معضلة حقوق لاجئي الارطاوية ورفحاء المستديمة
    السبت 31 يناير / كانون الثاني 2015 - 19:14
    ضياء ليلوة
    بتقدم البعد القبلي والديني و القومي المهيمن على جميع مفاصل الدولة العراقية، تسقط مبادى الدولة المدنية الحديثة و تتراجع فكرة الحياة العصرية لصالح حقبة الانسان البدائي. فتصدرت كل ميادين الحياة نزوات الشخوص بعمقها اللصوصي امام تراجع مبدأ العدالة لدولة المؤسسات. فمن الطبيعي ان يستباح الانسان العراقي لآخر يوم من عمره، و هو يتسائل عن مضمون دولة الحرية والمساواة والإخاء والعدالة.

    اكثر من عشر سنوات مضت منذ تحرير العراق من قبضة ابشع وجه للدكتاتورية شهدتها آلامنا العراقية ولم نشهد فيها المنجزات التي تتفاعل ايجابيا مع قييم الحاضر و تتعاطى مع استحقاقات العصر. لم نشهد سوى تحقيق دولة كالزريبة، تتصارع من اجلها عوائل لا تختلف ابدا من حيث التخلف و الجريمة. فسوقت لنا مآثرها الشخصية و العشائرية و الحزبية كتعبير فني سخيف عن مفهوم الدولة السافلة. تـنضوي تحتها كل علامات الانحطاط و السقوط نحو الهاوية. وكنتيجة حتمية، نشهد تراجع مدهش لقييم المجتمع و لمنظومته الاخلاقية. فيسقط الانسان مع فكرة الوطن و المواطنة بسقوط نخبه السياسية المتكونة من تناقض ديني و قومي و قبلي. فينعكس هذا السقوط و الانحطاط في الفكر والدين والأخلاق والفنون.


    وضحايا معسكرات الارطاوية ورفحاء للاجئين تدخل ضمن هذه التساؤلات، وما زالت قضيتهم تتناثر ورقة بعد ورقة في مهب رياح رجال السلطة  ورغباتهم. وفيما يبدو لن تنصفهم الحكومة اسوة بباقي الشرائح بل اسوة بالبعثيين والفدائيين وباقي المجرمين. وعلى هذا التساؤل، يجب على ابناء رفحاء والارطاوية الاجابة عليه بصراحة تامة قبل اي سياسي.

    فمن دون ادنى شك، يتحمل لاجئي الارطاوية و رفحاء انفسهم مسؤولية هذا التأخيير والمماطلة، وذلك لعدم تضامنهم بالقدر المرجو مع قضيتهم وبما يستحق. فكثير منهم ينصاع بسهولة لرغبات رجل السلطة الذي بات يمتلك معظم اوراق اللعبة، فحتى هذه اللحظة رغم عددهم الكبير والذي يبلغ قرابة نصف مليون مواطن، لم يشكلو من خلال قضيتهم ، بالتضامن مع معسكرات مشابهة في ايران وتركيا كمجموعة ضغط او كتلة ضغط واحدة قادرة على استرداد حقوقها بموجب القانون وتلعب دور اساسي ومؤثر في حماية حقوقهم تحت اروقة البرلمان.


    فإن امعنّا النظر في اسباب المراوغات المستمرة من قبل الحكومة العراقية حول تنفيذ القرارات الخاصة بحقوق ضحايا معسكرات اللاجئين في الارطاوي ورفحاء لوجدنا ان الاسباب تقبع في احضان حكومة لم تتعاطى مع قضايا ضحاياها بشكل عادل لعدم وجود مشروع عادل ينصف الجميع، مما ترك اثر سلبي انتشر بشكل ملحوظ في حياة المواطن القانونية. كما ان المشكلة ايضا تتجسد في ظل رؤى سياسية غير حرفية في ادارة شؤون الدولة. اذ تكاد مشكلة سوء استخدام السلطة وأثرها السلبي في تحديد اطر الحياة القانونية للمجتمع العراقي تكون كبرى المشكلات التي يواجهها العراق، دولة ومجتمع. فعلى الرغم من وجود مئات التشريعات التي تبعث الامل في بناء دولة العدالة والمساوات في ظل سيادة القانون، الا انها تبقى مجردة من اي فعل اصيل يحمي مفهوم الدولة الحديثة من التآكل والانهيار تحت وطئة الفساد وسلطة المفسدين.  كما ان معظم هذه التشريعات رغم اهميتها، تحولت بعامل المقاصد الثقافية والاهداف السياسية الى اجراءات مزدوجة متناقضة في الخطاب والاداء، اذ تأتي تارة على شكل اجراءات عقابية تستهدف افراد او جماعات او منظمات وحتى مؤسسات الدولة ذاتها, وتارة  تأتي على شكل عطاءات مجزية باستثناءات لا تلبي الا رغبات البعض على حساب المصلحة العامة تحت تأثير المحاباة الحزبية او القبلية او القومية او نسيج المصالح الفئوية المتداخلة فيما بينها. وبرأي محايد: لو انتزعنا عامل المحاصصة من سطوة رجال السلطة ، لتمكنا بعدها اعادة حقوق الناس بما يتناسب مع دور الدولة العادلة وايضا يتناسب مع تطلعات الجميع بعيد عن رغبات مشروطة لرجال السلطة. وفي هذا الحال ستنتهي معضلة ابناء رفحاء في دفاتر العدالة للدولة بدون اي هاجس قلق.

    ضياء ليلوة ، هلسنكي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media