طوارئ إعلامية لمواجهة "داعش"
    الأحد 1 مارس / أذار 2015 - 12:39
    علي شايع
     هل ستعادل عشرات الآلاف من القنابل الملقاة على معاقل تنظيم "داعش” الإرهابي حجم ما يفعله هذا التنظيم من رعب عبر نشره لصور ومقاطع فيديو توثق جرائمه بشكل يستدعي القلق؟.. وكيف تستطيع عصابات إجرامية خلق التأثير المروع في قلوب الملايين كل يوم دون أن تجد دول التحالف ما يكبحها إعلامياً؟..ولم لا يدق جرس طوارئ عالمي بمواجهة التنظيم الإرهابي الذي أصبح يضم مقاتلين من 90 جنسية مقابل تحالف دولي يضم 65 دولة؟..وهل ستتخذ الدول التسعين تلك ما يرفع عن اسمها عار السكوت على جرائم من ينتمون لها؟.

    ضمن سياق هذه الأسئلة رأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية إن حجم مواجهة "داعش” إعلامياً ما زال دون الطموح، فهذا التنظيم صار يستغل كلّ الإمكانيات المتاحة لبث فظائعه، مكثفا في الآونة الأخيرة من عدد رسائله اليومية في نوافذ التواصل الاجتماعي، حتى أصبح يطلق ما تجاوز التسعين ألف تغريدة يومياً في البرنامج العالمي (تويتر)، الذي يعدّ من البرامج المهمة في الشبكة العالمية (الإنترنت)، والتي يصعب على جهات الرقابة ملاحقة مستخدميها، فالرسائل المبثوثة تمر بسرعة فائقة بين ملايين المشتركين، ويتم تداولها بآليات معقدة.

    (نيويورك تايمز) أشارت إلى ان إدارة الرئيس أوباما غير متفاعلة إلى الآن بما هو مطلوب في مجال المواجهة الإعلامية، ويمكن القول بأسف إنها فشلت في الحرب الدعائية مقابل تلك المجاميع، وإن عليها بالفعل توسيع المركز الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأميركية، وتطبيق ما أوصى به الرئيس بهذا الخصوص، وبحسب مطلعين، فالقضية هنا لا تتعلق بوزارة واحدة، بل إن التحشيد المضاد يجب أن ينطلق من كل المؤسسات المعنية بما فيها وزارة الدفاع والأمن القومي ووكالة الاستخبارات، والمراكز المعنية بالتواصل مع أكاديميين، فضلاً عن أئمة مساجد ممن يشكلون حضورا شعبياً، والبعض من قادة المجتمع وعلماء دين يضادون "داعش” بالفكر والمنهج، لما يمكن أن يحرزوه من تأثير.
    وتشدد (نيويورك تايمز) على أهمية التنسيق بمستويات تجعل العمل المشترك خطة ترقى الى تسمية "ستراتيجية” مواجهة، وان يكون لدى كل المساهمين بها قدر عال من الإيمان بالمسعى السلمي.وفي حدود الحرب الإعلامية وأهميتها أيضاً، اهتمت صحيفة (الغارديان) البريطانية بفكرة التعريف بالدين الإسلامي في مواجهة "داعش” الذي يحاول بميوله الإرهابية خطف فكرة الإسلام، تحقيقاً لغايات عنف وفوضى ضيقة الأفق، تتلبس لباس الدين وما هي منه بشيء.

    وتأسف الصحيفة أن يلجأ الكثيرون في الغرب لتعميم  الفكرة والانطباع في ما يتعلق بالدين الإسلامي، مبينة وجهة نظر الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي كان يتحدث عن الدين الإسلامي ومفاهيمه الحياتية، مستشهداً بآيات من القرآن، ومركزاً على التعددية والتسامح الذي تمنحه فكرة الإسلام أصلاً، قبل أن يحاول الفكر المتشدد استغلالها وتشويهها.صحيفة (الغارديان) تنقل أيضاً وجهة نظر مهمة لرئيس الوزراء الفرنسي (أمانويل فالس) أشار فيها إلى اعتقاده بأن الدين الإسلامي دين تسامح ولا يمكن أن يصبح مرادفاً للعنف، ومن يريد نقل هذه الصور يجب مواجهته بإظهار الوجه الحقيقي لهذا الدين، وتختم اليومية البريطانية بالقول إن العالم متجه في مسعاه إلى العدالة، وفي الغرب ثمة أصوات لغالبية تسعى إلى معرفة كل ما يتعلق بالإسلام، وستكون هذه المعرفة -وإن كانت بسيطة - جزءاً من مواجهة التنظيمات المتشددة التي تسيء للفكرة.

    وفي تقرير موسع تسلط صحيفة (الإندبندنت) البريطانية الضوء على شخصية الإرهابي الأول أبو بكر البغدادي، كاشفة عبر مراسلها الذي أنفق وقتاً كبيراً في البحث والتقصي، هوية رجل مغمور طامح للتسلط، استطاع إيهام الكثيرين بأفكاره، الأمر الذي أثار استغراب من يعرفوه عن قرب، فهو دون المستوى الفكري وجميع من يتبعوه الآن يمتلكون نزعة عنفية دموية كشفت عنها الجرائم المروعة لتلك العصابات.

    (الإندبندنت) خصصت حيزاً مهماً في إصداراتها الأخيرة ركزت فيه على معاناة صغيرات وقعن في قبضة "داعش” وتم انتهاك طفولتهن واستغلالهن بأبشع صورة،  وتكشف الصحيفة في تقرير آخر لها عن بعض ممارسات "داعش” الإرهابي من خلال استغلاله الهمجي للأطفال، في تنفيذ عمليات إجرامية منافية لكل عرف، وتنقل شهادة مراهق فرّ من شراك التنظيم مؤخراً.

    صحيفة (ديلي ميل البريطانية) بدورها نشرت تفاصيل موسعة عن أعداد الفارين من صفوف "داعش” بعد أن وجدوا أنفسهم في مأزق مأسوي لا يفضي إلا لمزيد من الدموية، وبحسب الصحيفة، فان أسلوب فضح هذا التنظيم ومواجهته إعلامياً سيكون كفيلاً بإنقاذ أعداد كبيرة من المغرر بهم، والمسألة لا تقف عند حدود المخاوف الغربية فقط، على اعتبار وصول العنف إلى مشارف القارة الخضراء في الأيام الأخيرة، لكن أهمية المواجهة كون تلك العصابات أصبحت تمثل خطراً على الإنسانية جمعاء.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media