رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ـ السوري: الأكراد قرروا أن يتوقفوا عن كونهم جنودا لآخرين
    صالح مسلم دعا المعارضة السورية للخروج من تحت «الحكم التركي»
    الجمعة 24 أكتوبر / تشرين الأول 2014 - 04:29
    رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم
    بيروت: ثائر عباس «الشرق الأوسط» - دعا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم، تركيا، إلى التخلص من «الفوبيا الكردية»، إذا ما أرادت أن تعيش بسلام مع جيرانها الأكراد والعرب. وأكد مسلم في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الأكراد تخلوا عن فكرة الدولة الكردية، وأنهم يريدون نموذجا مشابها للنموذج الألماني، في التعامل مع أوروبا، حيث لا تتغير الحدود المرسومة، لكن مع المحافظة على الروابط القومية، مشددا على أن «الأكراد كانوا تاريخيا جنود الآخرين.. واليوم قرروا أن يتوقفوا عن ذلك».
    وهاجم مسلم القيادة التركية التي اجتمع معه رئيسها رجب طيب إردوغان ليصفه في اليوم التالي بأنه «إرهابي»، منتقدا الازدواجية التركية في التعامل، ورأى أن الأتراك يقولون شيئا ويفعلون عكسه، ملمحا إلى استمرار الدعم التركي لـ«داعش» مباشرة، أو بغض الطرف عن استمرار الإمداد للتنظيم من الأراضي التركية. وطالب مسلم المعارضة السورية بالخروج من الحكم التركي، ودعا فصائلها إلى الانتقال للمناطق الكردية لممارسة عملهم بدلا من إسطنبول، مؤكدا الترحيب بأي طرف علماني، ومشددا على أن النموذج الذي رسمه الأكراد في مناطقهم يصلح لأن تكون عليه صورة سوريا المستقبلية.
    وفيما يأتي نص الحوار:

    * كيف هو الوضع في كوباني؟
    - لا تغيير، فالوضع يراوح مكانه، حيث إن المدينة محاصَرة، وتقاوم الهجمات التي يستمر «داعش» في تنفيذها من الجهات الـ3، وسط عمليات كر وفر. هم دخلوا من الجهة الشرقية إلى حارة من حارات المدينة، كذلك من الجهة الجنوبية، ويجري التصدي لهم، لكن إمداداتهم متواصلة، وتستمر بالوصول إلى محيط المدينة، وآخرها، أمس، حيث فجر الشباب (المقاتلون الأكراد) إحداها (شاحنة)، وقتلوا سائق الثانية.
    * وما أفق هذه المعركة؟
    - استنزاف من قبل الطرفين، إلا إذا تغير شيء في الوضع القائم، حيث إنه ورد إلينا أخيرا معلومات عن عزمهم استعمال الأسلحة الكيماوية، عبر مدفعية «المورتر». وفي المقابل، إذا وصلت إلينا أسلحة نوعية نستطيع من خلالها ضرب الدبابات والمدرعات التي يستعملونها، قد نستطيع إحداث تغيير نوعي في أرض المعركة.
    * يحاصرونكم بالدبابات؟
    - نعم، لديهم دبابات ومدرعات استولوا على بعضها من الجيش النظامي (السوري)، وحصلوا على بعضها الآخر بطرق ملتوية.
    * كم عددها؟
    - لدينا معلومات موثقة عن وجود 40 دبابة في محيط المدينة وعدد غير محدد من عربات «الهامفي» أميركية الصنع.
    * ماذا قصدت بقولك إنهم حصلوا عليها بطرق ملتوية؟
    - لا أعتقد أن 2000 مقاتل يستطيعون أن يستولوا على 6 فرق (عراقية) بكل مدرعاتها وأسلحتها.
    * من تتهم؟
    - لا أريد أن أتهم أحدا، لكنني فقط أشير إلى الوقائع.
    * ألم تغير المساعدات التي حصلتم عليها من الجو، وغارات التحالف، من موازين القوى؟
    - لم تكن كافية لتغيير موازين القوى، لكنها لو استمرت لأمكن لها أن تحقق تغييرا. الغارات حتى اليوم محدودة. هم يستهدفون بعض الدبابات وعربات النقل، في مخطط مزاجي. و«داعش» أصبح لديه تكتيكات لإخفاء الأسلحة وتجنيبها الضربات. وعموما، فإن العنصر الحاسم هو العنصر الموجود على الأرض.
    * ماذا عن الدور التركي؟
    - لا يزال الدور التركي غامضا؛ يقولون الشيء ويفعلون عكسه، فالدلائل تقول إنهم مستمرون بدعم «داعش» وتقديم التسهيلات، عبر غض النظر عن هذه الإمدادات، إن لم نقل إنها تتم عمدا. وأمس (أول من أمس) أفدنا بأن 120 مقاتلا من التنظيم دخلوا إلى تل أبيض من سوريا، ويجري نقلهم إلى محيط كوباني.
    * هل الحدود التركية مفتوحة لكم أيضا؟
    - هناك مضايقات شديدة لعبور المدنيين.
    * ماذا عن العسكر، قيل إن البيشمركة قادمون عبر الأراضي التركية؟
    - لم يصل أحد بعد. فهذا الموضوع لا يزال قيد النقاش حول حجمها. الأتراك يحاولون جعل الموضوع مادة ابتزاز لنا. عموما، الموضوع لا يزال قيد البحث من الناحية التقنية.
    * أين المشكلة؟
    - في عددهم، وهذا أمر لا يزال موضع نقاش مع الإخوة في كردستان العراق. وهناك نوعية محددة من الأسلحة والعتاد لاستعمالها في بعض المجالات.
    * بإدارة مَن سيقاتلون في كوباني؟
    - حسبما فهمت، ستكون هناك قيادة مشتركة، وستأتي فرق إسناد من البيشمركة، وليس فرقا كاملة. والموجودون على الأرض هم من سيدير الأمور في نهاية المطاف.
    * لقد خضتَ شخصيا نقاشات مع الأتراك، وذهبت أكثر من مرة إلى أنقرة.. فماذا كانت النتيجة؟
    - لمست سياستهم التقليدية، فهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر. ونحن نتعامل مع هذه الحقيقة لأننا نعرفهم جيدا. طمأنّاهم عشرات المرات بأننا نفكر بوضعنا الداخلي، ولن نشكل أي تهديد لهم، لكن هذا الكلام كله لا يفيد، فهم يفعلون ما هم مقتنعون به.
    * هم يقولون إنكم جزء من تنظيم «حزب العمال الكردستاني» الذي يصنفونه «إرهابيا»؟
    - قلنا لهم إننا حالة منفصلة، لكنهم منفصمون، خاصة رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان الذي استقبلني شخصيا في منزله، ثم في اليوم التالي يتهمني بأنني إرهابي، وهذا يدل على تخبط سياساتهم. لقد أكدنا لهم مئات المرات أننا لن نشكل خطرا على تركيا، وأننا فقط ندافع عن أنفسنا. ومنذ بداية الثورة في سوريا، نحن ندافع عن أنفسنا فقط، وأتحدى أي شخص أن يثبت أننا تعرضنا لأحد في غير موقع الدفاع، ولو بطلقة واحدة، أو أننا حاولنا تخطي الحدود (التركية).
    لقد قلنا لهم إن علاقاتنا الأخوية قد تصبح معها الحدود حدود محبة وأخوة. نحن جزء من أكراد سوريا، لكنهم يلصقوننا بالنظام (السوري) الذي حاربناه منذ عام 2004. أما علاقاتنا مع الأحزاب الكردية الأخرى، ومن ضمنها «ب.ك.ك» (الكردستاني)، فهي موجودة، لكن هذا لا يعني أننا لسنا حزبا سوريا، ومن يتعامل معنا فعليه أن يتعامل معنا على هذا الأساس، وهو ما قلناه للجميع، ولم نكذب على أحد يوما.
    * هل يقاتل تنظيم الـ«ب.ك.ك» معكم في كوباني وغيرها؟
    - كلا، هناك عناصر من كل الأحزاب. وبالأمس، استشهد رفيق من شرق كردستان، وكذلك من السليمانية. الكردي أينما كان يشعر بواجب الدفاع معنا، بحكم وجود قرابة بين العائلات الكردية تتخطى الحدود المتعارف عليها. من الطبيعي أن يأتي أناس لمساعدتنا، ونحن لا نسألهم لأي تيار أو حزب ينتمون. كل من يريد أن يدافع معنا نرحب به.
    * يقاتلون تحت رايتكم؟
    - نعم. وحدات الحماية الشعبية فيها اليوم مَن ليسوا من الأكراد. فيها سريان يقاتلون معنا، وإخوة عرب يدافعون معنا عن المدن.
    * ألا تطمحون في كيان كردي مستقل؟
    - تقليديا، الناس تحلم بذلك. لكن الآن موازين القوى تغيرت. والأتراك إذا أرادوا أن يعيشوا بسعادة واطمئنان في محيطهم وفي الشرق الأوسط عموما، فعليهم أن يتخلصوا من «الفوبيا» الكردية. والأمر لا يقتصر على الأكراد، فهم يتخوفون من كل شيء غير تركي. نحن نقول لهم: الأكراد إخوتكم، والعرب كذلك. والكردي المقموع أمر لم يعد ممكنا. هم اعترضوا على أكراد الداخل (التركي)، ورأينا ما حصل بسبب هذا الموقف. ونحن نقول لهم أن يتعاملوا مع الأكراد في تركيا بطريقتهم الخاصة، لكن معنا يجب أن يتعاملوا بطريقة مختلفة.
    * ماذا قصدت بتغيير الموازين؟
    - نحن الأكراد نطمح اليوم في الوضع الألماني ضمن الاتحاد الأوروبي. وهذا الوضع يمكن أن يكون نموذجا جيدا بالنسبة للأكراد، من دون تغيير في الحدود.
    * ماذا عن علاقتكم بالنظام؟
    - مع الأسف، لا يوجد أي اتصال. هناك أكاذيب؛ وزير (الإعلام السوري) يقول إن النظام يرسل إلينا المساعدات، لكن هذا لا يحصل. نحن نتمنى لو يرسل إلينا النظام مساعدات، فنحن نشحد السلاح والمساعدات. أما فيما يخص العلاقات، فهي غير موجودة إطلاقا، لأنه منذ عام 2004 ونحن في حال مواجهة مع هذا النظام، وهذا يعود إلى ما قبل الثورة السورية بكثير. هناك شائعات ودعايات عن وجود تعاون مع النظام، وهذا أمر مدروس ومقصود من قبل بعض الأطراف التي تريد أن تشوه حراكنا. وهذا أمر تعامل معنا الائتلاف (السوري المعارض) على أساسه، وهو ما أضر كثيرا بالائتلاف.
    * لكن النظام انسحب من مناطقكم من دون معارك، فكيف تفسرون ذلك؟
    - الأمر غير صحيح وغير وارد. النظام حاول خلال الانتخابات الرئاسية وضع صناديق اقتراع في مناطقنا، ولم ينجح، رغم أن الأمر كان مسألة حيوية ومصيرية له. مقاومتنا أخرجت النظام من مناطقنا. النظام انسحب من المناطق الساخنة، وأي عاقل كان ليفعل ذلك. فهو لم يكن يريد أن يفتح جبهة ثانية مع الأكراد، وهو يعرف تماما مدى شراستهم في الدفاع عن أنفسهم، ومدى توحدهم. الأكراد كانوا لزمن طويل، وعبر التاريخ، جنودا للآخرين، وفي القرن الـ21 قررنا أن لا نكون جنود أحد إلا أنفسنا.
    * ما طموحكم في سوريا؟
    - ما نسعى إليه هو سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية. وما أسسناه في مناطقنا خلال السنوات الماضية جزء من سوريا المستقبل، ويمكن الاقتداء به في كل المناطق. وهذا لا بد أن يكون شكل الحل النهائي في سوريا، ونحن مستعدون لأي تعاون. أما أن يأتينا من يضع نفسه ضمن تيار سلفي جهادي، ومن يريد أن يعيد عصر الفتوحات، فهذا ما لن نقبل به.
    * كيف هي علاقتكم مع المعارضة السورية؟
    - هناك تواصل كبير، خاصة على أرض الواقع. هناك فصائل من الجيش الحر تتعاون معنا في كوباني وغيرها. ونحن نرحب بأي تعاون، وبأي شيء علماني. لكن مع الأسف فإن المعارضة السورية يجب أن تخرج في البداية من الحكم التركي، ونحن نرحب بها في مناطقنا. فيمكنهم أن يجتمعوا في المناطق الكردية بدلا من أن يجتمعوا في إسطنبول.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media