امريكا تلبي طلب النجدة والمستنجد يشكك بمراميها
السبت 20 سبتمبر / أيلول 2014 - 15:35
فاضل بولا
لم تتوانَ الولايات المتحدة من تلبية طلب العراق في التدخل العسكري لمساعدته في الحد من خطورة مسلحي الدولة الإسلامية الذين اخترقوا العراق كالسهم ، وفرضوا سيطرتهم على ما يقارب ثلث مساحته . واقتصر التدخل الأمريكي ــ حسب ما تـم اقراره في الكونغرس ــ علـى السلاح الجـوي فقط ، مستبعداً ارسال اية قوات عسكرية الى العراق للمشاركة ميدانياً في قتال ( داعش ) وصرح الرئيس اوباما بهذا ، مؤكداً استحالة دخول اية قوة عسكرية امريكية مقاتلة الى الساحة العراقية .
ولم تتوقف الإدارة الأمريكية عند هذا الحد فقط ، بل تزعمت الحراك الدولي للوقوف بجانب العراق في تقديم المساعدات العسكرية السريعة ، من الأسلحة والعتاد بالإضافة الى مستشارين عسكريين لتفعيل قدرات القوات العراقية والـﭘيشمرﮔة لمساعدتها في التحرك الميداني .
وباعتراف الجهات العراقية المسئولة ، وما تنقله الوسائل الإعلام الدولية والإقلمية المتابعة لسير المعارك مع داعش ، أن دخول الطيران الأمريكي على الخط في المهام القتالية ، غيَّـر الى حد كبير في نتائج المجابهة لصالح العراق بالنسبة للجيش و( الـﭙيشمرﮔــة ) وليس ثمة عراقي ــ في موقع المسئولية او في الشارع ــ لا يعرف هذه الحقيقة كمتابع لمجريات القتال .
واليوم ، تتبارى أصوات من هنا وهناك ، في التسويف والتشكك والتحذير من خطورة مشروع امريكي دولي ، يعيد دخول قوات المحتلين ثانية الى العراق ، لا بل يُـذكّرون الناس برهبة تلك الأيام متناسين بأن احداثها كانت من صنع الصراع الطائفي الذي تفجر منذ اول يوم لسقوط النظام السابق ولحد هذه الساعة . وهو الذي اشعل النار التي لا امل في اخمادها ، لا في الآن ولا فــي الأوان القريبة . والعملية السياسية في اقامة الدولة منذ الولاية الأولى ، كانت متعثرة واستمرت وزادت تعقيداً بخروج القوات الأمريكية من العراق على نحو واضح لا يمكن التستر عليه . واليوم ليس هناك منصف ، من يغض الطرف عن هجمة الإنفجارات التي تضرب جميع انحاء بغداد وكأنها ساحة ثانية لمقاتلي الدولة الإسلامية . الى جانب ذلك لازالت ظروف تشكيل الدولة تمر بصعوبات يُخشى من عواقبها .
تتسابق الدعوات من المنابر في تحذير الشعب من مغبة المشروع الذي تتزعمه امريكا ، وتحملها مسئولية كل ما يحصل اليوم في العراق ، وتفسر وقوفها العسكري الى جانبه في محنته ، بهيمنة جديدة على مقدرات البلاد . وثمة اصوات تصرخ وتفسر بأن الحلف الدولي الذي دعت لــه وترأسه ( امريكا ) خير وسيلة لها للمساس باستقلالية القرار العراقي . واصوات اخرى تهيب بالجماهير للتظاهر تنديداً بنوايا الشريرة للإدارة الامريكية وخدعتها في مشروع المساعدات الدولية .!!
الأمين العام لمنظمة بدر ، يقول في المشروع الأمريكي بأنه سرقة الإنتصار الذي تحققه القوات الأمنية والحشد الشعبي ، وثمة اصوات من داخل البرلمان العراقي تدافع عن هذا الرأي وتضرب المثــل بفــك الحصار عن مدينة ( آمـرلي ) وتتباهى به بأنــه ثمرة بطــولات قوى اسلاميــة لا غيرهــا ، وتسوِّغ تشكيل هيئة من نواب دولة القانون للتعبيـر عن هذا الرأي والدفاع عنه ولتبني اهميته رسمياً . هؤلاء هم اعضاء مجلس النواب الذين ينتظر منهم شعب العراق ارهاصة جديدة لتجاوز كل المثبطات التي سببتها الأخطاء والأغلاط والترهل لابل الإستهانة بحقوق الشعب .
ويؤكد الشيخ محمد مهدي الآصفي في خطبته ، بأن هذا الحلف الذي اسرعت امريكا في الدعوة اليه اتى على خلفية ما اجترحته الحشود الواسعة من شباب العراق في ميادين القتال في انتصارها الباهر في قهر العدو . وكأني به يقول ابعدوا امريكا عن الساحة ، خوفاً من تجييرها للنصر باسمها واشعروها بانتفاء الحاجة كلياً الى ايــة مساعــدة منها .. ولا منفعــة لنــا حتى فــي طياراتها الحربية.. كفانا الله شرها .
أما الناطق باسم المرجعية ، يحذر من أن يكون هناك تدخـل امريكـي فـي استقلاليــة القــرار العراقي ، في الوقت الذي يوجه الرئيس الإيراني ( حسن روحاني ) النقد الى الإدارة الأمريكية برفضها ارسال القوات الى ارض العراق ، للمشاركة الفعالة في قتال مسلحي الدولة الإسلامية . وعلق في هذا السياق سائلاً " هل تتخوف امريكا من سقوط جنودها قتلى في ساحة المعركة .؟"
كم يعني هذا من تجاهل سقوط الاف الضحايا التي خسرتها امريكا من قواتها في تأمين الأوضاع الأمنية في العراق ، ايام تحوله الى جحيم بسبب الصراع بين السنة والشيعة والذي كانت إيران ضالعة فيه من جانب والسعودية مـن جانب آخـر . سؤالنا للرئيسي الإيراني " ترى لماذا لم تحرك ايران قطعاتها العسكرية التي تفاخر بها العالم ـــ وانتم تزعمون بأن امن بلادكم من امن العراق ــ لتقطع الطريق امام خدعة أمريكا وحلفائها .".!! كيف يتم تفسير هذا التقاطع بالآراء والتخريجات بين ما صرح به الرئيس روحاني وبين ما تقوله وتطالب به المنابر العراقية مثيرة كل هذا الصخب والتوقعات تفيد بأن اسقاط الدولة الإسلامية التي اسسها (داعش) في العراق ، لم يأتِ بشحذ همة الجماهير وتعبئتها بأرقام كبيرة حشرت لتقاتل الى جانب جيش ، يقول عنه خبراء عسكريون بأن نصفه غير جاهز للقتال ، والوقائع على ارض المعارك لا تكذب هذا التقييم . إذن فمن تخدم يا ترى هذه البلبلة والمزايدات ، والأمة العراقية تتجرع المرار وصابرة على شيء امر من الصبرِ .
أن داعش لا تقتصر على مقاتلين ميدانيين فقط ، بل إنها تنظيم ذات اساس خلوي ، لها من الخلايا النائمة كالزنابير في نخاريبها ، ومنها تنطلق خفية ، لتأخذ انتشارها السري بين العراقيين وفق ماتسمح لها نوعية السكان وانتمائها وطبيعة الأماكن القائمة فيها .
وهذه بغداد العاصمة تشهد احداثاً تراجيدية مروعة في تفجيرات على اطراف مهمة منها ، حيث التجمع الأهلي الكبير وبالتزامن مع القصف بالهاونات . وادهى من هذا ، هو شمول مدينة الكاظمية بالقصف ومن ثم محاولة اختراقها من قبل المسلحيين في وضع النهار للهجوم على ( سجن حماية القصوى ) بغيةً تهريب السجناء منه .
اهذا هو الإنتصار المزعوع الذي يتم التفاخر به الى درجة استهجان الدعم العالمي ونسف اهميته البالغة في هذا الوضع المزري جداً الذي يمر به العراق .؟ ومثلنا في هذا يقول " يستنجد من الغرق بمنقذ لايؤتمن جانبه "
ما هكذا يا سـعـدُ تُسقى الإبلُ ..!!