المتهمون بجريمة سبايكر ابرياء بشهادة رئيس الوزراء
    الأحد 26 أبريل / نيسان 2015 - 07:16
    هيثم الغريباوي
    في نظرة عابرة على مجمل المسار السياسي للعراق بعد سقوط صدام، تتجلى لنا حقيقة مؤسفة ابعادها ان ساسة الشيعة تنازلوا عن قوتهم وتخلفوا عن شعاراتهم الوطنية والدينية، وتخلوا عن حقهم الشرعي في الحكم والثروة الوطنية والانتصاف لدماء قواعدهم، واستسلموا تماماً لنوع واحد من السياسة المفروضة عليهم من الاكراد والسنة ومن وراءهما المحور الاسرائيلي، فضلا عن خضوعهم التام لارادة الخصوم في اختيار رئيس الوزراء وتوجيه سياساته الداخلية – اما العلاقات الخارجية فكل له مرجعيته بلا ضابط وطني. لقد نجح اعداء التغيير في العراق بفرض تقاليد سياسية غريبة عن اصول الديمقراطية ثم عدوا على القضاء والأمن ليفرغوهما من اي دور حقيقي يرجى ان يؤدياه بغية ترسيخ الامن والاستقرار في اي بلد، وهي مهمة غاية في الدقة فضلاً على انها لا تتحمل اي رخاوة خصوصاً مع وجود بقايا النظام الدكتاتوري الوحشي الذي امسى يتغذى من دكتاتوريات بلدان الجوار الطائفية التي ما فتئت ترى في العراق الجديد تهديداً يحيق بوجودها، فلم تتوان في تسخير كل مواردها لإعدام العهد العراقي الجديد او احراق العراق بأيدي عملائهم من ابنائه وتبديد ثرواته، وتجليات تلك الاهداف ظاهرة وقائمة منذ سقوط النظام الشاذ.

    الا اننا لم نكن نتوقع ان نشهد من ابناء التيار الجهادي الشيعي كل هذا الهوان وهم في واجهة المسؤولية؛ واقول هواناً لأنهم ليسوا ضعفاء لكنهم هم من تخلى عن عناصر قوتهم الذاتية مثلما اعرضوا عن البحث عن عناصر القوة الخارجية المتاحة – وهي لعبة التغالب المشروعة دينياً وبراغماتياً – لدفع العدو الظاهر والمستتر. فلقد مالوا الى الدعة والسلامة وتمنوا على الله تعالى الأماني، وكأنهم نسوا او تناسوا ان سنة الله تعالى في خلقه الكدح و"ان لكل مجتهد نصيب". بل لم يكن احد يتوقع ان يكونوا مادة الفساد ومصدره وادواته وبعدها سرعان ما فقدوا حتى الادعاء بصلتهم بالمشروع الاسلامي المغرق بالاخلاق والعدل والإيثار والشجاعة والكرم والمواساة. وربما يتبدى للفاحص ان الجماعة فاسدون بالمبدأ وانما الخطل الذي ظهر منهم طيلة فترة هيمنتهم على الصوت الشيعي مصدره فسادهم وخواؤهم. ولذلك كانت تأخذ الرعدة منهم كل مأخذ لأدنى صيحة باطلة وظلوا ينتهجون مبدأ "رد الفعل" المبتور على حساب منهج المبادرة وصنع الحدث، هذا دون ذكر حقيقة الاهتمام بالعداوات الداخلية والتحاسد والوقيعة فيما بين اطرافه لأسباب واهداف اقل ما توصف به انها لا أجر عليها ولا ثواب. اما على الطرف الآخر، فيمارس البعث التخريب عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً واعلامياً، اذ ان له في جسم الدولة العراقية نسيجاً متكاملاً فيتمول منها ومن خارجها، وينتظر ان يجهز عليها ويحوزها كلها.

    نعود ونسأل، ما الفرق الجوهري ما بين ولاية الجعفري والمالكي واليوم العبادي كعهود حكم؟ والسؤال الآخر، ما هو المشترك بين ولايات السادة آنفي الذكر؟ اما الفرق فليس منه شيء (نفس الطاس ونفس الحمام)، غير ان العامل المشترك، ان كل واحد منهم اكتسب شرعيته ممن يسمون بـ(الشركاء من الاقليتين السنية والكردية) كما انهم فقدوا شرعيتهم من نفس الشركاء. فالاكراد والسنة اسقطوا الجعفري وأتوا بالمالكي، ثم اسقطوا المالكي وأتوا بالعبادي، واذا شاؤوا اسقطوا العبادي وأتوا بغيره، بل لو شاؤوا لأسقطوا الكيان العراقي برمته. وفي كل مرة يردون الينا رئيس وزرائنا (كبضاعة رديئة) يعج التحالف الشيعي بالفوضى لأشهر مديدة للإتفاق على مرشح يناسب الاخوة الاعداء ويلبي رغباتهم مؤطرة باتفاقات سياسية بدون غرامات الا اللهم على التحالف الشيعي (اللين الجانب!). ولا ترجح كفة احدهم قبل ان يتآمر اطراف التحالف مع الاكراد والسنة لترشيحه على حساب رضا اطراف كتل التحالف حينها تكون الكراهية والحقد والضغينة قد اجهدتهم وذهبت بالكثير من معين الود والتعاضد المرجو منهم من اجل كبح امواج الشر القاصدة الينا خاصة.

    الأنكى اليوم، اننا بتنا نخشى من قدرة السيد العبادي ليس على احداث تغيير على المعادلة البليدة السابقة، بل كسرها وتركيب واحدة اردى منها. الخشية اليوم هي ان يتم احتواء طاقة وقوة الحشد الشعبي عبر ضعف رئاسة الوزراء وتحييدها لصالح تقدم داعش المتحصن بالعنوان الطائفي السني. فبعد سقوط الموصل وتكريت واجزاء من كركوك والرمادي، وبعد مجازر سبايكر والصقلاوية وآمرلي والضلوعية، واليوم المقتلة التي حلت بقواتنا في ناظم الثرثار، يخرج علينا السيد رئيس الوزراء بتصريحات تكرس الانطباع النمطي لضعف قيادة التحالف الوطني الشيعي للحكومة. هذه التصريحات تقوض كل المجهود الاعلامي الداعم للحكومة والحشد الشعبي ليخلي الساحة لداعش في تجنيد المزيد من المعتوهين والإيغال بالكذب والدجل والتشويه. ان تصريح السيد العبادي في تبرئة الساحة السنية العراقية من تغول داعش وان كل رجالها من الاجانب لم تعد ذات جدوى او اثر حتى في نفوس سنة العراق او العرب علاوة على انها ليست من حسن السياسة في شيء، لأنها ببساطة غير واقعية. ان داعش واسلافها من جيوش السنة في العراق اينعت في البيئة السنية وتتدرع بها الى اليوم واجهزت فيما اجهزت عليه هم السنة الوطنيون الرافضون لمنهج الجنون الداعشي. الا ان الادعاء بأن داعش قتلت من السنة اكثر من الشيعة فتلك والله مجاملة اقبح من الكذبة وهي التي تجعل من شيخ الازهر يصدق نبأ الفاسقين ويعلن شجبه للمجازر التي يتعرض لها السنة على ايدي الحشد الشعبي في معرض حربه على داعش!.

    ليس بمقدور سنة العراق الانسلال من كيان داعش رغم بغض بعضهم له، كما هو ليس بمقدورهم الانتصار عليه لأنه متغلغل فيهم ويحارب تحت راية السنة كطائفة - ومن اجل قضية سنية في العراق بحسب شعاراته – ويتدرع بهم ويحكم مناطقهم. فحراجة المعادلة تتأتى من كيفية انتصار السنة والشيعة على داعش لا انتصار داعش على الشيعة تحت عباءة السنة. فداعش يقتل في مصر وليبيا والجزائر وباكستان وافغانستان وكل العالم منبثين من الجسد السني.

    فيا اخانا السيد العبادي، اذا كنتم لا تستطيعون ان تقولوا من حرق ونهب في تكريت هم من خلايا داعش النائمة فيها، وان تركيا تضخ الإرهابيين عبر حدودها، وان دول الخليج تمولهم وان في العراق من يؤويهم وان التحالف الغربي يتهاون في القضاء عليهم استثماراً في داعش على حساب مصالح أبناء الدول المتضررة منه، واذا تقولون ان السنة هم اشد المتضررين من داعش؟؟؟ فكيف نفسر انطلاق الإرهاب من مناطق العراق السنية؟ وكيف نفسر الخراب الذي ضرب البنية التحتية الفقيرة في العراق؟ وكيف نفسر فناء مئات الآلاف من العراقيين الشيعة على مدى السنوات الثلاث عشرة المنصرمة؟ وماذا تركت للإعلام الوطني من حقائق ووقائع يرتكز عليها في حربه لإعلام داعش ورعاتها؟ وما هي الثمار التي ترجوها من تصريحك وهو يتهاوى امام مصاديق الشهادة والدم؟ وما هي درجة واقعيته وهو يناقض تماماً تصريح وزير الدفاع السابق الدكتور سعدون الدليمي (رابط التقرير ادنى المقال). يا سيد عبادي، ما تقوله وتصرح به ليست لغة سياسية ولا تناسب ضراوة الحرب التي يخوضها العراق ولا كمّ الدماء الدافقة من اجساد شباب الوطن.
     

    رابط تصريح السيد رئيس الوزراء ببراءة سنة العراق من داعش
    http://www.qanon302.net/news/2015/04/25/52298

    رابط تصريح السيد سعدون الدليمي حول حواضن داعش وقواعدها في مناطق سنة العراق
    http://www.qanon302.net/news/security/2015/04/25/52314
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media