ماذا قالوا ما لم يقله الرجل
    الثلاثاء 16 سبتمبر / أيلول 2014 - 09:20
    عبد الصاحب الناصر
    مهندس معماري - لندن
    ماذا قالوا ما لم يقله الرجل منذ ثلاث سنوات .
     فجأة تبدل كل شيء و اذا الكل حريصون على العراق و اهله و وحدته  و يتنافسون في محاربة الارهاب و يعقدون المؤتمرات و الاجتماعات و اتخاذ القرارات و يربطون إجرام داعش في العراق بالارهاب في كل العالم، يا سبحان الله و يا مغير الاحوال . منذ تشكيل الحكومة العراقية الجديدة و نحن نلاحظ السباق المشروط و(المبهم) في الوقوف مع العراق للقضاء على اخطار داعش في العراق خوفا من تمدده الى بلدان اخرى مجاورة  او العودة الى بلدان المهجر .تأييد  مشروط كما يربطونه بتشكيل الحكومة العراقية، فكانت حكومة حيدر العبادي.  و اذا ببهاء الاعرجي نائب لرئيس الوزراء و اثنان آخران اي ثلاثية (سيه ورق)  متنوع عرقيا و طائفيا  و ثلاثة اخرون كنواب لرئيس الجمهورية في حكومة الترشيق العبادية.

    الدول و العراق و داعش و ثلاثية السي ورق اياها.
    ١ـ مؤتمر جدة و صك الغفران للسعودية و تبرئتها من مسؤولية  تنظيم داعش  دون ان تدعو هذه المملكة العراق الى المؤتمر بل تستنكف  من هذا بان ارسلت الدعوة عن طريق نائب الرئيس الامريكي و اذا بالجعفري يتقمص الرصانه و العبوس كدليل على الجدية فيمتدح هذه المملكة تنفيذاً لإرشادات عمار الحكيم.
    باريس كذلك  تتسابق تطلب الود من امريكا بتقمصها حب العراق الى حد الغرام فتعقد مؤتمر باريس و تهلل له و تتوعد بمشاركة اكثر من اربعين دولة   بينما كان الحضور (24 ) دولة فقط من ضمنها  الدول الخمس دائمة العضوية و الدول العربية عديمة الفائدة و النفع  بالاضافة الى تركيا (البريئة)، فكم بقى من الحضور من دول الاتحاد الاوربي المغرمون بحب العراق و  شعبه؟ تسعة دول من اصل(24) أي اقل من النصف (36 %)، و يصرح وكيل وزارة الخارجية نزار الخير الله بعد خروجه من المؤتمر، ان عدد الدول اكثر من تسعة وعشرين دولة. ما هذا الضحك على الذقون؟ اما تسعة و عشرون او ثلاثون او واحد و ثلاثون .و الا ما معنى كلمة (اكثر) في حساب الارقام من شخص حضر المؤتمر و ذو منصب عالي كوكيل وزراة، الذي سيتقاعد غدا براتب اعلى يتجاوز العشرة آلاف دولار شهريا؟ (كلوا واشربوا هنيئاً مريئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية- صدق الله العلي العظيم)، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
    اما الرئيس الفرنسي (أولاند) و ليس كما ينطقه رئيس الدائرة السياسية في الخارجية هكذا (هولاند) على كل حال، تدنت شعبية السيد أولاند في السنة الاخيرة الى مستوى لم يحصل لاي رئيس فرنسي في السابق، لذا فمؤتمر باريس ليس لمصلحة العراق بل كمحاولة من الرجل عسى أن يستعيد بعضاً من شعبيته التي افتقدها، على حساب الشعب العراقي و للتقرب الى صداقة امريكا التي نرفضها نحن، ابطال اليوم و ابناء عنتر ابن شداد العبسي (لأنها تسيء للكرامة والسيادة!!).

    رأي في  خط مسيرة حيدر العبادي من خلال الاحداث للاسبوعين الماضيين و من خلال المقابلة الخاصة من على القناة العراقية امس.
    ليس من الانصاف الحكم على سياسة الرجل بعد اسبوعين من ترؤسه للحكومة العراقية الجديدة ومن حقه علينا ان ننتظر لستة اشهرقادمة حبلى، و  تماشيا مع الانذار الكردستاني كشرط للموافقة على المشاركة في الحكومة، و(إن) ما يزال الوزراء الكرد غائبون عن جلسات مجلس الوزراء ربما الى ان يعقد مجلس الوزراء جلسته في أربيل عاصمة العراق و يعادلها بزيارة مماثلة للسيد مسعود، و وعود و عهود و كلام عن الاقليم و تسليحه و السجادة الحمراء لاستقبال رؤساء الدول عند زيارة رؤساء الدول الصديقة، و لا شيء عن احترام العراق الدولة الاتحادية الديمقراطية الموحد ة تسخيفا لكل البروتوكولات الدولية التي تتبجح بها الدبلوماسية الفرنسية .
     
    لكننا يمكن استبيان اتجاهات الاحداث من خلال التغيير الجديد و المفاجيء للدول العظمى و تحركها ضمن مصالحها الوطنية على حساب مصلحة العراق الوطنية ايضا ! .
    جاء لقاء السيد العبادي على القناة العراقية و كانه استرضاء للجميع، لكن في نفس الوقت بالغ في ادانة الجيش العراقي عدة مرات دون ان يدين الطرف الآخر، أو بالأحرى الاطراف الاخرى التي وقفت مع داعش  منذ الحرب في سورية و انتقالها الى العراق و وجود الحواضن التي اعترف بها و لكن لم يدينها السيد العبادي في هذه المقابلة لكي لا يمسهم بسوء ، في حين  انه  اعترف انها مؤامرة عالمية شاركت بها دول و مؤسسات عالمية و لم يتجرأ تسمية هذه الحواضن التي هيأت لاحتلالها لثلث مساحة العراق. ليست هذه سياسة مشجعة لمن يريد ان يبني العراق على أسس صحيحة، اذ ليس من الحكمة المساومة دون مقابل، أي دون الحصول على ما يعادل ذلك التنازل. فمثلا رحب بمؤتمر جدة دون الاشارة الى ان من دعى العراق، صاحب المصلحة الحقيقة في مكافحة الارهاب (عنوان المؤتمر)، بل من دعى العراق لحضور المؤتمر هي امريكا و ليست السعودية، و هذا تنازل مبكر عن حقوق العراق بالتعويض و بتسمية من هم وراء الارهاب، اذنْ خرجت السعودية و كانها راعية لحماية العراق ضد الارهاب و هذا سمسرة وتجاوز على الحقيقة و الواقع، و تنازل بخس بدون اي محصول يذكر سوف يضر العراق بالمطالبة بأي تعويضات في المستقبل ومنح شهادة براءة للسعودية كراعية للإرهاب ودورها في شن الإرهاب على العراق. 
    ألا يلزم ولو من منطلق رد الاعتبار و نوع من الاعتراف بالخطأ ان تدعو السعودية العراق لحضور المؤتمر بدلاً من ان تأتي الدعوة عن طريق امريكا؟. 
    اما غرام تركيا المفاجىء  بالشعب العراقي فلا حدود له  الى درجة ستتعاون بكل رحابة صدر مع حليفتها امريكا بضرب داعش بحيث انها "تمنع" مرور الطائرات الامريكية من سمائها للمرور لضرب داعش. يا سلام ؟ هكذا الغرام و الا فلا ! .

    ٢ ـ اشكالية متعمدة ، وقع فيها العبادي كغيره و ان كان ذو مستوى علمي عالي، وهي اشكالية وجود داعش في العراق و قضية التهميش .فمن امريكا انتقلت العدوى الى كل الدول التي تساعد العراق اليوم واخذ (الكل) يصرح بانه بعد تشكيل الحكومة العراقية (الشاملة)، ستبدأ  عملية القضاء على داعش. اين الربط  الستراتيجي الذي غير سياستكم يا محبي العراق؟
    اذا لم يكن البعض حاضنة و مؤازرين و متعاونين مع داعش، فلماذا تربط قضية محاربة داعش بالقضية الازلية (التهميش) ؟ أماذا اذا و كما يحب ان نعترف به ان البعض قد تعاون واحتضن  و هلل و صفق لاحتلال الموصل، فما علاقته بالتهميش وهو داعشي مؤصل و من الموصل كما يقول رؤساء العشائر الاحرار الاصلاء؟  و من يساهم في حكومة العبادي هم من ساهم في حكومة المالكي، اين التهميش إذنْ ونحن نتساءل  من جديد ، ام انها اللعبة التي نهضمها و نجترها كل مرة و عند كل مشكلة لنؤكد للعالم بأننا مواطنون مطيعون مسالمون لا خوف للاخرين من بطشنها وتهميشنا وغطرستنا و و تساهلما  هو فدية ندفعها لكوننا اكثرية في بلد وسط محيط طائفي تعسفي ظلامي متخلف، ام (كانت) مكة لحجاج بيت الله وأصبحت  مكة  للدواعش  .
    اعود  الى عنوان المقال،
    (ماذا قالوا ما لم يقله الرجل) منذ اكثر من ثلاث سنوات؟
     ماذ يقول لنا السيد اوباما اليوم عندما يحشد كل العالم على اساس ان داعش يهدد العالم و يجب تحجيمه ثم القضاء عليه؟ هل يحتاج رجل اقوى بلد في العالم كل هذا الوقت ليتأكد مما قاله له المالكي قبل ثلاث سنوات ؟. و هل كان ثمن تغيير(تلك) السياسة الفاشلة ان نتبرع بسرقة حق الرجل و الاصوات التي انتخبته و عدد  نواب كتلته الاكبر بفارق كبير مقارنة مع الباقين؟
    حسناً لننتظر! على ان لا نتناسى الشروط (التهميشية وإقصائية) التي طبلوا لها ورفعوها كقميص عثمان مثل شروط الاخوة الكرد و الستة اشهر المعروفة المتكررة، و شروط الصدريين بعد موافقتهم على التدخل الامريكي بموافقة امريكا بحصول الاعرجي على منصب نائب اول لرئيس الوزراء، و شروط الطفل المدلل الحكيم و حصوله على اموال  وزارة النفط المهيئة للسرقة تحت عبائة ( الدكتور) عادل عبد المهدي  و تضامننا مع العقود المعروفة لنقل النفط بأساطيل مجلسية منذ زمن بريمر.
    لكن و من الناحية الاخرى ماذا يستطيع حيدر العبادي ان يصنع و حكومته ولدت مقيدة كحكومة سلفه، بقيود داخلية كثيرة و خارجية اكثر، و شعب صامت فقد النطق و الامل و حسه وشعوره بالإنتماء للعراق كوطن، فاصبح اما مهجر في وطنه او محاصر في ارضه؟

    و كلمة أخيرة، أنا لست ضد اي تعاون دولي في اي مجال لمساعدة الشعب العراقي، و اتمنى ان تكون هذه العلاقات متكافئة على مستوى المصالح و الافضليات والاحترام المتبادل، و ان نتعلم  كيف نستفاد منها و من  الخبرات و ان نوظف هذه الفرصة الفريدة لصالحنا دون ان نبالغ بالتنازل عن اي من حقوقنا و ان نتعلم من تجارب الآخرين، و الاهم ان نوضح للعالم  بأننا لسنا من يمارس التهميش بل نحن ضحايا التهميش،  و ان حظوظ الديمقراطية في العراق لن تنمو الا في محيط الاكثرية (الشيعية)،لانها الوحيدة التي  لن تتخوف من السباق العددي الانتخابي.

    عبد الصاحب الناصر
    لندن في 16/09/2014
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media