بين سذاجة العقل القيادي الشيعي ... ودهاء السياسة الخؤونة للكتل السنية ...!!!
    الخميس 21 مايو / أيار 2015 - 20:46
    أ. د. حسين حامد حسين
    لقد كان للفتوى التأريخية في الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية الرشيدة ، دورا حاسما في دعوة الحشد الشعبي لأخذ دوره كمصد عنيد من اجل الوطن العراقي ولهدفين : الاول كقوة عقائدية باسلة ضد تمدد داعش واحتلالها للارض العراقية .  وثانيا : لوقف تداعيات الادوار الكيدية الخؤونة للكتل السنية ورئاسة الاقليم بعد تماديهم بالاستهتارضد رئاسات الحكومات الشيعية المتعاقبة وتقويضهم لمحاولات اعادة بناء الوطن العراقي والوسائل الديمقراطية.
    فالسلوك السلبي لبعض الكتل الشيعية ، كالمجلس الاسلامي والتيار الصدري ،ووقوفهما مع تجاوزات قيادات الكتل السنية البعثية ورئاسة الاقليم ضد السيادة العراقية خلال حكومة رئيس الوزراء السيد المالكي ، واستمرارهما في السير اليوم في نفس المدار، قد أثبت وبما لا يقبل الشك، أن هذه الكتل الشيعية غير مؤهلة لقيادة العراق . فاهدافهما  منصبة نحو مصالحهما بالدرجة الاولى، فضلا انهما لا تفقهان ولا تجيدان فن ممارسات ادوار القيادة ، ولكنهما ، نجحتا في مداهنة الكتل السنية ووقفتا خلف مؤازرة الاقليم في ابتزازه لثروات شعبنا وتحديه للسيادة العراقية. لا بل ان المجلس قد سمح لنفسه حتى بتبني عار الاتفاقية النفطية لوزير النفط المنتمي لقيادة المجلس، كنتيجة لرغبات ذاتية والابقاء على خط رجعة مع هؤلاء الشراذم . اذ لوكان كل من المجلس والتيار يهمهما الواقع العراقي السياسي بصدق، لما وقفا مع اعداء العراق ضد المالكي، الرجل الوطني النزيه. ولما نذرا وجودهما السياسي لدعم الكتل السنية التي تجاهر بعلاقاتها مع حكومات السعودية وقطر وتركيا والاردن ومحاولات تقسيم العراق. ولما أوجدا لنفسيهما خلال وجود المالكي بشكل خاص، علاقات تتقاطع مع الظرف الوطني الذي كان يطالب كل الخيرين بالولاء للعراق. ولكن ، كبر الاحقاد والتحاسد ومحاولات التسقيط في سلوك ما برح يمارسه كل من المجلس والتيار ، كانت وكما يبدوا ، أكبر بكثير من كل هدف وطني. فالوطنيون لا يفرطون بوطنيتهم من اجل المصالح الشخصية ، ولن تؤثر على ثوابتهم تأثيرات ذاتية.
    كما وأثبتت التجارب أيضا، ان السمات الانانية وأهواء المصالح قد ترسخت كاولويات في اهداف هذه الكتل ، وافتضحت أنانياتهم من خلال انجرارهم الى احداث استطاعت الكتل السنية خلقها ، ففضلوا السير لنصرة تلك ألاهداف التي تجلت نتائجها في تقوية الارضية التي وقفت عليها تلك الكتل السنية البعثية ، الامر الذي خلق انطباعا في الاعلام الخارجي ، ان السنة كانوا "فعلا" يعانون من التهميش!! ولكن شيئا من ذلك لم يكن مبررا لاستقواء هذه الشراذم لولا تماهي هذه الكتل الشيعية معهم ، في حين ، عندما يتعلق الامر بالتصريحات والمزايدات، نجد كلا الطرفان الاطول لسانا من الجميع .
    لقد صبرشعبنا طويلا على خيانات الكتل السنية – البعثية والاقليم في علاقاتهم التأمرية ضد العراق ، وارتباطاتهم مع انظمة السعودية وقطر وتركيا والاردن ، ولطن ، بدون ان نسمع حتى كلمة استنكار لتلك المواقف اللاأخلاقية. فقد اعتدنا ان نرى كيف تنبري الكتل السنية في التضامن مع قيادة الاقليم على الرغم من عدم دستورية اهدافها ضد الحكومة الاتحادية. وكانت كتلتي المجلس والتيار تسارعان الى توسيع تلك النزاعات السياسية من اجل ارباك الانجاز الحكومي وثنيه عن مواصلة مهامه الوطنية في ادارة وحكم البلاد . كذلك خلوا تصريحات تلك الكتل الشيعية من كل ما يستحقه شعبنا من حقوق.
    والانكى من كل ذلك ، ان هذه القيادات الشيعية كانتا قد التزمتا الصمت في بداية تشكيل الحشد الشعبي بعد فتوى المرجعية. وعندما راحت اصوات الكتل البعثية تنادي باعادة النظر بقرارات دستورية غاية بالاهمية كاجتثاث البعث والمسائلة والعدالة وتجريم البعث وغيرها ، وجدنا من اصوات النشاز كرئاسة الجمهورية وغيرها ، كانت كافية لابداء التعاطف علنا مع مطالب البعثيين تلك. ولكن ، وكما هي العادة دائما، صمتت اصوات هذه الكتل الشيعية بالذات امام التصريحات الغريبة لرئاسة الجمهورية والتي تكيل بمكيالين . فهي من جانب ، تستغل موقعها حاثة على العبث بالدستور من اجل التضامن مع بعض قبادات الكتل السنية البعثية التي تلطخت اياديها بدماء العراقيين كالمجرم طارق الهاشمي ورافع العيساوي وعلي سليمان وغيرهم، ولكن وفي نفس الوقت ، نجد رئاسة الجمهورية ترفض التوقيع على تنفيذ احكام الاعدام بالارهابيين...؟؟؟!!! وهو سلوك لا أخلاقي لانجده سوى في عقول خونة العراق فقط ، بينما ظل كل من المجلس الاسلامي والتيار الصدري على نفس ذلك الصمت المهين وعدم الرد على تلك الاصوات.
    أما خطط الحراك السياسي للكتل السنية – البعثية ، قد تجلى في أحقر صوره من خلال مطالباتها في الانقلاب على الدستور للعودة الى أحلامها في حكم العراق من جديد. وكان يرافق تلك المطالب غير الشرعية ضجيج اعلامي كبيرضد الحكومة في الداخل والخارج، ليصبح ذلك هدفا ومطلبا بعثيا جديدا ، ما كان له ان يأخذ حيزا من المساحة السياسية ، لولا صمت هذه الكتل الشيعية وما تنتقيه من اجل مصالحها لا غير.
     فعلى عكس ما نجده من فوضى التناحرات السياسية القائمة بين الكتل الشيعة انفسهم، لم نرى ان الكتل السنية قد اختلفت فيما بينها لما تطرحه من مطالب واهداف. فعلى الرغم من ادانة هذه الكتل السنية البعثية دستوريا واجتماعيا ، نجدها حينما تحاول اثارة مشكلة جديدة أو الاهتمام بقضية تخدم أهدافها ، تمارس هي واعلامها نوعا من "شراسة" في التعامل مع الحكومة ، وكأنهم واثقون من انهم لا يزالون الاكثر قدرة والاطول يدا في تحقيق ما يصبون اليه. فهم لا يبالون بالمطالبة بالاقليم السني ، مع علمهم ، ان خلق مثل تلك المشاكل من شأنها تدمير الوحدة العراقية . أما في حالة عدم استطاعتهم من تحقيق ما يصبون اليه من مطالب ، فيكفيهم انهم على الاقل قد أحدثوا "هزة" في المجتمع العراقي. أو انهم استطاعوا من خلال ذلك، كسب تضامن البعض من قيادات الكتل الشعية كالمجلس والتيار الى جانبهم ، او على الاقل وفروا نوعا من تحييد البعض الاخر. فصمت الاخرين على مثل تلك التجاوزات ، لا يعني سوى مساهما ت تضامنية غير مباشرة بشق الوحدة الشيعية ، وزيادة في حدة التعامل بجفاء فيما بينهم . فتواجد الحشد الشعبي او عدم  جعم مساهماته وتضحياته في تحرير الانبار، واعتراضات بعض الكتل السنية البعثية والعشائر المتجحفلة معها على تواجده للدفاع عن الارض العراقية والشرف والعرض العراقي، خير دليل على الاستغفال الشيعي لنفسه من خلال صمته، بينما تهدر الدماء العراقية الجليلة المباركة لابطال قواتنا المسلحة والحشد الشعبي ، بسبب ، ان هذه الكتل الشيعية لم تتدخل لتعرية العشائر الداعشية في الانبار، ولم تفرض على رئيس الحكومة السيد العبادي وجوب تواجد الحشد في الدفاع عن الارض العراقية ، بل تركت رئيس الحكومة تتنازعه التصريحات والايحاءات الخارجية؟؟ ، أفلا يعني ذلك شيئا ما للحكومة والكتل الشيعية نفسها؟!! 
    هذه اللعبة السنية قد انطلت على البعض من الكتل الشيعية، ولا تزال قادرة على جرهم نحو مساعي ومطالب الكتل السنية الخبيثة الشريرة ، والتي استطاعوا من خلالها تحقيق نتائج لم يكن ليحلموا بها .
    فباعتقادنا ، ان ظروف الحصار السياسي الذي فرض من قبل هذه الكتل السنية الخؤونة على حكومة السيد المالكي وقد كتب لها النجاح من خلال مؤازرة كتل الائتلاف الشيعي نفسه في تماهيهم مع رئيس الاقليم والكتل السنية، نجد أن ما يؤسف له ، ان المالكي قد أسرع في التنازل عن حكومته المنتخبة ، وخضع للضغوط التي رسمها له هؤلاء جميعا. فلو ان المالكي ، وهو الذي يعلم جيدا مقدار ثقله في الشارع العراقي ، قد استغل تلك المؤامرة لحشد الجماهير في تظاهرات واعتصامات كبرى في شوارع المدن ، وأصر على اعلان نفسه كرئيس للحشد الشعبي ، لاصبح في وضع قوي قد يمكنه من الهيمنة على القرار السياسي لحكومة العبادي، فهو الاعظم خبرة وتجربة في الحكومة . كما وفي نفس الوقت ، قد احرج اعداء العراق في الداخل والخارج. ولكن وللاسف الشديد، ان خلاف التيار الصدري والمجلس الاسلامي مع المالكي كان قد ازاح من امامهما رجل كان قادرا ان يقول "لا" لرئاسة الاقليم ، ولكل من التيار والمجلس وللكتل السنية جميعا.
    فها كلا من المجلس الاعلى والتيار الصدري ، لم يأتيا بأي شيئ جديد في عهد حكومة السيد العبادي ، سوى الخطب الرنانة، وتهديد السيد مقتدى الصدرلمصالح الولايات المتحدة وتهدده "بملئ" الارض بجثث داعش؟؟؟!!!  في حين ان المجلس الاسلامي ، نجح في فرض وزير للنفط اصبح عارا على الحكومة ، والبدء بصراع جديد الان من قبل السيد عمار الحكيم ، من اجل رئاسة الائتلاف الوطني ، والوطن العراقي لا يزال يقف على شفا حفرة من نار!!.       
    هذه هي عقلية بعض الكتل الشيعية !! فبدلا من ان تتعامل هذه القيادات مع الكتل السنية في الحكومة والبرلمان كمجرد خونة واصلاف وأدعياء لا يستحقون أي احترام، نرى ان قيادات الكتل الشيعية لا تزال، تعيش مركب نقصها وشعورها بعقدة الدونية في تعاملها مع الكتل السنية البعثية. والسبب ان هذه الكتل السنية قد سبرت أغوار القيادات الشيعية وفهمت تماما سايكولوجية سلوكها المتهافت على نتائج سطحية ومصالح شخصية . في حين ، ان الكتل السنية البعثية ، وعلى الرغم من كل جرائمها ، لا تزال تستطيع ، ومن خلال القليل من الضغوط والتباكي لدى الحكومات الخارجية لدعمهم ، ان تحقق فوزا ضد الشيعة التي لم تصل لمرحلة الحرج في صراعاتها مع بعضها البعض، وابتعادها كأغلبية عن تحقيق اهداف الشعب العراقي ، ثم ليصبح الفائز في كل ذلك ، هذه الكتل السنية البعثية من خلال اعلام وضيع كاذب ومواقف سياسية جبانة.
    فهل سنرى يوما ينهض فيه الحاكم الشيعي وينفض عن نفسه نراب ذله واسفافه ، فيمتلك الشجاعة في اتخاذ القرار الحاسم ، وادامة الانتصارات العسكرية بلا مفاجئات مضادة من قبل أيا كان؟...
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media