كان هذا عنوان مقالة نشرتها على فيسبوك في شهر تموز من عام 2013 بعد أن خرج الداعية السلفي مفتاح محمد فاضل، على الإعلام المصري ليقول إنه يصح زواج البنت في الثامنة إذا استدار ردفاها وأصبحت تحمل علامات الأنوثة. ثم تفضل علينا في وقتها داعية سلفي آخر، ياسر برهامي، أحد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور المصري ومن مؤسسي حزب النور السلفي، فقدم قفزة نوعية في الإفتاء بالزواج من الفتيات القصر، حيث اعتبر أن الزواج يصح بالبنت التي لم تحض بعد ولو كانت بعمر الثلاث سنوات، أي أن الزواج سيكون عملية اغتصاب لطفلة صغيرة غير قادرة حتى على لاعتناء بنفسها وتحويلها إلى بضاعة جنسية لأصحاب العقول المريضة.
الفتاوى المثيرة للجدل، التي تعود لأربع سنين مضت ،كانت ومازالت محل جدل في الأوساط المصرية، اليوم انتقلت العدوى إلى البرلمان العراقي الموقر الذي صوت بشكل مبدأي بداية هذا الشهر دون حتى أن يكتمل نصاب اعضائه على تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 الصادر عام 1959 فيما يتعلق بسن الزواج واتمام وإنهاء معاملات الزواج والطلاق بعيداً عن دوائر الدولة لتتم أمام قاض يتبع الطائفة التي ينتمي إليها الزوجين. أي أن العراق سيبتعد بعد ثمان وستين عاماً عن خطوة مهمة في طريق المجتمع المدني، وبالمناسبة كلمة مدني هنا ليست عكس عسكري كما صرحت إحدى النائبات في مقابلة تلفزيونية" ثبرونا بالمدني شنو قابل إحنا عسكر"؟
كتب الكثير حول الموضوع من زوايا مختلفة، اجتماعية وحضارية وفلسفية وعن ويلات ما فعل الدواعش بنساء وأطفال العراق. ممارسة الجنس مع الأطفال القصر، أمر يقع تحت طائلة القانون حول العالم ويعتبر جريمة اجتماعية ويندرج تحت مرض نفسي يعرف بالبيدوفيليا. ويعرف قاموس ستيدمان الطبي الأمريكي كلمة "بيدوفيليا" على أنها مرض نفسي يجعل الأشخاص البالغين راغبين في المعاشرة الجنسية مع أطفال دون سن الحادية عشرة. وعادة ما يظهر هذا المرض في سن المراهقة وقد يستمر مدى الحياة لدى أشخاص يفقدون تماماً الرغبة في ممارسة الجنس مع المرأة البالغة. وأصل كلمة بيدوفيليا من اليونانية القديمة تتكون من كلمتين، بيدا، التي تعني طفل، ولذلك يسمى طبيب الأطفال باللغة الإنكليزيةpaediatrician ، "بيدياتريشين"، وفيليا التي تعني الصداقة والتصاحب، والجمع بين المعنيين يعني التصاحب مع الأطفال ولكن لغرض بعيد كل البعد عن الحب والرعاية، فهو تصاحب من أجل الجنس.
لذلك يحاول بعض المصابين بهذا المرض النفسي إضفاء لمسة إنسانية كاذبة على أنفسهم فيصفون تعلقهم بالأطفال، بحب الأطفال ويملأون صفحاتهم على الإنترنيت بكلام لا علاقة له بحب البشر للطفولة.
وبالمناسبة القانون في بريطانية والعديد من دول العالم يعاقب من يُكتشف تصفحه لمثل هذه المواقع المحظورة.
المفهوم العام لكلمة بيدوفيليا هو الرغبة في ممارسة الجنس مع الأطفال، لذلك يعتبر البعض رواية فلاديمير نابكوف الشهيرة لوليتا، شكلاً من أشكال البيدوفيليا حيث يقع رجل بالغ في حب فتاة في الثانية عشرة من عمرها، وينجذب إليها جنسياً. لكن المعنى قد لا ينطبق على بعض الرجال والنساء الذين يرغبون بمعاشرة شباب وصبايا صغار في سن المراهقة. فالرجل الستيني الذي يتزوج فتاة في العشرين من عمرها ليس "بيدوفيلياً" بل مجرد راغب في المرأة الشابة. في بداية القرن التاسع عشر، أجرى علماء النفس والباحثون في الأمراض السايكولوجية، بحوثاً مستفيضة حول موضوع البيدوفليا وتبين أنه مرتبط بعدد من الأمراض العصبية ويترافق عادة مع بعض الامراض النفسية والسايكولوجية التي يمكن أن تفسر دوافع المريض لممارسة الجنس مع الاطفال. معظم المصابين بالمرض هم من الذكور رغم أن الأبحاث أظهرت أن بعض الإناث يعانين من هذا المرض النفسي. ويقدر الباحثون أن نسبة المصابين بين الذكور هي أربعة بالمئة في حين لا تتعدى نسبة الإصابة بين النساء أربعة من عشرة بالمئة أي أن بين كل عشرة رجال هناك إمراة واحدة مصابة بالبيدوفيليا.
أول من صنف الرغبة في ممارسة الجنس مع الأطفال كمرض نفسي، هو عالم النفس النمساوي ريتشارد فون كرافت إبينغ، في كتابه "سايكولوجية الجنس" تحت عنوان رئيسي " الاعتداء على الاشخاص دون سن الرابعة عشرة" تناول فيه الاعتداء الجنسي على الاطفال بشكل عام، وذكر أنه تعامل مع أربع حالات لأشخاص مصابين بهذا المرض النفسي طوال حياته المهنية. كما قدم كرافت إبينغ في دراسته تلك، أسباباً للإصابة بهذا المرض النفسي، منها عامل الوراثة، والانجذاب الجنسي في مراحل مبكرة من العمر للأطفال وليس للبالغين، كما يشرح نقطة مهمة هي أن المصابين بالمرض لا يمارسون العملية الجنسية كاملة مع الاطفال ويكتفون بالملامسة والمداعبة. وتطرق في بحثه إلى حالات من النساء المصابات بالمرض اعتماداً على ملف طبيب آخر.
في عام 1905 نشر عالم النفس الشهير سيغموند فرويد كتابه " ثلاث مقالات حول النظرية الجنسية"، وتضمن الكتاب أراءه في ظاهرة الرغبة في ممارسة الجنس مع الأطفال، في مقال تحت عنوان:" غير الناضجين جنسياً والحيوانات كشريك في الجنس"، حيث يقول إن من يرغبون في ممارسة الجنس مع الأطفال، نادرون وهم عادة ضحايا رغباتهم الجنسية الملحة التي لا يجدون لها متنفساً لذلك يلجأون لإشباعها لدى الحيوانات أو ألأطفال. أي أن فرويد لم يتعمق في دراسة هذه الظاهرة رغم دراساته المستفيضة في الوعي الجنسي لدى البشر. ثم جاء الطبيب النفسي السويسري أوغيست فوريل، ليكتب بعد أربع سنوات من نشر كتاب فرويد، دراسة حول ما أسماه " البيدوفيليا" موضحاً أنه مرض لا يمكن الشفاء منه لأنه يشكل رغبة دائمة لدى المريض، تلازمه طوال حياته، معارضاً بذلك كلاً من كرافت إبينغ، وسيغموند فرويد، وكان أول من أطلق على المرض اسم بيدوفيليا، و أصبح معتمداً منذ بداية القرن العشرين، وظهر بعد ذلك في العديد من المجلات الطبية المتخصصة، ودخل عام 1918 القاموس الطبي، مع شروح لأساليب اكتشاف المرض، والتعامل مع المصابين به.
في منتصف القرن الماضي توصل عدد من الباحثين إلى إيجاد علاقة بين المرض وبعض الظواهر النفسية، إذ وجدوا أن البيدوفيليين، أناس محبطون فقدوا القدرة على احترام أنفسهم يحملون مخزوناً خفياً من العنف والغضب، نادراً ما يعبرون عنه، ولا يملكون القدرة على مواجهة المجتمع والتعامل معه. كما يعانون من عدم القدرة على فهم الواقع ويعيشون أوهاماً تبرر الكثير من أفعالهم.
رغم ذلك فإن أسباب الإصابة بالمرض ما زالت غير واضحة. فبعض المرضى يرغبون في الهروب من عالم البالغين إلى عالم الصغار الأكثر أماناً، أو يكونون ممن فشلوا في التعامل مع العالم الحقيقي فيروحون يبحثون عن كينونتهم في عالم الأطفال. وقد أظهرت دراسة حديثة أن البيدوفيليين، يخفون حقيقة ما يفعلونه تحت مسميات ترضيهم في ظاهرها ليتجاوزوا حقيقة التفاوت في القوة والسلطة والقدرات وحتى الرغبات بينهم وبين الأطفال الذين يعبثون بحياتهم. بقي سؤال ما هو مستقبل المرأة العربية إن تزوجت في سن الطفولة؟ ستحرم من التعليم والعمل وفهم الحياة وتتحول إلى سلعة في بيت رجل تنجب له الأطفال حتى يجد هذا الرجل طفلة ثانية وربما ثالثة ورابعة يتزوجها ويدخلها في نفس الدوامة.ممارسة الجنس مع الأطفال زواج أم مرض نفسي.
سلوى جراح