العلاقة مع الولايات المتحدة....من وجهة نظر ألشعب الامريكي ...؟!
    الخميس 26 مارس / أذار 2015 - 21:35
    أ. د. حسين حامد حسين
    لماذا لا ترعوي المؤسسة العسكرية الامريكية ، لتكون بالوزن والشفافية والثقة التي يتمنى لها الشعب الامريكي ان تكون عليه، حيث لا يزال يشكك في جميع الخطط والاستراتيجيات والقرارات التي يتخذها هؤلاء القادة العسكريين في سياستهم الخارجية ، وألاعتقاد أنهم غير جديرين بالثقة !!! فالانسان الامريكي عموما لا يحترم عدم الكفاءة، وخصوصا عندما تكون عدم الكفائة هذه تتصف بالتدليس والافتراءات وانصاف الحقائق . فما رأه الامريكيون من الادارة العسكرية الحالية والتي سبقتها ، جعلهم يعتقدون ، ان ذلك كان كافيا لتوثيق عدم الثقة بتلك المؤسسات او بغيرها في المستقبل.
     
    ولكن، منذ متى والجنرال ديفد بيتريوس يهمه "استقرار" العراق ويتخذ من ذلك ذريعة لحشر انفه في الشأن الداخلي للوطن العراقي ويصرح أن ″الميليشيات″ تمثل الخطر الأكبر على استقرار العراق على المدى الطويل وليس تنظيم ″داعش″، متجاهلا ان ما يسميها هو "بالميليشيات" هم ابناء العراق من شيعة وسنة ، وقد انتظموا في جبهة عسكرية واحدة يطلق عليها شعبنا بفخر تسمية "الحشد الشعبي" ، وان هذه القوة العسكرية الجبارة تعمل تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة؟؟!!
    فوفق "للمعلومة" ، اعتبر الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ″سي آي إيه″، الجنرال ديفيد بتريوس (السبت 21 آذار الجاري) أن ″الميليشيات″ تمثل الخطر الأكبر على استقرار العراق على المدى الطويل وليس تنظيم ″داعش″، متهماً إياها بقتل عناصر التنظيم والمدنيين على حد سواء، فيما حذر من خروج تلك ″الميليشيات″ عن سيطرة الحكومة"!!

    ان العراقيين لا ينكرون موقف وفضل الولايات المتحدة العظيم في ازاحة الطاغوت الصدامي ، فقد عاش الشعب العراقي أعظم فرحة تأريخية له على صعيد الحياة على الاطلاق. كما وفي نفس الوقت، ظل الشعب الامريكي يشعر بخطأ الولايات المتحدة في غزوها العراق لما تسببته من اضطرابات كبرى هناك ، فضلا عن اكثر من خمسة الاف من العسكريين الامريكيين الابطال الذين وهبوا حياتهم من اجل حماية العراق من جنون الارهاب. وبقي كل أمريكي يشعر بعدم الرضا لما خلقته ادارته ومؤسسته العسكرية للشعب العراقي من مشاكل وويلات كبرى . فالشعب ألاميركي شعب شجاع وعادل ولا يرضى أبدا بمواقف الباطل، ويمتلك شعورا عظيما بالولاء لوطنه ، ولكنه يعاني اليوم من قلق حول مكانة بلاده في العالم، ويطمح أن تستعيد الولايات المتحدة مكانتها كأقوى دولة والاكثر احتراما في العالم. ومع ذلك، لم تقم الادارة الامريكية بفعل أي شيء لتصحيح الأمورفي العراق بعد الغزو ، ولا حتى في إعادة بناءه بعد ان وعدت بذلك. فالرئيس أوباما ومن قبله بوش ، كانا يريدان فقط تحقيق اهداف الولايات المتحدة في العراق ونسيان الموضوع ، وهذا ما فعلاه بالضبط . وفي تخلي الولايات المتحدة عن مسؤولية الفوضى السياسية والاجتماعية والارهاب التي خلقتها ادارتيهما في العراق ، وما تم من تيسيرالوسائل لخلق منظمة ارهاب داعش ودعمها بالاسلحة المتطورة للاطاحة بالنظام السوري ، وكذلك التهديد بها لحكومات ترفض طاعة السياسات الامريكية ، وفي عدم الوقوف مع العراق ضد داعش التي تحتل اجزاءا من العراق ، أن النتيجة اصبحت في ان المسؤولية تقع اليوم على أكتاف العراقيين وحدهم لإصلاح المشاكل وبناء العراق . ومن هذه النتيجة ، فان ادارة الرئيس اوباما في مواقفها السلبية ضد العراق ، لن تجعل كلا الشعبين العراقي والامريكي راضيا عنها، وخصوصا بعد ما حصل للعراق من تدمير على أيديهم .
    لقد كتب لي احد الاصدقاء من اساتذة الجامعة بعد تداعيات الاحداث في العراق وما حصل من مصائب ، يقول:

    (أشعردائما بالفخر بأن الولايات المتحدة اطاحت بصدام ونظامه، ولكني لست فخورا بما يجرى من اضطرابات وكوارث هناك اليوم. وأعتقد أن على كل أمريكي أن يتقبل المسؤولية عن ذلك الحدث الذي كان سببا في تلك الاخطاء الان. فأن ما فعلناه  في العراق ، يجعل الولايات المتحدة مدينة للشعب العراقي بجميع المشاكل الكبرى التي أنشأناها لكم. ومع ذلك، فاني أشك في ان الادارة الامريكية ستفعل أي شيء لتصحيح الأمور. فأوباما يريد فقط اخراج الامريكان من العراق ونسيانه. وأعتقد ان الحل الوحيد ، وللاسف ، هو ان المسؤولية اليوم تقع على أكتاف العراقيين وحدهم لإصلاح مشاكلنا لكم هناك. وباعتقادي ان الشعب العراقي شعبا حيا وقادرعلى الاعتماد على نفسه وسينجح في حياته الجديدة).

    لقد تجاهلت الولايات المتحدة حقيقة إن تجربة الغزو في العراق قد ساهمت في الاستياء الشعبي العراقي والامريكي معا وعلى نطاق واسع . فكلا الشعبين ، العراقي والامريكي ، لا يرحب بالوجود العسكري الامريكي في العراق ، وخصوصا بعد انعدام الثقة وعدم النظر الى الولايات المتحدة كراعي للديمقراطية في العالم من خلال التخبط في سياستها الخارجية ومواقفها من العراق وخصوصا بعد اجتياح داعش. وعندما علم الشعب الامريكي ان ادارة الرئيس اوباما الحالية سترسل 300 من المستشارين العسكريين الى العراق لمساعدته ضد داعش، صرح الشعب أن الوجود الامريكي هناك سوف لاينتهي عند هذا الحد، وان الادارة تريد العودة الى المنطقة.
    فألرئيس اوباما ينظر للعراق كمشكلة سياسية شخصية له ، ويعتقد ان العراق يجب ان يخضع للادارة الامريكية ويتطابق مع اهدافها بشكل تام ، وان لم يفعل ذلك ، فعلى الولايات المتحدة ترك العراق ونسيانه ، وهو ما يحصل تماما الان. فحتى المعاهدة الستراتيجية الامنية بين البلدين ، لم يتم تفعيلها ، بسبب ان رئيس الوزراء نوري المالكي ، رفض فكرة الابقاء على الوجود الامريكي في العراق في 2011.  

    فيا ترى ، لم يقع اللوم على رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وحده بعد رفضه الابقاء على بعض القوات الامريكي في العراق ، في حين ان ما فعله، لم يكن سوى نزولا عند انتهازية الكتل السياسية في البرلمان والتي وقعت على رفض وجودهم . لكن هؤلاء الانتهازيين الجبناء ، تراجعوا ملقين اللوم على المالكي الذي بدا وكأن الامر يعود الى قراره وحده، مما جعل ذلك سببا في عدم الرضا عنه من قبل الولايات المتحدة وازاحته!!! والنتيجة ، تخلي الادارة الامريكية عن تلك المسؤوليات في العراق وعدم الوفاء بوعودها التي قطعتها في اعادة بناء العراق وكما تم الاتفاق عليه . بل على العكس من ذلك، وجدنا ان ادارة الرئيس اوباما تخلت حتى عن دعمها للعراق ووقفت موقف اللامبالي ازاء محنته الحالية ضد داعش، ملقية بالمسؤولية الكاملة على أكتاف العراقيين وحدهم لإصلاح تلك المشاكل ألتي كانت تلك الادارة سببا في خلقها .

    أن السائد عن الشعب الامريكي ، انه لا يثق بصانعي السياسة في بلدهم ، بسبب انهم لا يقولون له الحقيقة كاملة عن العراق او غير العراق في الماضي أو المستقبل أو ما يحدث الان . فبعد حوالي اثنتى عشرة سنة  منذ غزو العراق ، لا يزال هؤلاء لا يكشفون ما حصل من أخطاء جسيمة ولا لماذا حصلت. بل كل الذي لا يزالون يفعلونه انهم يبررون تلك الاخطاء بشدة ، ويستخدمون وسائل اللوم والكذب ويفترون على الشعب الامريكي من خلال ممارسة وسائل اللف والدوران ، وبسبب ذلك ، فمهندسوا السياسة الامريكية ، ليسوا ذات مصداقية عندما يقدمون النصح للرئيس اوباما . كما وانهم ليسوا صادقين تماما عندما يضعوا استراتيجياتهم القادمة عن العراق .

    فصانعوا السياسات الامريكية في العراق ، وكما هو واضح ، كانوا قد تأثروا بالافترائات ضد رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي من قبل سياسيين عراقيين ينتمون الى كتل البعثيين السنة ممن لهم علاقات خارجية بدول كالسعودية وقطر وتركيا والاردن ، بحيث ان كذبهم وافترائاتهم تحت ذرائع تهميش السنة ، جعلت الادارة الامريكية تعتقد أن السيد المالكي قائد غير مرغوب به وان عليه أن يستقيل ، أو يجب التخلص منه !!
    ومن خلال ذلك الفهم الخاطئ ، كانت ادارة الرئيس اوباما ، تصرح باستمرار، ان على المالكي إصلاح حكومته، وبما يجعلها أكثر احتراما وتسامحا ومسؤولية مع السنة ، في حين ان هؤلاء السنة بالذات ، كانوا هم اسباب كل ما حصل من تخريب للوطن العراقي ، بدليل ، ان هذه الكتل السياسية اليوم نجدها وعلى لسان السيد اسامة النجيفي وهو"الاكثر" طائفية وكراهية للنظام القائم ، الذي بدأ بالتراجع والاعتراف بارتكابهم ككتل سنية ، أخطاءا هدامة ضد الشعب والوطن العراقي!!

    فمن منطلق الولايات المتحدة ، انها لا يهمها نصرة كل من يتعاون معها وبغظ النظر عن مدى عمالته ضد وطنه وشعبه ، فان هؤلاء السياسيين البعثيين ، اعداء الوطن العراقي ، كانوا يلقون "حضوة" لدى الادارة الامريكية . ورفض فكرة الابقاء على الوجود الامريكي في العراق في 2011 ، موقف لا يمكن نسيانه من قبل الادارة الامريكية ،بعد ان صوروا لادارو الرئيس اوباما ، انه قرار المالكي. فضلا ، ان الهدف المطلق لهؤلاء السنة البعثيين ينصب على تحقيق عودتهم للسلطة وبمساعدة الولايات المتحدة نفسها، وبالمقابل ، تبنيهم لمشروع تقسيم العراق الذي ينادي به السيد جو بايدن.

    ألشعب الامريكي في مواقفه من قضايا نصرة الشعوب والوقوف مع الحق، كان دائما أعظم بكثير من مواقف الادارات الامريكية التي تسعى من اجل مصالحها رغم كل شيئ. وأجد في شعبنا العراقي تشابها كبيرا بمواقف الشعب الامريكي ، الذي ينظر الى شعبنا باحترام كبير.
    حماك الله يا عراقنا السامق...  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media