فلسفة الحاضر والتحديات... فؤاد الأمير مثالاً
    الأثنين 15 ديسمبر / كانون الأول 2014 - 22:57
    قحطان الملاك
    طوال العقود الخمسة من تاريخ العراق الحديث، ومنذ نشأة الكيان الوطني العراقي في عشرينيات القرن الماضي، بدأنا نلحظ اهتماماً خاصاً وعاماً بدراسة واقع الحال في البلد، ومشاكله الاجتماعية، ورؤى حاله ومستقبله، نقاشات فكرية وغيرها كثير بإمكان المرء استعراضها بشكل واسع للتدليل على سعة البدء في هذه الدراسات، وبالأخص عندما بدأت طلائع البعثات العلمية إلى أوربا وأميركا تعود إلى العراق وهم شباب مشبعون بنظرة مستقبلية لبناء العراق والأمثلة كثيرة لا نريد الاستعادة في ذكرها.
    اهتم العديد من هؤلاء الرجال في دراسة الحياة المشاريع التي كانت الحكومات تحاول أن تنشئها وتطورها من أجل بناء البلد فركزت كل الدراسات بالموضوعية في البحث والنقيب والاستقصاء  فكتب الدكتور أحمد سوسة تعتبر دراسات فريدة في المشاريع التي كانت تنشأ وملاحظتها تاريخياً وآثارها المستقبلية والدكتور جواد علي في مفصله عن العرب قبل الإسلام في عشر مجلدات يعد مرجعاً لا ينافسه أحد في شرحه وفكره عربياً وعالمياً.. وغيرهم كثيرون مبدعون.
    ولقد مرت علينا فترة كساد تعمم منها دراسات غلبت عليها التغطية السياسية للنظام قبل الموضوعية في المشروع مما أثر وظهر واضحاً في هذه الكتب وعدم موضوعيتها نتيجة تأثرها السياسي والنظامي وعندما حدث التغيير مع الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 واجهتنا الصدمات والعثرات التي أصبحت عائقاً ي وجود دراسات موضوعية للوضع الكامن والواقع في البلد، وكذلك المشكلة التي واجهها المثقف و العالم في ظروف الاحتلال والهجمة الطائفية التي سيطرت على المجتمع والتي استهدفت العلماء والأطباء والفكر العراقي بصورة عامة، مما أدى إلى العزوف عن ظهور دراسات جادة وموضوعية تسهم في دراسة واقع حال الاحتلال وتبعاته الاجتماعية والثقافية والعلمية. ومن المؤسف أن ينحسر الفكر الدراسي الرصين إلى أدنى مستوياته نتيجة هذه الكوارث التي خلفها الاحتلال. بحيث لم نجد فيمن يسهم في دراسته ومعالجة الأمور الأساسية التي تواجه البلد والمجتمع ليوضحها بشكل موضوعي رصين ومحايد لكي يسهم في الكشف عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع والبلد والتي تهدد حاضره ومستقبله السياسي والاجتماعي.
    في خضم هذا التآكل الفكري والاجتماعي يظهر لنا رجل يكرس جل جهده من أجل معالجة الأساسيات والتحديات التي تواجه البلد وأهله وما يمكن  أن تؤدي به السياسات العامة المنبثقة من سياسة الاحتلال في فرض مفاهيم وسياسات تهدد الكيان السياسي والاقتصادي الحاضر والمستقبلي للبلد وشعبه.
    لقد بدا الأستاذ فؤاد قاسم الأمير مشواره الكتابي وجهده الفكري وتكريس كل وقته طيلة السنوات العشر الماضية في الدراسة والكشف عن السياسات التي يراد لها أن تشوه وزجه البلد وتؤدي بالنتيجة إلى سلبه ومجتمعه من ثرواته ومقيمه الاجتماعية والاقتصادية فبدأ من أول الطريق... وبفعل وجود هذا الاحتلال الأميركي البغيض في استعراض لكتب الأستاذ فؤاد الأمير العشر التي أصدرها سنجد بأنه درس واستعرض في كل مرحلة من مراحل العراق فيما بعد الاحتلال المشاكل والأمور والتحديات التي تواجه الدولة والبلد في كل جانب من جوانبها الحيوية.
    الكتاب الأول: في كتاب مقالات سياسية واقتصادية في عراق ما بعد الاحتلال، نجده يستعرض استعراضاً واسعاً وشرحاً مفصلاً للكثير من المشاكل والأمور التي بدأت تخرج إلى السطح في المجتمع والدولة، وهو عبارة عن مقالات كان قد نشرها في جريدة الغد التي كانت تصدر في تلك الفترة ويشرف عليها مجموعة من المجتهدين والمثقفين الذين كانوا واضحين في معالم الفكرة والاتجاه في تصديهم للأمور التي يحاول الاحتلال فرضها على العراق ففي استعراض سريع لهذه المقالات التي عالجها نجده يتحدث في ميزانية 2004 وخصخصة الصناعة وهو لا يترك صغيرة أو كبيرة إلا ويناقشها من واقع تخصصه الصناعي والتقني.
    الفساد المالي، ما هو القانون لإدارة العراق، الولايات المتحدة محور الشر، تخاذل الحكومة المعينة أضاع فرصة تاريخية، مشروع الشرق الأوسط الكبير، الفيدرالية وتقسيم العراق ، لا للإرهاب الأميركي، قسم المواطنة  للحصول على الجنسية الأميركية، الجيش العراقي لحماية الوطن وليس لحماية النمل. هذه بعض المقالات التي عالجها في جريدة الغد.
    الكتاب الثاني: (العراق بين مطرقة صدام وسندان الولايات المتحدة) يستعرض في هذا الكتاب استعراضاً واسعاً للعلاقة بين الولايات المتحدة والعراق ودورها في الأحداث التي وقعت في العراق منذ ثورة 14 تموز 1958 وانقلاب 1963 المشؤوم وما تلاه من جرائم بحق الوطنيين والحركة الوطنية في العراق ومن ضمن مواضيع الكتاب: حرب الخراب، حرب الكويت، نتائج حقبة صدام وحرب الكويت، عصر الخراب الاقتصادي، الكذب هو شعار الحرب الأخيرة على العراق، العراق بين مطرقة صدام وسندان الولايات المتحدة.
    الكتاب الثالث: الطاقة، ويعتبر هذا الكتاب مصدراً منهجياً لكل دارس في هذا الموضوع، وكل متخصص يمكن أن يعتبره الكتاب الأول له للدخول لدراسة الموضوع بشكل مفصل، وهذا ليس على صعيد الدارسين في العراق وإنما في العالم أجمع.
    الكتاب الرابع: ثلاثية النفط العراقي: انتهج الأستاذ الأمير في هذا الكتاب تهجاً موضوعياً خالصاً لمعالجة قضايا النفط وقانونه من خلال ثلاث دراسات كتبها عن النفط والغاز، ونشرت الدراسة الأولى منها في 31/1/2007، بعد أن اطلع على مسودة القانون المؤرخة في 15/1/2007، تحت عنوان: (ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز)، أما الدراسة الثانية فنشرت تحت عنوان: (مرة ثانية، ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز في 15/3/2007)، وبعد أن اطلع على مسودة تعديل القانون والمؤرخة في 15/2/2007مع الملاحق الأربعة، ومع مذكرة تفاهم بين الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان في 26/2/2007، أما دراسته الثالثة فجاءت تحمل عنوان: (ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز) وذلك بعد اجتماع مجلس النواب العراقي وعدد من الخبراء في دبي في 8/4/2007.
    ويشير الأستاذ فؤاد الأمير بأن الدراسات الثلاثة تضمنت أموراً كثيرة تتعلق بالساسة النفطية العراقية وكيفية استغلال هذه الثروة، إضافة إلى علاقة مسودة القانون بالدستور العراقي، وتفاصيل عن بعض عقود المشاركة بالإنتاج، والدور المقبل لشركة النفط الوطنية حسب مفهوم مسودة القانون، وكذلك حول أهمية وجود سياسة نفطية مركزية موحدة للسيطرة على الإنتاج والتصدير، إضافة إلى رد فعل حكومة إقليم كردستان لذا فغن هذه الدراسات لا تناقش بنود مسودة القانون فحسب بل تتعداه إلى السياسة النفطية العراقية عامة وما ستسببه من الضرر إلى العراق في حاة تمرير ذلك القانون.
    لذا فإن هذه الدراسات الثلاث قد وضحت بشكل لا يقبل اللبس الفرق بين عقود المشاركة والتي انتهجتها حكومة الإقليم وعقود الخدمة التي تبنتها الحكومة المركزية والأهم مركزية التصدير باعتبار أن الثروات السيادية وبحسب أحكام الدستور هي ملك الشعب العراقي، وعليه يجب أن توزع بصورة عادلة بين كل أبناء الشعب.
    الكتاب الخامس: (حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز): في هذا الكتاب يستخلص الأستاذ فؤاد الأمير كل جهده لشرح وتبيان الرفق بين عقود المشاركة بالإنتاج وعقود الخدمة وأساسيات قانون النفط العراقي والمسؤوليات التي تقع على الإقليم في توقيعه على عقود المشاركة ومحاولته التصدير بصورة مستقلة عن المركز، حيث إن هذا يشكل مخالفة قانونية ودستورية واضحة يحاول مسؤولوا الإقليم بها تحدي الحكومة المركزية والدستور في توقيعهم على مثل هذه العقود.
    ومن الواضح جداً اليوم أن النفط أصبح ومنذ فترة طويلة عصب الحياة الاقتصادية والعكاز الذي تستند عليه الولايات المتحدة في دعم الدولار باعتباره العملة العالمية، ولذلك فإن انفراد حكومة إقليم كردستان بمشاريعها النفطية تكن مخالفة حتى لسياسة الولايات المتحدة.
    الكتاب السادس: (آراء وملاحظات حول الاتفاقية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة) ، وهي دراسة مستفيضة لهذه الاتفاقية المشينة التي أرادت أن تكبل العراق بقيود سياسية أميركية تعيق تقدمه ولا تضمن أمنه واستقراره.
    يقول الأستاذ الأمير فيها: إن الولايات المتحدة والعالم كله كانوا في شهر تشرين الثاني 2008 في أوج الأزمة الاقتصادية التي سببتها الولايات المتحدة وانتشرت في العالم، وفي تلك الفترة طلب العراق من هذه الاتفاقية أن تقوده الولايات المتحدة وتعلمه وتتدخل بسياسته الاقتصادية وعلى الطريقة الأميركية، وكانت الولايات المتحدة في هذا الوقت بالحضيض، وأن اقتصادها كان في أحسن الأحوال تحت المسائلة، وبالطبع كان مرفوضاً من الأغلبية العظمى.
    إن دراسة هذه الاتفاقية بوضوح يظهر مدى فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في اعتمادها على الولايات المتحدة وتكبيل العراق بقيود هو في غنى عنها.
    الكتاب السابع: (الاتفاقية الأولية بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب- آراء وملاحظات): يبين بوضوح في هذا الكتاب أن العراق ليس في حاجة إلى مثل هكذا اتفاقية والتي تم توقيعها قفي 12/8/2008 وستكون ذات ضرر كبير على العراق في حالة استمرارها ويشرح ذلك بكل تفصيل وتركيز.
    الكتاب الثامن: (الموازنة المائية في العراق وأزمة المياه في العالم): طبع هذا الكتاب طبعتين كانت الثانية في (دار ورد) للنشر والتوزيع في الأردن وقد جاء في هذه الدراسة في مقدمتها العلاقة بين الاقتصاد العالمي والعراقي والنماذج الاقتصادية في العالم مع لمحة تاريخية عن ذلك، ثم تناول:
    1-    دراسة الري والزراعة في سبعينيات القرن الماضي.
    2-    الدستور العراقي والمياه.
    3-    مشاريع الري في دول الجوار والمؤثرة في العراق.
    4-    النزاعات العالمية حول المياه.
    5-    خلافات العراق مع جيرانه.
    6-    العراق والقضايا العالمية المستجدة في المياه والزراعة.
    7-    التغير المناخي والتغيرات في انماط حقول الأمطار.
    8-    تقنيات جديدة متعلقة بالمياه.
    9-    زيادة الغلة الزراعية.
    إضافة إلى التوسع في المشاريع الإروائية الواجب تطبيقها في أنحاء متعددة من العراق من أجل إيقاف الهدر المائي.
    الكتاب التاسع: (الجديد في القضية النفطية العراقية): نجد في هذا الكتاب معالجة جادة لكل المستجدات في القضية النفطية والاتفاقيات الخاصة بها، إذ يقول الأستاذ فؤاد الأمير في مقدمته،  يتضمن ثلاث دراسات، الأولى والثانية منهن حول الأمور التي تحدث عنها في كتبه السابقة والصادرة بين الأعوام 2007 و2009، ولكنه اضطر إلى العودة في كتابة هذا الموضوع لما استجد من أمور وقضايا ظهرت في الربع الثالث من عام 2011.
    أما الدراسة الثالثة فهي عن موضوع العقود التي وقعتها الحكومة والتي سميت دورة التراخيص، وهو أمر لم يتطرق إليه أحد من قبل.
    كما يستفيض في دراسته لهذه العقود ونتائجها ويحللها تحليلاً واقعياً واضحاً مبيناً كل النتائج الإيجابية والسلبية عنها.
    إن كل هذه الدراسات تعتبر خطوة متقدمة إلى الأمام لمعالجة واقع مهم حيوي بالنسبة إلى العراق، لذلك فإن دراستها والخوض بها هو جزء من أساسيات المعالجة وتوضيح خطوط العمل والسياسة النفطية للمسؤولين في الدولة وبذلك يكون قد وضع النقاط على الحروف في كل معالجاته تلك.
    الكتاب العاشر: (الجديد في عقود النفط والغاز الموقعة من قبل حكومة إقليم كردستان والسياسة النفطية للإقليم): نجد في الفصل الأول من هذا الكتاب شرح لآلية عمل هذه الشركات وذلك من خلال التقارير التي تم إعدادها بالكامل من قبلهم. وفي الفصل الثاني (ملاحظات حول سياسة النفط للإقليم مع الحكومة الاتحادية ووزارة النفط) وهو ما يتعلق بالأمور النفطية، متجاوزين بذلك الدستور والقوانين السائدة في حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية، ومدى مساهمته في ذلك، وأسباب رفض حكومة الإقليم للموازنة الاتحادية لسنة 2013، وذلك تحت تأثير وضغوط الشركات النفطية العاملة في الإقليم. وكذلك يوضح بصورة تفصيلية عن ضغوط الشركات النفطية الأجنبية وتركيا على الإقليم لسلك الطريق غير الدستوري في التصدير المستقل وفيما يسمى بالبيع الداخلي للنفط، مما أثر في كل علاقات الإقليم بالمركز
    علماً إنه استند في كل طروحاته مع التقارير الصادرة من الشركات نفسها ومن مواقعها الإلكترونية بحيث جاءت طروحاته ثابتة مئة بالمئة ولا تقبل الشك أو الضعف.
    الكتاب الحادي عشر: (الدولار... دوره وتأثيره في أسعار الذهب والنفط والعملات الأخرى ودور العراق المقبل في تسعير النفط): يحتوي هذا الكتاب على أربعة فصول، الفصل الأول: يتحدث عن الحرب العالمية الثانية والبروز الأميركي الأعظم، وكيفية سيطرة الولايات المتحدة على نفط السعودية إثر الاجتماع الذي عقد بين املك سعود والرئيس رزوفلت في نهايات الحرب العالمية الثانية، ومنه بدا العمل لإحلال الوجود الأميركي في الشرق الأوسط محل الدولتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا.
    وفي الفصل الثاني يتحدث عن نظام بريتون وودز وهو النظام الذي نشأ قبل نهاية الحرب العالمية الثانية.
    والفصل الثالث هو بعنوان الدولار والنفط والذهب ويشمل ثلاثة عناوين رئيسة:
    الدولار والذهب
    الدولار والعملات الأخرى والقوة الشرائية للدولار
    أسعار النفط وعلاقتها بالدولار والذهب
    وينتهي الفصل الرابع بمقدمة عن العولمة والعولمة المعلوماتية، ويعبر هذا الفصل في حقيقته تمهيد لجزء آخر قادم بعد هذا الكتاب يستكمل فيه الأستاذ الأمير ما بدأه في هذا الكتاب.
    *    *    *
    إن هذا المجهود الفذ الذي بذله باحثنا الأستاذ فؤاد الأمير هو نتاج حياة وخبرة متراكمة لأكثر من أربعين عام في العمل في دوائر النفط والصناعة ومشاركته الأساسية في إنشاء البعض من المشاريع الصناعية مثل (مشروع الفوسفات)، وكل هذه الأعوام قد تراكمت فيها الخبرات الفكرية إضافة لعمله السياسي في فترات معينة فسنين حياته كانت حافلة بالنشاط المهني والسياسي الحاد... وكذلك ترأسه للكثير نمن اللجان ومشاركته في البعثات التفاوضية مع الشركات الأجنبية والحكومات، كل ذلك جعل منه "كتلة" من المعلومات تجمعت لتخرج فيما بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وكرد فعل لكل ما كان يحصل في العراق نتيجة ظروف هذا الاحتلال البغيض وتسلط أناس عديمي الخبرة على مفاصل الدولة، إضافة إلى تصفية الكثير من الخبرات من مهندسين وأطباء عراقيين، كل تلك العوامل وغيرها قد حرضته على النهوض والبحث والتركيز على كل مسببات وحالات الاحتلال ونتائجه، وانعكس ذلك في كل كتاب من كتاباته فكل كتاب وموضوع هو رد فعل لقوانين وإجراءات وقرارات احتلالية كان يراد لها وما يزال غرضها قتل الروح العراقية المبدعة، فتوقفت الصناعة وانتشرت الأمية من جديد بعد أن كان العراق من الدول التي قضت على عليها، وكذلك تخلف النظام الصحي الذي وصل إلى أعلى مراحله في ثمانينيات القرن الماضي حيث كان الإخوان العرب يأتون إلى بغداد لمعالجة بعض الأمراض التي لم يجدوا علاجها في بلدانهم.
    إن هذه السنين العشر الأخيرة قد أوجدت فراغاً سياسياً وفكرياً وباعدت بين الواقعية والعملية النظامية والسياسية في الدولة، لذلك وللأسف ابتلينا بجمهرة من الأميين الذين لا يعرفون أبسط سياقات العمل الوظيفي أو الأصول والضوابط السياسية التي تؤهلهم للعمل... حياة الإنسان "الرجل" هي المعرفة والدراسة والتجربة والمعايشة الواقعية للعمل والخبرة وعندما تنعدم هذه المؤهلات فلا يرجى خير ممن يتبؤون المناصب وهم يشكلون العقبة في العمل وسلوكيته والتعامل مع الوظيفة.. ويساعد على استشراء الفساد في البلد.
    إن إسقاط هيكلية الدولة العراقية من قبل المحتل الأميركي هي جريمة لا تغتفر ولا يجب أن تنسى... ويجب المعرفة بالطريقة التي يمكن أن نتجاوزها...
    لقد كان الهدف الأول من هذا الاحتلال، هو النفط والعقل العراقي، لذلك استهدفت العقول العراقية منذ اليوم الأول من الاحتلال وفقدنا المئات إن لم يكونوا الآلاف م عقولنا الفكرية ومهاراتنا الهندسية والطبية والعلمية، ولقد ذكرت التقارير الأخيرة عن اشتراك الموساد والمخابرات الأميركية في هذا الاغتيال، وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأميركية البغيضة (أولبرايت): "بأننا خلف خمسمائة عقل عراقي يعمل في مجال الطاقة، وهؤلاء هم الذين يجب أن نستهدفهم"...
    هذا في العلن، وفي السر ما كان أعظم...
    إن الوقوف وكشف ولو البعض من همجية الاحتلال ومحاولة فرض واقع أميركي فاسد هو واجب على كل إنسان شريف ووطني... والمهمة ليست سهلة، ولكن يجب أن يمضي فيها كل إنسان غيور على وطنه العراق...
    لقد شارك وواجه الأستاذ فؤاد الأمير في معظم كتبه تلك المحاولات في النفط والصناعة، وانتقد المفاهيم النفطية وخطورة عقود المشاركة التي انتهجتها حكومة إقليم كردستان وخطورة مواد الاتفاقية الأمنية، ومناقشة بنود تلك الاتفاقية هي بحد ذاتها جهد يحتسب له (للأستاذ فؤاد الأمير)، فلم نجد من الخبراء من حاول أن يكتب أو يعالج هذه المواضيع غيره ويكشف عنها بكل جرأة وشجاعة...
    وهنا يجب أن نسجل لهذا الباحث الشجاعة والمواجهة في كل كتبه ومواقفه وكان على المسؤولين في دوائر الدولة أن ينتبهوا إلى هذه المجهودات. فكتاب الطاقة يمكن أن يكون كتاباً منهجياً يدرس وهو المحاولة الأولى في هذا الموضوع أما كتاب الدولار الأخير فلا أعتقد بأن أحداً قد عالج هذا الموضوع المهم مثلما عالجه هو، وهو أيضاً من المفروض أن يعرض على المناهج الدراسية في الجامعات لتدريسه... ولكن يظهر بأننا والبحث في واد والمسؤولين والصحافة في واد آخر...
    إن بلدنا لا يخلو ولا يتجرد الغالبية من أبنائه من مسؤولياتهم الوطنية، ولذلك كانت "دار الغد" هي المساندة لفؤاد الأمير في طباعة كتبه.. وهو يثبت بأن هذا البلد بجيشه الوطني وبحشده الشعبي اللذان يحققان الانتصار في ساحة الحرب ضد القوى الظلامية والاحتلالية الأميركية قادر على أن يستعيد عافيته وبقوة، وأنا على ثقة بأن هذه الاستعادة ستكون بأسرع مما يتصوره الاحتلال ويراهن على فشله، ولكن الإرادة والروح العراقية تبقى حرة وقوية وهي الولادة لحياة جديدة.
    فبوركت يا فؤاد بمجهوداتك، وفي انتظار الجزء الثاني م كتابك القيم هذا، وكما يقول المثل الشعبي: "على عناد المتخلفين والأميركان"...
    إن هذا الجهد الذي بذله الأستاذ فؤاد الأمير وبمعدل كتاب كل عام خلال هذه الأعوام العشر وزادها واحد جديد لتصبح أحد عشر، يعتبر قوياً بالقياس مع هذه الظروف التي تمر بنا ونعيشها بحيث كان باستطاعته أن يوفر الوقت لإكمال هذه الأعمال والتي أدت إلى نتائج إيجابية في مجالاتها سواء النفطية أو الأمنية وهو قد أيقظ العديد من السياسيين المسؤولين الذين لم يكن علمهم بشؤون النفط والأمن للمخاطر التي تواجه البلد إزاء السياسة الأميركية الاحتلالية التي أرادت وتريد وتسعى من أجل إقرارها في العراق ومن ثم تحويله إلى تابع لها...
    فنأمل أن تكون هذه الأعمال حافزاً للباحثين لكي يتناولوا بروح وطنية كل هذه المخاطر التي تواجه البلد والبحث فيها بروح علمية رصينة من أجل كشف المؤامرة الكبرى التي تحاك عليه من قبل هذا الاحتلال البغيض وعملائه...
    الطريق طويل... ووعورته أكبر، ولكن بجهود أبنائه الغيارى يمكن أن نسهل ونوضح البعض من الأمور... وعلى من بيدهم الأمر من المسؤولين أن يتحلوا بروح منصفة وطيبة لمعالجة الأمور التي تواجه البلد وبشفافية، وليعلموا جيداً أن هناك من يراقب ويعمل ويعرف متى وأين يأخذ موقفاً للحد من الضبابية في السياسة الخفية لبعض الساسة وكشفها... ومثلما يقول المثل الشعبي: "العراقي عيونه مفتحه باللبن".
    ****

    كتب الأستاذ فؤاد الأمير وروابط تنزيلها:

    (1) مقالات سياسية واقتصادية في عراق ما بعد الاحتلال
    http://www.4shared.com/office/626-ScbDce/________.html

    (2) العراق بين مطرقة صدام وسندان الولايات المتحدة
    http://www.4shared.com/office/c2KHJmCq/ijabiattt1999.html

    (3) الطاقة – التحدي الأكبر لهذا القرن
    http://www.4shared.com/office/VVZz41hqba/____.html

    (4) ثلاثية النفط العراقي
    http://www.4shared.com/office/y59nWVeUba/___.html

    (5) حكومة اقليم كردستان وقانون النفط والغاز
    http://www.thawabitna1.com/culture/irai%20studies/ira0003.htm

    (6) فؤاد قاسم الأمير - ملاحظات في الاتفاقية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة
    http://www.4shared.com/office/rDmCStiTce/___online.html

    (7) ملاحظات حول "الاتفاقية الأولية" بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب
    http://alnoha.com/visitor13/mola7athat.htm
    أو
    http://www.4shared.com/office/ajOTT3CTce/_____.html

    (8) الكتاب الثامن: (الموازنة المائية في العراق وأزمة المياه في العالم)
    http://www.4shared.com/office/B8BZxl-Nba/________.html

    (9) الجديد في القضية النفطية العراقية
    http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2014/10/Fouad-Al-Ameer-book-Novelities-in-the-Iraqi-Oil-issue-arb.-PDF.pdf

    (10) "الجديد في عقود النفط والغاز، الموقعة من قبل حكومة إقليم كردستان، والسياسة النفطية للإقليم"
    http://al-nnas.com/BIBLTEK/oil66.pdf

    (11) الدولار .. دوره وتأثيره في أسعار الذهب والنفط والعملات الأخرى ودور العراق في المقبل في تسعير النفط
    http://gmuender-stiftung-sterntaler.de/GD-NR/Fouad%20Al-Ameer-Dollar%20Book._pdf.pdf

    مقالات..
    إحسان شمران الياسري- فؤاد قاسم الامير..والقضايا الملتبسة
    http://wasitnews.net/wasitpress.net/news.php?action=view&id=1627
    حميد لفته : ثلاثية النفط والغاز لمؤلفها فؤاد قاسم الأمير
    http://saotaliassar.org/Frei%20Kitabat/Hied/OilFuaad.htm
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media