اليمن: الشرعية والسيادة في الميزان..!؟
    السبت 28 مارس / أذار 2015 - 21:21
    باقر الفضلي
    مع هبوب إنسام الربيع العربي على منطقة الشرق الأوسط، كانت دولة اليمن، من أوائل دول المنطقة العربية التي شملتها تلك الأنسام، فتفتحت زهور من كل الألوان والأشكال، وذبلت زهور أكل الدهر وشرب عليها ، ففقدت بريقها، وتحرك الصراع الداخلي بين قوى حزبية وقبلية ذات ولاءات إقليمية ودولية، فلم تُجد كلُ محاولات ذلك الربيع في بناء أسس دولة جديدة، على أنقاض ماض منخور؛ ففي ظل صراعات متطاحنة، إنتهت أخيراً الى إنقسام جغرافي شعبي ذي صبغة طائفية، وجد صداه في تحرك حربي إقليمي قادته المملكة العربية السعودية والحلف الخليجي، وبعض الدول العربية والأجنبية الأخرى، مثل مصر والمغرب والسودان وباكستان، مقرون بدعم أمريكي بريطاني فرنسي، ومساندة من قبل بعض وزراء الخارجية العرب المتوافدين الى شرم الشيخ لحضور مؤتمر القمة العربية في بيان منشور، تحفظت عليه كل من العراق والجزائر..!(1)    
    لقد جاء التدخل العسكري ضد دولة اليمن، بقيادة التحالف السعودي الخليجي ومؤازرة تركية، في ظرف توترت فيه العلاقات بين القوى السياسية والقبلية اليمنية، لدرجة الإنقسام، الذي طال مؤسسات الدولة الشرعية، على صعيد الرئاسة والحكومة، وباءت أغلب المحاولات للتقريب بين القوى المتنازعة هناك، بالفشل، الأمر الذي دفع بالشرعية الدولية، الى إصدار مجلس الأمن قراره المرقم 2204 /2015 المتخذ في جلسته المعقودة في 24/شباط/ 2015..!؟(2)  

    ولحساسية وخطورة الوضع في اليمن، وتهديده للأمن والسلم الدوليين في المنطقة، ما دفع بمجلس الأمن الى إصدار قراره المذكور، إدراكاً منه الى أهمية البحث عن الحلول السلمية التي تساعد على التقريب بين الفرقاء المتنازعين، وإيجاد السبل الكفيلة من خلال مبعوث الأمم المتحدة في اليمن السيد جمال بن عمر، [[ إذ كرر مناشدته جميع الأطراف في اليمن أن تلتزم بحل خلافاتها عن طريق الحوار، ونبذ أعمال العنف بإعتبارها وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، والإمتناع عن اللجوء الى الأعمال الإستفزازية.]]  

    فتحت أي عنوان، في ظل الظروف الحالية في المنطقة، وبالذات في ظل تزايد وتيرة الصراع الإقليمي، ناهيك عن إرتفاع حدة الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها دول مثل العراق وسورية وليبيا؛ تحت أي عنوان يمكن إدراج الحملة العسكرية للملكة العربية السعودية وتحالفها الخليجي _ التركي، ضد دولة اليمن، التي يعيش شعبها حالة من الإنقسام الإجتماعي المسلح، في وقت لن تنفض فيه الشرعية الدولية ، يدها من الأزمة اليمنية بعد، ولا زالت فيه محاولاتها لحل الصراع اليمني الداخلي سلميا، تتواصل بإضطراد،  وفي قرارها المذكور الكثير من الوضوح ، الذي يهدف الى إتباع الطرق السلمية لحل النزاع..!؟

    فعلى صعيد الشرعية الدولية، فإن القرار وطبقاً لفقراته الحادية عشر والثانية عشر والثالثة عشر [[ أبقى المسألة اليمنية قيد نظره الفعلي، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة مواصلة تنسيق المساعدة المقدمة من قبل المجتمع الدولي دعماً لعملية الإنتقال السياسي السلمي، بما في ذلك المساعدة المقدمة من قبل الأمم المتحدة لوضع الصيغة النهائية لمشروع الدستور وإعتماده، وإصلاح نظام الإنتخابات، وإجراء إنتخابات عامة...الخ]]

    ومع كل ما يقال عن الصراع والمصالح الإقليمية والدولية المتشابكة في المنطقة، فإن العملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية والحلف الخليجي _ التركي، والموجهة ضد دولة اليمن لليوم الثاني، تظل في إطارها الخاص، تعبر عن إرادة من قررها أو من يقف ورائها أو من يدعمها، ناهيك عن الدوافع والمبررات؛ أما وفقاً لمنظور الشرعية الدولية، المجسدة في قرارات مجلس الأمن، فالعملية المذكورة، هي أقرب في واقعها، الى من يصب الزيت على النار، منها الى حفظ السلم والأمن الدوليين؛ بنفس القدر الذي تجعل فيه الأبواب مشرعة أمام التدخل الإقليمي والدولي في المنطقة، وتضع العصي في دواليب الحلول السلمية للأزمة اليمنية التي يسعى اليها المجتمع الدولي؛ مما يعقد من حبائل الأزمة، ويعمق من بواعث التناحر الداخلي، ويسرع في الإنزلاق الى أتون المواجهة الإحترابية، وإنتشار التهديد الإرهابي، وتصاعد حمى التسلح بين دول المنطقة، التي جاوزت المئات من مليارات الدولارات..!؟؟(3)
    باقر الفضلي/ 2015/3/27     
    ______________________________________________________________
    (1) http://ar.rt.com/goi3
    (2)   http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N15/050/37/PDF/N1505037.pdf?OpenElement
    (3)   http://ar.rt.com/gok4
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media