تحالف الفساد والإرهاب (في الذكرى الثالثة لتفجير مكتب النزاهة)
    الأثنين 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 11:37
    علي محمد البهادلي
    لكل منظمة، سواء كانت سياسية أو مجتمعي مدني أو منظمة عسكرية ، من تمويل مالي يدعم تشكيلاتها ويكون بمثابة الشريان الأبهر في تسسير حياتها وبقائها، فمثلاً الأحزاب السياسية التي  تعمل داخل العراق لديها مكاتب وهذه المكاتب عبارة عن عقارات اشترتها هذه الأحزاب أو أجَّرتها وفي الوقت نفسه لديها إذاعة وفضائية ووسيلة إعلام مقروءة (جريدة أو  مجلة) وهذه الوسائل الإعلامية تتطلب ملاكات بشرية تديرها  وأجهزة ومعدات اتصال وبث حديثة..... وكل هذه الأمور لا تسير وفق ما يريد الحزب إلا بتوفير الاموال  اللازمة لديمومة الحياة فيها، فبالنسبة للأحزاب  المتسيدة  للمشهد السياسي العراقي ربما لا يكلفها ذلك كثيراً، إذ إن بعض أعضائها أصبحوا في السلطتين التشريعية والتنفيذية وبعض منهم مدراء عامين أو أعضاء مجالس محافظات؛ مما يوفر للحزب مصادر مهمة من المال الذي يحرك به عجلة حياته، لكن الأحزاب الصغيرة  لا تمتلك ذلك الرصيد من التمثيل وبالتالي يثار دائماً الإستفهام عن مصادر تمويلها، وتتوزع الاتهامات بين من يقول إن تمويلها من الخارج  وآخر يقول من الفساد الإداري والمالي، لكن  أكثر الجهات شبهة في هذا المجال هي الجماعات الإرهابية، فمن أين  تحصل هذه الجماعات على ميزانيات عسكرية ربما تفوق دولتين من دول الخليج العربي؟؟ لم تعد صعبة  الإجابة عن هذا السؤال ؛ إذ إن الزمن كان كفيلاً بفضح الحقيقة عندما احتل داعش الموصل وبقية المناطق التي تحت سيطرته ورأينا سرقته المال العام وفرضه الأتاوات وتهريبه للنفط، وبالتالي يشتري المعدات والأسلحة والعجلات الحديثة، ويرشي الشركات في شرق الأرض وغربها؛ من أجل تهريب ما يريد تهريبه حتى جواً.
    مما سبق لا نستغرب إذا قلنا أن الفاسدين والإرهابيين، إن لم يكونوا جهة واحدة، فإنهم قد اتحدوا في صد الجهود التي تبذلها الجهات الرقابية من أجل محاربة الفساد، وكان أمثل حل لهم بعد تهديدهم تلك الجهات هو تفجير مكاتبها، وأوضح مصداق لذلك تفجير مكتب تحقيقات الرصافة التابع لهيئة النزاهة -  تحقيق بغداد، حتى راح ضحية هذا التفجير قرابة ثلاثين شهيداً وبعض الجرحى، وهو ما يجعلنا نطالب كل الخيرين في هذه الأرض المباركة إلى أن يهبوا بحشد شعبي تعبوي ضد كل مظاهر الفساد الإداري والمالي؛  وان لا تأخذهم في الفاسدين لومة لائم، فعملنا ضد هؤلاء هو نفسه الذي يقوم به أبناء الحشد الشعبي ضد الإرهابيين، والفرق هو أن قتال الإرهابين بالبندقية وقتال الفاسدين هو تتبعهم وفضحهم والإبلاغ عن جرائمهم حتى يأخذوا جزائهم العادل, والأمر الآخر الذي نود الاستفهام عنه، هو متى تعلن الأجهزة الأمنية والمسؤولون في القضاء العراقي عن الجهة التي تورطت في هذا التفجير الوحشي، فلعل ذلك، أي الكشف عن الجناة، أن يخفف من ألم الفاجعة التي حلت بذوي الشهداء وأحبائهم، وسيكون  نذيراً لكل الفاسدين القتلة، كما قال تعالى:( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ  ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ).

    علي محمد البهادلي
    ali_albahadli2003@yahoo.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media