في يوم المرأة العالمي اهديكم: (مهدا كارتونيا)
    الخميس 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 - 15:56
    علياء الأنصاري
    ناشطة في مجال حقوق المرأة / مدير تنفيذي لمنظمة بنت الرافدين
    اعذروني ان طالعكم وجهي، مرة اخرى في هذه المناسبة العالمية التي يحتفل الناس بها شرقا وغربا منشدين، ومؤتمرين، وعازفين وراقصين ومهللين ومكبرين وكاتبين ومنظرين لكل ما من شأنه ان يتحدث عن المرأة!!
    اعذروني لاني لم أجد غير الكلمات ملجأ أفر منه .. لأصرخ ملأ فمي بحزن أغلق منافذ الامل هذا الصباح بوجه كل منادي بحقوق الانسان، وانا أولهم.
    البارحة، كنا نقيم مهرجان أسميناه (أين حقي)، لنثير الرأي العام من حولنا، عن حقوق المرأة  العراقية التي ضاعت مع توالي الحكومات والاعاصير، وتحديدا ما تعانيه اليوم من نزوح وتشريد وقتل وسبي..
    فاذا بنا اليوم صباحا، نتلقى اتصالا هاتفيا من مدير دائرة الهجرة في بابل، يقول: (هناك طفلة عمرها 4 ايام، ماتت من البرد، هل لكم ان تذهبوا الى اسرتها؟!).
    ذهبنا..
    امّ، وضعت صبيتها في زمن اللامبالاة.. في زمن الخوف.. في زمن غياب الحقوق والضمائر.. لم تجد لها سريرا دافئا او مهدا قديما تضعه فيه، فوضعتها في (كارتون) صغير.. في زاوية لبيت رطب متعفن، ترتعش جدرانه من البرد أم لعلها من الحزن!!
    لم يسعها المهد الكارتوني، سوى اربعة أيام.. هي كل رحلتها في هذه الحياة، ليصبح بعد ذلك لحدها!!
    مهد كارتوني.. في بلد البترول!
    مهد كارتوني.. في بلد رواتب مسؤوليه تعادل ميزانية دول!!
    لحد كارتوني.. في زمن المنظمات الدولية المنادية بحقوق الانسان ومؤتمراتها، وقممها وأموالها وكل بياناتها الاستنكارية وشعاراتها الثورية..
    اضيفوا الى تلك الشعارات، صورة لمهد كارتوني، أصبح في يوم 27 تشرين الثاني لحدا.. فهنيئا لكم ايها المحتلفون بالحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة.. هذه الاضافة المميزة لزمنكم، زمن الفسق والزيف والخبث والخيانة والنفاق.
    البارحة، العالم كله يتحدث عن وفاة (صباح) المغنية التي ناهزت التسعين من عمرها، وفضائيات العالم خصصت من وقتها واموالها الكثير للحديث عنها.
    فمن اليوم سيخصص من وقته وماله، جزءا مقتطعا للحديث عن (المهد او اللحد الكارتوني)، اعذروني لم اعرف بعد اسم تلك المولدة الصغيرة التي وأدت قبل ان ترى الحياة!!
    ايها المنادون بحقوق الانسان، اذهبوا الى مؤتمراتكم.. فبناتنا لهن اللحود، ان لم يكن في الاربع ايام الاولى من عمرهن، فأكيد في الرابعة عشر من عمرهن.
    ايها المسؤولون والحكام في بلدي، هنيئا لكم رواتبكم ومناصبكم وفضائياتكم التي تصرخون بها كل يوما مستعرضين عضلات حناجركم، لتقولوا لنا بانكم مدافعين عن حقوقنا، وانكم صوتنا الصارخ، اذهبوا فما عدنا بحاجة لكم، سنتكفل نحن بمظاهر موتنا كما تكفلنا بمظاهر حياتنا.
    وانت يا صغيرتي الجميلة الهاربة من جحيم البشر الى رحمة الله..
    لماذا لم نعثر عليك يا صغيرتي صباح الامس..
    لعلنا كنا منحناك بطانية صغيرة.. لعلنا استطعنا ان نوفر على امك عناء البكاء والالم ونخفف عنها اوجاع القلب والجسد..
    لماذا لم نتوفق للوصول اليك.. لعلنا نمنحك شيئا من الدفء، شيئا من الحب، شيئا من الرحمة..
    لعلك عندما تلقين الله، تخبريه بان هناك من رحمك!!
    لا تخبريه، رجاء، بان اهل الارض خانوك.. لم يرحموك، لا تخبريه..
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media