ابكي على حضارة بلدي ام ابكي على دم ولدي!
    الأثنين 2 مارس / أذار 2015 - 23:30
    منى الشمري
    الحضارة والدم اثنان لا يمكن التنازل عنهما، وجهان لا يختلفان في صنع الشهادة، متشابهان في القيم والمعرفة، والدين والسلف، كلاهما ينزفان الحسرة والالم، وهم على اشد من وداع، وداع الأحبة، الازقة، والأرض والتراب.

    عرفنا ان للماضي له حق على الحاضر والمستقبل، ووجدنا اباؤنا واجدادنا في توصية عميقة، على ما تمتلكهُ ارضنا، لكنهم خابوا الظن فينا، لم يدركوا ما تحقق الان من أفعال، ولم نريد ذلك، فقد جمعت العزيمة، وتوحدت الأجساد والاقلام، ونفد الصبر حينها فلم يظهر الامل، ويعدم الفوز بما كان متوقعاً.

    في يوم وفي وقت واحد، احتلت وحوش الصحاري، تلك الارض المبتسمة، بأجيالها، ورجالها، واثارها وقدسيتها، أطلقت عليها بوادي السلام، لم نكن على علم، تسمى يوماً، وأدي الذئاب، ذئاباً بهيئة انسان من دون إنسانية، يملئون البطون بلحوم البشر، ويسقون الكؤوس من دم النحر، يتحدون بالأسلحة من الأكبر سيفاً او قامة، ويتنافسون من هو أكثر ذباحاً، وأكثر وحشيةٌ.

    مبدعين في الأفكار، مبتكرين ثقافة عفنة، يداعبون برؤوس المسلمين، يصادقون من أكثر سلطة من المسؤولين ورؤساء العرب، ثم يصنعون الحرية ويتمتعون بها، ينبشون الأرض ويبحثون عن الإرث، ثم يجدون قطع اثرية او كنزة، يحصلوا على واحدة لبيعها وتمويل ارهابهم، والبقية يمثلون فيها بأنهم من عهد الرسول (ص) كيف انهم يحطمون تمثال هبل، وعهد يوسف حين يدمرون تمثال امون.

    اعمال إرهابية كبيرة بعقول صغيرة، ممولة بالمال والغباء، يعملون الان على طمس حقب من التاريخ الإنساني، حطموا "الثور المجنح" الذي بنى على يد الاشوريين، وها قد سقط طريحاً بين أيديهم، مسترخصٌ من اجداده واسلافه، كما انه لحق بإخوانه العراقيين شهيدا، مثلما أدرك التمثال، ان الشهيد استرخص دماه حين يدافع عن ملكيته وحضارته.

    اذن كيف ننظر لعالم اثار وهو بأشد حزنه ونكده، حين ينظر انها تحطمت شيئا فشيئاً، وكيف ننظر لام فاقدة ولدها في الزمن نفسه وهو مدافع مثابرُ، فان الوعي بفداحة الامر يتطلب قلبين يحملان هموم البلاد، وينتظران لأنهاء معركة حاسمة، تفك اسر هذا الظلام الى عالم مشرق، معروف بأهميته، ومقدر قيمته.

     
     منى الشمري
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media