وأخيراً حُلتْ عقدة وزراء الداخلية والدفاع
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 16:41
    مصطفى محمد غريب
    على ما كان الظن " إن بعض الظن أثم "  بان قضية وزارتي الدفاع والداخلية ستبقى عقدة معقدة وقد يطول الزمن حتى تحسم ويتم تسمية الوزراء الذين سيكلفون بالمهمة وقد لا تحسم مثلما طالت ثم نسيت عند نوري المالكي، لأن الوعود التي أطلقت منذ تولى السيد حيدر العبادي مهمة تشكيل الوزارة بقت تتراوح فترة شهرين تقريباً بسبب الخلافات والصراعات والتي كانت أيضا بين الوعيد والتهديد وظهور نوايا البعض بإفشال مهمة حيدر العبادي أو عدم التصويت...الخ وهذه الخلافات مردها إلى شكل المحاصصة الأولى التي مازال العمل فيها جارياً  بالاعتماد على التوافقات بين الكتل السياسية وبخاصة الكتل المتنفذة، وكان من المعول عليه أن يكون الخميس 16 / 10 / 2014 تشخيص وتعيين الوزيرين والتصويت عليهما في جلسة البرلمان الذي عُقدت في اليوم المذكور بإعلان ائتلاف دولة القانون قبل يوم من ترشيح وزراء للداخلية والدفاع بأنها بلغت المرحلة النهائية وسوف يحسم الأمر من قبل حيدر العبادي يوم الخميس وقد صرح عباس البياتي عضو ائتلاف دولة القانون إن " يوم غد الخميس هو الموعد النهائي لحسم تسمية شخصيتين لوزارتي الدفاع والداخلية" وإن "العبادي وصل إلى المرحلة الأخيرة لاختيار الوزيرين". لكن على ما يبدو ومن خلال خلو جلسة الخميس من تسمية الوزراء الأمنيين بالإضافة خلوها من الموازنة وان يوم الخميس أصبح في خبر كان كالوعود السابقة بإنجاز مهمة تنصيب وزراء الداخلية والدفاع، وقد تضمنت جلسة الخميس أداء اليمين الدستورية لأعضاء مجلس النواب الذين يشغلون مناصب حكومية وغير ذلك ثم بيان نعي النائب أحمد على محسن الخفاجي. بعد انفضاض جلسة الخميس أصيب البعض بالإحباط من الوعود وكأنها تكرار مثلما كانت بداية الوزارة الثانية لنوري المالكي الذي طالت وعود التكليف الوزاري حتى تسليمه رئاسة مجلس الوزراء  وقد بقى يجمع بين يديه إضافة إلى المناصب الحكومية المنصوص عليها في الدستور وزارتي الداخلية والدفاع، وراح الكثير من المتابعين للأوضاع السياسية والأمنية مثلما اشرنا وكأنها ملامح لإطلاق التصريحات والتنبؤات ورجح النائب خلف عبد الصمد رئيس كتلة الدعوة في ائتلاف دولة القانون في يوم الخميس ذاته بان يقدم رئيس الوزراء حيدر العبادي أسماء مرشحيه للوزارات الأمنية إلى مجلس النواب يوم السبت 18/10/2014 لكي يتم التصويت عليهم وأشار النائب خلف عبد الصمد إن "العبادي طلب من البرلمان في جلسة اليوم، إمهاله 24 ساعة إضافية لتقديم أسماء مرشحي الوزارات الأمنية تمهيدا للتصويت عليهم". وتفاءل عبد الصمد بنجاح حيدر العبادي " في مشاوراته مع الكتل بما يمكنه من تقديم أسماء المرشحين للوزارات الأمنية في جلسة البرلمان ليوم السبت المقبل". ولقد كان التفاؤل في محله حيث عقد البرلمان جلسته  أل ( 22 ) يوم السبت 18/10/2014 بحضور رئيس المجلس ونائبيه وبحضور ( 216 ) نائباً  فضلاً عن رئيس الوزراء حيدر العبادي وقد سبق التصويت اجتماع حيدر العبادي مع رؤساء الكتل السياسية لمناقشة أسماء مرشحي وزارتي الداخلية والدفاع وقد تم التصويت على المرشحيين وحصل وزير الداخلية محمد سالم الغبان على ( 197 ) صوتاً وهو من التحالف الوطني فيما حصل وزير الدفاع خالد العبيدي على ( 173 ) صوتاً وهو من ائتلاف القوى الوطنية وبهذا حلت العقدة التي أوجدها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وأصبح الدرب سالكاً للاهتمام بقيادة الوزارتين الأمنيتين بشكل مباشر ومسؤول، وفي الجلسة نفسها صوت المجلس على مرشحي التحالف الكردستاني لوزارة المالية ونائباً لرئيس الوزراء ووزارة الثقافة.
    إن المرحلة السابقة التي عايشتها الكتل السياسية والشعب العراقي كانت أسوء فترة في تردي الأوضاع الأمنية وتشنج العلاقات بين الكتل السياسية  حتى داخل الائتلافات السياسية مما أدى ذلك إلى تقديم خدمات مجانية للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش"وكذلك المليشيات الطائفية التي تعبث بأمن المواطنين بحجج طائفية، كما أن غياب التنسيق والتفاهم وسوء الإدارة والاختراقات للأجهزة الأمنية جعل المواطنين وكل من تهمه مصلحة البلاد يدركون أن لا مفر من مجيء حكومة ورئيس وزراء يستطيع لملمة البيت العراقي برؤيا  وطنية جديدة مخالفة للنهج الطائفي السابق وبالاعتماد على تحقيق المصالحة والمواطنة بدلاً من الحزبية والطائفية لكي يتم الوقوف بوجه كل من تسول له نفسه العبث بأمن المواطنين وامن البلاد ومحاربة الفساد بكل أشكاله .
    إن اكتمال تشكيل الكابينة للحكومة العراقية نقلة نحو الإسراع في طي الصفحة السابقة والبدء بإدارة البلاد بشكل ديمقراطي حضاري مسؤول، ببث روح الثقة والتعامل الوطني وذلك بتظافر الجهود  لإيقاف عجلة التدهور في الوضع الأمني والمعيشي وتخليص البلاد من القوى الإرهابية وفي مقدمتها داعش وكذلك التخلص من الميليشيات الطائفية وهذا يعتبر رهان على نجاح عمل الحكومة الجديدة في تحملها المسؤولية والخلاص من التركة الثقيلة السابقة التي جعلت البلاد في حالة يرثى لها وجعلتها ساحة للقتل والتصفيات، ففي هذه الأيام وبعد تشكيل الوزارة بشكل كامل تقريباً فان المرحلة الجديدة ستكون بمثابة تجربة حقيقة لتطبيق القانون والوعود التي قدمها رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي  وفي مقدمتها استئصال منابع الإرهاب والميليشيات وتحقيق الاستقرار وحماية امن المواطنين وتأمين لقمة العيش لجميعهم بدون استثناءات، مرحلة تجعل المواطن يعيد الثقة بوعود المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، يعيد الثقة بالوطن وبخاصة المسيحيين الذين ذاقوا الأمرين من التهجير والهجرة والقتل والتمييز، والايزيديون الذين نالهم من التعسف والقتل ومحاربتهم والاعتداء عليهم وعلى مقدساتهم وهاهم  يدفعون الثمن باهظاً من جرائم الإرهابيين وداعش في مقدمتهم ، والصابئة وقد ترك أكثرهم ارض أجدادهم  وهاجروا جراء التمييز الديني ، يعيد الثقة لأكثرية العراقيين الذي اكتووا ومازالوا يكتوون خلال حوالي (11 ) عاماً بالحكومة العراقية وبمؤسسات الدولة وبخاصة المؤسسات الأمنية وفي مقدمتها الشرطة والجيش ويأملون من الحكومة الحالية التوجه لحل المشاكل العالقة مع حكومة الإقليم على أساس مصلحة الشعب وحل المشاكل الأخرى في قضايا الحريات والمساواة والعدالة والاهتمام بقيمة المواطن مهما كان انتمائه القومي والديني والأيديولوجي واعتباره مواطن عراقي له الحق كل الحق بالمساواة أمام القانون، يعيد الثقة بأن الحكومة ومثلما وعدت على لسان رئيس الوزراء حيدر العبادي باعتبار الفساد وجه آخر للإرهاب لا يختلف عن الإرهاب المعروف الذي دمر العراق.   
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media