" نص" الماءُ يَجري ثكولاً ...
    الأربعاء 22 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 17:10
    خلدون جاويد
    كنتُ على نهر ِدجلة َ
    مستنداً على حافة الجسر
    جسر كما القبر
    الماءُ يجري ثكولاً أمامي
    والضفتان ِ حزينتان
    معلنتان الحدادْ
    أتطلـّعُ والدمعة ُ رقراقة ٌ
    والناسُ من خلفي
    في هَرَج ٍ، في مَرَج ٍ
    لكني لا أسمع لهم دبيبا
    كنتُ في عالمي شارداً في السوادْ
    هذا هو حالي لأيام
    آتي الى الجسر
    وأبكي عندَهُ واُدخّنْ
    وبعد الغروب
    أغادر
    لمأواي
    كسيراً.
    ذات يوم
    مرّ بي غريب
    سألني بفضول
    بعد أن القى التحية
    يامالك الحزين ، مالكَ ؟
    واقفا هنا منذ ايام ؟
    كلما مررتُ بك
    عزّ عليّ منظرُك
    فقلتُ اُحادثـُك
    هلاّ لبّيتَ فضولي
    قلتُ وقد تمنـّعتُ ابتداءاً لكني
    لبّيتُ له ما أراد
    في 63 من القرن الماضي
    قتلوا بهجة َعيني الوالد
    في زمن محمد عارف
    شنقوا لي الأخ الأكبر
    في زمن الهداميين
    قضى تحت التعذيبِ
    أخي الأصغر .
    في 2003
    اُمّي مِنْ كمَدٍ
    ماتت بالسكتة أيام دخول الأمريكي
    أعمامي أخذوهم بالجملة
    هم وعوائلهم
    ماعادوا للآن 
    واليوم إذا دخل "الشيعة ُ"
    قتلوا بالكاتم أهلي
    واذا دخلَ "السُنـّةْ ُ"
    قتلوا أيضاً أهلي
    أخي الجندي يقتل في حربه
    ضدّ الداعش
    الداعش صفىّ أبناء الأخوال
    وباعَ النسوة
    لم يبق لي أحدٌ إلاّي
    وتراني أبكي
    أشكو للنهر عذابي
    ويشكوني النهر
    لكثرة ماتـُلقى فيه من جثثٍ .
    آوي الى بيتي .
    - هل تقتلني؟
    أبحثُ عمّن يقتلني
    تأملْ في وجهي قال أسيفاً
     "القتل ليس مهنتي"*
    لكنْ دعني أبحث لك عن قاتل
    سأمضي كي أبحث
    أنت جديرٌ أن تـُقتـَلْ
    مِن الرحمةِ والرأفةِ أنْ تـُقتلْ
    لأنك لا تقوى أنْ تفعلْ
     ومضى الرجل الغريب
    ولا زلت أنتظر
    أقف في مكاني
    أمامي ضفتانْ
    مِن النخل ِ الهالك
    نخل مغمور في الماءِ وعطشانْ 
    لم أزلْ أنتظرْ 
    عسى القاتِل يأتي
    هل مِن قاتِل ؟
    كي يهوي على الأعجف مني
    والأرمل ِوالثاكلْ
    "ياربي اجعلني فريسة الأسد
    من قبل أنْ
    تجعل الأرنب فريستي "*
    وأقول أنا :
    لاداع ٍ لإسودٍ وأرانب
    لأنني فريستي
    وإنني
    مُفترِسي .
     
    *******
    * للشاعر محمد الماغوط " الفرح ليس مهنتي "
    * للشاعر جبران خليل جبران .
    21/10/2014
                                                         

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media