مؤتمر جدة والعلاقات العراقية السعودية
    السبت 20 سبتمبر / أيلول 2014 - 06:28
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
    قطعت الحملة الدولية لدعم العراق ومحاربة تنظيم "داعش" الارهابي حتى الآن شوطا كبيرا ومهما لتشكيل الجبهة او الاتحاد العالمي الدولي كأداة لانجاز هذه المهمة, وذلك بدءا من اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الذي انعقد في بروكسل نهاية آب الماضي وليس انتهاء بمؤتمر باريس لـ (الامن والسلام في العراق) الذي انعقد في باريس يوم الاثنين الماضي 15 ايلول الجاري بدعوة من الرئيسين العراقي والفرنسي مروراً باجتماع لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة الذي انعقد في جنيف نهاية آب الماضي واجتماع دول حلف الناتو الذي انعقد في مقاطعة ويلز البريطانية في 4 ايلول الجاري واجتماع جدة الذي انعقد في المملكة السعودية في 11 ايلول الجاري.
    لقد أبدى الاعلام العالمي و(العراقي المحلي) اهتماما كبيرا وملحوظا في تغطية معظم اعمال تلك الاجتماعات والمؤتمرات بالتعليق عليها ونقل اخبارها ونتائجها ودلالات وأهمية انعقادها بما تستحق وتستوجبه هذه الاجتماعات، لكن الامر الملفت ان اجتماع عدد من الدول العربية الذي انعقد بجدة في 11 ايلول الجاري وشارك فيه وزير الخارجية الاميركي جون كيري وحضره وشارك فيه ايضا العراق ممثلا بوزير خارجيته لم يحظ بالاهتمام الكافي والمناسب من الاعلام العالمي وخاصة الاعلام العراقي ولم يتم تناوله وتحليل أهمية دعوة ومشاركة العراق فيه بما انطوى عليه ذلك من دلالات مهمة، فرغم اهمية انعقاد هذا الاجتماع والقرارات العملية التي اتخذها المجتمعون في الاستعداد للمساهمة بالجهود الدولية لتشكيل الاتحاد الدولي لمحاربة "داعش" والارهاب، وتقديم الدعم السياسي والاعلامي والعسكري لهذا الاتحاد والعمل على تجفيف منابع الارهاب المالية والفكرية واللوجستية في بلدانها.. الا ان الجانب الآخر لأهمية هذا الاجتماع تمثل في
    دعوة ومشاركة العراق بعد قطيعة وتوتر في العلاقات بين العراق والسعودية (وقطر) لاكثر من عقد وانفتاح كل منهما على الآخر، وهو الامر الذي يؤشر لامكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين بغداد والرياض تبدأ بالانفتاح وترطيب الاجواء بينهما والعمل والتنسيق بين البلدين في الجبهة العالمية لمحاربة الارهاب وتنظيم "داعش"، وتتواصل وتستمر بتطوير وتعزيز العلاقات, بمختلف المستويات في المراحل المقبلة.
    ان دعوة العراق ومشاركته في اجتماع جدة لم تمثل تنازلا سعوديا للعراق عن مواقف سابقة كما يرى البعض ولم تمثل انتصارا سجله العراق على السعودية وإنما عبرت هذه الدعوة السعودية للعراق كراعية للاجتماع واستجابة العراق لها عن احساس وإرادة البلدين والحكومتين بضرورة اعادة وتطوير وتمتين العلاقة بينهما لمواجهة الخطر الداهم عليهما وعلى المنطقة وهو تنظيم "داعش" الارهابي التكفيري الذي ينبغي صده ومحاربته والقضاء عليه تاليا, بما يحقق الامن والاستقرار للشعبين والبلدين وكذلك شعوب المنطقة والعالم.
    واذا كان العراق قد ابدى رغبته وإرادته الجادة في السنوات الماضية لإعادة وتحسين العلاقات مع السعودية التي لم تبد الاستجابة المطلوبة فإن دعوة ومشاركة العراق في اجتماع جدة وما يواجهه البلدان والمنطقة من اخطار داهمة تؤشر الى بدء البلدين بفتح صفحة جديدة من العلاقة بينهما وهي صفحة متوقع لها ان تتطور وتتعزز في قادم الايام بمختلف المستويات التجارية والاقتصادية والثقافية فضلا عن التنسيق الامني بأعلى المستويات وتفعيل الدور العراقي بالمساهمة في حل مشاكل المنطقة ومساهمة السعودية بدورها في التدخل الايجابي البناء في الوضع العراقي والوقوف على مسافة واحدة من كل مكونات الشعب العراقي والحد من تطرف بعض الاطراف التي توتر الاجواء السياسية والامنية بالاتكاء على الرياض من خلال الاستفادة من العلاقات الباردة او المتوترة بين بغداد والرياض.
    وكما بدأ ينتعش القول بأن خطر الارهاب و"داعش" قد وحد, الى حد كبير, صفوف العراقيين ووحد في الوقت نفسه دول وشعوب العالم فانه لا بد لهذا الخطر ان يوحد مواقف وإرادة البلدين والشعبين العراقي والسعودي بإقامة افضل العلاقات الاخوية وبما يساعد في تحقيق الامن والاستقرار في البلدين وبما يحقق ايضا الازدهار والتقدم لهما والقطع نهائيا مع الماضي الذي اتسم بالعلاقات السلبية المتوترة التي اضرت, دون شك, بالشعبين والبلدين.

    [الصباح]
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media