التغلب على طباع المشاغبة والمخاصمة !!
    الخميس 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 10:01
    سيد صباح بهبهاني
    المقدمة|

    كلمات الله التامات تناغي القلوب وتتحاور مع العقول ، وتَصْرَعُ الخبائث وتنقي الأفئدة ،وترفع الإنسانية ،وتفرض المثل، وتنتصر للفطرة السليمة ، ولهذا فإن لسماع آيات الله جلت قدرته تتلى على مسامع المؤمنين من المهاجرين والأنصار ليل نهار وقع الزلزال الحميدي الذي تتفاعل معها كياناتهم وفطرتهم السوية وعقولهم المتبصرة ،فتربيهم تربية دينية أخلاقية سامية ،وتغرس مثل عليا وقيم راسخة شامخة باقية ما بقي الليل والنهار ،يذكر الله سبحانه في محكم كتابه :” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ".( الحجرات -١٢)،وقال سبحانه :” يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ، وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”. (لقمان -من ١٧- إلى ١٩ )، وقال العلي الأعلى :” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”.( آل عمران – ١٠٣)، وتغرس ركائز إجتماعية إنسانية علمية وعملية ذات مرونة ونسيج يحاكي الفطرة السوية ويتماهى معها ويهيمن عليها في أداء توافقي مع الذات والمجتمع مباشرة تصب في خدمة الإنسانية جمعاء ،ألم يقل الله تعالى :” كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ".( البقرة -من-١٥١-إلى-١٥٣)،كما قال الحق :” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ".( الروم -٢١)،كما قال تعالى :” وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ".( العنكبوت-٨ )، يقول القادر المقتدر :” قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ".( التوبة-٢٤ ).. وقال العالم المدبر :”يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ".( الحجرات -١٣)،وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ” تعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص”،كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنه كلام الرحمن، وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان ،،

    وخطب رسولية تجتث من صدورهم أدران عهد الجاهلية البائد والجدد من  حكام بعض المشايخ وملوكها المزعومين وأن الله وعد بهلاك كل ملك  وفي دعاء الافتتاح  يذكر : [الحمدُ للهِ الذي يُؤمنُ الخائفين، ويُنَجِّي الصالِحين، ويَرْفَعُ المُستَضعَفِين، ويَضَعُ المُستُكُبرين، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرين، والحمدُ للهِ قاصِم الجَبارين، مُبِيِر الظالمِيِن، مُدرِكِ الهاربِيِن، نكالِ الظالِميِن، صَرِيِخ المُسْتَصْرِخِين، مَوْضِعِ حاجاتِ الطالِبِين، مُعْتَمَدِ المؤمِنين، اَلحَمْدُ للهِ الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعمارها، وتموج البِحارُ، وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها..وأحقاب صنمية بئيسة ،وتؤسس لمضامين ملكوتية ربانية مغيرة كياناتهم إلى نقيض ما درجوا عليه !ومَاحِيَةً الكثير من الترهات والسفاسف التي تبنوها سابقاً متدحرجين بعد لفظها إلى معادن الحقائق، وكانت خطب وفواعل الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله) صمام أمان لضمان درء الفتن داخلية كانت أم خارجية عن المسلمين عامة ، والخطر المحدق بهم عظيم ويتعاظم ما دام من قاطني المدينة مَنْ لا زال الكفر سيده والنفاق رايته والتظاهر بخلاف ما يبطن عماده- ،فقد أكد علام الغيوب عداوة متأصلة في عصابة خفية مؤامراتهم على البسطاء من العامة! ذات أصابع وهيمنة شيطانية تظهر خلاف ما تبطن، وتحمل على ظهورهاأحقاداً وأضغان بحجم الجبال ضد الحق وأتباعه، يود أولئك سحق الدين وأتباعه، ولولا أن اليد العليا للدين وأتباعه مما يلجم أحلام يقظتهم لكان للحديث شأن آخر! غير أن سعيهم حثيث متواصل لهدم أركان الدين في سرية وكتمان مطلقين ،وينتظرون ساعة الصفر غنيمة لتنفيذ مخططهم ! وإلى أن تحين يتلبسون لبوس الدين ويتلونون بألبسة التقوى في مجالس التقوى والتي يحذرون فيها إذاعة عوراتهم الفاسقة الفاجرة وإسقاطها على مرأى ومسمع الناس ، في حين يتبارون في الكشف عن أقنعتهم الزائفة البغيضة في جحورهم ومجالسهم مجالس الكفر والنفاق! يحذر المولى منهم وينبه الأمة قبل الرسول (صلى الله عليه وآله ) بعظيم خطرهم فيقول سبحانه :” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ ".( الأنعام -١١٢ )...ونعم ما قيل :

    كل العلوم سوى القرآن مشغلة * إلا الحديث وعلم الفقه في الدين

    العلم ما كان فيه قال حدثنا * وما سوى ذاك وسواس الشياطين .

    بسم الله الرحمن الرحيم

    {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً}

    ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) سورة الحج / 30 .

     والصلاة والسلام على سيدّنا محمد المبعوث رحمة للعالمين القائل: (...وإنَّ الله إِنَّما بَعَثَنِي أَدْعُوا إلى سَبِيْلِهِ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، فَمَنْ خَلَفَنِي في ذَلِكَ فهُوَ وَلِي،...)؛ وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

    "قال تعالى جلّ ذكره

    {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.

    (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير  ( 39 ) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز  ( 40 )

    قال تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض  ) أي : لولا أنه يدفع عن قوم بقوم ، ويكشف شر أناس عن غيرهم ، بما يخلقه ويقدره من الأسباب ، لفسدت الأرض ، وأهلك القوي الضعيف . ويا للعجب اليوم نرى هؤلاء الإرهابيين يهدمون بيوت الله لتي يذكر فيها أسم الله في جميع الأديان السماوية لقوله تعالى :

    (لهدمت صوامع  ) وهي المعابد الصغار للرهبان ، قاله ابن عباس ،  وأبن عمر :  هي معابد الصابئين   . وفي رواية عنه : صوامع المجوس .

     وقال مقاتل بن حيان   : هي البيوت التي على الطرق .

    (وبيع ) : وهي أوسع منها ، وأكثر عابدين فيها . وهي للنصارى  أيضا . قاله أبو العالية ،،  والضحاك ،   وأبن حيان ،   وخصيف ،  وغيرهم من الصحابة الأولين

    وحكى  ابن جبير  وغيره : أنها كنائس اليهود   . وحكى  السدي ،  عمن حدثه ، عن ابن عباس   : أنها كنائس اليهود ،  ومجاهد  إنما قال : هي الكنائس ، والله أعلم .

    وقوله : ( وصلوات ) : قال العوفي ،  عن ابن عباس   : الصلوات : الكنائس . وكذا قال عكرمة ،  والضحاك ،  وقتادة   : إنها كنائس اليهود وهم يسمونها صلوتا ...

    وحكى  السدي ،  عمن حدثه ، عن ابن عباس   : أنها كنائس النصارى  [ ص :436 ]

    الصلوات : معابد الصابئين

    وقال ابن أبي نجيح : الصلوات : مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق . وأما المساجد فهي للمسلمين .

    وقوله : ( يذكر فيها اسم الله كثيرا  ) فقد قيل : الضمير في قوله : ( يذكر فيها ) عائد إلى المساجد; لأنها أقرب المذكورات .

    وهنا نعرف بأن الجميع يذكر فيها اسم الله كثيرا ..فكيف يهدمون الإرهابيين داعش المتسمية باسم الإسلام والإسلام منهم برئ كيف يهدموا هذه الكنائس والمعابد والمساجد؟! وبأي أذن وبأبي فتاوى محزنة للعلماء السوء المشتركين في الجرائم ومنهم الشيخ والسيد ومن يدعي بسبه لرسول الله هم اشو سوء وأن التفاخر بالنسب والأنساب يعيدنا لعصر الجاهلية ..ولنرى كيف كان معاملة يزيد الملعون ... إلا أن يكون فاقد عقله خاسر دينه ومأواه أولاً وأخيراً جنهم خالداً فيها كما هو الحال بالنسبة لكم ؟! فربكم الملعون المطرود - منذ خلافة آدم ( عليه السلام ) للأرض – من رحمة خالق السموات والأرض لا يليق إلا بأمثالكم من شياطين الإنس والجان ، وما دعواكم بتنصيبكم سدنة الدين وقوامه إلا أضحوكة لا تنطلي على الطفل الرضيع!! فكيف الحال بالمكلف المؤمن بربه ؟! وما حسابكم للآخرين في الدنيا إلا حسابكم في الآخرة وتموضعكم في نار جهنم ؟! وما ضرباتكم بيد من حديد للمظلومين والمستضعفين والمتمسكين بدينهم إلا ضربات وقبضات الملائكة الغلاظ -الذين لا يعصون لله أمراً – تنهال عليكم يوم الدين؟! وما ذبحكم البشرية على الهوية والمذهبية إلا محض اختياركم لميتتكم وقصاصكم والتنكيل بكم في لحظات الحق في قعور سقر، وما استباحتكم المحرمة من الدماء والأعراض وقنوات زكواتكم إلى جبتكم بنوكاً مسروقة ودوراً مدكوكة بعد سلبها ونهبها وإفراغها من الذهب الرنان والأموال النفيسة إلا ظروفاً مشددة وأكياساً محزومة تكوى بها جباهكم ،وفنوناً من العذاب لو اطلعتم عليها ما فعلتم مما جنت أيديكم وجوارحكم منها شيئاً ولنظمتم إلى قوافل المستضعفين، وكنتم بما يفعل بكم أسعد، ولكن هيهات لمن باع ربه ودينه أن يطلع اليوم على عين الحقيقة !!فاسعوا سعيكم فما أقول لكم إلا قول سيدة الهاشمين زينب ( عليها السلام ) ليزيد مورثكم ميراثه الحنظل النتن :”أظننتَ يا يزيدُ أنّك حين أخذتَ علينا أقطارَ الأرض ، وضَيّقتَ علينا آفاقَ السماء ، فأصبَحنا لك في إسارِ الذلّ .. أنّ بنا من اللهِ هَواناً وعليكَ منه كرامةً وامتناناً ، وأنّ ذلك لِعِظَم خَطرِك وجلالةِ قَدْرك ، فشَمَختَ بأنفِك ، ونَظَرت في عِطفِك! … فمَهْلاً مَهلاً ، لا تَطِش جَهلاً !

    أنَسِيتَ قولَ الله عزّ وجلّ : ” وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ” ؟ !!

    أمِنَ العدل ـ يا ابنَ الطُلقاء ـ تَخديرُكَ حرائرَكَ وإماءَكَ ، وسَوقُكَ بناتِ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله ، يَحدوا بهنّ الأعداءُ من بلدٍ إلى بلد ، ويَستَشرِفُهنَّ أهلُ المَناقِل ، ويُبرَزنَ لأهل المَناهِل ، ويَتَصفّحُ وُجوهَهُنَّ القريبُ والبعيد … عُتُوّاً منك على الله وجُحوداً لرسولِ الله صلّى الله عليه وآله ، ودَفعاً لِما جاء به من عند الله ..

    لَعَمري لقد نَكأتَ القَرحةَ ، واستأصلتَ الشَأْفة ، بإراقتكَ دمَ سيّدِ شبابِ أهل الجنّة ، وابنِ يَعسوبِ العرب ، وشمسِ آل أبي طالب ، وهَتَفْتَ بأشياخِك ، وتَقَرّبتَ بدمهِ إلى الكفَرة من أسلافِكَ . . . وما فَرَيْتَ إلاّ جِلدَك ، وما جَزَزْتَ إلاّ لحمَك ، وَسَتَرِدُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله بما تحمَّلتَ مِن دم ذُرّيّتِه ، وانتهكتَ من حُرمتِه ، وسَفَكتَ من دماء عِترته ولُحمته . . . فلا يَستفزّنّكَ الفرحُ بقتلِهم ، "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ "، وحَسْبُك بالله وليّاً وحاكماً ، وبرسولِ الله صلّى الله عليه وآله خَصيماً ، وبجبرئيل ظهيراً .

    ولئن جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّواهي مُخاطبتَك ، إنّي لأستصغِرُ قَدْرَكَ ، وأستَعظِمُ تَقريَعكَ ، وأستَكِبرُ تَوبيخَك ، لكنّ العيونَ عَبرى ، والصدور حَرّى … فكِدْ كَيْدكَ واسْعَ سَعْيَكَ وناصِبْ جُهْدَكَ ، فواللهِ لا تَمحْو ذِكرَنا ، ولا تُميتُ وَحيَنا ، ولا تُدرِكُ أمَدَنا ، ولا تُرحِضُ عنك عارَها ؛ وهل رَأيُك إلاّ فَنَد ، وأيّامُك إلاّ عَدَد ، وجَمْعُك إلاّ بَدَد ، يومَ يُنادي المنادِ : أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ،،.

    وقال ابن جرير   : الصواب : لهدمت صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات اليهود ، وهي كنائسهم ، ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا; لأن هذا هو المستعمل المعروف في كلام العرب .

    وقال بعض العلماء : هذا ترق من الأقل إلى الأكثر إلى أن ينتهي إلى المساجد ، وهي أكثر عمارا وأكثر عبادا ، وهم ذوو القصد الصحيح .

    وقوله : ( ولينصرن الله من ينصره  ) كقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم . والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم  ) [ محمد : 7 ,8 ]   ..

    اعلم أنه تعالى لما أمر محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بإتباع إبراهيم عليه السلام، بين الشيء الذي أمره بمتابعته فيه، فقال: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة}.

    أن الله تعالى أمر رسوله أن يدعو الناس بأحد هذه الطرق الثلاثة وهي الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالطريق الأحسن، وقد ذكر الله تعالى هذا الجدل في آية أخرى فقال: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} (العنكبوت: 46) ولما ذكر الله تعالى هذه الطرق الثلاثة وعطف بعضها على بعض، وجب أن تكون طرقاً متغايرة متباينة، وما رأيت للمفسرين فيه كلاماً ملخصاً مضبوطاً.

    واعلم أن الدعوة إلى المذهب والمقالة لا بد وأن تكون مبنية على حجة وبينة، والمقصود من ذكر الحجة، إما تقرير ذلك المذهب وذلك الاعتقاد في قلوب المستمعين، وإما أن يكون المقصود إلزام الخصم وإفحامه .

    أما القسم الأول: فينقسم أيضاً إلى قسمين: لأن الحجة إما أن تكون حجة حقيقية يقينية قطعية مبرأة عن احتمال النقيض، وإما أن لا تكون كذلك، بل تكون حجة تفيد الظن الظاهر والإقناع الكامل، فظهر بهذا التقسيم انحصار الحجج في هذه الأقسام الثلاثة .

    أولها: الحجة القطعية المفيدة للعقائد اليقينية، وذلك هو المسمى بالحكمة، وهذه أشرف الدرجات وأعلى المقامات، وهي التي قال الله في صفتها: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} (البقرة: 269). وثانيها: الإمارات الظنية والدلائل الإقناعية / وهي الموعظة الحسنة. وثالثها: الدلائل التي يكون المقصود من ذكرها إلزام الخصوم وإفحامهم، وذلك هو الجدل، ثم هذا الجدل على قسمين :

    القسم الأول: أن يكون دليلاً مركباً من مقدمات مسلمة في المشهور عند الجمهور، أو من مقدمات مسلمة عند ذلك القائل، وهذا الجدل هو الجدل الواقع على الوجه الأحسن .

    القسم الثاني: أن يكون ذلك الدليل مركباً من مقدمات باطلة فاسدة إلا أن قائلها يحاول ترويجها على المستمعين بالسفاهة والشغب، والحيل الباطلة، والطرق الفاسدة، وهذا القسم لا يليق بأهل الفضل إنما اللائق بهم هو القسم الأول، وذلك هو المراد بقوله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} فثبت بما ذكرنا انحصار الدلائل والحجج في هذه الأقسام الثلاثة المذكورة في هذه الآية .

    إذا عرفت هذا فنقول: أهل العلم ثلاث طوائف: الكاملون الطالبون للمعارف الحقيقية والعلوم اليقينية، والمكالمة مع هؤلاء لا تمكن إلا بالدلائل القطعية اليقينية وهي الحكمة،

    والقسم الثاني الذي تغلب على طباعهم المشاغبة والمخاصمة لا طلب المعرفة الحقيقية والعلوم اليقينية، والمكالمة اللائقة بهؤلاء المجادلة التي تفيد الإفحام والإلزام، وهذان القسمان هما الطرفان. فالأول: هو طرف الكمال، والثاني: طرف النقصان .

    وأما القسم الثالث: فهو الواسطة، وهم الذين ما بلغوا في الكمال إلى حد الحكماء المحققين، وفي النقصان والرذالة إلى حد المشاغبين المخاصمين، بل هم أقوام بقوا على الفطرة الأصلية والسلامة الخلقية، وما بلغوا إلى درجة الاستعداد لفهم الدلائل اليقينية والمعارف الحكيمة، والمكالمة مع هؤلاء لا تمكن إلا بالموعظة الحسنة، وأدناها المجادلة، وأعلى مراتب الخلائق الحكماء المحققون، وأوسطهم عامة الخلق وهم أرباب السلامة، وفيهم الكثرة والغلبة، وأدنى المراتب الذين جبلوا على طبيعة المنازعة والمخاصمة،

    فقوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة} معناه ادع الأقوياء الكاملين إلى الدين الحق بالحكمة، وهي البراهين القطعية اليقينية وعوام الخلق بالموعظة الحسنة، وهي الدلائل اليقينية الاقتناعية الظنية، والتكلم مع المشاغبين بالجدل على الطريق الأحسن الأكمل.

    ومن لطائف هذه الآية أنه قال: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} فقصر الدعوة على ذكر هذين القسمين لأن الدعوة إذا كانت بالدلائل القطعية فهي الحكمة، وإن كانت بالدلائل الظنية فهي الموعظة الحسنة، أما الجدل فليس من باب الدعوة، بل المقصود منه غرض آخر مغاير/ للدعوة وهو الإلزام والإفحام فهذا السبب لم يقل ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل الأحسن، بل قطع الجدل عن باب الدعوة تنبيهاً على أنه لا يحصل الدعوة، وإنما الغرض منه شيء آخر، والله أعلم .

    أن هذه المباحث تدل على أنه تعالى أدرج في هذه الآية هذه الأسرار العالية الشريفة مع أن أكثر الخلق كانوا غافلين عنها، فظهر أن هذا الكتاب الكريم لا يهتدي إلى ما فيه من الأسرار إلا من كان من خواص أولي الأبصار.

    ثم قال تعالى: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} والمعنى: أنك مكلف بالدعوة إلى الله تعالى بهذه الطرق الثلاثية، فأما حصول الهداية فلا يتعلق بك، فهو تعالى أعلم بالضالين وأعلم بالمهتدين،

    والذي عندي في هذا الباب أن جواهر النفوس البشرية مختلفة بالماهية، فبعضها نفوس مشرقة صافية قليلة التعلق بالجسمانية كثيرة الانجذاب إلى عالم الروحانيات وبعضها مظلمة كدرة قوية التعلق بالجسمانية عديمة الالتفات إلى الروحانيات، ولما كانت هذه الاستعدادات من لوازم جواهرها، لا جرم يمتنع انقلابها وزوالها،

    فلهذا قال تعالى: اشتغل أنت بالدعوة ولا تطمع في حصول الهداية للكل، فإنه تعالى هو العالم بضلال النفوس الضالة الجاهلة وبإشراق النفوس المشرقة الصافية فلكل نفس فطرة مخصوصة وماهية مخصوصة ، كما قال: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} (الروم: 30) والله أعلم ".

    أسأل الله العلي القدير، أن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، الداعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، امتثالا لأمره سبحانه وتعالى، وإقتداء بسيدّنا وحبيبنا وشفيعنا وقدوتنا، إمام المهتدين، صلّى الله عليه وآله وصحبه التابعين وسلّم، والحمد لله رب العالمين.

    ويداً بيد للتعاون والتآخي والحفاظ على دعوة الحبيب بالتي هي أحسن ولحياة حرة كريمة مبنية على العلم والعلوم والتكافئي لبناء الوحدة والأوطان ودعم المهجرين والأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين لنهاية شهر محرم الحرام وقرب شهر صفر المظفر وبدأته وقرب أربعينية الإمام الحسين وأخيه العباس وأولادهم والشهداء من الصحابة عليهم جميعاً سلام الله .. والموالين نعظم الأجر للجميع بمصاب آل رسول الله ونعزي سيدي ومولاي رسول الله وأبنته الزهراء والإمام علي بالمصاب وأهدي للجميع ثواب سورة المباركة الفاتحة مقرونة بالصلوات على محمد وآل محمد ولروح أمي وأبي منها نصيب ويداً بيد للتعاون والتآخي ويداً من حديد لضرب الإرهابيين  من داعش والقاعدة وفلولهم في المنطقة وادعوا للجيش والفصائل المتعاضدة مع الدولة والجيش لنصرة الوطن والله الموفق ولا تنسوا الآية الكريمة لعهد الله للمظلوم ونصرة أولياه لقوله تعالى : (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير  ( 39 ) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز  ( 40 ) .. وأن في معركة الخندق كان المسلمين وهم صيام يحفرون الخدق ويذكرون الله وينشدون كما روي لنا في كتب المسرين الكبار والصحاح كانوا يقولون : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد  ) البروج / 8. ولهذا لما كان المسلمون يرتجزون في بناء الخندق ،  ويقولون :

    لا هم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا     فأنزلن سكينة علينا

    وثبت الأقدام إن لاقينا     إن الألى قد بغوا علينا

    إذا أرادوا فتنة أبينا واليوم نبارك للقوات المسلحة والعشائر والمواطنين للنصر ضد هذه الزمر التكفيرية المسيئة للإسلام والإنسانية وهم حقاً إرهابيين وأن الشعب لهم لبل المرصاد وأن تنصروا الله فلا غالب لكم والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين

     أخوكم المحب
    سيد صباح الموسوي البهبهاني بهبهاني

    behbahani@t-online.de
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media