قبور غير مشمولة بالنبش والتخريب
    الأحد 1 مارس / أذار 2015 - 16:38
    كاظم فنجان الحمامي
    أثبت الدواعش أنهم لا يخشون الله، ولا يخافونه. بل يخشون أصحاب المخالب الخبيثة، والجماجم المحشوة بأسمال طغاة الأناضول، فمنذ اليوم الذي شرع فيه الدواعش بنسف قبور الأنبياء، ومنذ الساعة التي فكروا فيها بنبش قبور الصحابة والأئمة بكل خسة ونذالة وحقد. ظل قبر (سليمان باشا) بمنأى عن التخريب والتدمير، فلم يرموه بعقب سيجارة باعتباره الجد الأكبر لمؤسس الدولة العثمانية، وباعتباره غير مشمول بتطبيقات فقه التكفير والتدمير، الذي اعتنقه الدواعش منذ ولادتهم في الأوكار الظلامية..
    لقد دمر الدواعش كل القبور والأضرحة التي مروا بها، ابتداءً بضريح سيدنا (يونس)، وسيدنا (شيت) عليهما السلام، والصحابي (حجر بن عدي)، و(أويس القرني) وغيرهم. لكنهم حافظوا على قبر (سليمان) حتى لا يتسببوا بإزعاج أردوغان. فالدواعش على استعداد تام للتقاطع مع كل الأديان والمذاهب السماوية، وعلى اٍستعداد تام لمخالفة الشرائع ومخالفة قواعد السلوك البشري السوي، لكنهم لن يخالفوا الشيطان ولا الأردوغان.
    ففي عملية حربية خاطفة اخترق فيها الأتراك الحدود السورية، وتوغلوا بعمق 35 كيلومترا مستخدمين مئات الدبابات والآليات العسكرية والطائرات وجنود الجيش والكوماندوز، من أجل نقل ضريح سليمان شاه من سوريا إلى تركيا. ولم يكتفوا بتقديم كل أشكال الدعم التعبوي واللوجستي للدواعش ولعناصر تنظيم القاعدة، فقد تكررت انتهاكاتهم السافرة للحدود السورية والعراقية.
    والحقيقة أن هذه الخروقات الحدودية ما كانت لتحصل من دون غطاء سياسي وعسكري غربي، وهو ما يمكن تفسيره أيضاً بتواطؤ تركيا مع الدواعش ومع البيشمركة، ناهيك عن الاتفاق التركي – الأمريكي على تدريب قوات من المعارضة السورية والبيشمركة. أما الاستنتاج المتمخض من هذه العملية. فهو أن الدواعش ليست لديهم ثوابت فقهية، ولا قواعد عقائدية، ولا معايير تشريعية، ولا أخلاق إنسانية. لقد دأبوا على نبش قبور الأنبياء وسحق رفات الصحابة، لكنهم أبقوا على الرموز التركية المتعفنة منذ عام 1227 للميلاد، وأكدوا بما لا يقبل الشك على عمق الروابط القائمة بينهم وبين الحكومة الأردوغانية.
    المثير للريبة أن هذا الضريح يقع في مكان يتواجد فيه تنظيم داعش الإرهابي في منطقة شهدت حملات مسعورة لتدمير المساجد والكنائس والأضرحة. لكن الدواعش لم يتعرضوا لهذا الضريح تثميناً منهم للدعم التركي المتواصل لخلاياهم الضالعة في الإجرام. فمنحوه القدسية وفضلوه على قبور الأنبياء والصحابة.
    ربما لا تعلمون أن سليمان هذا، يسمى أيضاً (سليمان الهارب). لأنه فر من أرض المعركة فغرق في نهر الفرات، وجرفه التيار، وهو ابن (قتلمش) ووالد (أرطغل)، الذي هو والد (عثمان الأول) مؤسس الدولة العثمانية عام 1299. يبدو أن أجداد (أوغلو) و(أرطغلوا) أعلى مقاماً عند الدواعش من مقامات الأنبياء والأئمة. .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media