درجات الدم العراقي .. ممتازة وسياحية وعاشرة
السبت 16 مايو / أيار 2015 - 21:17
حسن الخفاجي
كنت قريبا جدا من الانتحاري الذي فجر نفسه بين حشود الزائرين السائرين بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر ع في العام ٢٠١٠ ، لا زلت احتفظ بملابسي وعليها آثار دماء الشهداء والجرحى.
لقد وقع التفجير بعدما انتهى آذان المغرب من جامع الإمام الأعظم في الساحة المقابلة للجامع . لم تقدم أو تفكر حشود الزائرين بالتوجه إلى الإمام الأعظم لاقتحامه أو الإساءة إلى سكان الاعظمية. بالخصوص بعدما تبين بعد أسبوع ان الانتحاري عربي الجنسية وكان متخفيا في احد بيوت الإرهابيين في الاعظمية .
ذهاب السيد العبادي والمسؤولين ورجال الدين الشيعة إلى الاعظمية أسهم في إخماد الفتنة ، لكننا شممنا روائح أخرى فاحت بعد الحادث وكأنه مدبر من خلال تصريح نائب رئيس جمهورية السنة - التي يعملون على إقامتها وربما رئيسها القادم ان قامت - السيد اسامة النجيفي، الذي طاب بتشكيل جيش طائفي للأعظمية ليحارب لاحقا جيش الكريعات أو جيش الكاظمية. هذه الجيوش التي يريدها السيد النجيفي وأشباهه أساس متين يحاول المشبهون وأصحاب المصالح البناء عليه لتمزيق العراق. رائحة أخرى شممناها من خلال تصريح نائب رئيس الوقف السني، الذي أكد ان: "السيديات والعقود بخير ولم تصب بأي أضرار". هذا ربما يشعر المتلقي ان وراء جريمة حرق دائرة الاستثمار شبهة جنائية لإخفاء جرائم سرقات ، لذلك لابد من إطلاع الشعب على نتائج التحقيق وبسرعة قصوى لإخماد وقمع الأصوات النشاز، التي انطلقت وتنطلق بعد كل جريمة ترتكب بحق السنة، وتثار ضجة طائفية وهي كثر ولا مجال لذكرها. لقد ارتفعت الأصوات والأبواق الطائفية بعد حرائق الاعظمية وهي ذات الصيحات التي انطلقت تبكي شرف ثلاجات تكريت وشرف صابرين الجنابي من قبل!.
اللحمة الوطنية والخوف من الفتنة الطائفية والخوف على العراق لا تعني أبدا ان يكون الحرص من طرف واحد فقط ، وهي ان بقيت كذلك ستسهم حقا بتقسيم العراق ، ولن يتهم به طرف دون آخر ، لكن الذنب الأكبر سيقع على من لا يراعي إخوته في الوطن ويعمل بشكل مفضوح على تقسيم العراق.
مئات المفخخات وآلاف الجرائم ارتكبت بحق كل العراقيين ومن كل الشرائح، كنائس ومساجد وحسينيات ودور عبادة ومراقد، وقع على الشيعة الوزر الأكبر من هذه الجرائم، لم يبادر رجال دين أو ساسة سنة لترطيب خواطر اسر وأقارب الضحايا باستثناء الشيخ خالد الملا.
قبل حادث الاعظمية بأيام انفجرت سيارة مفخخة بين حشود الزائرين في منطقة شارع السعدون ، لم نر أو نسمع عن ضجة أو ضجيج إعلامي ولم نر حتى منظمات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية تكنس أو تنظف مكان الانفجار. لم نر صلاة موحدة ولو لمرة واحدة في أماكن التفجيرات في مناطق الشيعة ومساجدهم ، ولم نر أو نسمع حتى عن مسؤولين شيعة زاروا مواقع التفجيرات الكارثية وطيبوا خواطر اسر ا لضحايا ولم نر لجان مشكلة بسرعة لجرد الأضرار وتعويض أصحاب العقارات والسيارات والأملاك المدمرة . لم تتسلم بعض اسر شهداء سبايكر وشهداء الحشد الشعبي وبعض مقاتليه مستحقاتهم إلى ألان.
هل هذا من العدالة في شيء؟.
المواطنة واحدة ياسادة ياكرام ، ابن الاعظمية لا يفرق أبدا بحساب المواطنة عن ابن الكرادة والحبيبية والشعلة والبياع وحي العامل ومدينة الصدر.
حسنا فعلتم بتطويق الفتنة لكن لا تكيلوا بمكيالين ، لان أحدا لم يستشهد حسب علمي نتيجة الحرائق وأعمال الشغب في الاعظمية ، لكن مئات الآلاف استشهدوا والاف الدور والسيارات والعقارات دمرت ولم نر ذات الاهتمام الحكومي والهبة الدينية والشعبية . اهتموا بجميع العراقيين بالدرجة ذاتها كي لا يشعر بعض المواطنين بالدونية نتيجة إهمال الحكومة لهم ، وكي لا يقولوا ان المسؤولين الشيعة مازالوا يشعرون بالدونية تجاه السنة.
هل دماء العراقيين وأملاكهم درجات ، ممتازة وسياحية وعاشرة أم أنها واحدة بحساب الله والموطنة والقانون.
مشاعر وطنية طيبة تلك التي هبت لتطويق الازمة ، نتمنى ان تعم وتكون ذات المشاعر من كل مكونات الشعب العراقي وفي كل مناطق الجرائم لنجهض طموحات وأمال الطائفيين بتقسيم العراق. الهبة والمشاعر الوطنية لعموم العراقيين جدار سميك تتحطم عليه أحلام وأوهام من يبنون دولا بالوهم .
أملنا في الحشد الشعبي وقادته كبير لسحق المؤامرة في مهدها ، بعدما وضحت صورة اللاعبين بملاعب التقسيم ، وهذه المهمة أسهل بكثير من سحق داعش في الميدان.
"مصدر القوة للأمم شعورها بأنها على حق وإنها عازمة على العيش الحر"
السبت 16 / 5 / 2015
Hassan.a.alkhafaji@gmail.com