عن تلاحم عشائر الانبار و الحشد الشعبي !
    السبت 23 مايو / أيار 2015 - 06:05
    د. مهند البراك
        رغم تعقّد المعارك و تعددها ضد داعش الاجرامية لسعة و تنوّع الجهات المحرّكة و الداعمة لها من جهة، و لتعقّد و صعوبات الواقع العراقي القائم بفعل الطائفية البغيضة التي عمّقتها المحاصصة الطائفية بدلاً من ان تكون اداة لتحقيق وحدة المكوّنات العراقية على انقاض الدكتاتورية، و ما جرّ ذلك من ويلات كُتب و بُحث فيها و عنها الكثير و الكثير، من جهة اخرى .  .
        رغم ذلك و غيره الكثير، حققت القوات الأمنية و الجيش بدعم اساسي من قوات الحشد الشعبي الباسلة و قوات البيشمركة البطلة، و بالدعم الجويّ لقوات التحالف الدولي، حققت انتصارات هامة على داعش الأجرامية في محافظات ديالى، صلاح الدين، كركوك و مناطق كردستان العراق اضافة الى مناطق جبال حمرين، حتى تسببت الضربات الموجهة لداعش بتفرّق مجاميع عن داعش و انفضاض اخرى عنها، و تسببت ببحث داعش عن طرق للتنازل لأخواتها الإرهابيات الأخرى .
        و يلاحظ كثيرون ان انتصار القوات العراقية المتلاحمة في تكريت الذي اشاع التفاؤل و الثقة حينها بأهمية وحدة العراقيين لتحقيق النصر الكامل على داعش، الاّ انه قد اشاع بشكل مؤسف انواع من الإشاعات و التوقعات و الأراجيف الرامية الى شقّ الصفوف و تصديعها اكثر بتصعيد المخاوف من هيمنة طرف طائفي بعينه على البلاد او من هيمنة طرف طائفي على اجزاء من البلاد و الإستقلال بها، اضافة الى انواع التصعيد الذي يستهدف حكومة السيد العبادي و مساعيها لترميم جسور وحدة العراقيين بطوائفهم لتحقيق النصر على داعش .
        و في خضم ذلك القتال الشاق و العنيد، و بسبب تلكؤ المؤسسات البرلمانية و الحكومية و الضيق التسليحي و المالي، اضافة الى التصعيد السيئ لمناوئي و منافسي السيد العبادي و بالأخص مجاميع رئيس الوزراء السابق المالكي، وفق وكالات الأنباء الدولية و الأقليمية و الداخلية، بالإضافة الى حرب الشائعات التي تطلقها داعش و من ورائها، و غيرها الكثير .  .  التي تسببت بعدم اقرار قانون الحرس الوطني و عدم الإستجابة للمطالب المتواصلة  و المتصاعدة لعشائر الأنبار السنيّه بتسليحها و تمويلها، حتى وصل بها الحال بالأخير الى طلب النجدة من عشائر الوسط و الجنوب الشيعية التي استجابت لها و شدد الجميع معاً على الإسراع بالتسليح و بإشراك الحشد الشعبي ذي الغالبية الشيعية في معارك الأنبار، التي اخذت الحكومة تستجيب لها من جهة  .  .  اضافة لإستجابة الإدارة الأميركية و الإيرانية لها .
        لكل تلك الإرتباكات و غيرها سقطت مدينة الرمادي ذات الغالبية السنيّة بيد داعش التي نزلت بعشائر و اهالي الرمادي تقتيلاً و ذبحاً في عمليات قتل جماعي استهدفت ابناء و عوائل العشائر السنيّة الكبرى ـ كالبو نمر، البو فراج، البو فهد، اضافة الى الكرابلة و السلمان و البو محل  و غيرها ـ  من التي تصدّت للقاعدة الإرهابية و هزمتها للمرة الأولى قبل سبع سنوات، و التي تصدىّ ابنائها و حاربوا داعش منذ بدايات ظهورها. الأمر الذي ادىّ الى نزوح اعداد كبيرة من المدنيين و الى تراجع القوات الحكومية و مجاميع مقاتلي ابناء المنطقة السيئي التسليح، بعد مقاومتهم و نضوب اعتدتهم من جهة و تسليم قسم لداعش الارهابية لأسباب كثيرة التنوع .  .
        و يرى محللون انه في هذا الواقع الكثير التعقيد و الخطورة، تتحرّك العشائر السنيّه و الشيعيه للتلاحم معاً في مواجهة داعش الإجرامية، حفاظاً على ارواح المدنيين العراقيين و على العرض و على النساء و الأطفال و الشيوخ العزّل، يتلاحمون لإعلاء كلمة الوطن و راياته و وفاءً لأرواح شهدائه و مناضليه، في مواجهة داعش طاعون التخلف المعادي للسنه و الشيعه .  .                
    و يرى خبيرون و مطّلعون، انه فيما يعترف عدد مهم من وجوه عشائر الانبار السنيّه باخطائهم السابقة و يطالبون بالسلاح لمواجهة داعش الدموية الآن، داعش التي اخذت تنزل فتكاً و قتلاً بابنائهم و عوائلهم كما مرّ  .  .  تراجع وحدات شيعية متزايدة في الحشد الشعبي مواقفها للأرتفاع عن الطائفية من اجل دفاع فاعل عن وطن الجميع و مرابعه و مقدساته، بعد ان سارت حكومة العبادي و تسير على نهج يدعو الى تحقيق الأخوة بين مكونات العراق و طوائفه، تحت خيمة دولته الإتحادية. 
    و يرون بأن هذا التلاحم الساعي الى تحرير الأرض و تثبيتها لأهلها الشرعيين على اختلاف طوائفهم، يمهّد السبل و يمكن ان يؤدي الى تنسيق الإستفادة من الدعم الدولي و الإقليمي ليشمل تنسيق الدعم المقدم من الولايات المتحدة و من ايران لمواجهة داعش في العراق و الآن تحديداً، ليكون العراق على اجندة التفاهم الأميركي الإيراني، كما يجري في اجندات متنوعة بينهما .  . في محاولة للقضاء على الارهاب في العراق الآن على الأقل .

    21 / 5 / 2015 ، مهند البراك     
    ahmedlada@gmx.net
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media