من الذي يُوَجّه ويُخطط ويقود عمليات داعش في العراق؟
الأحد 17 مايو / أيار 2015 - 23:23
د. هاتف الجنابي
للوهلة الأولى لا يبدو هذا الموضوع جديدا لكن أهميته القصوى تتطلبُ منا إثارته مرارا. لم يَجْرِ التطرق بشكل صريح على الصعيد الإعلامي للأطراف الحقيقية التي تخطط وتقود عمليات داعش في العراق. ما هي هذه القوى "السحرية" التي تمتاز بمواصفات دولة ولها إمكانيات وزارة دفاعها في تخطيطها وفي معرفة تضاريس العراق، وتحركات وتمركز ونوعين أسلحة قطعات الجيش العراقي المنتشرة هنا وهناك يا ترى؟ هل هم نفر من الإرهابيين الأجانب فقط؟ كيف يستطيع الغريب أن يتحرك بين الناس والبيوت والأماكن بدون من يحتضنه ويدله على كل شبر وكل تحرك للقوات الأمنية والعسكرية والشرطة وووو؟ يبدو أن الحكومة العراقية لا تريد قول الحقائق خوفا من إحراج نفسها وبالتالي اتهامها بتحميل أطراف بحد ذاتها مسئولية هذا الخراب الرهيب المدمر للبلاد والعباد. وتجاهل الحكومة العراقية عن هذا الأمر خطأ فادح، باعتقادنا، فالحقائق يمكن أن تقال بطرق مختلفة، وعملية تشخيص القوى التي تتستر بداعش عمل ينبغي توضيحه للرأي العام بدعمه بالأدلة والقرائن والصور.
من خلال الأخبار التي جمعناها(عبر انخراطنا جزئيا على الصعيد الإعلامي في الخارج) على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، من صحافيين ومحللين أجانب لهم صلات ومصادر خبرية مختلفة، أقول، توصلت إلى نتيجة مؤكدة، يعرفها كثير من العراقيين ولكنهم لا يعطونها إعلاميا حقها المشروع، وفق قاعدة "تشخيص المرض نصف علاجه". هذه الحقيقة هي أن ما تبقى من مخابرات وأمن وقيادات عسكرية وقوى خدمت النظام السابق هي التي تقف فعليا وراء احتلال المدن والقصبات العراقية وخلق حالة من الذهر والفوضى في صفوف لناس وفي وقت قصير نسبيا(خاصة وأنها تتحرك في فضائها المناطقي الذي يمنحها غطاء وللإرهابيين الغرباء ملاذا ودعما). أما إرهابيو داعش الغرباء فما هم إلا وقود يتمثل بعمليات انتحارية واقتحامية يدفعهم إليها هؤلاء المنظّمون ممن اكتسبوا خبرة عملياتية عبر عشرات السنين: على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي، مخابراتيا وإعلاميا وعسكريا، وتضليليا بتوظيف الإعلام بصورة متقدمة (بالمناسبة، نرى إعلامهم أكثر تقدما ودهاء وتغيرا حسب طبيعة الحدث من الإعلام الرسمي)، مدعومين من قبل ضباط وجنرالات من دول متعددة. هؤلاء لديهم خبرة عملية حتى على صعيد تصنيع بعض المعدات العسكرية والأسلحة الخفيفة والمتوسطة محليا. لاحظوا نسبة كبيرة من النزوح المبرمج لسكان مناطق بعينها ومؤسسات ومقرات عسكرية بذاتها! لاحظوا تشابه أسلوب سقوط الموصل بسيطرة ما يُدعى بداعش على الأنبار؟ لاحظوا صمت نمط معين من السياسيين من الذين كان من المفروض أن يكونوا معنيين قبل سواهم بمصير المناطق المنكوبة بسبب جرائم ما يسمى ب"داعش"! قسم منهم مع داعش قلبا وقالبا، لا لحبهم لداعش، إنما لمعرفتهم الأكيدة بأن من يقف فعلا وراء داعش محليا هم "بعض رفاقهم السابقين وأسياد نعمتهم الحاليين". لن نذكرممولي وداعمي قتلة الشعب العراقي وعملاء أعدائه، إقليميا ودوليا، لأنهم معروفون للجميع، ولا حاجة لذكرهم، ولكن ما لم يتضح بعدُ، بالدليل القاطع المستند إلى التوثيق، هو موقف المحتل الذي بقي حتى اللحظة مراوغا وذا وجهين إن لم يكن أكثر، ألا وهما: مغازلة جميع الأطراف، الحكومية من جهة( بغرض تخديرها وكسب الوقت) ، ومغازلة ودعم من يتآمر عليها في السر والعلن. وعليه، فالعراقيون لا يقاتلون ألفا وعشرة آلاف أجنبي تسللوا إلى أراضيهم بدعم محلي وإقليمي ودولي، وإنما آلة النظام السابق الذي هرب من مواجهة المحتل لكن أنصاره أعادوا تنظيم أنفسهم بدعم محلي وخارجي...
من حق الحكومة أية حكومة أن تستفيد من كافة الوسائل المتاحة للدفاع عن المواطنين والمصالح العليا للبلاد... أتمنى ألا تتأخر الحكومة الحالية كما فعلت سابقتها في معالجة كل حدث بما يتلاءم مع حجمه ووقته. أرجو الانتبهاه إلى لعبة الزمن ذات الأهمية القصوى بالنسبة لراسمي خطط تقسيم العراق، خذوا مسألة تسليح الجيش العراقي مثالا واتعظوا!
سينتقد البعض، من داعمي الإرهاب في العراق، موقفنا هذا ولكننا نقول لهم: من الأفضل أن تصمتوا، فالعراق أعظم وأنبل ممن حاولوا سابقا ويسعون حاليا لتدميره طمعا بالسلطة. من يسعى لللوصول للسلطة بالحيل والمؤامرات وسفك دماء المواطنين، وتدمير بلاده، فهو خائن وحقير ومنحط، وأمثال هؤلاء لا يستحقون الحياة ولا يستحقون أي موقع في الدولة والمجتمع.، لأن مكانهم أقرب مزبلة ويا ما اكثرها في العراق!
االإثنين المصادف 18 أيار/مايو 2015