الإرهاب يخدم أعداء الإسلام
    الأثنين 29 سبتمبر / أيلول 2014 - 07:23
    زهير كاظم عبود
    تمكنت التنظيمات  التي تدعي تمسكها بالإسلام المتطرفة  الإرهابية منها  وغير الإرهابية أن تقدم اساءة بليغة للإسلام ، وتمكنت  هذه التنظيمات أن تعطي صورة همجية ودموية في فهمها للإسلام كدين ، ونشرت صورة بالغة الغشاوة والتعتيم من أن الإسلام دين يدعو لقتل المخالفين واهل الديانات الأخرى ، كما ضمت تلك التنظيمات عناصر مأزومة نفسيا ومكبوتة جنسيا واجتماعيا لتعبر عن ذاتها فتعكس صورة همجية وغاية في الخسة أمام العالم .
    خالفت الإسلام   في تنكرها للقرآن وفق ما جاء في نص الآية 125 من سورة النحل في قوله تعالى" أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين".
    إن الله سبحانه وتعالى يأمر المسلمين بالمناظرة والجدال ، أي بالخطاب المقنع ، وهو بالنتيجة أعلم بمن ضل عن السبيل ، بدليل ان الله سبحانه وتعالى يقول للنبي في الآية 56 من سورة القصص "انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين". فالحساب عند الله لايمكن لبشر أن يحل محله، انما على الرسول البلاغ " انما انت نذير"، عليك أن تنذرهم وعلينا الحساب ، ولهذا فان الله سبحانه وتعالى لم يخول أية جهة كانت بأن تحل محله في هذا التكليف، وان امر المجادلة يوصل بالنتيجة الى الاقناع ، ودخول الدين دون قناعة يعد بابا من أبواب الإذعان ، ومن ثم لاقيمة لهذا القبول اذا لم يقترن بهذه القناعة ، فكيف الأمر مع من يمارس الجريمة وينحرف عن جادة الإسلام ويمارس افعالا تخالف القرآن والسنة والاجماع في تحليل ما حرمه الله.
    ان ممارسة الجرائم التي طالت البشر على اختلاف اجناسها والوانها وقومياتها من هذه التنظيمات التكفيرية والمتطرفة في ممارستها الأعمال الإرهابية وقتل الناس الأبرياء انما تشكل صفحة غادرة وخسيسة مضادة للإسلام دين الرحمة والمغفرة والمجادلة والقناعة والوسطية ، وما قطع الرؤوس وحز الرقاب بالسكاكين الا صورة همجية تعكس حالة نفسية مريضة يمارسها افراد تلك الجماعات ، واما التمسك ببعض الأفعال التي كانت في صدر الإسلام فإنما كانت تتناسب مع عصرها ومكانها وفي زمن لم يكن يجتهد فيه اصحاب الفتاوى الدموية ، ولم يكن محلا للتطرف والتخلف والامراض النفسية التي تتلذذ بحز الرؤوس والتباهي بتعليقها، مع أن الإسلام حذر من التمثيل بجثث القتلى حتى مع الحيوانات ، وعرض تلك الصور المرعبة والهمجية تدلل على المقاصد المريضة لتلك الجماعات التي تمكنت من ان تجعل العالم ينفر من تلك الصور، ويصدقها بعض من انها ممارسات اسلامية والدين منها براء .
     ولعل صورة حز رأس الشهيد الحسين بن علي ( ع ) من قبل جيش يزيد بن معاوية بقيادة عمر بن سعد بأمر من عبيد الله بن زياد  ، وارساله الى الحاكم يزيد بن معاوية مرفوعا على رمح ، صورة لم تغب عن بال الكثير من كتب التاريخ، وتوصف بالصورة المريضة والهمجية والبالغة التطرف تلتصق بتاريخ هذا الحاكم المريض ويتبرأ منها الإسلام .
    ولعل تلك الممارسات التي توغل في مخالفة الشريعة الإسلامية من أطلق عليها  جهاد النكاح واللواط والزواج قسرا بالقاصرات والاغتصاب تدلل  ليس فقط على الهمجية وعدم الالتزام بمعايير الأخلاق والقيم ، انما تدلل ايضا على الأزمة النفسية والجنسية المتغلبة على عقلية تلك المجموعات التي لا يجمعها سوى تغييب العقل والشعور بالإحباط والرغبة في الجنس سواء في الدنيا او في الآخرة كما يعتقدون ، فصورة الحور العين والنساء الباكرات الجميلات لم تغب عن بال كل من ترك بلاده واهله وجاء الى هذه البلاد، حالما بنهاية تنهي له كل هذا الإحباط والفشل والحرمان والكبت .
    فالجهاد لا يمكن ان يكون  من مسلم ضد المسلم ، كما لا يمكن ان يكون ضد اهل الكتاب ، ومقاتلة المسلمين في ديارهم دليل اكيد وفعلي على حجم ما تقدمه تلك المجموعات المضللة من خدمة ليس لأعداء العراق أو سورية فحسب، بل لأعداء الإسلام كدين عالمي ليصوره كدين يبيح الجريمة والقتل والدماء والسلب  والإكراه  وانعدام الحرية وغياب الحقوق  ويغيب صورة التسامح والتآخي والسلام .
    علينا أن نعترف جميعا بأن ما قامت به تنظيمات  متطرفة وإرهابية تدعي التزامها بالإسلام اساءت بصورة بالغة لصورة الإسلام وحقيقته  ، وإذا كانت هذه  التنظيمات قد خالفت قيم ومبادئ الإسلام فانها بالتأكيد خالفت القيم الإنسانية المشتركة بين البشر .
    واذا كان المشروع التخريبي الذي تنهجه هذه التنظيمات يبتعد عن الاطر السياسية والمذهبية، فانه يقدم خدمة كبيرة وصريحة لكل اعداء الإسلام، من خلال منهج تخريبي وهدام ومخالف لأطر الدين وأسسه الانسانية، ويمكن ان نطلق على هذه الجماعات ( خوارج العصر )، والدين منهم ومن افعالهم براء، وما تفعله تلك المجموعات مع اهل الديانات الأخرى مخالفة صريحة وواضحة لقول رسولنا الكريم ( من آذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة )

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media