قدسية العمل في الإسلام والأديان الأخر ...
    الأربعاء 17 ديسمبر / كانون الأول 2014 - 22:22
    سيد صباح بهبهاني
    المقدمة|  لأن العمل ضرب من ضروب الجهاد الأكبر ولا أحد يشك في أهمية العمل سواء للفرد أو الدولة والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر قدتوصلت بأن حقية العمل هو حقاً الجهاد الأكبر  لأن النبي محمد قالها بعد الغزوات جميعاً غداً الجهاد الأكبر ومنهم من بقى بملابسه القتالية ومنهم كان ملوعاً يسأل أي جهاد سنقوم به وكان النبي يقول غداً , وعند الصباح قال هبوللعمل والبناء هو الجهاد الأكبر ولحد اليوم لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل، وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضاراتهم الإنسانية الكبيرة إلا بإخلاصهم في العمل، ولقد حصل التراجع والتأخر للمسلمين في الوقت الحاضر لعدم جديتهم في العمل مع أن الدين الإسلامي يحث على العمل الجاد، فالإسلام اعتبر العمل حق لكل مسلم، وحارب البطالة لآثارها السلبية على المجتمعات والأسر، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما جعل العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذه المعاني ومن ذلك {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} وقوله تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} كما أن السنة النبوية الشريفة وروايات أئمة أهل البيت  عليى النبي وعليهم سلام الله وبعدها الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم والصحابة التابعين رضوان الله عليهم تضمنت العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده).. وقوله صلى الله عليه وسلم (من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفوراً له )..

    والإسلام لا يفرق بين أنواع العمل بحيث يكون نوع منها لفئة معينة ونوع آخر لفئة أخرى وقد حرم في الإسلام أيضاً العمل الضار للمجتمع منها الدعارة والفن القبيح وبيع الخمور وصناعتها وقد حرمها الله في النص لقوله تعالى : (حرم الله سبحانه الخمر لما فيها من أضرار فتاكة بالعقول، فهي تخامرها، أي تغطيها، وكان تحريمها سنة ست من الهجرة، وقيل‏ :‏ سنة أربع، والله أعلم، وكان ذلك قطعا بنزول قول الله سبحانه‏ :‏ سورة المائدة الآية 90 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ‏}‏ إلى قوله سبحانه‏:‏ سورة المائدة الآية 91 ‏{‏فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ‏}‏‏.‏ لعن النبي بيع الخمر وصنه والسعي فيه لقول النبي صلى الله عليه وآله : ((  هذا جزء حديثي جمعت فيه ما وقفت عليه من مرويات لهذا الحديث وهو حديث صحيح مشهور :

     1 ـ حديث ابن عباس -رضي الله عنهما

    قال عبد بن حميد في "مسنده" :حدثنا عبدالله بن يزيد ثنا حيوة بن شريح عن مالك بن خير الزبادي أن مالك بن سعد التجيبي حدثه أنه سمع ابن عباس يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" أتاني جبريل فقال : يا محمد إن الله لعن الخمر ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وشاربها، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومبتاعها ، وساقيها ، ومسقيها ".

    وأخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" من طريق عبدالله بن يزيد المقرئ به ، وقال الحاكم :"هذا حديث صحيح الإسناد " ، وصحّحه أيضاً ابن حبان .

    قلت : إسناده حسن ورجاله ثقات ،مالك بن الخير قال فيه الحاكم النيسابوري :"ثقة" ، وقال أحمد بن صالح :"ثقة"وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم :" شيخ لا بأس به ". (التذييل على كتب الجرح والتعديل ص255-256) ، وانظر ترجمة مالك بن سعد التجيبي في التذييل أيضاً ( ص256 ) . )) ، وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيدة بدون أن يقصرها على فئة محددة، فقد نوه القرآن الكريم بمادة الحديد التي لها دور اليوم في مجال الصناعة {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} كما أشار إلى أن صناعة اللباس في قوله {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} وبصناعة السفن {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}.. كما أشار إلى الزراعة {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ولقد كرم الإسلام العاملين ولم يستعيب أي نوع من العمل الشريف، فقد رفع الزكاة عن آلات المحترفين وخفف الجزية عن ذوي الصناعة والزراعة.. وقد كان أنبياء الله ورسله يعملون في مهن مختلفة، فقد كان آدم عليه السلام يعمل في الزراعة وداود عليه السلام في الحدادة ونوح عليه السلام في التجارة وموسى عليه السلام في الكتابة وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرعي والتجارة، كما أن من الصحابة الكرام من امتهن التجارة كأبي بكر الصديق، والحدادة كحباب بن الإرت والرعي كعبدالله بن مسعود، وصناعة الأحذية كسعد بن أبي وقاص والخدمة كبلال بن رباح والخياطة كالزبير بن العوام، وفي هذا المجال يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني).. وفي الإسلام يعتبر العمل ضرورياً إذا كان القصد منه اكتساب الرزق، وذلك لأن المحافظة على سلامة البدن أمر واجب لكون ذلك وسيلة للبقاء والذي يؤدي للغاية التي خلق الإنسان لها، وهي عبادة الله التي تؤدي إلى رضاء الله وثوابه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أما إذا كان الهدف من العمل هو الاكتساب لقضاء دين أو للإنفاق على العائلة فإنه يعتبر واجباً لأن أداء حقوق الإنسان والإنفاق على الزوجة والأولاد والوالدين ونحوهم ممن هم تحت إعالته أمر واجب {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.. أما إذا كان الهدف من العمل هو الزيادة من الكسب الحلال أو التعفف عن سؤال الناس فهو أمر مستحسن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرءاً اكتسب طيباً وقوله (نعم المال الصالح للرجل الصالح) كما يقول عليه الصلاة والسلام (السؤال آخر كسب العبد).من ناحية أخرى يعتبر عمل الفرد في نظر الإسلام فرض كفاية بالنسبة للمجتمع فالعمل في مجالات النفع العام كالصناعة والزراعة والتجارة والحدادة والكهرباء ونحو ذلك يعتبر خدمة للمجتمع بأكمله يأثم الجميع إذا ترك العمل في هذه المجالات ونحوها. وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم، فمن ناحية الحقوق كان هناك حرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه، ففي السنّة (اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، كما تم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل، وكذلك إتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} وفي السنّة (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت)، كما اعتنى الإسلام بالأحداث والنساء في مجال العمل، فهو وإن كان قد أجاز تشغيل الحدث من أجل بعث روح التحفز والكسب وتشجيعه على الاعتماد على النفس إلا أنه قيد ذلك بأن يكون العمل الذي يمارسه ملائماً له وأن يكون عملاً مشروعاً وأن يكون العمل باختيار ولي أمره.. أما بالنسبة للمرأة فقد جعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة وأجاز لها العمل الذي يناسب قدراتها بشرط الاحتشام والوقار وأقول لعصابات داعش الإرهابية كيف تسعون لخلاف القرآن وخصوصاً في سورة آل عمران   {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ الله وَالله شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا الله بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 99}.

     {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ الله وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (101 )} . {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103 )} . ونعم ماقال الكميت بن زيد في هذا الصدد : الكميت بن زيد :

    ولا سمراتي يبتغيهن عاضد ** ولا سلماتي في بجيلة تعصب

    وقال عدي بن زيد أيضاً :

    ثم أضحوا عصف الدهر بهم ** وكذاك الدهر حالا بعد حال ..

    اسمعو يا إرهابيين هذا ما امرنا الله بالتعاون والعمل والبناء  لقوله تعالى :

    {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105 )} . ولم يقل لهدم بل للعمل ودعوة الخير لا الشر والقتل . {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا } وقوله تعالى {وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ} إلى قوله : {وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ }

    (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103 ) آل عمران د وردت الأحاديث المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف كما في صحيح مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويسخط لكم ثلاثا ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم ثلاثا : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ". واليوم للأسف نرى هذه العصابات تقتل وتهدم وتزني بسم الإسلام والإسلام برئ منهم وعادوا للجاهلية القديمة وكان المرحوم السيد محمد قطب يسميهم بجاهلية الحديثة في كتابه قذائف الحق عندما كان المقبور يحارب جمهورية إيران الإسلامية ومبارك يرسل بالجيش والمطوعين من جميع الدول العربية ولكن نصر الله الحق ؛ لأن العراق وإيران هم أخوة منذ قدم العصور ولهم حدود مشتركة من الشمال إلى الجنوب واليوم داعش وعصاباتها كانت ومازل تدعم من دول عربية لأدارة حرب عرب ضد العرب والمستفيد هم الماسونية والصهيونية العالمية , كما عملها المقبور ودمر اقتصاد العراق والمنطقة واليوم عادا السناريوا لهدم جيش سوريا ولبنان والعراق ومصر واليمن وقدرات الفلسطنين وتجزءة ابسودان وضرب الصومال ويا ترى لماذا ؟ يا إرهابيين ؟!

    ولو أطلت في المقدمة وقصرت في التفاصيل لأن الموضع متماسك بعضه ببعض

     

    التفاصيل |

     

    بسم الله الرحمن الرحيم

     

    (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ  ) الجمعة/10 .

    لقد قدس  الإسلام العمل وكرم العاملين والمنتجين واعتبره شرفا وجهادا وصورة معبرة عن ذات الإنسان واستعداداته.. فبالعمل يؤدي الإنسان رسالة الأعمار في هذه الأرض ..وبالعمل يتطابق مع دعوة القران إلى الأعمار والإصلاح في هذه الأرض ..ولذا قال تعالى : (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) هود61

    ومن هذه الدعوة الصريحة حث الإسلام  على العمل وحارب الكسل والأتكالية ودعي إلى الجد وبذل الجهد من اجل تحصيل الرزق والانتفاع  بطيبات الحياة  وأعمار الأرض وإصلاحها . وقد ضرب الرسول (صلى الله عليه وآله وأصحابه) وخلفاؤه رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في الجد  وممارسة العمل والنزول إلى ميدان  الحياة فلم  يستخفوا بالعمل  ولم يحتقروا العاملين .. بل كرموا العمل والعاملين واستنكروا الخمول  والأتكالية والكسل ، لأن العمل في عرف الإسلام هو بذل الجهد  من اجل إشباع حاجة إنسانية محللة .. وهو ضرب  من ضروب العبادة وتحقيق لإرادة الله وحكمته في الأرض  والسعي لبناء وفق مشيئته تبارك وتعالى ..ولكي يحقق الإسلام فكرته هذه جعل إشباع الحاجات الشخصية واجبة من حيث الأساس على الإنسان نفسه ،لكي لا يتوانى عن الكسب ومباشرة العمل بنفسه ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية فروض ..على إعطاء الزكاة للفقراء القادرين على العمل والكسب ..إلا إذا خرجوا للكسب ولم يحصلوا على شئ ..فان هو عجز عن توفير حاجاته كاملة  انتقلت مسؤولية  إشباع هذه الحاجات  إلى الداخلين معه في علاقات النفقة والتكافل  كالآباء  والأبناء والأرحام فإذا  تعذر النهوض بمسؤولية الكفالة هذه وإشباع الحاجات  الضرورية انتقلت المسؤولية إلى المجتمع ..أو الضمان الاجتماعي للدولة . ولكي يتجلى للفرد اهتمام الإسلام  بالعمل والإنتاج  ..أوضح جملة من النصوص والمواقف التي تؤكد  حرص الإسلام عليهما  وحثه  على تنمية الثروة  لأعمار الأرض وإنما الحضارة  والاستمتاع بطيبات الحياة وإسعاد الإنسان وربط كل ذلك  برباط الأيمان  والتوجه الشكور إلى الله سبحانه قال تعالى : كما ذكرت أعلاه من سورة الجمعة 10 وقال تعالى :( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )الملك /15 .

    وقال خير الثقلين حبيب الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه)  : ( إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ..ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عز وجل تخليه سبيلها بيده ،ورجل يقعد في بيته ويقول : رب ارزقني ، ولا يخرج ولا يطلب الرزق ، فيقول الله عز وجل له : عبدي ، ألم اجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ، ولكيلا تكون كلا على اهلك ،فان شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك ،وأنت غير معذور عندي..وعن أبي عبد الله (رضوان الله عليه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) : ( ملعون من ألقى كله على الناس) وعن أبي جعفر (رضوان الله عليه وآله وأصحابه) قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه)  (العبادة سبعون جزءا ، أفضلها طلب الحلال)..وعن الإمام الصادق (رضوان الله عليه) : ( لا خير في من لا يحب جمع المال من حلال ، يكف به وجهه، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه)  وروى الإمام أبو الحسن علي بن موسى عن أبيه (رضوان الله عليهم قال: (قال أبي لبعض ولده : إياك والكسل والضجر فانهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة) وقال الإمام الصادق (رضوان الله عليه ) : (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله) وقال أبي الحسن كرم الله وجهه ورضوان الله عليه  قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) : إن النفس إذا أحرزت قوتها استقرت ) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) (ما من مسلم زرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه الإنسان أو دابته إلا وكتب الله له به صدقة) ولم تكن يا أعزة  هذه الأقوال الرائعة التي تقدس العمل وتدفعه إلى مستوى الجهاد والعبادات وأقوالا قيلت لتحفظ في بطون الكتب أو في أذهان الحفاظ ..بل هي أسس ومبادئ تشريعية وأخلاقية تقوم على قواعد عقائدية إيمانية  وضعت ليقوم عليها بناء الحياة والمعاش ..وتشاد على هديها حضارة الإنسان المسلم ويتكون على هداها مفهومه عن العمل والمال والثروة وأعمار الأرض وإصلاح الحياة وملئها بمظاهر النشاط وعطاء الخير المثمر ..لذا يجب على كل فردا أن يقاوم فكرة البطالة وحث أصحابه وإخوانه وأرحامه على العمل  ويد بيد لبناء الوطن..وقد جسد عظماء الإسلام هذه الأفكار حقيقة عملية في ساحة العمل فمارسوا الأعمال والأشغال بأيديهم ، فحرثوا الأرض وسقوا وزرعوا واحتطبوا ومارسوا الكثير من الأعمال ، فما أنفوا من عمل حلال وما ترفعوا عليه وان كان متواضعا بسيطا في أعين الناس ، لأن هؤلاء العظماء لم يعدوا نوع العمل أو ضعته .. بل عرفوا قيمة الإنسان في ذاته .. وفهموا العمل المباح وسيلة للكسب زاد أمة الحياة وإنعاشها ..ليكونوا قدوة للأمة المسلمة التي أراد الله لها  أن تكون أمة منتجة معطاءة لا تعرف الكسل ولا تركن إلى الأتكالية والخمول لئلا يتدهور كيانها وتضعف مكانتها .. والفت نظرك عزيزي إلى شواهد تاريخية ..والاقتداء بها والكل يعرف سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) من عمل التجارة ورعي الغنم في حياته قبل النبوة ومارس الزارعة وغرس النخيل في المدينة أيام النبوة ، ومثلها أيضا ما رواه القران الكريم  عن تأجير النبي موسى (عليه السلام) لنفسه يشتغل فيها أجيرا في بيت شعيب (عليه السلام) ..وكان الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أيضا وكان الصديق (رضوان الله عليه) أيضا عمل والفاروق (رضوان الله عليه) أيضا عمل وعثمان (رضوان الله عليه) عمل وكان تاجرا وانفق ماله فيها وعلي كرم الله وجهه كان فلاحا وقد روي ) أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعليه السلام كان يخرج ومعه أحمال النوى ، فيقال له : يا أبا الحسن ، ما هذا معك ؟ فيقول : نخل إن شاء الله فيغرسه فلم يغادر منه واحدة) وان داود (عليه السلام) كان ملك و حداد وأن الله يذكره غي سورة سبا (   وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ

    أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) سبأ /10 .11 .

     وكان سليمان (عليه السلام ) أيضا ملك ويعمل لمراقبته الجن الذين كانوا يعملون تحت يديه ويذكره تعالى في القرآن : (مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ) سبأ /12 . وفي سورة سبأ يحثهم الله للعمل بقوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ/ 13 . والنبي نوح (عليه النبي)  اشتغل نجار والكل يعرف قصته في القران . ومرة أخرى يدا بيد لبناء الوطن.ونعم ما قيل :

    وضع من الأوقات شطرا تعمل .. فيه ، وما علمك لولا العمل ؟

    واقتف في الطاعة أثار الحجج .. ولج في الخير ، فمن لج ولج

    ونور القلب يذكره الحسن .. ودم عليه فهو من خير السنن

    وصل في أوقاتها .. وواظب .. على المتمات من الرواتب

    واعرج إلى الله بها واستقبل .. بخالص النية وجهه العلي .

     ويداً بيد للتعاون والتآخي لجمع الشمل والتعاون كما أمرنا الله في سورة آل عمران ولا تنسوا المهجرين ومحاسبة المسؤولين لمهام صرف الأموال للمهجرين وكما نرجو من المواطنين دعم أخوانهم المهجرين لأن الكل أخوة في الدين والدم والأرض وصلة القرابة والدين لله والوطن للجميع ولا تنسوا اصل المطلب هو دعمهم ودعم الأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين ونهدي للجميع الفاتحة مقرونة بالصلوات على محمد وآل محمد ولروح أمي وأبي منها نصيباً والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

     أخوكم المحب

    سيد صباح بهبهاني

    behbahani@t-online.de
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media