قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة
    الخميس 29 يناير / كانون الثاني 2015 - 13:30
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    الدواعش وطالبان وبوكو حرام تتلمذوا على أيدى أجدادهم، قساة القلوب وغلاظها، وهم فى تاريخنا كثر. القتل والتعذيب كان وسيلة التقويم والتهذيب، وعقوبة المبدعين والمفكرين والمعارضين. حين قسموا تركة الأجداد كان نصيبهم منها أردأه. يتوارث الأبناء الصالحون فضائل وشمائل الفضلاء، ويتوارث الضالون منهم رذائل وعورات الظالمين والمغتصبين والحمقى، وأجدادنا منهم كثر. فى حادثة مخجلة لأيمن الظواهرى فى السودان، حكم على صبى صغير ابن صديق له بالقتل لأن أحداً قد اختطفه واغتصبه، الظواهرى أفتى بقتل الصبى المظلوم المعتدى عليه، والمؤلم أن الظواهرى نفذ حد القتل فى الصبى، ولم يشفع عنده بكاء الابن والأب. أيهما كان أقسى وأظلم من الآخر، من قتل أم من اكتفى بالتوسل والبكاء؟
    صنعها الخوارج أجدادهم من قبل، كانوا يكفّرون العباد ويبيحون قتلهم، كما كفّروا الإمام على بن أبى طالب وقتلوه. وصل الأمر بهم إلى قتل أبنائهم وإخوتهم، وهذا أحد أجدادهم من خلفاء العباسيين قتل تسعة عشر أخاً له حتى يستأثر بالحكم، وأفتى له الفقهاء بحقه فى ذلك درءاً للمفسدة. أحفاد الخوارج من رجال القاعدة كانوا يشنقون الكلاب، ويسلخونها حية بعد صلبها على الأشجار ليتدربوا على القتل والتعذيب، ليثخنوا فى القتل إذا حان لقاء العدو من الكفار والمنافقين. وهذه طالبان كانت تقتل أبناء ضباط البوليس الأفغانى، وتصلب أبناءهم الصغار على الأشجار تخويفا وترهيبا لمن يفكر فى الانضمام لهم. تعلموا من أحد الخلفاء سلخ جلد من يقف فى طريق حكمه، هذا خليفة عباسى يسلخ جلد ابن عبادة، أحد الخوارج، حياً ثم يصلبه للطير تأكل منه ما تشاء، ووارى بقاياه التراب. هل تتصور أن تنظيم القاعده استجاب لرجل طلب قتل أخيه الزانى تنفيذاً للحد، وسط سعادة بالغة من الأخ، ظناً منه أنها قربى لربه. قالوا لنا فى كتبهم ضلالاً وبهتاناً، وأن الرسول أمر أحد الصحابة بقتل أخيه لأنه أذى الرسول شعرا، وهو الأصلح للوصول إليه لتنفيذ المهمة، فلن يشك أخوه وابن أمه فيه. كذبوا على رسول الله ليبيحوا لأنفسهم قتل الغريب بالقريب. هؤلاء الأحفاد ملتزمون بتراث أجدادهم الظالمين، يتفننون فى تعذيب أسراهم حرقاً، هاك طالبان حشدت العشرات فى مدينة مزار شريف، وأوثقت أرجلهم وأيديهم بعضها ببعض، وأحرقوهم دفعة واحدة، استندوا الى اجتهاد أبى بكر، حين أحرق أحد قطاع الطرق فى عصره، ثم ندم أبوبكر على هذا، تذكروا الواقعة وتناسوا الندم، وفيما روى البلازى أن خالد بن الوليد أحرق بعض المرتدين، ولما وصل الأمر لأبى بكر لم يلمه أو يؤنبه، وقال: «لا أعزل سيفاً سله الله على المرتدين»، اعتبرها الأحفاد حكما يجوز تنفيذه، وأغفلوا اعتراض عمر بن الخطاب على الخليفة، ورضوخه لأمر الإمام كان واجبا، لكنه أسرها فى نفسه وأعفاه عن قيادة الجيش بمجرد توليه الخلافة، أكانت عقوبة مؤجلة، أم اتقاء الخليفة لشر يُسأل عنه؟ الغريب أنهم ورثوا حكم أبى بكر ولم يرثوا حكم عمر. هاك واحد من أجدادهم من خلفاء العباسيين وصل أمر قسوته وظلمه إلى شىّ أحد معارضيه حياً على النار كما يشوى العرب خرافهم. هل أدلكم على أقسى الأجداد؟ إنه المعتضد، الخليفة العباسى، أراد أن يخرج أرواح من يعذبهم من المعارضين من دبرهم وليس كما اعتادت الأرواح أن تخرج لحظة الأنين من أفواههم، ها هو يحفر حفرة ويضع رأس أحد المعارضين فيها، وقدمه إلى أعلى ويردم على رأسه التراب، فلا تجد روح المسكين سبيلا للهروب من هول العذاب سوى دبره!!. الأحفاد أدمنوا حز الرقاب وقطعها وتعليقها على أسنة الرماح وأغصان الأشجار، فعلها جنود جدهم يزيد بن معاوية، قطعوا رأس الحسين بن على، ورؤوس أبنائه وإخوته من الرجال، وطافوا بها، وساقوا بنات البيت الشريف الى الكوفة، ثم إلى دمشق لتقديمهما هدية إلى خليفة المسلمين. فعلها الحجاج بن يوسف الثقفى، كبيرهم الذى علمهم الذبح، لكل من خرج عن حكم بنى أمية ذبحاً بسيفه على رؤوس الأشهاد، حتى لا تينع ولا تنضج رقاب العباد.
    القاعدة، بوكو حرام، داعش، النصرة، يا كل القتلة والظلمة، نحن ورثة الخير والعدل والرحمة من نبينا، وأنتم ورثة القتل والذبح من المضللين. نحن نرى الدنيا فى رضا واطمئنان خلق الله جميعا، كما نراه فى عيون أبنائنا. نحن ندفع بالتى هى أحسن، وأنتم تدفعون الحسنة بالسيئة. نحن ندعو الله بدعاء الخير للدنيا كلها، وأنتم تدعونه بالشر دعاءنا بالخير. نحن على خطى الحبيب النبى، وأنتم ضللكم فقهاؤكم سبل الرشاد. نحن لا نعذب بما يعذب به الله امتثالا لأوامره، وأنتم ورثة من أباحوا لأنفسهم الامتثال لأوامر الشيطان. اللهم اهد قومى فإنهم ظالمون.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media