وماذا بعد داعش ؟
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 12:00
    هادي والي الظالمي
    رغم محدودية الضربات الجوية ضد تنظيم  داعش ، بسبب عدم إكتمال التحالف الدولي وتوزيع مهامه من جهة ، وستراتيجية التعامل الحذر التي تنتهجها الوﻻيات المتحدة وشركاؤها ، لحساسية هذا الملف طبقا لتقديرات الحلفاء من الجهة اﻻخرى ، فإن قوات الجيش والبيشمركة بدأتا بإستعادة المبادرة من صد هجمات التنظيم اﻻرهابي الى حالة الهجوم وفرض التراجع على عناصره .
    ان واحدا من اسباب هذا التطور على اﻻرض يرتبط بوحدة الصف الوطني ، على المستويات الحكومية والشعبية والسياسية ، خلف القوات المسلحة ، والتي لم تكن بهذه القوة والوضوح قبيل التغيير ووﻻدة حكومة الوحدة الوطنية ، والتي عززها التوجه لحلحلة المشاكل العالقة بين المركز واﻻقليم ، وايجابية النظر في مطالب المحافظات الساخنة ، وهما تحديان عصيان قبل ان تسهم ممارسات داعش الوحشية  في تضييق الخﻻف بشأنهما .
    ان تصاعد ضربات التحالف الدولي ضد التنظيم ، والنجاح في كبح تمويله المتحصل عن استيﻻئه على بعض المنشآت النفطية وتبرعات  اﻻفراد والمؤسسات في دول اﻻقليم ، وضرب ومﻻحقة شبكات تجنيده ، اضافة الى تنامي تذمر السكان المحليين تحت قبضته بسبب واقع الظروف اﻻمنية واﻻقتصادية المتردية وممارساته المتطرفة وفرض اﻷتاوات على اﻻهالي كلها قد اسهمت في وقف مد الجماعة لتبدأ مرحلة انحسارها خاصة مع صعوبة ادارة المناطق الشاسعة التي تم احتﻻلها في كل من العراق وسوريا ، وتفكك حواضنها وبيئة وجودها لجملة اﻻسباب المذكورة .
    ان تصاعد وتيرة الجهد العسكري ونجاحاته قد تكون كفيلة بإلحاق هزيمة آنية قاسية بداعش وتفكيك منظومته القائمة ، اﻻ ان هذا الحل منفردا لن يكون قادرا على منع نشوء اشكال جديدة من التطرف واعادة تكوين حواضن له ، وتجربة تحوﻻت القاعدة خير مثال على ذلك .
    ان عودة التنظيم الى تكتيك تفجيرات المدن ، بعد تراجع قدراته على المواجهة العسكرية النظامية التي اعتمدها خﻻل اﻻشهر الماضية يحمل رسالة خطيرة بخصوص هذه التحوﻻت والتي ﻻيمكن مواجهتها بالجهد العسكري وحتى اﻻستخباراتي لوحدهما ، وتنذر باستمرار بؤر التوتر كبراميل بارود قابلة للتفجر تختفي وراء انتصار عسكري ﻻيترافق بحلول جذرية تتعاطى بايجابية مع بيئة وحواضن التطرف الناشئة عن التهميش وغياب العدالة والشعور بالحرمان والتمييز .
    ان تسارع اﻻنتصار العسكري على التنظيمات اﻻرهابية قد يدفع الحكومة العراقية الى العمل بمنطق المنتصر والمهزوم ، دون اعتماد حلول مستدامة وقابلة للحياة ، وهذا وارد بسبب وجود ازمات بنيوية ومراكز صراع داخل هذه الحكومة ، واشتمالها والمجلس النيابي على قوى سياسية نافذة تمتلك ميليشيات عقائدية مسلحة متورطة في بؤر الصراع ، وهو الدافع وراء حديث اﻻدارة والقيادات العسكرية اﻻمريكيتين عن ان اﻻنتصار على داعش قد يستغرق سنوات .
    ان تعطيل المصالحة الوطنية التي تمثل جوهر الحلول المستدامة لﻻزمة والصراع قد يجد تبريراته في انتفاء الحاجة لهذا المشروع مع تحقق انتصارات عسكرية سريعة وحاسمة كما وجدها في ذروة الصراع مع اﻻرهاب بتراجع اولويته امام تحديات المواجهة المسلحة .
    ان عدم نجاح المعالجات التي تم اعتمادها في مواجهة اﻻرهاب يستدعي بالضرورة ولوج طرق رديفة للعمل العسكري ، فالحكومة الجديدة التي استكملت كابينتها الوزارية في المؤسستين اﻻمنية والعسكرية تقف مع المجلس النيابي في مواجهة تحدي المصالحة الوطنية واﻻنتصار فيها ، اسوة بالمكتسبات اﻻمنية التي تعمل عليها مع الجهد الدولي ، وهو مايتطلب حزما من التشريعات والقرارات واﻻجراءات والتدابير المتناسبة ، وتدعيم العمل المؤسسي ، والشروع باﻻصﻻحات السياسية التي تم التوافق عليها ، وتفعيل دور الحكومات المحلية واطﻻق صﻻحياتها .
    ان وجود شخصية سياسية كبيرة تحظى بالقبول الوطني والصدقية كالسيد اياد عﻻوي على راس ملف المصالحة الوطنية يمثل فرصة للنجاح في هذا الميدان ، على الحكومة ورئيسها عدم اضاعتها اذ توازي في اهميتها العمل على جبهات القتال ؛  كونها الضامن لتلك المكتسبات ، اﻻ ان السيد عﻻوي كغيره ﻻيمتلك عصى سحرية لتحقيق معجزة طال انتظارها دون دعم واسناد حكوميين وسياسيين يرتقيان الى مستوى المهمة ومسؤولياتها الوطنية واﻻخﻻقية .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media