عموما يعتقد الباحث بان الخبرات واصول وقواعد الممارسات السياسية الصينية السابقة مع النظام الكوني للبلدان الغربية تظل تتحكم بهذه السلوكية ,الا ان التغيرات الهائلة في وظائف التوسع الكوني للنظام الغربي سيجعل كثيرا من تلك التجارب الماضية غير مناسبة لفهم التحولات الجارية ومواجهة الجاحدات المستقبلية المتوقعة خصوصا بعد التراجع المحتمل للهيمنة والتفوق الغربي واحتمالات صعود قوة جديدة تتمثل بالنظام الاسيوي ومحورة المركزي الصين. هذا ويتوقع الكاتب ان يشهد العهد الاسيوي الجديد –ان تحقق- حملة صلبية بين ارادة وقوة اسيا الناهضة والارادة الغربية وقوتها المتقادمة .
        لخصت خاتمة الكتاب التساؤلات حول اسباب قيام اميركا في كبح قوي الجنوب ومساعيه لامتلاك القوة وانجاز الحداثة بل ربما التفوق. ولدت اخفاقات و فشل هذه المحاولات الاميركية ليس فقط ازمة جديدة للهيمنة الاميركية اطلق عليها ازمة الجولة الاخيرة, بل قد تساعد علي خلق الشروط والظروف المناسبة لولادة اتحاد المجموعة السوق العالمي ذات المصالح المشتركة في ظل حضارات مختلفة كما تصورها ادم سميث قبل (230) عاما.
        بلاسك ان بناء وتطوير هذا الكيان العالمي لايزال بعيدا في المنظور القريب حيث ان السطوة الغربية يمكن اعادة استنباطها باشكال ماكرة كما في الماضى اضافة الي قدرتها على الديمومة والبقاء لفترات طويلة من خلال تصعيدها استخدام وسائل القهر والعنف وتأجيج الاضطرابات والفوضى الخلاقة و غياب النظام علي الساحة الدولية. مع ذلك تظل احتمالات النجاح لتأسيس مثل هذا الكيان مرهونا باتفاق وتحالف الجنوب خصوصا بين البلدان ذات الكثافة السكانية كالصين والهند في التمهيد لطريق تطور اقتصادي اجتماعي عادل ومستديم.
        بعد عرض مكونات هذا الكتاب القيم يمكن استشفاف خلاصة مركزة لاهم الافكار والتصورات الواردة في الفصل الختامي من الكتاب منها :
        اولا :اجماع بكين مقابل اجماع واشنطن
        يدور الكتاب كما اشرنا سابقا حول سؤال محوري هام: هل تتمكن الصين وتحت اي ظروف-رغم بعض الصعوبات والانتكاسات المحتملة في المستقبل- ان تتبوأ موقعا رياديا او تتحول الى بشيرا للمساواة والاحترام المتبادل بين شعوب ودول العالم المختلفة كما روج لمثل هذا النظام العادل(جماعة او اتحاد السوق العالمي)ادم سميث قبل (230) عاما. فالباحث وعبر تحليلاته وتأكيداته المسهبة علي قناعة في امكانية تحقق ذلك رغم أشارته لبعض التحفظات . .
        تمكنت الصين حسبما تبين جليا في الفصل السابع والتاسع من الكتاب ليس فقط تحقيق منافع ضخمة من حرب الولايات الاميركية ضد الارهاب واعتبرت المستفيد و الرابح الاول منها, بل قادت المغامرات الاميركية ومنها حربها الفاشلة في العراق الى حصول تحول في مواقع النفوذ وموازين القوي الكونية لصالح الصين والبلدان الاسيوية كالهند وبلدان جنوب شرق اسيا.تجلت سيماء التحول هذا فيما يطلق علية (اجماع بكين) وتعزيز الطريق الصيني للتطور الاقتصادي الاجتماعي الذي قد يمكن تكييفه من قبل بلدان وشعوب العالم المختلفة لتسهيل عملية تحديثها وتطويرها واندماجها في اطار نظام عالمي عادل يسمح لها باستقلالية قراراتها السياسية والاقتصادية المصيرية والمحافظة علي خصوصيات واسلوب حياة شعوبها بالإضافة الى تمتعها بكامل ارادتها وتقاليدها التاريخية الثقافية والحضارية.
        يتميز اجماع بكين بسمتان اولهما التوكيد علي الخاصية المحلية لكل بلد او امة او اقليم او مقاطعة مما يعني الاهتمام في التطوير المستند على الحاجات الحقيقة والفعلية لها من دون اقحامها في انماط استهلاكية غريبة عنها تحت يافطة التحديث. فهذه الخاصية المتميزة لا جماع بكين تختلف كليا عن عقيدة ترتيبات الوحدات الضخمة المزيفة وتريجات نمط الحياة الاميركية الواردة في اجماع واشنطن. ثانيها التعددية... اي الاعتراف
        بتعدد القطبية الدولية والتعاون من اجل بناء نظام دولي عادل ومستديم يستند على الاندماج والاعتماد المتبادل واحترام كافة الاختلافات السياسية والثقافية للشعوب. يختلف هذا التوجه أيضاهما يدعو ويهدف له اجماع واشنطن الذي يؤكد علي حتمية انفراد الولايات المتحدة في قيادة العالم وفرض سياستها الخارجية على كافة بلدانة .علية يشكل اجماع بكين قوة جذب هائلة كما يمكنه ان يمهد الطريق الى ولادة شكلا جديدا لتحالف بلدان الجنوب كما حصل في عقد الخمسينات والستينات اي ظهور باندونج جديد يأخذ بنظر الاعتباء ركما يراعي مستجدات عهد الاندماج الاقتصادي الجديد الذي ليس له مثيلا في التاريخ . علية يتطلب ان ينطلق تحالف باندونغ الجديد ليس فقط من ضرورات تعبئة الموارد البشرية والمادية في الجنوب واستخدامها الكفوء من ناحية, بل لابد من اعتماده علي له الية اقتصاد السوق الكوني وتحويلها الى اداة لحسم الاختلال في ميزان القوى بين الشمال والجنوب والعمل علي تطويعها لتحقيق التماثل او المقاربة المطلوبة والضرورية . علية تختلف هذه التوجهات عما ساد في باندونج القديم حينما تم آنذاك التركيز على الجوانب السياسية والأيديولوجية مما سهل عملية الالتفاف علية وتدميره .. تأكيدا لحقيقة الاختلاف بينهما اورد الباحث ما صرح به وزير خارجية الهند عام 2003 حينما قال(في الماضي قامت معظم روابط الهند مع اسيا وبالأخص مع بلدان جنوب شرق اسيا علي تصورات مثالية و علي معطيات التاريخ المشترك كالأخوة والتضامن كرد فعل لعهد الاستعمار....اليوم تحدد ايقاعات التناغم في العلاقات بين بلداننا عبر المبادلات التجارية والاقتصادية والاستثمار والانتاج علاوة علي التاريخ والثقافة) علية تشكل الاعتبارات والدوافع الاقتصادية والمصالح المشتركة اسس وخلفيات باندونج الجديد مما قدتجعلة يساهم عند استغلالها بكفاءة وبنيات مخلصة في تحسين اوضاع الفقراء والمهمشون في العالم بأجمعه شمالة وجنوبه, شرقة وغربة.
        ثانيا: استراتيجيات المحافظون الجدد لاحتواء الصعود الاقتصادي للصين
        تعرض الكتاب لثلاث استراتيجيات ترمي احتواء الصين وتحجيم قوتها الاقتصادية والسياسية. تعتمد تصورات الاستراتيجية الاولي التي يطلق عليها الضاحك الثالث على ممارسات ومعطيات النصف الاول من القرن العشرين الذي شهدت فيها اميركا ذروة قونها ا واوج عظمتا ورخاءها كما مارست خلالها سياسة تاجي الاضطرابات الكونية لخدمة مصالحها القومية الانانية.تتمحور الاستراتيجية الثانية التي بلورها وزير الخارجية السابق كيسنجر الامساك بتلابيب التعاون مع الصين ضمن نظام اميركي عالمي يضمن استمرار السيطرة الاميركية والغربية علي العالم ويحقق ابقاء التفوق التاريخي للغرب. اعدت الاستراتيجية الثاء لثة من قبل كابلان وتفضل استخدام ادوات الحرب الباردة القديمة مع تغيير محور التركيز من واربا الي اسيا مع ضرورة تجنب المخاطر والكلف وعلي ان يتم تحميل كافة أعباءها دول وشعوب اسيا. علية تسعي هذه الاستراتيجية تشجيع الانقسامات بين البلدان الاسيوية وتصعيد مخاوف الهولوكوست النووي . مع ذلك ستضطر الولايات المتحدة الاميركية احترام كينونة حلفاءها في الجنوب كما عليها تقديم بعض التنازلات واخذ الحيطة والحذر لتحاشى الانزلاق او المساهمة المباشرة في هذه الحروب الاسيوية المحتملة.
        فكل من هذه الاستراتيجيات تحمل في طياتها إشكاليتها حيث جميعها قد تدفع الولايات المتحدة اعتماد سياسة خارجية هشة غير متماسكة كما الحال الان رغم تمكنها من احكام قبضتها العسكرية على منطقة الشرق الاوسط.هذا ومن المحتمل ان تستمر مثل هذه السياسة الخارجية غير المتماسكة في المستقبل بغض النظر عمن يتحمل المسؤولية في البيت الابيض .بالتالي يتوقع ان تخفق هذه الاستراتيجيات والسياسة الخارجية المعتمدة عليها لا سباب عديدة منها
        * نشوة القوة العسكرية ومغامرات الحروب الاستباقية التي غيبت عنها حسابات الكلفة- المنفعة والاعتبارات الاخلاقية

        *غياب الوعي والادراك في عدم واقعية شعارات ترويج الديمقراطية ونموذج الحياة الاميركية والاصرار علي تصديرها الى كافة بقاع المعمورة
        *عدم الاقرار باحتمالات تغيير موازين الفوة الاقتصادية السياسية والاجتماعية الدولية لصالح بلدان الجنوب او امكانية ولادة باندونج جديد يستهدف بناء نظام عالمي جديد عادل ومستديم
        *التراجع في النشاط الاقتصادي الحقيقي في الولايات المنحدرة الاميركية وتدهورا وضاع القوى البشرية الصناعية الماهرة من ناحية وتعذر الاستمرار في الاعتماد على عقيدة الاقتصاد النقدي والمضاربات الورقية والنشاطات الوهمية .هذا وستظل هزيمة الولايات المتحدة في العراق تشكل قيدا اضافيا في الحفاظ او استمرار هيمنتها وسيطرتها علي العالم او التحكم بالجنوب او قدرة الشمال في الردع المستمر لتمرد الجنوب وانتفاضات شعوبه.
        ثالثا: الازمات المالية وتراجع نفوذ صندوق النقد الدولي
        1.شكلت الازمة المالية الاسيوية عام 1987-1988نقطة تحول حاسمة في ميزان القوة الاقتصادية ما بين الشمال والجنوب. فعلي رغم التشخيص الصائب لا بعاد وتبعات الازمة المباشرة والمعالجات قصيرة الامد فقد اهملت متابعة اثارها بعيدة الاجل سواء المتعلقة بقضية العلاقة بين الشمال والجنوب او المسائل المرتبطة بقدرات وامكانات صندوق النقد الدولي لا جراء التسويات وحسم مشكلات المنازعات او التنازلات المالية الضرورية اللاحقة سواء للملاك في بلدان الجنوب او للمستثمرين من بلدان الشمال . علية ظهرت لاحقا مفارقات عجبيه تجلت ليس فقط في العجز الكبير بموازين مدفوعات بلدان الشمال والفائض الضخم في موازين بلدان الجنوب بل في محدودية السلع والخدمات الذي يستطيع الشمال عموما واميركا خصوصا انتاجها بكلف منخفضة وتنافسية مقارنة مع بقية بلدان العالم.. علية اخذت تتدفق اجزاءا من الفائض المتحقق في الجنوب نحو بيوتات الواسطة المالية الاميركية التي استخدمتها ليس فقط في شراء سندات الخزانة الاميركية بل استثمارها في بلدان العالم المختلفة بما في ذلك بلدان الجنوب . مع ذلك حاولت عديد من البلدان الالتفاف اوتجنب التعامل مع مثل هذه البيوتات المالية واخذت توجه فوائضها المالية سواء لتعزيز احتياطها النقدي الاستثمار ها مباشرة في بلدان العالم المختلفة بما في ذلك بلدان الجنوب . علاوة علي قيام بعض بلدان الجنوب اعادة شراء ديونها الخارجية. كلة قاد الى تراجع ملحوظ في ارصدة حقيبة ديون صندوق النقد الدولي حيث سجلت ادني مستوي لها منذ عقد الثمانيات. علاوة علي اضطراره شطب واهلاك بعض ديونه او مستحقاته من الفوائد المتراكمة مما ادي الي تراجع موارد دخلة. . ساهمت هذه المتغيرات ليس فقط اضعاف نفوذة وتقلص سطوته في املاء او التحكم بالسياسات الاقتصادية للبلدان المختلفة والاقتصاد الكوني, بل أجبرته ايضا علي تغيير أساليب عملة والتخلي عن صيغ الاوامر , ووضع العراقيل واستبدالها بوسائل المشاورات والاقناع المتبادل .

        2. تمتلك الصين كما معروف احتياطات نقدية ضخمة تقدر بما يعادل 1.5 ترليون دولارتم توجيه حوالي 65% منها الى شراء سندات الخزانة الاميركية*. ببداءة الصين تغيير هذا التوجة واخذت تعمل علي تنويع استثمار فوائضها سواء في تقديم عروض صفقات سخية بشروط ميسرة في مجال التجارة والاستثمار او زيادة مساعدات التنمية لبلدان الجنوب . تتميز القروض والصفقات الصينية مع بلدان الجنوب بشروط ميسرة وتكاليف استشار رات واطئة جدا ومشروطات سياسية محدو حيث يتم معظمها مقابل تمكين الصين النفاذ للموارد الطبيعة في هذه البلدان ولتمكين قيام مؤسسات الاعمال الصينية في تنفيذ مشروعات التنمية وبناء البنى الارتكازية في المناطق النائية بأسعار تنافسية قد تصل الي 50% من اسعار الشركات الغربية. علاوة علي ذلك تقوم فنزويلا وغيرهما من بلدان العالم الثالث الغنية في لعب دورا رياديا في مجال تقديم مساعدات التنمية مما سيقود الي تغيير جغرافية هذه المساعدات مما سيعمل علي تقليص او تقويض نفوذ بلدان الشمال ومؤسساته المالية بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .اكد الحقيقة هذه ممثل الفلبين الدائم لدي صندوق التنمية الاسيوي بعد اعلان الصين خبر تقديمها رزمة قروض بمبلغ قدرة(2)بليون سنويا لمدة 3 سنوات الي القلبين مما جعل سوآءا عرض صندوق النقد الدولي البالغ (200) مليون دولاراو عرض اليابان البالغ(1) بليون دولار مبالغ هامشية نسبيا مقارنة بالسخاء الصيني.

        .استكمالا لهذه المبادرات قامت ايضا عديد من بلدان النفط الغنية في توجيهيا من فوائضها ا المالية الناجمة عن فورة اسعار النفط الاخيرة نحو بلدان الجنوب, فمثلا قامت فنزويلا تقديم قرضا بمبلغ (2.4 )بليون دولار إلى الارجنتين عندما قررت انهاء عضويتها في صندوق النقد الدولي كما منحت عديد من بلدان اميركا الجنوبية القروض والمساعدات بهدف تمكنيها من فك تبعيتها للولايات المتحدة الاميركية ومؤسساتها المالية بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. بذات الاهمية يمكن للسعودية وغيرها من بلدان غرب اسيا الوفيرة الفوائض ان تلعب دورا هاما في هذا المجال ان رغبت وتمكنت من تدوير فوائضها انطلاقا من مصالحها الذاتية وباستقلالية. مع ذلك اكد الكاتب احتمالات حدوث مثل هذا التوجه حينما اورد تصريحات عديد من رجال المصارف الذين يؤكدون عبرها حصول قفزة ضخمة في تدفق الصفقات والاموال من بلدان الشرق الاوسط الي مشروعات التنمية في البلدان الاسيوية مثل الصين وبلدان جنوب شرق اسيا. لعبت جملة عوامل في هذا التحول وتراجع استثمارات البلدان المنتجة للنفط الغنية في السوق الاميركي منها علي سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
        * اعتبارات سياسية 1. عدم شعبية الحرب الاميركية في العراق 2. ردود الفعل الانتقامية الاميركية الحكومية والشعبية اتجاه الاسلام و العرب بعد احداث 11 سبتمبر عام 2001. 3. التصرفات التميزية والقيود المفروضة علي نشاطات الشركات العربية او من بلدان الجنوب منها مثلا اعاقة صفقة شركة ميناء دبي لا دارة وتشغيل المرافئ الاميركية .
        * اعتبارات اقتصادية حيث اصبح مردود الاستثمار في المشروعات الاقتصادية بالبلدان الاسيوية الراغبة في النفاذ لمورد النفط وغيرها من مشروعات التنمية يتجاوز عائد الفوائد المتحققة من الاستثمار في مجال سندات الخزانة الاميركية.
        فمثل هذا التحول يجعل من تصاعد توجيه الفوائض المالية المتحققة لدي بلدان الجنوب نحو مشروعات التنمية المجزية في أساو بلدان الجنوب عوضا عن تكنزيها بالمصارف ومؤسسات المال العالمية من ناحية وحرية التصرف بالاحتياطات النقدية دون سطوة صندوق النقد الدولي من الناحية الأخرى ليس فقط نذيرا ومبشرا لنهاية سطوة الدولارات بل قد يشكل اداة فاعلة للانعتاق والتحرر . بالتالي تصبح مسالة الاستمرار في استخدام في عمليات التبادل العالمية لهذه البلدان امرا ثانويا .. تاريخيا استمر العالم يستخدم الباوند الإسترليني كعملة تبادل دولية لمدة 30-40 عاما بعد خمور وانحسار سطوة الامبراطورية البريطانية هكذا بما يظل الدولار يلعب دورا في المستقبل ايضا .
        3. توافرت ظروف تاريخية اثناء ما يطلق عليها الكاتب الثورة المضادة لعقيدة الاقتصاد النقدي كما نضجت مستلزمات بزوغ باندونج جديد وجماعة السوق العالمي التي روج لها ادم سميث, الا ان عدم ادراك ابعادها واستغلالها بكفاءة أعاق تحقيق هذا الهدف . مع ذلك يظل التعاون بين بلدان الجنوب يشكل الطريق المحتمل للوصول لهذه الغايات والتصدي لمحاولات الشمال في الحفاظ علي هرم الرفاهية السائد حاليا بسماته الاساسية التي تتمحور في تعاظم الفجوة في الدخل او القوة. فالاتفاق او التحالف بين الصين والهند– (بتعداد سكان يربو عن 2.3 بليون نسمة او ما يعادل 33% من سكان البشرية),. لابد ان يقود ليس فقط الي ظهور معايير ومقاييس دولية جديدة تحدد مسارات الانتاج والاستهلاك العالمي, وربما يكون مواطنا صينيا او هنديا ورثيا شرعيا لعديد من منتجات التكنلوجيا المتطورة المتواجدة حاليا في الاسواق مثل ما ميكروسوفت او غيرها . هكذا سيشهد العالم يوما بعد اخر انحسار قدرات نادي الاغنياء( الولايات المتحدة الاميركية والاقتصاديات القوية في واربا واليابان) ليس في تحديد سرعة واتجاهات النمو والتطور في بلدان العالم المختلفة , بل سيصبع عاجزا في فرض أوامره وتوجيهاته علي الجنوب وتحديد مدى لياقة او اداء هذا الاقتصاد وذاك بموجب معاييره الخاصة. بل يمكن لمثل عذا التحالف توفير الشروط للانعتاق والتحرر ليس لشعوبها بل العالم برمثة وتخليص البشرية من التدمير والتخريب الاجتماعي والبيئي الذي لحق بها من جراء التطور الرأسمالي الغربي.

        رابعا: النموذج الغربي للتطور وتحديث الجنوب
        ضمن هذا السياق يؤكد الباحث علي ضرورة الادراك والوعي الكامل بحقيقة عدم امسكا نية انجاز التطور والتحديث لأغلبية سكان العالم عند استمرار بلدان الجنوب بالاعتماد او تبني النموذج الغربي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية واصرار الشمال في عدم تغيير مسارات توجهاته او التنازل عن بعض مكتسباته ورفضة مقاربة طريق تطوره ونموه مع الطريق الاسيوي للتطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي.
        يقول الباحث ان هذا ليس اكتشافا جديدا... ففي ديسمبر1928كتب المهاتما غاندي" ربنا احمينا من ان لا تسلك الهند في تصنعيها طريق النموذج الغربي...فالإمبريالية الاقتصادية لجزيرة المملكة الصغيرة- بريطانيا- تمكنت من الامساك برقاب العالم بأجمعه فماذا سيحصل ان توجهت الامة الهندية البالغ تعداد نفوسها (300) نسمة (عدد سكان الهند آنذاك )في طريق تصنيعها النموذج الغربي فلابد انها ستفترس العالم كالجراد النهم " علية كان غاندي ليس فقط واعيا لأهمية الانعتاق بل تمني ان يتعلم قادة الجنوب ذلك ولا يتجاهلون الحقيقة هذه .
        .تمكن الغرب تحقيق نجاحاته و قطف ثمار الثورة الصناعية لوحدة ليس فقط عبر أعاقته غالبية سكان البشرية من النفاذ للموارد البشرية و المادية و حرمانها من التمتع بمنافع التصنيع الكوني بل تم تحميلها اعباء ونكالي نهضته وتقدمة وتفوقه. علية يعتبر طريق التصنيع الانبساطي الذى سلكته الثورة الصناعية مجرد ظاهرة جانبية وعاملا مساعدا لتعظيم نجاحات الغرب.ا ن افكار وتصورات بعض المنظرون في التأريخ والاجتماع حول منافع وخسائر تطوير سوق الصين في القرن الثامن عشر تدلل سخف الاطياف الايولوجيةالسائدة. فالصين البلد الكبيركان  يتمتع بإمكانات رحبة لقسمة العمل الاجتماعي تفوق تلك الامكانيات المتاحة في اقتصاد بلد صغير مثل بريطانيا . ففي ما بين 1741 وحتي بداية عام 1770 تضاعفت مستوردات صناعة الغزل والنسيج البريطانية من القطن الخام ثلاث مرات مما يعني كان يمكن للصين وخلال الفترة ذاتها ان نزيد من استهلاكها من الاقطان الخام بأحجام ربما تجاوزت مجموع ما كان يمكن للعالم انتاقه خلال القرن الثامن عشر برمثة . علاوة علي ذلك وخلال الفترة ما بين
        1785-1833 استوردت مقاطعة كونج توتك لوحدها من القطن الهندي سنويا ما يعادل ستة اضعاف مجموع ما استهلكته بريطانيا سنويا من القطن منذ اختراع ريتشارد اركروغ مكائن النسيج المحركة بالقوة المائية. هكذا كان يمكن للصين ان تتوسع في صادراتها من منتجات الغزل والنسيج بكميات نفوق القوة الشرائية المتاحة في العالم مقارنة بسوق بريطانيا الصغير نسبيا.
        .عموما يمكن القول ان نجاح ا لثورة الصناعية في بريطانيا ارتبط بحجم بريطانيا واقتصادها من الناحية المطلقة والنسبية . فالحجم الصغير للاقتصاد من الناحية المطلقة يعني ان الزيادة في استيراد القطن من ناحية وارتفاع صادرات منتجات الغزل والنسيج من الناحية الأخرى يؤديان بالضرورة الى تحقيق معدلات نمو مرتفعة في الاقتصاد. يعني الاقتصاد الصغير نسبيا مقارنة بالاقتصاد العالي ان يقوم بقية العالم تجهيزه باحتياجاته من المواد الاولية الطبيعية بذات الوقت يشتري منتجات كافية منة للمحافظة علي معدل نمو مرتفع للاقتصاد . بالطبع عجزت الصين ان تحقق مثل هذه المعدلات المرتفعة في النمو الاقتصادي . فلو تبنى حكام الصين آنذاك خطي الثورة الصناعية في بريطانيا لاضطرتها ارتفاعات اسعار المستوردات وتصاعد الاضطرابات الاجتماعية والانتفاضات الشعبية والفوضى الى العودة الي صوابها وحكمتها قبل ان تتمكن من افتراس سكان العالم كالجراد النهم . .بعد قرنان من ذلك التاريخ تقف اليوم الصين والهند امام المشكلة والتحديات ذاتها . فمع ازاحةامبراطورية الجزيرة المملكة الصغيرة من قبل قائد الثورة الصناعية الجديد - الولايات ا لمتحدة الاميركية- تصاعد تكثيف انتاج واستهلاك الموارد الطبيعة وتم ذلك ايضا عبر حرمان الاكثرية من سكان العالم من الاقتراب او النفاذ لأصوليات المعايير القياسية للإنتاج والاستهلاك الاميركية. علية تأكدت مصداقية أفكار غاندي حصوصا عند تمكن اقلية من سكان الصين ونسبة اقل منها من الشعب الهندي اختراق هذه الاصول والنفاذ جزئيا لهذه المعايير والمقاييس . هكذا اعترف الجميع بهذه الحقيقة باستثناء حفنة المدافعون عن خلود اسلوب ونمط الحياة الامريكية . فالعالم بكافة مواردة غير قادر تحمل تطور بلدان كبيران مثل الصين والهند عند اعتمادهما طريق التطور الرأسمالي الاميركي سواء بسبب الاوضاع البيئة او بسبب شحة الموارد العالمية المتاحة . من هنا تولد ت
        اشكالية اطلق عليها الكاتب المأساة او( التراجيديا) حينما اخذت الصين تسلك طريقا مغايرا كما ببداءة تقدم الجيد بكافة المقاييس لسكانها والعالم بأجمعه . ففي الصين يستهلك الفرد حاليا معدلات منخفضة من اللحوم ويقوم في تدفئة أكواخه المتواضعة لكنة بذات الوقت يرسل البناءة للمدارس فهو بالتأكيد يحاول تجنب الانماط المتطرفة والمتهورة للاستهلاك في اميركا حيث يستهلك الفردية من الطاقة تسعة اضعاف ما يستهلكه الفرد الصيني وفقط لأغراض تبريد وتدفئة قاعات ممارسة الهويات وتشذيب حدائق منزلة بمساحة تزيد عن 2000 مترا مربعا ويأكل الطاطا المستوردة بالطائرات من شيلي.
        ان زيارة خاطفة للصين تجعل الانسان قادر اعلي تخمين اهداف البلاد للقرن الحادي والعشرين, بذات الوقت يمكنه الخروج بقناعةحتميةبل ضرورة الحد من تطوير المناطق الغنية لا جل تطوير المناطق الفقيرة . مما يعني ان البلدان الغنية خصوصا اميركا لابد ان تعمل علي تخفيض استهلاكها من الطاقة لا جل ان يتمكن الفرد في الصين وغيرة من البلدان الفقيرة ان يزيد استهلاكه من اللحوم . ان حصل ذلك و توافرت مثل هذه القناعة السياسية في اميركا والشمال عموما فلابد ان تتصاحب هذه القناعة مع الاقرار بحق الجنوب في ولوج طريقا مخالفا لا سلوب ونمط حياة الغرب عموما واميركا خصوصا . فمثل هذا النمط الاستهلاكي الاميركي المتطرف الذي نشاء او أنجزته ظروف مرحلة تاريخية معينة واعتبر حقا مكتسبا للتفوق لا يمكن ان يشكل معيارا صحيحا او حقا شرعيا يجب فرضة علي كافة الشعوب .
        تجلت التراجيديا وحددت بدقة في اعلان بوش الاب في طريق رحلته الى مؤتمر القمة في ريو لتوقيع معاهدة كوتيور ان اسلوب الحياة الاميركية موضوعا غير قابل للمناقشة. في الوقت نفسة ابرزت فصول مسرحية العراق عجز القوة الاميركية وباستخدامها الردع العسكري في تنفيذ الحق الشرعي لنمط واسلوب الحياة الاميركية هذا مما وجب علي البلاد دفع ثمن ادامة هذا الحق و المحافظة علية. مع ذلك تظل الحقيقة ناصعة في ان نسبة 25% من سكان الصين والهند غير راغبة غي تقليد نمط الانتاج والاستهلاك الاميركي لا يمانها المطاف بان اللير في هذا الطريق سيقودها والعالم برمثة الى الدمار.. لهذا ادركت القيادة الصينية الجديدة المشكلات البيئة الناجمة عن النمو الاقتصادي المعتمد على استخدام الطافة الكثيف وعمدت الى تأسيس مدن نموذجية مع التركيز الخاص على توفير مستلزمات حماية البيئة كما استهدفت الخطة الخمسية2006-2010 تخفيض كثافة استخدام الطاقة بنسبة20%.لاجل تحقيق هذا الهدف تم تبني سياسة صناعية جديدة تسعي الى ايقاف نشاط (399) فرعا صناعيا وتقليص فعاليات (199) فرعا صناعيا اخرا .. رغم كلة تظل مسالة ايقاف تدهور الميزان البيئي او المحافظة علي نمط بيئي مناسب يضمن نقاوة الهواء والماء امرا صعبا ويواجه التحديات خصوصا وان الخطة ذاتها استهدفت اعادة توطين (300)مليون نسمة من الارياف الى المدن مما قد يخلق مشكلات بيئية اضافية.يتطلب التصدي لها. إيجازان استمرار الصين في التعويل علي طريق التصنيع المعتمد علي استهلاك طاقة كثيفة و الذي حقق لها في الماضي نموا اقتصاديا سريعا يتعارض مع توجهات حماية البيئة مما قد يقود ليس فقط تعرض المعجزة الاقتصادية الصينية للخطر بل ربما يسارع من نهايتها.
        . علاوة علي فقد تجلت بوقن واحد اسباب وتائح تزايد فجوة الدخل في المجتمع حينما تمكنت شرائح من السكان ان الانتفاع بسرعة من النمو الاقتصادي في حين ظلت غالبية عظمى مهمشة تتحمل فقط اعباء وكلف التطور هذا. بين الفصل (12) من الكتاب تفاصيل اتساع هذه الفجوة وما قادته او سببته من اضطرابات اجتماعية عنيفة .. اخيرا يشير الكاتب على ان محصلة عملية اعادة التوجهات التنموية الجديدة سوية مع تقاليد التطور المعتمد على الية اقتصاد السوق و التراكم الرأسمالي من دون تأميم الملكية و التركيز علي تطوير الرأسمال البشري علاوة علي تواجد حكومة تعتمد المشاركة والمبادرات الجماهيرية جميع ذلك يمكن الصين في المساهمة الفعلية لولادة الجماعة الحضارية التي تحترم الاختلافات الثقافية بين شعوب العالم المختلفة. ان اخفاق عملية التكيف واعادة التوجه التنموي قد يحول الصين الى مركز سطحي يحوم فوق بؤرة بركان من الفوضى السياسة والاجتماعية مما يقوي محاولات الشمال لا عادة هيمنته المنهارة. ولإعادة صياغة فكرة شم وبيتر مجددا فان البشرية التي عاشت لحظات العنف المتزايد ( او ربما السعادة ) لا نهيرا النظام العالمي للحرب الباردة لربما تتعرض مجددا للإبادة اوان تتمتع بالراحة والاطمئنان .
        في نهاية مطاف رحلتنا عبر هذا الكتاب القيم لابد من تسطير كلمة ختامية. فعلي الرغم من احاطة بعض تحليلاته ,الكارة وتصوراته مشحات التفكير الربوي تظل معظمها تؤكد مصداقية اطروحات ومقولات حركة التحرر الوطني في ان السبب الحقيقي للتخلف الاقتصادي والاجتماعي وتهميش بلدان الجنوب يرجع بالدرجة الاساسية للعلاقات الرأسمالية الغربية والإمبريالية العالمية...فمن دون ازالة السبب سيظل العالم يدور في فلك الظواهر ودوامة التشرذم بين شريحة صغيرة غنية متهورة وكثرة فقيرة مهمشة.

        *استلت الارقام من A V Raj wade : The Dollar Dilemma Dec>2003 http://www.business-standard.com   (1) نشر الكتاب باللغة الانكليزية والالمانية تم عرض الكتاب من الطبعة الالمانية الموسومة:
        Giovanni Arrighi
        Adam Smith in Beijing
        Genealogie des 21 Jahrhundert
        الكاتب استاذ علم الاجتماع في جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة وتتركز ابحاثة علي تاريخ علم الاجتماع المقارن ,تحليل الانظمة العالمية واقتصاديات المجنمع
        • www..vsa.verlag.de vsa-verlag 2008 st. georgs kirchhof6<220099 hamburg
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media