مهزلة الدفاع عن شرعية هادي
    السبت 28 مارس / أذار 2015 - 07:33
    كاظم فنجان الحمامي
    بات واضحا أن مزاعم الدفاع عن شرعية الحكام العرب لم تعد سوى لعبة من ألعاب دويلات الخليج، حالها حال أي لعبة مزاجية أخرى يلعبها أطفالهم في مدن الملاهي الترفيهية. صاروا هم الذين يقررون مصير الأنظمة العربية، وهم الذين يدعمون شرعيتها أو يناصبونها العداء، فازدواجية المعايير وانتقائية المقاييس هي الفيصل بين بقائها أو فنائها، وهي السبيل الأوحد لإضفاء لمسات الشرعية بمنطق الجامعة العربية، التي تحولت إلى وكالة استثمارية خاضعة بالكامل لدويلات مجلس التعاون. تتحكم بها كيفما تشاء ومتى ما تشاء، فالجامعة هي التي أفتت بتوجيه أعنف الضربات للعراق عام 1991 بناءً على رغبات الأخوة الأعداء، وهي التي طعنت بشرعية العراق، وأجازت لقوات (درع الجزيرة) مشاركة القوات الأطلسية باحتلال العراق عام 2003، وهي التي لبت رغبات تلك الدويلات بسحب الشرعية من نظام القذافي، فكانت السبب بانهيار ليبيا برمتها، وهي التي أفتت بسحب الشرعية من النظام السوري، بيد أن الغريب بالأمر أنها هي التي أفتت بوجوب الدفاع عن النظام البحريني الذي كان على مشارف الانهيار، وهي التي أفتت الآن بوجوب الدفاع عن شرعية (هادي) المفقودة بين صنعاء وعدن، لكنها لم تكترث لشرعية أمير قطر (حمد بن خليفة) الذي فقد كل شيء على يد نجله المدافع الآن عن شرعية اليمن، ولم تعبأ بشرعية (مرسي)، التي اختفت تماماً رغم أنه كرر كلمة (شرعية) 59 مرة في خطاب نقلته وكالات الأنباء في الثالث من يوليو (تموز) عام 2013. فلم تسمعه الجامعة، وكانت أول المؤيدين للسيسي، ولم تكترث لمصير الشعب السوري، وما آلت إليه أحوالهم البائسة بعد التدخلات الخليجية المسلحة الداعمة لداعش وأخواتها.
    يبدو أن مفهوم الشرعية في قاموس دويلات الخليج وجامعتهم يختلف عن مفهومه في الفكر العالمي كنتاج لاختلاف بيئتين متناقضتين. فقد حُرِّف مفهوم الشرعية عن أصله اللغوي وسياقه الفكري لحساب المخططات الخليجية، التي لعبت بالعواصم العربية شاطي باطي، فالشرعية العربية لن تصمد أبداً إن لم تكتسب الدعم الخليجي، وهي بهذا المعنى لا تشبه التطبيقات الأخلاقية ولا السياسية ولا الاجتماعية، ولسنا مغالين إذا قلنا أن الطائفية هي التي تتحكم بهذه المزاجية، وهي التي تفرض معاييرها الازدواجية ومكاييلها الانتقائية، وربما ترتبط بشبكة من المفاهيم المتعلقة بإبداء الطاعة والولاء للبيت الأبيض، سيما أن أصدقاء أمريكا هم الذين فازوا وحدهم بالشرعية.
    ختاماً: ألا ترون أننا منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا نعيش تحت وطأة التطبيقات المفروضة علينا باسم الشرعية الخليجية المعاصر ؟. ألا ترون أن دويلات الخليج صارت لها جيوش وثكنات وصارت عندها قواعد وأساطيل للجيوش الغربية ؟، وصارت تأمر وتنهي باسم البنتاغون. والله يستر من الجايات

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media