الكلام المباح .. مَنْ يَسرِق فَرَح النَّاس ؟!
    السبت 31 يناير / كانون الثاني 2015 - 19:11
    يوسف أبو الفوز
    مع بدء مباريات بطولة كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم لهذا العام في استراليا، تحول الجميع من حولي، من أهل بيتي واصدقائي وزملائي، الى خبراء في شؤون الرياضة. لم يغضني الامر أبدا، بالعكس سررت له جدا، فهذا ألامر بالذات ـ عزيزي القاريء ـ من الاشياء القليلة التي تجمع العراقيين وتوحد مشاعرهم وتبعدهم عن تداعيات الاوضاع السياسية ومنغصاتها. حتى صديقي الصدوق، أبو سكينة، ومعه أبو جليل، كان لهما تعليقاتهما بين الحين والاخر، وهم يروننا منشغلين بمتابعة المباريات ومتابعة البرامج الرياضية في التلفزيون. قال أبو جليل مغالبا ضحكة ساخرة:(ألا تلاحظون ان البعض من خبراء الرياضة والمدربين عندنا الذين يتحدثون بالتلفزيون، الله يستر عليهم، اشكالهم مو رياضية، يعني كروش ومروش واشياء اخرى ما ينطلع بيها؟). لكن الاجواء سرعان ما تعكرت في بيت أبو سكينة تماما، وعم الحزن. وقد حدث ذلك عقب فوز منتخبنا العراقي على نظيره الايراني، حين بلغنا خبر اصابة طفل بنت أخت أبو سكينة بطلق ناري طائش نقل على اثره الى الانعاش وهو بين الحياة والموت. لم يوجه ألاب الاتهام الى شخص محدد لكنه أعتبر كل من اطلق العيارات النارية في الهواء مسؤولا عن حياة أبنه.
    الاخباروالتقاريراشارت الى ان مدنا عراقية عديدة، وخصوصا بغداد، شهدت اطلاقا كثيفا للعيارات النارية، واعلنت وزارة الصحة العراقية في بيان لها عن تسجيل حالتي وفاة و89 إصابة، بينهم أطفال ونساء، ومن ضمنهن امرأة حامل.
    حاولنا، ومعي جليل، ان نخفف من اجواء الحزن، بطرق مختلفة، تحدثنا عن التحولات في المناخ في العالم، وعن ترشيحات جوائز الاوسكار، وعن هزائم مجرمي داعش وانتصارات قوانا الامنية. لكننا سرعان ما وجدنا انفسنا في اجواء النقاش حول اسباب هذه الظاهرة الخطيرة المذكورة . كانت سكينة تؤيد بقوة الاراء التي تتحدث عن انتشار القيم العشائرية التي ساعد على عودتها النظام الديكتاتوري المقبور وتعززت مع سنوات الاحتلال وحكومات المحاصصة، بينما ايدت زوجتي الاراء التي تشير الى مستوى الوعي الاجتماعي واوضاع الاجهزة الامنية وعدم فعاليتها في تطبيق القوانين وحماية الناس.
    وسعل أبو سكينة ليشاركنا الحديث فمد ساقه وفرك ركبته وقال: اتفق معكم، ان الحكومة والاجهزة المعنية يجب ان تضع حدا لهذه الظاهرة، وتتخذ اجراءت شديدة بحق مطلقي النار، فالارهابي الداعشي، عدو مكشوف لنا ويسلب ارواح العراقيين بإسم الدين زورا، لكن هؤلاء الرماة يعيشون بيننا ويسرقون ارواح الناس ومعها فرحنا. وللاسف في الحروب والتفجيرات الارهابية يموت العراقي، وايضا يموت حين يفرح ويرقص. ومع كل هذا يطلع لك محلل سياسي في التلفزيون يقول عنه المذيع انه "رفيع المستوى" والشاشة ما تكفي كرشه وعرضه، ويحط هذا "الرفيع" رجل على رجل ويقول لك: "أرفع رأسك أنت عراقي"! أي شلون أرفع راسي والطلقات العشوائية "على الداير داير مندار"!

     * طريق الشعب العدد 119 ليوم الأحد 1 شباط‏  2015
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media