البطاقة الائتمانية
    الثلاثاء 16 ديسمبر / كانون الأول 2014 - 08:22
    د. مظهر محمد صالح
     لا تزال تلك القطعة البلاستيكية الخفيفة في حملها والغنية بأموالها الوفيرة، تعد الوسيلة المناسبة لشراء السلع والخدمات والتي لا يزال استخدامها يهيمن على نسبة تزيد على 25 بالمئة من قيمة المعاملات في القارة الاميركية الشمالية اليوم.  ولكن يظل السؤال القائم هو: هل ان البطاقة الائتمانية تقوم مقام النقود في الوظائف كافة؟. ان الجواب على الرغم من ذلك لا يزال: كلا!، فالبطاقة الائتمانية او ما تسمى بـ (credit card)هي في واقع الحال (قرض نقدي) يستطيع الزبون استعماله لتسديد اثمان مشترياته من السلع والخدمات والالتزامات الاخرى، ثم التسديد الى الجهة المقرضة لاحقاً لقاء فائدة على الرصيد (المدين) او الرصيد (القائم) غير المسدد.
    ان هنالك سقفا محددا للقرض النقدي الممنوح للزبون ويرتفع هذا السقف حسب الجدارة الائتمانية له، اي قدرته على تسديد الدين او القرض من دون تعثر، فبدلاً من ان ينخفض رصيدك النقدي تدريجيا في حالات الدفع النقدي العادي، فإن البطاقة الائتمانية تجعلك تحتفظ برصيدك النقدي حتى نهاية الشهر او موعد التسديد وهي موفرة للسيولة النقدية للزبون، حتى تتم التسوية مرة واحدة عند التسديد!، اي ان الانخفاض في رصيدك النقدي يتم بدفعة واحدة!. وإزاء توافر ذلك النقد، فان ثمة كلفة ينبغي تسديدها سنوياً وهي تمثل اجور استخدام تلك البطاقة وثمن اصدارها وادارة عملياتها الحسابية والتي تدفع الى الجهة المصدرة لها. كذلك هناك ما يسمى ببطاقة (المدينdebit card- ) وهي اداة وظيفتها الحصرية تسهيل عملية الدفع فقط من خلال السحب التدريجي من حساب الزبون المصرفي الجاري نفسه، حيث يتناقص مبلغ الحساب الجاري للزبون في المصرف عند كل عملية شراء من السلع والخدمات باستخدام بطاقة المدين تدريجياً، وهي لا تمثل الصفة الائتمانية (اي قرض نقدي) بقدر ما هي اداة دفع بديلة عن حمل النقود.
    وبهذا فإن جميع انواع بطاقات الدفع سواء الدائن منها او المدين هي جزء لا يتجزأ من تطور نظم المدفوعات النقدية في العصر الحديث ورفع كفاءة الدفع وتخفيض كلف المعاملات النقدية، فالتقدم الاقتصادي امسى بحاجة الى تقدم مؤسسي يختصر كلف المعاملات المتشابكة مع تعقد الحياة الاقتصادية، وهو الامر الذي عظّم من تكاليف المعاملات ولا سيما المعاملات النقدية، ما اضطر النظم الاقتصادية ومؤسسات السوق الحديث في البحث عن وسائل دفع تساعد في استخدام النقود بشكل كفوء وتخفض من كلفة المعاملات النقدية.
    وبهذا جاء استخدام وسائل الدفع والتسديد والتسويات الرقمية، لتغني عن استخدام النقود بكميات كبيرة وما تتطلبه من اكتناز خارج توقيتات استخدامها، الامر الذي يعرضها  لمخاطر  السرقة او الضياع او التلف وغيرهما.
    ختاماً، ستظل البطاقة الائتمانية وسيلة مهمة  للرواج الاستهلاكي واداة مشجعة للانفاق على السلع والخدمات وتقوية فرص الطلب عن طريق تقديم الائتمان او القرض النقدي الذي تتعهد به تلك البطاقة بكونها وسيلة دفع سهلة تغني حائزها عن حمل الاوراق النقدية وغيرها فضلا عن كونها اداة دين او أداة اقتراض.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media