التنازل عن حقوق شعبنا لإرضاء الاقليم ... سيسقط الثقة بالحكومة...
    الجمعة 26 سبتمبر / أيلول 2014 - 21:22
    أ. د. حسين حامد حسين
    التنازل عن حقوق شعبنا لإرضاء الاقليم ... سيسقط الثقة بالحكومة ... وستحل اللعنة على الخانعين والمنبطحين ممن لا يتعاملون مع المسؤولية بوطنية...!!

    في الوقت الذي يعاني به شعبنا ومنذ احدى عشرة سنة مع مطالب الاقليم التي لا نهاية لها أبدا، تزداد الحياة العراقية معانات جديدة مع البعثيين السنة في تبؤهم المواقع الحكومية من جهة اخرى!  ومع ان كلا الفريقين قد اثبت عدم ولائه للعراق وشعبه ، كما وان القيم الوطنية بالنسبة لكليهما لا تعني اكثر من البحث عن تحقيق المصالح وطرح المطالب التعجيزية لارباك عمل الحكومة والاستهتار بحقوق شعبنا، فأن مسعود برزاني والبعثيين السنة لا نعتقدهم يشعرون بأفضال هذه الحكومة الجديدة عليهم ، وان أصبحت الاوضاع الان في متناول ايديهم . فهم يحاولون استغلال الظروف الجديدة واستثمارها ببشاعة قبل فوات الاوان وعلى حساب الملايين العراقية المظلومة. ومع ذلك، فالمشكلة ، ان الاكراد والبعثيين من السنة لا يزالون يعتبرون أنفسهم "مظلومين" و"مهمشين" و"مغلوبين على أمرهم" في حين ان الاحدى عشرة سنة الماضية كانت مجرد معارك ضد ابتزازات الاقليم وارهابي البعثيين من السنة. وبدلا من شعورهم بالامتنان من شعبنا الصابر على بلواهم وكيدهم ضده، وجدنا ان حكومة العبادي تساهم الى حد كبير بجعل كلا الفئتين تشعرأنها " طبقة متميزة" ...فتسارع لتقديم السمع والطاعة لهم، أما الملايين العراقية الاخرى ، فهم مجرد خلق الله "المنسي" على الارض!!!
    فالمشكلة القائمة ومنذ 2003، هي ان هذه الجماعات السنية المتشددة ، تجد لها من يدافع عنها من قبل الولايات المتحدة "حقا او باطلا" ، فضلا عن الدعم المادي والاعلامي واللوجستي من قبل تركيا والسعودية وقطر والاردن على حساب نشر الارهاب والقتل العشوائي وتهجير شعبنا ونزوحه من دياره. 
    كما ومنذ احدى عشرة سنة ، وموضوع الاقليم وقيادة السيد مسعود برزاني وعودة البعثيين للسلطة ، تقف كعقبة كأداء امام استقرار الوطن العراقي ، وكان تدخل الولايات المتحدة بعد انتخابات 2010، وفرض اعادة بعض الوجوه البعثية الى السلطة من جانب، والتغافل وغض النظرعن سلوك مسعود برزاني في وقوفه ضد حكومة المالكي المنتخبة وقيامه بسرقة النفط وتهريبه عن طريق تركيا (وهو لا يزال يفعل ذلك الان) ، كان قد اعطى زخما قويا لكل من مسعود برزاني والبعثيين للتسلل والنفوذ الى الواقع الحكومي والذي كان من ابرز تلك الثغرات ، منح مسعود برزاني "حجما" و"وزنا" اكبر من حجمه السياسي . فمسعود برزاني ،  استغل بعنصريته وسياسته الخبيثة ضعف الحكومة العراقية التي كانت مكبلة اليدين ، كذلك كان تحالف مسعود مع (الائتلاف الوطني) لاستمرار تأمرهم ضد المالكي ، وعدم مبالات عمار الحكيم ومقتدى الصدر للطائفة في سعيهما البقاء في كرسي السلطة ، وبما جعل برزاني يستقوي ويساوم ويبتز ذلك الضعف من اجل مصالحه الشخصية والعشائرية.
    ولما لم يكن ما تحقق للاكراد كاف بنظر مسعود برزاني ، فقد عمد الى محاربة شعبنا من خلال الوقوف بوجه الحكومة الاتحادية، فراح يؤوي الارهابيين والمجرمين في الاقليم ، وعمد الى تشكيل تحالف للوقوف ضد حكومة المالكي، فهرع الى ذلك التحالف جميع من لم يكن له ولاء للعراق. فكان عمار الحكيم ومقتدى الصدر وعادل عبد المهدي واياد علاوي واسامة واثيل النجيفي ، من بين اشد السياسيين عداوة لشعبنا، ولا يزالون .
     فأساليب الضغوط والابتزازات والتهديدات وسحب وزراء الاقليم من الحكومة وسرقة النفط العراقي وبيعه ومد الانابيب النفطية عبر تركيا وانتفاء وجود اي علاقة رسمية للحكومة الاتحادية على الاقليم وعدم خضوعه لها وعدم اعترافه بها الا بقدر ما يطالبون بالمزيد من المصالح لقوميتهم من جهة ، وحملات التشهير وتشويه الحقائق والافتراءات امام العالم والتباكي لدى منظمات حقوق الانسان ضد الحكومة الوطنية المنتخبة من قبل البعثيين السنة ، فانها أخير يبدوا قد أتت "أكلها" ، لتدين الحكومة العراقية "الظالمة" !!! فكانت نتائج تلك الافترائات نجاحا وانتصارا كبيرا لهؤلاء "بحجة المصالحة الوطنية" ، التي منحت من خلاله الادارة الامريكية للسيد مسعود برزاني والبعثيين ، شعورا أرعن "بثقة عالية" ونوع من "احتضان" خاص.
    أن لعبة الادارة الامريكية هذه ، ليس لانها تنظر الى هذين الفئتين كجديرين بالثقة، لكنها ، تجدهم "ألافضل" من كل ما متوفر من بقية الكتل العراقية لتسخيرهم من اجل مصالحها في العراق . فالادارة الامريكية ، تدرك جيدا ، ان كلا الفريقين ، مسعود والبعثيين السنة، لهم نقاط ضعف كبرى ، وهم وراء كل مشاكل العراقيين ، وان كلاهما يستميتان من اجل الهيمنة على السلطة واضعاف الحكومة الاتحادية ، والسعي لاضعاف الغالبية الشيعية  وزيادة فقرها وتهميشها، وتعلم ان موقفها هذا لا يلقى قبولا من الاغلبية العراقية ضدها ، لكنها ، وكما كتبنا عن ذلك كثيرا، ان الادارات الامريكية كانت تبحث ومنذ 2003 عمن يستطيع ان تجعل منه حاميا لمصالحها في العراق من خلال معادلة "الضمانات" التالية ، ومن خلال عاملين :
    الاول : ان تكون علاقة تواطئ في مصالح متبادلة بين الطرفين، فعلى سبيل المثال ، ان الادارة الامريكية تدرك ان الاقليم يقوم بسرقة ثروة الشعب العراقي النفطية وبيعها بابخس الاثمان في الخارج، وقد قامت هذه الادارة في تصريحاته العديدة في الماضي القريب لادانة تجاوز الاقليم على الدستور، في تهريب وبيع النفط بدون موافقة الحكومة الاتحادية ، وهي بذلك قد حددت نقطة الضعف قانونيا لدى الاكراد ضدهم. من جانب اخر ، ان الادارة تبدي لهم رعايتها بشكل علني ايضا اليوم ، لكي تضمن طاعة الاقليم المطلقة لها. ومن اجل ذلك، فهي تحاول في نفس الوقت ، ومن خلال اظهار تبنيها للاقليم ، وتحت تبريرات مساعدة الاقليم ضد عصابات داعش الارهابية ، في حقيقته ، هو لمنح الاكراد "جميع" مطالبهم ، وردع الحكومة الاتحادية من ممارسة ضغوط ضد استمرار مسعود برزاني في مواصلة التجاوز على الدستور!!
    كما وان الادارة الامريكية، مطمأنة من أن مسعود برزاني في علاقته "الوفية" مع اسرائيل ، هي ضمانة اخرى لها ولاسرائيل في زرع مكاتب المخابرات والاستخابرات في اربيل لرصد تحركات ايران في المنطقة.
    كذلك ، فهي ايضا رسالة غير مباشرة لحكومة العبادي ، في عدم اتخاذه مواقف لا تتسم "بالطاعة" للولايات المتحدة لتجنب مواقف ربما تكون اكثر "قسوة" ضد الحكومة الجديدة ، كما فعلت مع رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي ، بعد ان قامت "بإلغاء" نتائج صناديق اقتراع الشعب العراقي لتحل محله من تجد فيه اكثر "طاعة" لها.  
    فتحت مسميات "المصالحة الوطنية" ، فان الادارة الامريكية ، قد قامت بفرض البعثيين السنة فرضا في الحكومة الجديدة ، وهي مصالحة مشبوهة مع ارهابيين ومجرمين بعثيين ممن صدرت بحق الكثير منهم ادانات قضائية بعد ان ثبت تورطهم في قضايا دعم الارهاب ، من اجل نشر الفوضى البعثية من جديد في المجتمع العراقي، والتجاوز على الدستور وضرب القيم والمعايير الديمقراطية عبر الحائط .
     ولكن، من حقنا ان نتسائل ، هل تعتقد حكومة العبادي ان نوري المالكي كان مفتريا على شعبنا عندما صرحت حكومته ان الارهابيان طارق الهاشمي ورافع العيساوي قد تمت ادانتهما وحكم عليهما قضائيا ، لكي يأتي الان خونة امثال اسامة واخيه اثيل النجيفي واياد علاوي ليكونوا وسطاء لرافع العيساوي الذي شهدت حمايته على ضلوعه في الارهاب ، من اجل تبرأته واعادته الى العملية السياسية ...؟؟؟!!
    نأمل أن تصحوا يا دكتورحيدر العبادي ... فانتم مسؤولون امام شعبنا لا الادارة الامريكية ، ونرجوا ان لا نراكم تأتمرون لغير شعبكم وخدمته ، فالعراق لا يزال يفتخر بالكثير من الوطنيين الكبار الذين لا تهمهم امريكا واساطيلها امام الحق والعدالة من اجل شعبنا والتي يحاول البعض وأدها.   
    فالولايات المتحدة تدرك جيدا ، ان بعض العشائر السنية المتطرفة في المحافظات الغربية متورطة في دعم داعش امثال الارهابي علي حاتم سليمان وخميس خنجر وغيرهم . كما وان بعض القيادات السنية، لا تعترف بهؤلاء البعثيين السنة في حكومة العبادي، لانهم بنظر هؤلاء لا يمثلون رأي وثقل الشارع السني العراقي . فضلا ، ان الادارة الامريكية تدرك جيدا ، ان السنة البعثيين يعانون من كراهية العراقيين الشديدة لهم نتيجة افعالهم الكارثية في المجتمع والتي اوصلت العراق الى ما عليه اليوم من ظروف لا يحسد عليها ، وعلى حساب الملايين من العراقيين في الوسط والجنوب ، الصابرون على هذا البلاء وغيره !.
    واليوم ، لم يعد هناك شيئا مخفيا عن شعبنا ، فكل شيئ كشفته الاحداث وبوضوح تام. فنوايا مسعود برزاني بالانفصال مسألة لا جدال عليها ، ولكن الاكراد لا يجرؤون على ذلك، لادراكهم ان الانفصال سيكون وبالا وخرابا عليهم ، ولذلك فانهم يستخدمون مسألة الانفصال كورقة ابتزازوتهديد.  وهم يدركون جيدا ، أن شعبنا يتمنى انفصالهم اليوم قبل غد، وانهاء حالة هذا الكابوس الذي كان سببا في جميع مشاكل العراق .
    فقد كشفت الاحداث الاخيرة حقيقة مسعود برزاني تماما، وكانت مواقفه العلنية في معاداته القضية الكردية ورفضه ايواء الاكراد الهاربين من سوريا بعد ان أغلق الحدود بوجه النازحين ، فضلا عن خيانته الكرد الايزديين، وبحفره الخندق لعزل كردستان الغربية عن اقليم كردستان، فضلا عن عدم اعترافه بالتجمعات الشعبية في المناطق الكردية السورية ، كل ذلك ، قد أسقط القناع عن السيد مسعود برزاني ولم يعد ذاك "البطل" القومي الذي كان يتبجح به اعلام اقليمه !!! 
    أما "اسطورة" البيشمركة، فقد تجلت من خلال مجابهتها مع داعش ، من انها لم تكن سوى اسطورة بائسة عاشت فقط في مخيلة مسعود برزاني وقيادات حزبه ، حيث كان يهدد ويتحدى بها قواتنا العراقية البطلة ، والى درجة ان يجرأ وزير البشمركة ، على التصريح ان البيشمركة  قادرة على "قطع اصابع الجيش العراقي"!! ، ولكن الحقائق الجديدة قد كشفت ان قدرات هذه القوة الكردية وامكاناتها لم تكن سوى "وهما" بائسا ، وواحدا من الاساطيرالاعلامية التي لا وجود لها سوى في سجلات افتراءات الاقليم على الواقع العراقي ، وما أكثرها. فقد هربت قوات البشمركة امام داعش في سنجار متخلية عن اسلحتها ومعرضة الاف المدنيين لانتقام داعش ، حتى كادت داعش تجتاح اربيل لولا فضل الله وطائرات الرئيس اوباما، في حين انهم يحاولون الاسائة الى معنويات وبطولات قواتنا البطلة من خلال مؤامرة الموصل!!
    ونريد هنا ، ان نوجه هنا كلمة اخيرة الى حكومة الدكتور العبادي، ان السيد مسعود برزاني وقيادات الحزب الديمقراطي ، وبعد ان تكشف واقع امكانتهم السياسية والعسكرية وارتباطاته باسرائيل وعدم سماحه للحكومة الاتحادية ان تفرض وجودها الرسمي والسيادي والمعنوي على حكومة الاقليم على أرض الواقع، فباعتقادنا ، ان الاقليم لم يعد "البعبع"الذي يستطيع تهديد شعبنا والحكومة الاتحادية كما كان يفعل دائما. ونرى انه يجب على حكومة العبادي التعامل مع مطالب الاقليم وفق مباديئ الدستور والتصرف معه كأي محافظة عراقية اخرى ، وعدم الاستجابة لابتزازاته وتهديداته حتى وان كانت الولايات المتحدة من تقوم برعايته وتشجيعه على التمادي والاستهتار.
    وأن أي تهاون او تنازل عن حقوق شعبنا من اجل ارضاء الاقليم ، سوف يغضب شعبنا ، وتحل لعنته على كل الخانعين والمنبطحين ممن لا يرون في الدفاع عن شعبنا نوعا من الوطنية والشجاعة المطلوبة .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media