الطفلة الضاحكة ابتسام الابتسامات
    الثلاثاء 28 أبريل / نيسان 2015 - 05:43
    بنيحيى علي عزاوي
    ناقد مسرحي مغربي الدراماتورج
    تصفح المستبصر الحكيم جريدة كانت على الطاولة ملقاة بشكل عبثي فقرأ عناوين بارزة بصوت مرتفع: "هذه السنة  المشتعلة بأحداثها أكثر من أخواتها في القتل والقتال وتجار الأسلحة يجربون في البشر العزّل أنواع المعدات القتالية وما استجد من أنواع  التكنولوجية ذات روعة في الخراب الدمار والمدمر ولا من قلب رحيم لدى الدول الكبرى يقول هذا منكر وحرام..."..سكت الحكيم برهة وخرج من باب منزله وصاح ثم صرخ  بأعلى صوته ... خرج جيرانه يتفرجون عليه مندهشين من جارهم الرجل الطيب الأخلاق الكريم...خاطبهم  بغضب شديد: أين شعوب العالم؟لماذا هذا الصمت الصائت الجبان المدوي في أذننا كرياح من السراب.؟ هل الشعوب لُقحت بعشبية مخدر"السكوت" المسماة عند المغاربة:الساكته والمسوكوته" فأصبحت شعوب العالم من الصم البكم ألعمي والجهالة الجهلاء؟ (( صمت مخيف ولا أحد من الجيران يرد على الحكيم..وحتى سكوت الحكيم كان تأملا طويلا في وجوه جيرانه الشاحبة،وفجأة اندهش في أفواه جيرانه مفتوحة فاستغرب في هذه الظاهرة التي أبتلي بها الناس، وتساءل مع نفسه  ثم بغضب شديد)) قال لجيرانه: أغلقوا أفواهكم حتى لا يدخل الذباب أجسادكم أو فيروسات الطاعون،..((صمت مخيف عم العمارة وفجأة أخرج الجيران من نساء ورجال وأطفال ألسنتهم، فإذا به يرى  ألسنتهم مقطوعة بشكل مقزز مخيف، فخاف وقرر الرجوع إلى منزله فإذا بأصوات عويل شجَ وحصم الصمت ببكاء جيرانه،ووسط هذا النحيب ضحكات الطفلة البريئة كدمت صدع العويل فأسرعت نحو الحكيم وعانقته بحرارة...تأمل الحكيم المستبصر في بكاء الجيران والطفلة البريئة وضحكتها المختلفة الإيقاع...قبًل الحكيم الطفلة ورفعها بيده إلى  الأعلى ثم ضمها إلى صدره )) وقال لجيرانه بصوت ناعم: هل فهمتهم ما تريد قوله الطفلة الضاحكة؟ ((عم الصمت العمارة من جديد ولا أحد من جيرانه أجاب على سؤاله لأن لا صوت لهم بحكم ألسنتهم عُطت بغير ذنب من لدن الغول مستنسخ الأغوال...تأمل في وجوه جيرانه واحدا واحدا..فاعتذر لهم عن الإزعاج ودخل إلى بيته وأغلق الباب بقوة غضب شديد: ثم فتح الكمبيوتر وقرر قراءة تأويلات الفلكيين المنجمين العالميين ..تسمر أمام الكمبيوتر ساعات واختزل أخيرا أقوالهم... وجدها كلها تصب في نقطة سوداوية واحدة هدفها ، الدمار والتدمير والخراب وقتل الإنسان لأخيه الإنسان في هذا الكوكب الأزرق البريء. ...وأخيرا فرح فرحا جميلا حين وجد  واحدا من العلماء أُعجب به الحكيم كثيرا  وأعاد قراءة نظرية العالِم في علم المستقبليات بصوت مرتفع)): العلماء في مختبر علم الهندسة الوراثية  وفي المستقبل القريب سيكشفون علماء الفضاء للعالم عن مخلوقات أخرى أذكى وأنقى وأنظف من هذه المخلوقات البشرية المتواجدة منذ مليارات القرون المشحونة بعنصر الشر فوق الكوكب الأزرق الجميل، وقيل عن هذه المخلوقات المكتشفة أنها تحمل في ذاتها إلا الخير والسلم والأمن والأمان والسلام...((ابتسم الحكيم المستبصر ابتسامة عريضة حتى  استنشق عطرا فواحا أنثويا رائعا ،ذكًره بتوأم روحه الأسيرة  منذ سنوات  في جزيرة "Mezopotamia " ، شهق حنينا واهتزت مشاعره بكاء ولوعة صبابة الهيام الروحي حتى احمرت مقلتاه فكتب في مذكرته بدموعه المنهمرة على وجهه ))وقال:" لم أعهد أبدا ولم يكن في قاموسي، أن حب الأرواح متواجد في هذا الكون العظيم؟،ولم أصدق منذ ريعان شبابي إلى عمري الناضج هذا وأنا على  أبواب شجرة أرذل العمر يا لغربة الإنسان!!،..آه!! يا الله لم أصدق أن أصاب بصرع الغرام العذري؟ أنا أتألم يا عقل!! وأتعذب يا قلب!! ، هل سيتحقق اللقاء بيننا وتفك قيودها"ريحانه ابتسام المبتسمات"..آه!!! ما شاء الله ...صورتها في روعة الجمال السامي ،كالنجم الساطع في ليلاء الصفاء في عز الربيع بأريجه الفواح،..متى تفك قيودها وتسرع لجزيرتي عروسا عذرية من جديد؟ ما الذي جعلني يا ترى مرتبطا بكل قواي مع "ريحانه ابتسام المبتسمات"؟ وهي بعيدة عني ..لم أسمع حتى صوتها ولا مرة عبر الهاتف؟ ولم أراها بقربي ولو مرة واحدة؟ والعجيب  في عالم هيامنا ،أن تواصلنا بالرسائل لا ينقطع، بالرغم من الحصار المضروب عليها، دوما تدبر أمرها وتناجيني بأسمى كلمات الغرام العذري وتقسم بالقسم الغليظ أنها ستحتضنني في يوم قريب لا تطول جولة زمانه...عجبا!!! كيف تستطيع التخلص من قوم غلاظ القلوب عيروبيين من بني عمائم العربان،وهي أسيرة عند وحوش مستوحشة تنهش جسدها الناعم في كل وقت وحين...؟ مسكينة هيام روحي:"ريحانه ابتسام المبتسمات" إنها بحق تتعذب من أجلي أشد عذاب ..سامحيني يا مهجتي.. عند هذه الكلمة استفاضت مشاعره من جديد واستمر ينتحب حتى أحس بيد ناعمة حطت فوق كتفيه ، التفت ولم يجد شئ ملموسا،فاستغفر لله ووحده وقال:" إن أراد الله بعبده خيرا هيأ له الأسباب"..عم الصمت حجرته من جديد وقرر قراءة طالع الأنام، ثم اطلع على أبراج الشهور فوجدها تركز على سيكولوجية كل فرد منا حسب رؤية علماء التنجيم بقياس اليوم والشهر والساعة من عمر الزمان، وذلك باختراعهم سلم جداول الأبراج، التي تصيب وتخطأ ..تسعد البعض، وتحزن الآخر.. تجعل المتأمل لهذا الكون العظيم أحيانا يشك وأخرى يصدق..تناقض ونقيض وتضاد مختلف الأشكال والألوان لولبي الإيقاع في ذات الإنسان، سبحان الله!!..جدل ميتافيزيقي وحجج مثالية صرفة مغلقة الأبواب ثم خنوع واستسلام لهذا الكون الغامض..قضاء وقدر مختوم في سجل مرقوم وعند الله معلوم.. صراع داخل صراع في عمق الذات وخارجها....ما  أصعب فهم بنية وماهية وجوهر الإنسان....دوًن الحكيم المستبصر كل هذه المستجدات في سجل ذاكرته الانفعالية وذاكرة الكومبيوتر ثم حلًل رموز وعلامات الطفلة الضاحكة،التي تشبه إيحائيا توأم روحه"ريحانه ابتسام المبتسمات" في معاناة الإنسان، وأخيرا استرخى على الأرض وسرح بخياله إلى عالمه الروحاني ونام...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media