اتهام منظمات حقوق الإنسان بالتحيز وتلفيق الأخبار -2-
    الأثنين 30 مارس / أذار 2015 - 21:39
    مصطفى محمد غريب
    القسم الثاني
    لقد تصاعدت خلال الفترات الأخيرة من رئاسة نوري المالكي الاحتجاجات بخصوص خرق حقوق الإنسان من قبل القوات الأمنية والمليشيات المسلحة التابعة لبعض أحزاب الإسلام السياسي ولطالما خرج علينا البعض من المسؤولين الحكوميين غاضبين من التقارير التي بدأت تنشرها وسائل الإعلام حول هذه الخروقات، ونشرت في الفترة الأخيرة العديد من فضائح الممارسات اللاانسانية من قبل داعش ضد المكونات العراقية وبخاصة ضد الايزيديين والمسيحيين والشبك فضلاً عن ممارسات إجرامية ضد المواطنين الذين بقوا تحت احتلال داعش لمناطقهم من المسلمين، وقد أشار مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الخميس 19/3 / 2015 عن ارتكاب " جرائم حرب " عند استعادة الأراضي التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، ونوه مكتب الأمم المتحدة أن تقريره استند إلى " مقابلات من شهود عيان " وأكد التقرير على أن أفراد من قوات الأمن العراقي والفصائل الشيعية في الحشد الشعبي " نفذت عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب والخطف والتهجير القسري لعدد كبير من الناس( للعلم التقرير لم يشمل بشكل عام القوات الأمنية العراقية ولا الحشد الشعبي  بل أشار إلى أفراد من ..الخ)، يشير التقرير أن هؤلاء الأفراد في كثير من الأحيان  استطاعوا " الإفلات من العقاب ". كما لم يغب عن معدي التقرير أن مقاتلي داعش ارتكبوا ابادة جماعية ضد الايزيديين وغيرهم وهي تعتبرهم "قد ارتكبوا جرائم حرب"  البعض من المسؤولين الحكوميين العراقيين أكدوا أن هذه التقارير " غالباً " ما تكون بعيدة عن الواقع، ووثق هذا الموضوع شبكة ايه بي سي الأمريكية في نشر تقارير وتسجيلات فيديو حول جرائم ارتكبت من قبل قوات حكومية عراقية فضلاً عن أفراد في الحشد الشعبي واعتبرت بأنها "جرائم حرب ومجازر ضد المدنيين"كما تم التأكد من هوية البعض من الجنود القتلة الذين نفذوا الإعدام" بدم بارد بحق طفل لا يتجاوز الحادية عشرة بتهمة " أنه داعشي "، حيث أكدت إن شارات "القوات العراقية الخاصة" كانت ظاهرة على أكتافهم ومثبتة على ملابسهم العسكرية الرسمية".
    لم يكن مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوحده قد أشار حول ارتكاب جرائم بحق المدنيين فمنظمة هيومن رايتس ووتش أشارت في 18 / 3 / 2015 حول المليشيات التي تقاتل مع القوات الأمنية العراقية بالضد من داعش الإرهابي قامت  بشكل متعمد تدمير " الممتلكات المدنية وأحرقت منازل ومحال إضافة إلى النهب والسلب وهي موثقة عندها ومن خلال تحاليل " صور الأقمار الصناعية" والزيارات المدنية ومقابلات مع " الضحايا والشهود الذين فروا بسبب القتال " وكما هو معروف أن الاتهام وجه إلى كل من " منظمة بدر، وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي وسرايا طلائع الخراساني" وأشير عن تدمير كلي أو جزئي لـ  ( 47 ) قرية بين بلدتي الخالص وآمرلي وقد اقر مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي ذلك حيث سما ذلك بالأخطاء الفردية وان الضحايا لم يظهروا أمام المحكمة لتقديم شهاداتهم ( تفسير عاطل يريد المكتب أن تتكرر مأساة الضحايا بالانتقام منهم ) ومع كل هذا وذاك فان شهوداً من بينهم ضباط في البيشمركة أكدوا رؤيتهم " لميليشيات تنهب القرى المحيطة بآمرلي بعد انتهاء الهجوم ضد داعش ومباشرة قبل تدمير الميليشيات للمنازل في البلدة".
    نحن نعتقد أن غالبية منظمات حقوق الإنسان المعترف بها تقدم تقاريرها وفق المنطق والإثباتات والوقائع المادية لأنها معرضة للتدقيق والمحاسبة وعندما جرى الحديث عن البعض من الأفراد في القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي لم يشمل هذه القوى بشكل عام ولنا ولشعوب العالم تجارب في هذا المضمار حيث يقوم البعض من المنتمين بالإساءة وارتكاب الجرائم مثلما حدث في الكثير من الحروب الدولية والمحلية ولكن سرعان ما يجري كشفها ومحاسبة المرتكبين لهذه الجرائم بشكل قانوني، ولهذا وبدلاً من الصراخ وكيل الاتهامات والإنكار والتكذيب من قبل البعض من المسؤولين الحكوميين العراقيين والحزبين المؤيدين الاعتراف بهذه الأخطاء ومحاسبة المقصرين قانونياً إذا كنوا أفراداً أو جماعات والتدقيق العملي الميداني لكي لا تتكرر ومع ذلك أنها " ستتكرر مثلما هو حال الدنيا "
    ومثلما يقول المثل " لا دخان بدون نار " وهو مثل حكيم فلولا حدوث التجاوزات وارتكاب الجرائم والأخطاء حتى وان كانت نسبية لا يمكن لهذه المنظمات الحقوقية أن تقوم بالتحريف وتزيف الوقائع والاتهامات بدون أي سند مادي لأنها ستعرض نفسها ومصداقيتها للمحاسبة أمام هيئات حقوقية دولية ومحلية، ، وبهذا الخصوص فقد اتهم مجلس محافظة صلاح الدين في 22/ 3 / 2015 احد الفصائل في الحشد الشعبي " بتهجير المواطنين وحرق المنازل وأشار رئيس المجلس احمد الكريم  للسومرية نيوز أن "احد الفصائل المقاتلة ضد تنظيم داعش قام بعمليات تهجير وحرق المنازل في قضاء الدور والشقق السكنية في مجمع الدور السكني"، وطالب رئيس المجلس رئيس الوزراء والمرجعية العليا  بـ"التدخل الفوري والعاجل بحق الانتهاكات التي تحدث في القضاء" وقد استجاب المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي احمد الاسدي على الرغم من نفيه في البداية وتعهد بتقديم من تثبت عليه التهمة إلى القضاء وأضاف احمد الاسدي " إذا حصلت حالات مثلما ذكرها رئيس مجلس المحافظة، فنحن وأجهزتنا المختصة نتابع ذلك وسنعمل جاهدين على معالجتها"، وهنا نعتبر تعهد الاسدي شيء ايجابي بخاصة إذا جرى تحقيق دقيق ونزيه لمعرفة الحقيقة وهل كان الاتهام صحيحاً أم انه غير دقيق وهذا يتطلب عدم الشمولية وإطلاق الاتهامات بشكل عام فنائب رئيس الوزراء بهاء الاعرجي أشار أيضاً في معرض حديثه بالدفاع عن الحكومة والحشد الشعبي " إذا كانت هناك بعض التصرفات الشخصية المسيئة فهي "لا تمثل الحكومة ولا الحشد الشعبي، وقد نتفق معه ومع تحذير المجلس الشيعي التركماني الذي نشرته شفق نيوز الاثنين 23 / 3 / 2015  ان " الأفعال السلبية التي يقوم بها بعض الجهلة، او قد يكونوا مندسين، في الحشد الشعبي، من تعذيب الأسرى والتمثيل والسحل وحرق جثث العدو الداعشي لهي خدمة مجانية غنية يقدمها هؤلاء لأعداء العراق من الداعشيين ومن يقف ورائهم"، لكننا في الوقت نفسه نتعارض مع بهاء الاعرجي لو أشار إلى محاسبة أصحاب الأفعال السلبية والتصرفات الشخصية المسيئة وكشفهم ومن ورائهم وأحالتهم للقضاء كي لا تستمر الاتهامات وقد تستغل من قبل البعض لتوسيع الإشاعات وتشويه الجميع، وعليه من الضروري التعاون مع منظمات حقوق الإنسان والتدقيق في تقاريرها بدلاً من تكذيبها فوراً واتهاماً بشكل غير لائق الذي لا يخدم تحقيق المعادلة وهي " كشف الحقائق " لاتخاذ ما يلزم كي لا ترتكب التجاوزات وحصرها كي لا يكون هناك خرقاً لحقوق الإنسان والالتزام بالمعايير الدولية القانونية والإنسانية لتحديد كل حالة وعدم التعميم كي يتم استخلاص النتائج لإشاعة العدل والمساواة وتطبيق القانون بشكل سليم.

    1. اتهام منظمات حقوق الإنسان بالتحيز وتلفيق الأخبار -1- - مصطفى محمد غريب
      26/03/2015 - 16:50 مقالات
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media