الدرس الاُسكتلندي و أدعياء الوطنية الأنذال !
    الجمعة 19 سبتمبر / أيلول 2014 - 12:21
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    Patriotism is the last refuge for villains
    (الوطنية هي الملجأ الأخير للأنذال) / صموئيل جونسن !

    الإستفتاء على الإستقلال في إسكتلندة Independence Referendum
    الذي جرى بالأمس ,ظهرت نتائجه صباح اليوم !
    وهي تشير الى رفض الإستقلال عن بريطانيا العظمى بفارق صغير
    لكنّهُ واضح ,حوالي 54% ضدّ الإستقلال , و 45 % معه !
    إدراكٌ واضح من الإسكتلنديين لإيجابيات البقاء ضمن الإتحاد , وسلبيات الإنفصال .
    أليكس ساموند ,الوزير الأوّل في إسكتلنده و رئيس الحزب القومي الاُسكتلندي وقائد دعوة الإستقلال ,أعلن (حتى قبل إنتهاء فرز النتائج كليّاً) تهنئتهِ للشعب الأسكتلندي على المشاركة في قول كلمتهم , وأقرّ بعدم نجاح مسعاه .
    كما أعلن موافقته على نتائج الإستفتاء التي جاءت برفضه ,لكنّها بالتأكيد (إنتصار للديمقراطية) قال ساموند !
    وأضاف علينا إحترام رأي الغالبية بالبقاء ضمن المملكة المتحدة !
    ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني ,وهو نفسه الذي وقّعَ على إجراء هذا الإستفتاء (مُكرهاً أخاكَ لا بَطَل) ,أعلن فرحتهِ الكُبرى برفض الغالبية الشعبية الإسكتلندية للإنفصال وبقاء المملكة موّحدة !
    وبالطبع الملكة الإنكليزية أليزابيث الثانية ,ستعلن سعادتها خلال اليوم !
    ***
    إذاً ,الإتحاد الذي تجاوز عمره  الثلاث قرون ,والذي حصل بالتحديد عام 1707 (أيّ قبل  307 أعوام) ,بقى وإنتصر على فكرة الإستقلال !
    وربّما ستتكرّر نفس النتيجة في إقليمي الباسك وكاتالونيا الإسبانية لو حدث الإستفتاء هناك .
    من بين الساسة الأسكتلنديين الحُكماء الذين وقفوا ضدّ الإستقلال
    توني بلير / رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (1997 ــ 2007 )
    وكان قد توّقع النتيجة منذُ يوليو الفائت .
    ومثلهُ فعل خَلَفه في رئاسة الوزراء (جوردون براون),الذي قاد مؤخراً حملة رفض الإستقلال (معاً أفضل) !
    كلاهما بالطبع من حزب العمال حيث المعقل الرئيس للساسة الإسكتلنديين
    وبالمناسبة ,مصطلح رئيس الوزراء أو الوزير الأوّل Prime Minister
    اُستخدم في بريطانيا مع بداية القرن العشرين . بينما قبل ذلك كان يستخدم مصطلح سيّد الخزانة الأول First Lord of the Treasury  
    عاصمة إسكتلنده (غلاسكو) وثالث أكبر مدينة بريطانية صوّتت لصالح الإستقلال ومعها مُدن اُخرى مثل  داندي و وست دنبر لكنّها لم تنجح !
    أعلى نسبة مشاركة جماهيرية في الإستفتاء تصل الى مايقرب من 97 % كما سُمِحَ لأوّل مرّة  في تأريخ بريطانيا ,بالتصويت للشباب الذين بلغوا ال 16 من العمر !
    ***
    الخلاصة :
    هل من دروس مفيدة لهذه التجربة في بلادنا كشعوب بائسة ؟
    بالطبع هناك العديد منها ,لمن شاء إعمال العقل والمنطق !
    لا حقيقة ثابتة حول فكرة الدولة القومية ,إنّما مثل باقي الحقائق الإجتماعية والفكرية والأخلاقية في هذا العالم ,تبقى غالباً ديناميكية متحركة خاضعة للتطوّر .
    هذا هو الدرس الأول الذي يجب فهمهِ من الإستفتاء الإسكتلندي !
    إرتفاع مباشر في قيمة الجنيه الإسترليني في الأسواق العالمية بعد سماعهم النتيجة برفض الإستقلال ,ماذا يعني ذلك ؟
    الإقتصاديون يفهمون المعنى . فُرص ومستقبل أفضل للإقتصاد البريطاني
    وقوّة إضافيّة توفرّت للنمو الإقتصادي !
    لا أقول للشعب الكردي في العراق (أو أيّ شعب في مثلِ حالتهِ ),إحذوا حذو الإسكتلنديين .ربّما لأنّ الحالة والظلم والإقصاء يختلف جذريّاً .
    ولعلّها ستكون مثل قفزة كنغرية على الواقع عند بعض المراقبين .
    إنّما في النهاية لايصّح إلاّ الصحيح , ومصير هذا العالم يسير بالإنفتاح على (الدولة العالمية) متعددة الثقافات والأعراق والأديان !
    وبالمناسبة فإنّ إتفاقية ( سايكس ــ بيكو ) في منطقتنا ,لم تكن يومها تقسيم للمقسّم وتجزئة المجزّء كما دوشنا طيلة قرن كامل أدعياء الوطنية والإستقلال .
    بالعكس كانت تجميع لجماعات ضعيفة تعيش معاً ,لتكوين دول حديثة !
    يكفينا كذب على أنفسنا وإتهام الآخرين بالمؤامرة علينا طيلة الوقت .
    فهاهم يمارسون حقّ التقسيم في بلادهم أيضاً وعلناً وبحريّة تامة ولا يُخرسون صوتاً أبداً !
    ***
    الرابط من ال BBC
    http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2014/09/140918_scotland_referendum_counting.shtml


    تحياتي لكم
    رعد الحافظ
    19 سبتمبر 2014
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media