هل يتراجع الدعم الدولي للعراق ضد داعش بسبب اشتراطاته؟
    السبت 27 سبتمبر / أيلول 2014 - 10:07
    مقابلة إذاعية، إعداد وتقديم ملهم الملائكة
    فيما يلتئم الموقف الدولي باتجاه ضرب داعش تحت مظلة تحالف دولي شاركت فيه دول عربية طالما اتخذت مواقف متعاطفة مع الاسلام المتشدد ، بدأ الموقف العراقي مرة اخرى بالتشرذم ، وصارت بعض نخبه السياسية تغرد بالضد من توجه الموقف الدولي، مقاربة بذلك مواقف ايران من ضرب داعش. (DW) في ألمانيا بالتعاون مع راديو دجلة في العراق حاورت الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الخالق حسين في 25/9/2014 وناقشت معه احتمالات تراجع الدعم الغربي عن حكومة العراق في ظل المواقف الجديدة.

    س1. يبدو أن حكومة العراق غير متفقة بشأن الدعم الغربي، خاصة  بعد أن أعلنت إيران اعتراضها على ضرب داعش، ما تعليقك على ذلك؟
    ج: شكراً جزيلاً على دعوتكم الكريمة.
    فيما يخص اشتراطات بعض قادة الكيانات السياسية، فعلاً تبدو أنها مفارقة غريبة وعجيبة، لا تحصل إلا في العراق، حيث نرى العالم كله يقف في وحدة متراصة تمثلت يوم أمس (24/9/2014)، في اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي، برئاسة الرئيس أوباما، وحضره رؤساء 15 دولة وصدر قرار بالإجماع لدعم العراق في حربه على الإرهاب، بينما نجد المسؤولين العراقيين غير متفقين على هذا الدعم، وحتى قسم منهم معارض لضرب داعش، وخاصة من فئة المستهدفين بحرب الإبادة من قبل داعش، ومن يدعم داعش. هذا الموقف هو نتيجة التدخل الإيراني الفض بالشأن العراقي. ويبدو أن إيران تريد التضحية بالعراق وبشيعة العراق خاصة، من أجل مصالحها. ومع الأسف تتمتع إيران بنفوذ سياسي في العراق عن طريق كيانات سياسية لها مليشيات مسلحة، تغدق عليها بالمال والسلاح، وهناك كيانات سياسة مستعدة لبيع الوطن في سبيل حفنة من الدولارات.
     
    س2. كيف يتسنى للغرب ان يدعم حكومة العراق وقواتها فيما يقول قادة عراقيون بارزون إنهم سيهاجمون القوات الأمريكية إذا دخلت العراق، " ان عدتم عدنا " ؟
    ج: الحكومات الغربية وباستخباراتها الواسعة والقوية تعرف جيداً تعقيدات الوضع العراقي، وأن كياناته السياسية ليست موحدة، وأن النظام السياسي الديمقراطي الذي يتمتع به العراق الجديد يسمح لهذه التعددية في المواقف والآراء، ويسمح لها بإسماع صوتها للعالم، ولكن في نفس الوقت يعرف الغرب أن هذه الأصوات المخالفة هي أصوات الأقلية من الكيانات السياسية التي ولائها لجهات أجنبية وليس للعراق. ولذلك فهي لا تمثل غالبية الشعب. فالغالبية العظمى هي التي تمثلها الحكومة والتي طالبت بالدعم الدولي. فهذا التحرك الدولي جاء استجابة لدعوة رسمية تقدم بها رئيس الحكومة العراقية الدكتور حيدر العبادي، قدمها إلى أمريكا وبريطانيا وغيرهما في المجتمع الدولي إثناء حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم العراق في حربه على الإرهاب الداعشي. وجاءت الاستجابة بسرعة و بقوة وبالإجماع. لذلك سوف لا يهتم الغرب بهذه الأصوات النشاز التي تردد شعارات صبيانية مستوردة من إيران مثل: (كلا كلا أمريكا)، (وإن عدتم عدنا)... وغيرها من العبارات الضارة بسمعة العراق، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.

    س3. ظاهر المشهد في العراق، أنهم ما زالوا مختلفين حول المغانم السياسية، وليسوا متفقين حول أسلوب الحرب على الإرهاب، ما تعليقك على هذا؟
    ج: هذه الظاهرة معروفة وعادية في العراق، فالشعب العراقي منقسم على نفسه، وخاصة كياناته السياسية التي تتصارع على مغانم السلطة والنفوذ والثروة، وهي ليست فقط غير متفقة في أسلوب الحرب على الإرهاب، بل هناك كيانات سياسية مشاركة في الحكومة تعارض الحرب على الإرهاب أصلاً، وهناك مؤتمرات عقدت في عمان وحتى في العراق لدعم داعش وتسميهم بالثوار. و كما بينتُ أن هناك كيانات سياسية ولاءها لحكومات أجنبية، وهؤلاء رغم أنهم يدينون الإرهاب الداعشي علناً، إلا إن أجنداتهم مع بقاء داعش، لذلك يعارضون الدعم الدولي للعراق بذرائع واهية مثل إدعائهم أن الدعم الدولي يسيء للكرامة والسيادة الوطنية وغيرها من المعاذير الفارغة.

    س4. كثافة ضربات التحالف الدولي على مواقع داعش في سوريا، تكشف توجها جديا للقضاء على التنظيم، لكننا لا نلحظ مثل هذه الكثافة في العراق، ما تفسيرك لذلك؟
    ج: تفسيري هو أن تجمعات داعش في العراق موزعة على مساحات واسعة تبلغ ثلث مساحة العراق، وبشكل غير مكثف. والقصف الأمريكي على مواقع داعش في العراق أعطاهم شعور واهم بالأمان الزائف في سوريا بأن مدينة الرقة وغيرها من المناطق السورية التي يحتلها داعش. وهذا الشعور بالأمان الزائف جعل أعداداً كبيرة من الدواعش بالفرار من العراق إلى سوريا وتكثيف وجودهم في مصيدة في الرقة وغيرها. لذلك حصلت كثافة ضربات التحالف الدولي على مواقع داعش في سوريا.
    وخلافاً للوضع السوري، في العراق هناك البديل القوي لدحر داعش حيث القوات العسكرية العراقية مدعومةً بالحشد الشعبي وقوات البيشمركة، إضافة إلى القوة الجوية العراقية والأمريكية. بينما هذه الإمكانيات غير متوفرة في سوريا لذلك يعوض عنها بالقصف الأمريكي المكثف. 

    س5. في الصقلاوية يدور الحديث عن هجوم سكان الفلوجة ضد الجيش العراقي وقتلهم، كيف يمكن للتحالف الدولي أن يتدخل في هذه الحالة؟
    ج: التحالف الدولي لا يمكنه التدخل إلا بالقوة الجوية فقط في الوقت الراهن على الأقل، لأن الحكومات الداعمة تواجه معارضة من شعوبها وبرلماناتها على إرسال قوات برية إلى العراق، إضافة إلى أن العراق لا يحتاج إلى قوات برية أجنبية، إذ يبلغ عدد منتسبي القوات المسلحة العراقية حدود المليون، من ضباط وجنود وإداريين. فكل ما يحتاجه العراق من الدعم الدولي في هذا الخصوص هو دعم الجيش العراقي بالتدريب والمعدات والمعلومات الإستخباراتية والغطاء الجوي وليس بالقوات البرية.
    أما الحديث عن هجوم سكان الفلوجة ضد الجيش وقتلهم أعتقد أنه مبالغ به، كيف يمكن لسكان عزل أن يقتلوا جنودا مدججين بالسلاح؟ فهذا القتل الذي حصل، هو من قبل الدواعش المتحالفين مع فلول البعث الذين معظمهم كانوا ضباط في الحرس الجمهوري.
    كذلك جاء هذا التصعيد في قتل الجنود العراقيين على أثر بيان رئيس الحكومة الدكتور العبادي بوقف القصف الجوي على مراكز تجمعات داعش في المدن وذلك استجابة لنداءات مشبوهة بوقف القصف بحجة الخوف على المدنيين. في الحقيقة لم يكن القصف عشوائياً إذ لا يتم إلا بعد الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة عن تواجد الإرهابيين في أماكن معينة، لذلك استغل الإرهابيون وقف القصف لصالحهم، وتكثيف جرائمهم. كما وأصدرت قيادة فلول البعث ما يسمى بـ(القيادة القومية) بياناً حثت فيه الإرهابيين على استغلال وقف القصف الجوي لإنزال المزيد من الضربات على "الجيش الصفوي" حسب تعبيرهم الطائفي المقيت، وكذلك تصعيد المطالبة في وسائل الإعلام بوقف القصف الجوي. وهذا يؤكد ما قلناه عشرات المرات أن البعث وداعش وجهان لإرهاب واحد. وعلى الحكومة العراقية إعادة النظر في موقفها من وقف القصف الجوي على الدواعش في المدن، فالطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة. 

    س6. عدنا نسمع النغمة القديمة، عن السيادة الوطنية، وعن مخاطر الاستعمار، وعن مطامع أمريكا في العراق، كيف هذا والعراق وسوريا يتوسلان بالمجتمع الدولي للتدخل؟
    ج: كما بينت ، إن ترديد هذه النغمات: السيادة الوطنية، وعودة الاستعمار، ومطامع أمريكا في العراق لنهب ثرواته النفطية...الخ، ليس جديداً وإنما هي أقوال حق يراد بها باطل، يحاولون بها خدع البسطاء من أبناء شعبنا، ولكن مع الزمن اكتشف شعبنا زيف هذه الأقاويل بعد أن خدعوه لعقود من السنين، والآن حصلت عنده مناعة ضد هذه النغمة النشاز. والغريب أن أغلب الذين يرددون هذه الأباطيل هم عراقيون مقيمون في الدول الغربية التي وفرت لهم العيش الكريم والحرية والأمان، ولكن إذا ما حاولت هذه الحكومات الغربية مد يد العون والمساعدة إلى الشعب العراقي لدحر الإرهاب، رفعوا عقيرتهم بالصراخ وامعتصماه، الكرامة الكرامة.. السيادة الوطنية في خطر. وإذا ما دعونا المجتمع الدولي بدعم العراق يتهموننا بالعمالة والانبطاح لأمريكا وغيرها من الاتهامات الجاهزة. 

    س7. بغداد تهددها داعش، ولذا نرى ان ضربات أمريكية قد وجهت إلى مناطق شمال وجنوب بغداد، كيف تفسر برود النخب السياسية تجاه هذا التهديد؟
    ج: يمكن تفسير هذا البرود إلى سببين لا غيرهما: الأول هو أن بعض هذه النخب هي الأذرع السياسية والوجوه المرئية للإهاب البعثي- الداعشي في العملية السياسية. والثاني: أن هناك كيانات سياسية مؤيدة للضربات الأمريكية لداعش ولكنها جبانة تخاف من اتهامها بالعمالة لأمريكا من قبل الفئة الأولى والإعلام المضلل الذي يستخدم الإرهاب الفكري ضد المخلصين من السياسيين والكتاب العراقيين. لذا نهيب بالناس المخلصين أن يتخذوا مواقف شجاعة مما يجري في العراق وأن لا تأخذهم في الحق لومة لائم، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
     
    س8. بعد هذه المواقف، هل ترجح أن يستمر التحالف الدولي بخطة الإسناد الجوي للعراق وسوريا؟
    ج: نعم، وبلا شك، وخاصة في الاسناد الجوي، لأن هناك قناعة لدا الحكومات وخاصة الغربية، وبالأخص أمريكا وبريطانيا وفرنسا بعد أن تم ذبح مواطنين لهذا الدول يعملون في مجال الصحافة وحقوق الإنسان وتقديم المساعدات الإنسانية للأهالي المنكوبين، تم ذبحهم في سوريا بطريقة وحشية بربرية أثارت سخط واشمئزاز العالم المتحضر أجمع، كذلك جرائم داعش في العراق في إبادة الجنس ضد الشيعة والمسيحيين والشبك والأيزيديين وغيرهم. لذلك، تأكدت هذه الحكومات وشعوبها أن الإرهاب هو دولي ويهدد الإنسانية والحضارة البشرية، لذا يجب سحقه ودحره، وإلا سيصل الحريق إلى بلدانهم، خاصة هناك نحو ألفين من الدواعش من أوربا، بينهم  500 داعشي من بريطانيا وحدها، فعند عودتهم إلى بلدانهم لا بد وأنهم سيقومون بالإرهاب في هذه البلدان التي آوتهم. لذلك أعتقد جازماً أن الدعم الدولي للعراق وسوريا هو جدي وسيستمر إلى أن يتم سحق الإرهاب بالكامل.
    25/9/2014
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * استمع الى الحوار كاملا وحوار حول سوق النخاسة الداعشي في تلعفر ، ومسرحية من الادب الكلاسيكي الالماني على الرابط التالي
    http://www.dw.de/بعد-مواقف-بغداد-هل-يتجه-الدعم-الدولي-إلى-كردستان/a-17955060 

    د. عبد الخالق حسين : هل يتراجع الدعم الدولي للعراق ضد داعش بسبب اشتراطاته؟
    http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=689
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media