أن يأمل شعبنا بحياة هانئة مستقرة ... فهذا مستحيل ...طالما ظلت حكومة "المقبولية" تعيش في عمي بصيرتها .... !!!
    الأحد 1 فبراير / شباط 2015 - 21:53
    أ. د. حسين حامد حسين
    عراقنا الغالي هذا لم يعد وطنا...أنه اليوم مجرد ملجأ للمعدمين والمتعبين والبؤساء تم بناؤه خارج "واحة" خضراء زاهية ، سيجت من اجل ان يعيش فيها اللصوص والأخساء والانذال ، ليستمتعوا بأنين هؤلاء العراقيين الطيبين . 
    فما تزال من بين أشد الاشياء قسوة وأكثرها ضراوة على العراقي في معانات طويلة لعالمه المدلهم بالاحداث والرزايا وخيبات الامل ، أن تلاشت أماله وأمانيه الكبيرة في وصوله الى شاطئ سلام لمستقبل واعد. فاذا كانت احوال العراقيين قبل 2003، قد امتازت بالقنوط والمرارة والضياع ، واذا كانت أعظم تطلعاتهم أنذاك لا تتعدى ان يروا يوم سقوط النظام البعثي الفاشي من اجل ان تحيا الاجيال القادمة بكرامة ورفاهية واستقرار، فأن تلك الامال قد تلاشت الان. فشعبنا اليوم يسير مترنحا غارقا في اليأس ، بعد ان اصبح النظام الجديد ، مطعنا للشرفاء من خلال مؤامرة كبرى وفي قسوة فريدة وامعانا لا انسانيا في تدمير الحياة. فالنظام الجديد جاء من اجل زيادة التدهورألاخلاقي واعلاء السمسرة العلنية لحكومة "المقبولية" ، ومن اجل استهتار وتشتيت ثروات شعبنا ، ومحاولات الاستجداء وكسب تعاطف رئاسة الاقليم والكتل السنية البعثية الكارهة لشعبنا، ومغازلة فاحشة مع الائتلاف الوطني الشيعي. يقابل كل ذلك نفورا مؤلما من قبل سياسييه لمسؤولياتهم امام هذا الوطن الغالي ، وكراهية واحتقارا للحكومة ولشعبنا ، فضلا عن فقر مدقع لملايين البؤساء العراقيين ، ولامراض وعلل وشيخوخة مبكرة وتشوه وعوق في الابدان وارتفاع في نسبة الطلاق، ناهيك عن انفلات في القيم العراقية وعدم عدالة التوزيع للثروات بين المحافظات العراقية...فهل هذا هو الوطن العراقي الذي نعرفه...؟؟؟!!!
    فمن لم يستطع بعد ان يعيش المأساة العراقية على حقيقتها، فليلق نظرة بسيطة على ما احتوت عليه ميزانية 2015 ، ليعلم كيف تتوافق قيادة حكومة الانقلاب على الشرعية ، مع الخاسئين من مسؤولين ووزراء ونواب ، من اجل حماية مصالحهم ، فيحكم على ما نقوله!!!.
    فالنظام الجديد بعد 2003، كان من الممكن ان يكون من اعظم الانجازات السياسية الديمقراطية الحياتية في الشرق الاوسط والعالم العربي على الاطلاق . فقد ظلت الاجيال العراقية وعلى مدى أكثر من ستين عاما، تتطلع بامالها الى امكانية ان يصبح العراق بلدا يعيش شعبه بتوحد واخاء وبناء وهرولة من اجل اللحاق بركب العالم المتمدن . فشعبنا يمتلك كل المقومات التي يستطيع من خلالها تطبيق ديمقراطيته بعناده الايجابي ، وهويمتلك من الثراء والقوة والارادة وصلابة الاقتصاد ما يجعله مؤهلا لقيادة الاوطان العربية ويصبح خيمتهم ومثلا للحريات الديمقراطية الحقيقية . ولكن ، ومنذ بدايات سقوط النظام البعثي الشوفيني ، بدأ الصراع السني ضد الوجود الشيعي ، في الداخل والخارج ، بعد استغلال الظروف الملتهبة بذريعة الاحتلال. وقد كان بالامكان ، لو أن من بين قادة الكتل الشعية التي انزلقت في مهاوي سقوطها السياسي والاخلاقي ، ممن كان يحمل ذرة من الوطنية والضمير وتقوى الله تعالى، لوقفوا جميعا صفا واحدا كالبنيان المرصوص، للذود عن نظامهم الجديد.  ولكن، ذاك التحدي الذي واجهوه ، كان مبررا لهذه القيادات لانصرافها نحو اكتناز الثراء وتجميع شتات ميليشيات تضم شراذم البعثيين وفدائي صدام ، من اجل حماية "اوضاعهم" الجديدة ، تاركين مؤخراتهم مكشوفة امام ذلك العنف الرهيب ضد الوجود الشيعي بالذات.
    فهذه الكتل ، سواءا بعثية كانت ام غير بعثية ، فانها وباسم "الوطنية" ، قد قاد عدم الاكتراث الشيعي لها ولما تحمله من اجندات خارجية ، بل و دعمها والوقوف ضد الوطنيين الشيعة من اجلها، قد تمت حمايتها "قانونيا" في منحهم الحصانة من كل "اتهام" ، بالعمالة أودعم الارهاب ، ليوفروا لهم أكبر قدر ممكن من التحرك لهدم الوطن العراقي . فاستطاعت تلك الكتل العميلة من تمزيق العراق من خلال العبث بأمنه والتأمرعليه وتفجير العنف الطائفي واستغلال امكاناتها كحواضن للارهابيين وكارهي الوطن العراقي من بعثيين ، وكان رئيس الاقليم أن فتح لهم أحضانه ليبقوا مصدر لتعثر العراق ، ويمعنوا بقتل شعبنا.
    هذه الكتل ، لا يستثنى الاسلام السياسي منها ، من شيعة وسنة ، ولكن ، لا يزال الاكثرخسة ونذالة بينها، هي كتل البعثيين الذين تم فرضهم على السلطة ، كاسامة واخيه اثيل النجيفي وصالح المطلك (وبرائته من البعث والتي ضحك بها على الحكومة أنذاك) والارهابي طارق الهاشمي وأياد علاوي وظافر العاني، والكثير من الوزراء البعثيين الذين سرقوا اموال شعبنا ولاذوا بالفرار. فهؤلاء البعثيين تم فرضهم على السلطة تحت ذريعة "التهميش" مرة ، وتحت ذريعة "المقبولية" مرة اخرى...ولم تحرك القيادات الشيعية ساكنا !!
    واليوم ، هل نبالغ ان قلنا ، ان معظم هذه الكتل ، تفتقر لأي مبادئ دينية أوأخلاقية أوايمان أوأي نوع من مواقف انسانية أوحتى رجولة على المستوى الشخصي ، أولسعة من ضميرمؤرق ؟؟ فما يعيشه شعبنا وللاسف ومنذ 2003 وحتى هذه اللحظة ، لم يكن سوى مؤامرة كبرى لهدركرامته واخضاعه قسريا لمشيئة الارهاب والامعان في اضطهاد ارادته الى اقصى درجات القهر. فشعبنا في النتيجة ، لا يختلف اليوم كثيرا عن ما كان يعانيه خلال النظام المقبور!! فاستهتار الكتل السياسية "المحسوب" بدقة ، قد أباح لها العمل "بحرية وأمان" ، لتحقيق ما يجعلها قادرة على أستباحت المجتمع ، مستغلة فسحة الحريات المحدودة . فحتى فرص الحريات ، كانت هي الاخرى "مبررا" لممارسة هؤلاء لفرص استمكانهم من هذا العهد الجديد في مسعى خياني لاأخلاقي أومبدئي . ولقد أساؤا اسائات كبرى الى التراث العراقي وتشويه اخلاقيات شعبنا وتهديم معنوياته ، وترسيخ الظن ، من ان شعبنا الكبير هذا ، مجرد مجموعات من الجهلة والرعاع الذين قد استمرؤا الهوان...!! وهي محاولة لطمس معالم تأريخنا العراقي العظيم ، كأول أمة في العالم علمت الانسانية القراءة والكتابة وقوانين العدالة على الارض .
     ومن ذلك المنطلق نفسه ، تم "أيلاج " الوطن العراقي بشكل مقصود في متاهات الارهاب من اجل افشال تجربته الجديدة، فكان ذلك ، من خلال "اختيار" مجاميع من كتل "سياسية" ، بولائات خارجية ، بعضها لايران ، واخرى للسعودية وقطر ، والبعض الاخر لتركيا ، والاخر لإسرائيل ، لتصبح ظواهر جديدة لارهاب فكري مقنن ، جيئ بهم لمواصلة الانتقام من هذا الشعب . فبالاضافة لما تحمله هذه الكتل السياسية من جهل وامية بعالم السياسة وعلومه ، فانها تمتاز بقسوة أحقاد الانتقام والقدرة على مواصلة عهر الديمقراطية في هيمنته على الاوضاع ، فضلا عن شراهتها الرهيبة للمصالح وانشغالها فيه . فهذه الكتل السياسية ان استطاعت أجادت شيئا ، فانها قد أجادت ادوارتكريسها لأنماط من تحديات لم تكن في الحسبان ، ومهدت بذلك اخيرا ، لاحتلال داعش ، وتصبح الظهير والحواضن له.
    فبعد ان كانت تلك الكتل السياسية ولسنين طويلة تغص وتشرق في خنوعها لتلك القوة الغاشمة في عهد ما قبل سقوط البعث ، والذي أملى عليها ان تعيش في ذلة صمتها وما عاشته من ضعف وهوان ، نجدها اليوم ، تستأسد على شعبنا الذي لا يزال يعيش مأساته ، فراحت تحاول نشر الفوضى والارتباك وعدم الاستقرار في هذا الوطن ، واصبحت من خلال عدم وجود الرقابة عليها ، قرابين لقوى خارجية ، أرخصتها كرامتها وداست على شرفها .
    اننا هنا عندما ندافع عن عراقنا ، انما ننطلق من مسؤوليتنا في محاولة عمل المستحيل في توحد البيت الشيعي واعادة بناء التجربة الديمقراطية والدفاع عن حقوق شعبنا ، هذه الحقوق التي تداس اليوم بالاقدام من قبل القيادات الشيعية نفسها . اننا نحاول هنا غلق منافذ نفح الاحقاد السوداء ضد بعضنا البعض نتيجة لما يعتمل في نفوس بعض القيادات الشيعية لمواقف سياسية قديمة ، جعلت من تلك الخلافات تمزيقا للبيت الشيعي ، وقادت الى مواقف لا تخدم ولاتشرف شعبنا ولا الطائفة الشيعية نفسها من خلال تضامن البعض من هؤلاء الشيعة مع رئيس الاقليم والبعثيين في السلطة ، وانتجت مؤامرة الانقلاب على الشرعية والدستور والحكومة المنتخبة.. فقد استغلت هذه "القيادات الشيعية" صمت شعبنا ، جاعلة منه مصدا وجدارا لحماية مصالحهم ، بدلا من أخذهم بيد الناس الشرفاء من شعبنا بغض النظر عن عقائدهم واديانهم نحو التكاتف والوحدة الوطنية ، وبالنتيجة ، فان هؤلاء هم المسؤولون عن تدمير الطائفة واشاعة روح التفرقة والعدوانية بين فئات شعبنا .
    فمن يطمح اليوم ان يعيد النبض الى جسد هذا العراق ألجريح ، والاوكسجين الى رئة هذا العهد الجديد ، سيكون عليه المجاهرة في النقد بكل صراحة لكل الظواهر التي لا تزال تمعن بتحطيم صروح هذا الوطن الغالي . أما الصامتون ، فهم ليسوا سوى شياطين بكم ، لعنهم الله وملائكته والناس اجمعين ...
    حماك الله يا عراقنا السامق ...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media