ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية بعض التطورات أو المبادرات الجديدة الهامة المتعلقة بشركة تسويق النفط العراقية - سومو. ويبدو أنها مكونات متكاملة لما تم الاعلان عنه :"تحول سومو الذي لا يمكن ايقافه". وتتضمن هذه التطورات او المبادرات: الشراكة مع شركات النفط الدولية في أنشطة خارج العراق؛ بيع النفط الخام من خلال المعاملات الفورية/ المزاد العلني التنافسي ؛ التفكير في اعتماد "التحوط" لجزء من نفط التصدير واخيرا تغيير "نفط الاشارة" في معادلة تسعيرالنفط الشهرية للسوق الآسيوية فقط.
ويمكن أن تكون لهذه المبادرات نتائج حقيقية وفعالة وبعيدة المدى في كلا الاتجاهين - إيجابية وسلبية. وبالتالي، هناك حاجة ماسة إلى نقاش مهني جاد وقائم على الأدلة لمعالجة جميع المسائل المتعلقة بشركة تسويق النفط ومركزها الفريد ليس فقط في القطاع النفطي ولكن أيضا بالنسبة للاقتصاد الوطني بأكمله. علما بان بعض علامات التشكيك بسومو قد بدأت بالظهور وولدت ردود افعال لا يمكن تجاهلها.
وفي هذه المساهمة المختصرة ( وهي جزء من نشاطاتنا المتواصلة والموثقة لمتابعة وتحليل واعداد التقارير الدورية عن قطاع النفط العراقي) سيتم أولا تحليل هذه المبادرات الأربع الجديدة وتسليط الضوء على العديد من المسائل الرئيسية التي يجب معالجتها، وتحديد القضايا الحاسمة التي تتطلب مزيدا من البحث وألاهتمام والتحقيق. ويلي ذلك مناقشة فكرة تحويل سومو في ضوء اهمية الشركة وضرورات الشفافية، كشرط ضروري لنجاح التحول المنشود؛تختتم الورقة بملاحظات ختامية وتقترح إطلاق نقاش مهني متخصص حول سومو وعقد ورشة/حلقة عمل خاصة بذلك وفق اسس وضوابط محددة.
1-الشراكة مع شركات النفط الدولية في الأنشطة الخارجية اقترح وزير النفط أثناء اجتماع "اللجنة الوزارية" الخاصة بتسعير وبيع النفط من قبل سومو الذي عقد بتاريخ 10 نوفمبر 2016، أن تقوم شركة "سومو" ببحث إمكانية إيجاد بدائل أخرى لتسويق النفط الخام والمنتجات النفطية والمشاركة في المشاريع والشراكات الجديدة، وفتح مكاتب لها خارج البلاد ". بحلول 19 كانون الأول / ديسمبر 2016، وافق مجلس الوزراء على توصية من لجنةالطاقة التابعة للمجلس تخويل شركة سومو المضي قدما في "اتفاق شراكة العمل" مع شركة ليتاسكو – وهي ذراع التسويق الدولية لشركة لوك اويل الروسية.
من الواضح أنه كانت هناك الكثير من المناقشات والتفاوض بين شركتي سومو وليتاسكو/لوك اويل ولفترة ليست بالقصيرة قبل 10 نوفمبر 2016 وما قاله الوزير هو لتاكيد المؤكد حيث من المستحيل التوصل الى "اتفاق شراكة العمل" بين شركة عراقية واخرى روسية في غضون خمسة اسابيع فقط!! ولكن، كالمعتاد، لم تقم كل من سومو ووزارة النفط بتقديم اية معلومات عن تلك المباحثات ولا عن تفاصيل نتائجها اوالمتطلبات والالتزامات المترتبة عنها.
تكشف مصادرنفطية وإعلامية عراقية ودولية أن اتفاقية "سومو - ليتاسكو" ادت الى تاسيس شركة مشتركة باسم "ليما للطاقة- ليما إنرجي"، وقد بدأ في تشكيل فريقها العامل في مركز دبي للمبادلات السلعية المتعددة (دمسك). وفي الوقت الذي تشير فيه المعلومات عن قام سومو بإعارة عشرة من موظفيها، من ضمنهم رئيس قسم الشحن، إلى شركة ليما للطاقة، لا توجد اية معلومات متاحة عن تعيين موظفينمن قبل ليتاسكو.
وبصرف النظر عن ما سبق، لم تقدم كل من سومو أو وزارة النفط معلومات هامة وأساسية عن هذه الشراكة. كما لم تتضمن البيانات الرسمية للوزارة التي غطت الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير النفط إلى موسكو، بناء على دعوة من قبل لوك اويل، اية اشارة إلى شركة ليما اوالأتفاقية ألأم التي تاسست بموجبها.
كما لم يتم الإفصاح عن أي أحكام تتعلق بالاتفاق الأساسي بين سومو و ليتاسكو ولا الى هيكل ملكية وإدارة الشركة - ليما الطاقة. والإطار القانوني والقانون المنظم؛ الوثيقة التأسيسية للشركة ولا المسائل المتعلقة بالحسابات والمساءلة ولا دراسة الجدوى الاقتصادية الخ. ما ذكر هنا ليس سوى أمثلة قليلة على المسائل الأساسية التي ينبغي تقييمها بدقة وواقعية ومهنية عند تاسيس أي مشروع مشترك وخاصة عندما يتعلق ذلك مع شركة اجنبية ولنشاطات تتم خارج العراق ويترتب عنها التزامات وكذلك عوائد مالية.
ولذلك، فإن من واجب شركة تسويق النفط والوزارة الكشف عن جميع المعلومات والبيانات والوثائق والدراسات وما شابهها فيما يتعلق بهذه المسائل المتعلقة بشركة ليما للطاقة و"اتفاق الشراكة" مع شركة ليتاسكو الروسية
فبدون هذه المعلومات سيكون من الصعب تقييم جدوى المشروع المشترك من وجهة نضر ومصلحة سومو والعراق.
ومن الجدير بالذكر انه "قد" يجوز لشركة سومو، كشركة عامة، الحق وألولاية في إبرام مثل هذا المشروع المشترك بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لعام 1997. كما أن فرصة التعاون هذه يمكن أن تحقق مزايا جيدة وتثبت أنها مفيدة لشركة سومو في العديد من الجوانب. ومع ذلك، توجد حجج تستند على قواعد رصينة ، كما هو مفصل لاحقا، أن سومو هي أكثر بكثير من مجرد شركة عامة، وبالتالي، لا ينبغي اعتبار هذه الأنشطة "الخارجية" على أنها "مسائل خاصة بالشركة". انها بالتاكيد ليست كذلك. ولكن حتى لو كانت، فإن الشفافية الكاملة تصبح أمرا لا بد منه لتقييم ما إذا كان هذا الفعل يتوافق مع المبدأ الدستوري القاضي بتحقيق وضمان "المصلحة العليا للشعب العراقي". وأخيرا، يمكن للمرء أن يجادل أنه إذا كان هذا المشروع المشترك هو مفيد لسومو وللعراق، فلماذا تتم احاطته بالسرية!؟
2- مزادات النفط الخام الشهرية (أو المتاجرة الفورية)أما التطور الثاني، الذي يبدو مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتطور الأول اعلاه، فهو الاستعداد المعلن من قبل سومو لعرض شحنتين بمليون برميل لكل منهما شهريا للمزاد كمتاجرة فورية لتحميل مستقبلي. وتهدف الخطة، كما ذكرها مدير عام سومو ، عرض نفط البصرة الخفيف أولاً، وفي حال نجاح العملية على مدى الشهرين أو الثلاثة أشهر الاولى ، فإن سومو قد تزيد الكمية المعروضة أو تشمل نفط البصرة الثقيل. وهذا ما حصل فعلا وتم اجراء جميع المزادات في بورصة دبي (دي ام إي).
واستنادا إلى بيانات بورصة دبي ، قامت شركة سومو بين 30 نيسان/ أبريل (لتحميل حزيران/ يونيو) و 28 اب/ أغسطس (لتحميل تشرين اول/ أكتوبر) 2017 ببيع 14 مليون برميل مقسمة بين نفوط البصرة الخفيف والبصرة الثقيل بواقع 8 و 6 مليون برميل على التوالي. تم بيع 2 مليون برميل في كل من نيسان/أبريل ومايس/مايو تموز/يوليو في حين تم بيع 4 ملايين برميل في كل من وحزيران/ يونيو وأب/أغسطس.
وقد تم بيع نفط البصرة الخفيف بسعر اعلى (بريميوم) من سعر البيع الرسمي لشركة سومو (أواس بي/اوسب) للتحميل المستقبلي لشهرين تاليين يتراوح بين 17 سنتا و31 سنتا للبرميل وبمتوسط قدره 26.8 سنتا للبرميل.
اما نفط البصرة الثقيل فقد حقق مكاسب سعرية اعلا بكثير تراوحت بين 1.18 دولار أمريكي و 1.63 دولار أميركي للبرميل و بمتوسط قدره 1.393 دولار أمريكي للبرميل فوق أوسب
ومن هذه الفروقات السعرية الايجابية حققت شركة سومو إيرادات إضافية بلغت 10.5 مليون دولار أمريكي (الأعمدة الحمراء) اضافة لعوائد السعر الرسمي (أوسب) للتحميلات المستقبلية. يعرض الرسم البياني التالي هذه المزادات
رسم بياني 1: مزادات سومو في بورصة دبي للفترة نيسان-أب 2017
المصدر والملاحظات على الرسم البياني 1: تجميع واعداد المؤلف استنادا إلى بيانات بورصة دبي للطاقة. الاضافة السعرية (المنحنيات الصفراء) بالدولار الأمريكي للبرميل وتقرأ على الجانب الأيسر من الرسم البياني.مجموع العائد الاضافي (الأعمدة الحمراء) مليون دولار أمريكي لكل شحنة، ويقرأ على الجانب الأيمن من الرسم البياني. مزادات نفط البصرة الخفيف في الجزء الأيسر بينما مزادات نفط البصرة الثقيل في الجزء الأيمن من الرسم البياني
ومما لا شك فيه أن لهذه المزادات مزايا عديدة لسومو وللعراق
أولا، أن الفروقات ألسعرية ألايجاية (بريميوم) بين "المزاد" و "أوسب"تعني عائدات إضافية مهمة تقدر كما ذكر أعلاه بمبلغ 10.5 مليون دولار حتى الآن سيما في ظل ألازمة المالية الحالية في البلاد؛
ثانيا، أنها توفر لسومو "مرونة تسويقية" جديدة واضافية؛
ثالثا، هناك فائدة غير مباشرة حيث ان هذه الممارسات توفر فرص معرفية تسويقية "منحنى التعلم" يكون لها مردود مهم في حالة ما اذا قررت شركة تسويق النفط، كما ذكر أعلاه، تعميق هذه المزادات، من حيث الكمية أو التكرارأو كليهما؛
رابعا، يمكن أن توفر مؤشرات أكثر مباشرة ومبنية على السوق يمكن استخدامها لصقل وتعزيز وتحسين صحة أساليب تحديد الأسعار التي تتبعها "اللجنة الوزارية" وغيرها.
ولكن لا ينبغي أن تحول هذه الفوائد الانتباه بعيدا عن ما يمكن أن يسببه هذا التفاوت في الأسعار أو ما يمكن ان يترتب عنه، وما هي الأسئلة التي تثيرها بالفعل، والتي نورد بعضها فيما يلي:
أولا، أعطت بعض المصادر الدولية انطباعا بأن هذه العروض قد قدمت من قبل شركة ليما للطاقة، على الرغم من أن بورصة دبي تشير إلى سومو فقط. فإذا كانت شركة ليما هي التي قامت بالعملية فمن المهم أن نعرف "العائد الصافي" للعراق من عوائد المناقصات بعد استقطاع كل الخصومات مثل كلفة تشغيل ليما، رسوم بورصة دبي (عند 1.5 سنت للبرميل)، رواتب وبدلات ومخصصات موظفي ليما (من العراقيين والروس وغيرهم) وحصة ليتاسكو، من بين أمور أخرى؟ ولماذا تستفيد ليتاسكو من النفط العراقي فقط؟
وعليه يجب على سومو تقديم بيان واضح ومعلومات وافية عن مساهمة ليما في هذه المزادات.
ثانيا، لماذا، في رأي سومو، حدثت مثل هذه الفروقات السعرية وهل هي مستدامة ولماذا ؟ ولكن الأهم من ذلك، هل يشير السعر التفاضلي إلى ان صيغة او اسلوب عمل اللجنة الوزارية في سومو " خاطئة" أو "غير دقيقة" في تحديد سعر البيع والتي تعني فعليا التسبب في حدوث خسائر فادحة للغاية من الإيرادات؟ وهل يمكن اتخاذ "تدابير تصحيحية" لمنع فقدان الإيرادات، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تتخذ هذه التدابير؟ ومن الأمثلة التي تثير المخاوف وتتطلب تقييما عميقا من قبل شركة تسويق النفط زيادة حجم البريميوم أو فارق سعر شحنات نفط البصرة الثقيل المعروضة في مزادات حزيران وتموز وأب من 1.18 دولار/ ب إلى 1.37 دولار/ ب وإلى 1.63 دولار/ ب على التوالي (الخط الأصفر التصاعدي)؛ ولكن هناك نمط عكسي منذ المزاد الثاني في 31 مايس لنفط البصرة الخفيف حيث انخفض من 37 سنتا / ب إلى 22 سنتا / ب وإلى 17 سنتا / ب لمزادات مايس وحزيران على التوالي (المنحنى ألأصفر التنازلي). أيضاً، كيف يمكن، أو ينبغي، استخدام هذه الفوائض السعرية لإعادة النظر في صحة صيغة أو معادلة تحديد سعر البيع وتعديلها وفقا لذلك؟
ثالثا، هل يجب أن تلتزم شحنات المزادات بنفس الشروط المطبقة على عقود سومو المعمول بها منذ سنوات والقاضية بالتأكد من وجهة الشحنات النفطية الى المصافي المعنية في السوق الآسيوية واستخدام تكنولوجيات تتبع السفن وفقا لذلك؟ أو يمكن بيعها إلى "تجارالنفط"، وبما يتعارض مع سياسة وممارسات التسويق المعلنة من قبل شركة تسويق النفط وتعاقداتها المعروفة دوليا؟ ولماذا لم يتم الكشف عن أسماء وجنسيات الشركات التي اشترت النفط في تلك المزادات؟
رابعا، بالنظر إلى حقيقة أن العراق ليس لديه قدرات إنتاجية وتصديرية إضافية او فائضة ، فهل تعني هذه المزادات ان سومو في الواقع تتنافس مع نفسها؟ هل يمكن لهذه المنافسة أن تؤثر سلبا على صورة وسمعة شركة تسويق النفط في عيون الشركات التي تتعامل معها منذ فترة طويلة من خلال العقود المعتادة، الأمر الذي قد يؤدي أيضا إلى المخاطرة بحصتها في السوق ألأسيوية؟ وإذا حدث مثل هذا ما هي التدابير العملية لمنع مثل هذا الضرر الذاتي؟
خامسا، ربما يكون من المناسب كتابة بضع كلمات على مزادات النفط في بورصة دبي ومساهمة سومو في هذه المزادات
تشير "البيانات التاريخية" لبورصة دبي إلى 10 مزادات فقط في غضون 20 شهرا؛ وكان الأول في 4 كانون ثاني/يناير 2016 وآخرها في 28 أب/أغسطس 2017 عرض ما مجموعه 16.6 مليون برميل في المزاد. وكان هناك مزادين، بواقع مليون برميل لكل منهما، من "مزيج النفط الخام العماني" في عام 2016؛ في حين تمت المزادات المتبقية في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017
لمدة 20 شهرا كاملة (كانون ثاني /يناير 2016-أب/أغسطس 2017) كانت حصة سومو 7 من أصل 10 مزادات بكمية اجمالية قدرها 14 من 16.6 مليون برميل. وأصبحت أهمية مساهمة سومو هي المهيمنة في عام 2017 بواقع 7 من 8 مزادات بكمية 14 من 14.6 مليون برميل.
إن ما ورد أعلاه يشير بوضوح إلى أن مزاد بورصة دبي يزداد اعتمادا على عرض سومو بشكل شبه كامل. وهذا يثير تساؤلات حول سبب غياب المنتجين الخليجيين الآخرين عن مزادات بورصة دبي؟ هل يقومون بذلك في مزادات اخرى في مكان آخر أم انهم لا يمارسونها على الإطلاق؟ إذا لا يمارس منتجو الخليج الآخرين المزاد العلني، فلماذا تقوم سومو بذلك؟
وأخيرا، فإن مساهمات شركة ليما إنيرجي، إذا كانت قد قامت اوشاركت فعليا بهذة المزادات، ركزت حتى الآن على شحنات المزاد من النفط الخام ؛ ولكن هذا لا يمكن أن يكون الوظيفة الرئيسية أو الوحيدة لهذا المشروع المشترك الجديد
لقد ذكر مدير عام سومو ان "الخطة تهدف الى بناء ليما من مسوق الى متاجر كامل الخدمات للنفط الخام والمنتجات النفطية" و "تحول سومو من التسويق الى المتجارة في نفطها"
هذا التحول في وظيفة شركة تسويق النفط من "التسويق" إلى "المتاجرة" في النفط الخام يحمل معه جميع المخاطر (والمقامرة) المعروفة وعدم اليقين المرتبطة بالمتاجرة بالنفط، وبالتالي يجب أن تتخذ التدابير اللازمة لتلافيها. وفي هذا المجال تبرز الأسئلة المهمة مثل هل ينبغي أن تقوم شركة حكومية بأنشطة محفوفة بالمخاطر، وبالتالي تعرض البلد بأسره للخطرالمالي؟ وكيف تبرر الشركة دفع تكلفة عالية للضمان ضد مخاطر المتاجرة؟ ولكن يبقى السؤال الأساسي فيما إذا كانت هذه الشركة المملوكة للدولة، أي سومو، مخولة قانونيا ودستوريا القيام بذلك؟ هذا يأخذنى لمعالجة التطور الثالث أدناه
3-التفكير في التحوط النفطيوفقا لما ذكره مدير عام سومو فإن "العراق مهتم باعتماد برنامج تحوط ( هدجنك) لأسعار النفط للصفقات المستقبلية في وقت مبكر"
هل ينبغي للعراق أن يسلك تحوط النفط؟
تعتبرنشاطات التحوط من بين مايعرف بالمشتقات المالية الشائعة خاصة في الاقتصاد الأمريكي. على الرغم من أنه يبدو كتأمين ضد مخاطرالتذبذب فان التحوط هو في الواقع أكثر تعقيدا من ذلك بكثير. هناك أنواع مختلفة من "التحوط": النفطي وغير النفطي؛ وفيما يتعلق بالتحوط النفطي، هناك تحوط للنفط "سيادي" و "تجاري / للشركات النفطية"، وفي حالة تحوط النفط السيادية يصبح الموضوع أكثر تعقيدا وسرية للغاية ويتضمن عددا قليلا من البنوك العالمية المعروفة
تشير المصادر المالية والأعمال إلى قيام دولتين فقط بممارسة التحوط السيادي النفطي: المكسيك والإكوادور. كان للأولى العديد من ما يطلق عليها "الناجحة" في حين كان للثانية تجربة واحدة وبكلفة مالية وسياسية عالية.
باختصار، حققت المكسيك من عمليات التحوط السيادي "الناجح" في الفترة من عام 2001 إلى عام 2017، مكاسب بلغت 14.1 بليون دولار تم منها دفع 11.7 مليار دولار ككلف خدمات وحصة البنوك الدولية والوسطاء الماليين، وفي عام 2017، وإلى الوحدة التجارية لشركة رويال دتش شل (وهي أول شركة غير مصرفية تنضم إلى التحوط السيادي للمكسيك).
وهنا لابد من التساؤل من الذي استفاد اكثر: المكسيك أو البنوك؟ بموجب شروط ومسطلحات اتفاق/عقد التحوط، تعني "المكاسب" أن أسعار النفط الفعلية كانت أعلى من أسعار النفط "المحددة/المثبتة" لكمية النفط "المحمية" في عقد التحوط، وبالتالي يتم تقاسم المكاسب بين المكسيك والبنوك والوسطاء المعنيون.
وفي ضوء المبالغ المذكورة أعلاه يتضح تقسيم الأرباح بنسبة 17٪ و 83٪ للمكسيك والبنوك على التوالي. واذا ما تم النظر إلى هذه المسألة من زاوية مختلفة يمكن للمرء أن يجادل بأن المكسيك كانت ستحتفظ بكامل مبلغ 14.1 مليار دولار لنفسها لولا التزامات التحوط المكلفة.
ولذلك، تبقى الأسئلة المثيرة للاهتمام لماذا تقوم المكسيك بالتحوط النفطي على الرغم من ضخامة هذه "الإيرادات الضائعة"؟ لماذا تم الإشادة بهذه التحوطات كأمثلة "ناجحة"؟ ولماذا تشجع البنوك الدولية باستمرار قيام المكسيك بالتحوط و تحافظ على السرية الكاملة المتعلقة بها والحفاظ عليها؟
اما تجربة الإكوادور الوحيدة في عام 1993 فتعتبر مثالا لفشل التحوط النفطي حيث اضطرت الحكومة الى دفع 16 مليون دولار للمصارف الدولية ككلفة للتحوط دون ان تحصل على أي شىء في المقابل. وقد تسبب ذلك في عاصفة سياسية، وتشكيل المشرعون لجنة خاصة للتحقيق في مزاعم الفساد ضد المسؤولين المشاركين في التحوط المذكور.
وبناء على ما سبق، أرى أن على السلطات العراقية (الحكومة ووزارتي المالية والنفط وشركة تسويق النفط) أن تكون حذرة للغاية عند النظر في أي خيار تحوط، ويفضل ألا ينظر في هذه الخيارات على الإطلاق. فكلا الحالتين السياديتين للنفط في المكسيك وإلأكوادور تشيران بوضوح إلى أن المصارف الدولية هي التي تستفيد بالفعل من عمليات التحوط النفطية السيادية، في النجاح أو الفشل.
كذلك ان التكلفة المالية والسياسية للتحوط النفطي السيادي مرتفعة في كلتا الحالتين،النجاح او الفشل، وبالتالي ينبغي تجنبها. عندما تكون البلد في خضم أزمة مالية حادة فبالتأكيد ليس هذا هو الوقت المناسب لتجربة المغامرات الخطرة أو المقامرة في ايرادات النفط المتدنية.
4-تغيير "نفط ألاشارة " في معادلة التسعير للسوق الآسيويةأبلغت شركة سومو الشركات المتعاملة معها في رسالة مؤرخة في 20 أب/ أغسطس الماضي أنها تخطط لتغيير أسعار نفط خام البصرة لأسواق آسيا اعتبارا من كانون ثاني 2018
يتضمن التغيير احلال اسعار نفط عمان للتحميلات المستقبلية (عمان فيوجرز) وحسب بورصة دبي (دي أم إي) محل متوسط اسعار "عمان-دبي" الذي تنشره مؤسسة اس.بي بلاتس كنفط ألأشارة (بنج مارك) في معادلة تحديد ألأسعار للأسواق ألأسيوية والذي كانت تستخدمة سومو لسنوات عديدة. وتستخدم الصيغة الجديدة اسعار نفط عمان اعلاه السائدة قبل شهرين من موعد تحميل الشحنة النفطية. وقد طلبت سومو من عملائها بيان ردود افعالها حول الموضوع بحلول نهاية شهر أب/أغسطس.
في البداية لابد من القول بانه لم تقم كل من سومو أو الوزارة بنشر نص الرسالة على مواقعها الالكترونية اوالإنترنت أو نقلت من خلال بيان صحفي الذي ماتقوم به الوزارة في المعتاد. ولم يشر موجز أخبار الطاقة الصادر عن سومو (رقم 61 الصادر في 24 أغسطس 2017) إلى تلك الرسالة أو أي من محتوياتها. وفي رسالته الأخيرة إلى وكالة رويترز المؤرخة في 28 آب / أغسطس، قال مدير عام سومو إن المسألة لا تزال ضمن النقاش الداخلي، وسيتم الإعلان عن الموقف النهائي بشأنها في الوقت المناسب.
وتلقى مقترح سومو ردود أفعال متباينة؛ البعض اثنى عليه، وأعرب البعض عن الشكوك في جدواه بينما نصح البعض سومو بتحسين عمليات التحميل وفق الجداول المعتمدة بدلا من تعقيد ألأمر. وبالنسبة إلى مصافي التكرير والمشترين الدوليين للبترول فقد تم التنويه الى العديد من القضايا ذات التاثير المباشر والناجمة عن هذا المقترح. ومن ألأمور التي اشير اليها تتعلق بتكاليف التحوط التي ستتحملها المصافي؛ وإلى الفجوة الزمنية بين تاريخ الإشعار ووقت التحميل الفعلي للشحنات النفطية. تحسين جدولة التحميل؛ أسس مقارنة ألأسعار الجديدة لنفوط البصرة مع غيرها من نفوط المنتجين الخليجيين التي ستبقي على استخدام بلاتس عمان-دبي، وغيرذلك من ألأمور أخرى
من أجل ومن وجهة نظر مصلحة العراق، من الضروري أن تقوم شركة تسويق النفط بالإجابة على مجموعة من الأسباب من نوع :لماذا، وكيف وماذا لو وماهى ألخ. مثل لماذا القيام بهذه الخطوة الآن؟ ما هي المنافع المتوقعة والعواقب المحتملة؟ كيف يمكن التخفيف من ألآثارالسلبية في حالة حدوث نتائج عكسية؟ هل تمت دراسة الجدوى ألأقتصادية واين هي ومن اعدها الخ؟
لابد من التاكيد بانه ينبغي تقييم النتائج الإيجابية أو السلبية الناجمة عن هذا التغيير في صيغة تسعير نفوط البصرة تقييما شاملا وموضوعيا ومهنيا مع مراعاة الحقائق والظروف التالية
أولا، مع توقف الصادرات من حقول شركة نفط الشمال/ كركوك، فان معظم صادرات النفط العراقي يذهب إلى السوق الآسيوية
ثانيا، تواجه سومو درجة عالية من التنافسية للحفاظ على حصتها في السوق ألأسيوية وتعزيزها ليس فقط من قبل منتجي الخليج الآخرين، بل أيضا مع الخام الخام الروسي- أورالس
ثالثا، يظهر فارق اسعار نفط عمان الآجلة في بورصة دبي مقابل دبي-عمان بلاتس تقلبات غير طبيعية كما هو مبين في الرسم البياني التالي 2
رسم بياني 2: اسعار نفط عمان الآجلة في بورصة دبي مقابل دبي-عمان بلاتس في أربعة أيام تداول ($ / ب))
المصدر والملاحظات الخاصة بالرسم البياني 2: تجميع واعداد المؤلف استنادا إلى بيانات بورصة دبي ، "بورصة دبي لتبادل المنتجات" في أيام التداول من 28 إلى 31 أب/غسطس 2017
هذه الفوارق السعرية خلال آخر أربعة أيام تداول في بورصة دبي لشهر أب /أغسطس تظهر هوامش كبيرة من حيث الحجم والاتجاه. وغني عن القول إنه نظرا لتأثير المتوسط الحسابي، فإن العقود الآجلة لنفط عمان (الذي ستعتمده سومو) مقارنة بمتوسط أسعار عمان + دبي بلاتس سيقع تحت كل من المنحنيات الأربعة.
يمكن أن تفسر القفزة الكبيرة في فروق الأسعار التي تحققت خلال اخر يوم للتداول في أب/31 أغسطس على خلفية اثار إعصار هارفي (الذي تسبب بايقاف جزء مهم من طاقة التصفية في الولايات المتحدة الأمريكية مما حفز المصافي ألأسيوية لتعويض النقص المتوقع في عرض المنتجات النفطية) أو بسبب غلق بورصة دبي اثناء عطلة عيد الأضحى (الإمارات العربية المتحدة) أو كليهما.
اضافة الى التذبذب في الفروقات السعرية فان فترة الشهرين السابقة لموعد التحميل التي اعتمدتها سومو تثيراو تواجه ثلاث تفسيرات تنفيذية يترتب عن كل منها نتائج مالية متباينة.
1-يوم محدد لتحميل الشحنات النفطية مقارنة مع 60 يوما سابقة. هذا التفسير يواجه ثلاث مشاكل: تباين عدد أيام التقويم الشهرية؛ إغلاق عطلة نهاية الأسبوع حيث ان بورصة دبي تغلق يومي السبت والأحد واخياراً إغلاق البورصة لمناسبات مختلفة مثل عطلة عيد الأضحى مؤخراً.
2-اليوم المحدد للتحميل مقارنة مع متوسط الأسبوع المقابل قبل شهرين من اسبوع يوم التحميل.
3-يوم التحميل المحدد مقارنة بمتوسط الشهر قبل شهرين من شهر التحميل
وفي ضوء الفروق السعرية المعروضة في الرسم البياني 2 أعلاه، فإن هذه الأسس الثلاثة للحساب يمكن أن تؤدي إلى اختلافات كبيرة جدا بالنسبة للعراق (تحميل شحنات أكتوبر) من عائدات التصدير الى السوق الآسيوية.
وبالتالي فإن هذه المسالة ليست بسيطة ولكنها مهمة جدا ذات جوانب مالية ليست بالقليلة في ضوء التباين الكبير في الفروقات السعري لايام التداول في بورصة دبي. ولذ من الضرورة أن تكون سومو شفافة تماما فيما يتعلق بالمسائل العملية المتعلقة بهذا التغيير في اختيار نفط الأشارة؛ لماذا هو جيد بالنسبة للعراق وما سيحصل عندما تصبح الفروقات السعرية سلبية لصالح متوسط عمان + دبي بلاتس؟
كل ما تقم يتعلق بالتطورات ألأربعة والتعقيدات المتعلقة بها سواء كانت ذات طبيعة مؤسسية او دستورية او قانونية من جهة، وضرورة اعداد الجدوى الاقتصادية لها اخذة في الاعتبار كافة المخاطر ومواطن الضعف وألايقين من جهة اخرى.
تحول سومو: إعتبارات القوة وضرورات الشفافيةتظهر المناقشة المذكورة أعلاه ضرورة أخذ ألاعتبارات التالية عند مناقشة وضعية سومو وآفاقها المستقبلية.
أولا، على الرغم من أن شركة تسويق النفط هي، من الناحية القانونية، شركة عامة (مملوكة للدولة) مسجلة بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 (وتعديلاته)، فانها في الواقع أكثر بكثير من مجرد شركة عامة. ان من اهم نشاطات سومو انها الجهة التي من خلالها يحصل العراق على معظم عائدات التصدير تقريبا وما يعنيه كل ذلك بالنسبة إلى الميزان التجاري، وميزان المدفوعات، الموازنة السنوية (بجانبيها التشغيلي والاستثماري) و، بالمحصلة النهائية، على مجمل الاقتصاد الوطني.
ثانيا، إن سومو هي الكيان الرسمي العراقي الوحيد الذي لديه أو يجب أن يكون لديه المعرفة العميقة والشاملة بكل ما يتعلق باسعارواسواق النفط العراقي وما يواجهه من متغيرات في اسواقه الرئيسية والجوانب التعاقدية والتنفيذية. ولذا تعتبر سومو "مركز المعرفة-نولدج سنتر" و "هيئة التفكير-ثنك تانك" فيما يتعلق باسعار واسواق النفط العراقي والمتغيرات المتعلقة نهما.
ثالثا، يترتب على ذلك استمداد شركة تسويق النفط قوة واهمية فريدة ثلاثية ألأبعاد المرتبطة ببعضها: البعد او الاهمية او القوة المالية (الناجمة عن والمرتبطة بعوائد تصدير النفط)؛البعد او الاهمية او القوة المعرفية (المتعلق باسعار واسواق النفط)؛ واخيراً الاهمية اوالقوة او البعد التعاقدي التنفيذي (المتعلقة بالجوانب التعاقدية و التسويقية والتنفيذية).
رابعاً ، بالتأكيد يكون لهذه "القوى الثلاثة " دور حاسم ومؤثر في(عملية) "صنع القرار" ، التي توفر الأسس اللازمة التي يستند عليها "اتخاذ القرار" (حدث) من قبل اللجنة الوزارية سومو.
ولذلك، ولحماية سومو وموظفيها، فانه من الخطأ (من النواحي الدستورية و المنطقية و الاقتصادية والمؤسساتية) اعتبار او التحجج او النظر ، عند مناقشة أي من القضايا والتطورات الأربعة التي تمت مناقشتها بهذه الورقة على انها "مسائل تخص الشركة". انها بالتاكيد ليست كذلك.
وهذا التصور لا يتعلق بالعراق او بسومو؛ بل هي ظاهرة دولية منطلقها الفكري المعرفي وشواهدها المادية ترتبط بفكرة ان القوة/السلطة مغرية وبالتالي يمكن أن تستخدم بشكل "أخلاقي -أثيكل" أو "يساء إستخدامها بشكل غير أخلاقي". وكما يعلم المهنيين المستنيرين، أو ينبغي أن يكونوا على دراية، بالقول المعروف في الاقتصاد السياسي، "السلطة مفسدة، السلطة المطلقة مفسدة بالمطلق". علاوة على ذلك، فإن التحليلات والاراء والشواهد والحوارات حول "نظرية الوكالة-أجنسي ثيوري" تلقي المزيد من الاضواء وتوفرالعديد من ألأفكار الثاقبة حول الاسباب و الكيفية التي يؤدي تركيز قوة الشركات المملوكة للدولة، وخاصة في قطاع البترول، الى خلق بيئة تمكينية وحاضنة للفعل ألخطأ والمخالفات المالية والفساد.
ولمواجهة هذه الاتجاهات الخطرة، أصبح تبني سلسلة من التدابير الوقائية والردعية والعقابية من المكونات ألأساسية للحوكمة الرشيدة التي اعتمدتها كثير من البلدان والمنظمات والكيانات في جميع أنحاء العالم.
وينبغي أن تكون الشفافية، التي هي جوهر الحوكمة الرشيدة في الصناعة الاستخراجية، شاملة، منتظمة دورياً وفي الوقت المناسب.
لقد برزت في الآونة الأخيرة أصوات محلية تنتقد شركة تسويق النفط ، ويبدو أنها تكتسب زخما بشكل تدريجي. فقد وصف احد اعضاء البرلمان العراقي (وهو عضو في الكتلة الكردستانية) "سومو" بانها "قلعة مغلقة" وهذا دفع سومو أولا الى اصدار بيانا في 22 أغسطس / آب دحض فيه مزاعمه المطروحة، ثم عقد مؤتمرا صحفيا سريعا في 23 آب / أغسطس. وفي الآونة الأخيرة، 3 أيلول / سبتمبر، قام رئيس لجنة النفط والغاز التابعة لمجلس محافظة البصرة بتوجيه اتهامات تفصيلية وتقديم معلومات محددة لدعم اتهاماته.
من الناحیة الموضوعیة والمنصفة واستنادا إلی أرشیف وتوثیق معلوماتنا والوقائع التالیة، من الممكن التأکید علی أن شرکة تسويق النفط کانت شفافة في بعض القضایا وغیر شفافة في معظم أنشطتھا ألأخرى.
فقد اتسمت سومو بالشفافية فيما يتعلق بالتقرير الشهري حول "الصادرات الشهرية من النفط الخام والإيرادات" لأنها عادة توفر بيانات أولية في بداية الشهر والبيانات النهائية في 25 من الشهر التي تغطي الشهر السابق. في البيانات النهائية يذكرالتقرير أسماء وجنسيات الشركات الدولية (أي او بيز) التي قامت بشراء النفط خلال الشهر المعني. كما وتزود سومو معلومات تفصيلية يتم تضمينها في التقاريرالسنوية الصادرة من قبل السكرتارية الوطنية لمبادرة الشفافية في الصناعة ألاستخراجية ( أي إي أي تي أي)، والتي تغطي عادة عامين، والآن عام واحد، سابقة لسنة اصدار التقرير. أيضا تقدم سومو في بعض الأحيان بيان موجز عن تحديد الأسعار الشهرية من قبل "اللجنة الوزارية"
وبصرف النظر عن ما ذكر أعلاه، فإن شركة تسويق النفط هي، للأسف، غير شفافة فيما يتعلق بمسائل عديدة ومهمة، بعضها ملخص أدناه
1-إن الإفصاح الشهري عن الصادرات لا يتضمن كمية وقيمة واسعار النفط المباع لكل من المشترين الدوليين ولا يوفر وجهات تلك الشحنات الى أي من الاسواق الرئيسية لسومو؛
2-لا يتم الإفصاح عن القرار الشهري الصادر عن اللجنة الوزارية لتحديد الأسعار (على المواقع الإلكترونية لشركة سومو أو الوزارة) بشكل منتظم و كامل؛ فإنه لا يوفر قيم المتغيرات لمعادلة تحديد الأسعار لكل سوق ، ولا سيما سعر نفط ألاشارة المعتمد ؛ كما انه لا يقدم تفسيرا للعلاوة أوللخصم على السعر المعتمد؛ ولا يوفر رصداً لحصة سومو في الاسواق الرئيسية الثلاثة؛
3-لا تحدد سومو كمية وقيمة وسعر النفط الخام الذي يمثل "الدفع العيني" وبشكل فصلي للشركات النفط الدولية عن مستحقاتها لاسترداد التكاليف الراسمالية و اجور الخدمة فيما يتعلق بعقود الخدمة المبرمة بموجب جولات التراخيص.
4-شركة سومو مسؤولة أيضا عن تصدير جميع المنتجات البترولية (باستثناء زيت الوقود الذي يصدر بواسطة شركة ناقلات النفط العراقية!!!) ولكنها لم تنشراو تكشف أبدا عن حجم وقيمة وأسعار هذه المنتجات التي بدء بتصديرها بشكل واضح ايتداء من شهر اذار من العام الماضي؛
5- كذلك ان سومو هي المسؤولة عن استيراد جميع المنتجات النفطية، ولكن مرة أخرى لم تقدم أي معلومات عن هذه الاستيرادات التي تكلف العراق، وفقا للبيان الأخير لوزير النفط،في المعدل 2 مليار دولار سنويا؛
6-في تقاريرها الشهرية للتصدير لا تقدم سومو أي بيانات أو ملخص عن تقاريرالمحققين من طرف ثالث في محطات تحميل النفط ، وهي المسؤولة عن معايرة المقاييس والتصديق على كميات النفط المحملة على الناقلات؛
7-لم تشرح شركة تسويق النفط الزيادة المقلقة في تكرار حدوث وتكلفة "التأخير ديمرج" التي تدفعها منذ عام 2014، كما أشرت مرارا وتكرارا في تقييمي للتقارير السنوية لمبادرة الشفافية في الصناعة ألأستخراجية. وهذا قد يشيرالى مشاكل في ادارة جدولة التحميل وكفاءة التشغيل وفعاليته؛
8-تشير سومو (وكذلك بورصة دبي) إلى العلاوات فوف سعر البيع الرسمي (أواس بي) فقط فيما يتعلق بالمزادات السبعة. لكنها لم تكشف عن تلك الاسعار الرسمية؛
9-وأخيرا، فإن سومو ليست شفافة فيما يتعلق بهذه التطورات أو المبادرات الأربعة الجديدة، لا سيما عندما تعتبر هذه المبادرات جزءا من عملية تحول سومو "التي لايمكن ايقافها".
ملاحظات ختامية واقتراحات 1- بلا شك ان سومو هي كيان مهم أكثر بكثير من مجرد كونها شركة عامة؛ وبالتالي ينبغي أن تكون شفافة تماما وتحت رقابة دقيقة من قبل الحكومة والبرلمان والجمهور. هذا هو لحماية سومو وموظفيها
2-يبدو أن المبادرات الأربع التي اعتمدتها سومو مؤخرا تشكل جزءا من عملية تحولها التي كما أفادت تقاريروكالة بلومبرغ عن مدير عام سومو قوله بأن "تحويل سومو لا يمكن وقفه. وسوف تفعل أكثر من مجرد تسويق النفط الخام العراقي ". وهذا يتباين مع ما ذكره المدير العام نفسه في المؤتمر الصحفي الذي عقدته سومو في 23 آب / أغسطس، "لا تملك شركة سومو تفويضا لبيع النفط؛ ان اللجنة الوزارية هي التي تملك التفويض". وهنا نتساءل متى اتخذت اللجنة الوزارية قرارات بشأن هذه المبادرات الأربع؟ أو هذا مظهر من مظاهر الخلط بين مهمة "صنع القرار" ومهمة "اتخاذ القرار" كما نوقش أعلاه
3-ومع ذلك، فإن هذه المبادرات الأربع يمكن أن تحقق نتائج جيدة ويمكن ان تسبب نتائج مخيبة للآمال. وقد نفذت اثنتان منها، وهما تاسيس شركة ليما و تنفيذ المزادات النفطية الشهرية؛ في حين أن الاثنتين الأخريين، وهما التحوط النفطي وتغييرنفط الاشارة لازالا قيد النظر
4-لقد طرحتُ خلال هذه المساهمة العديد من الأسئلة وحددتُ مسائل ذات أهمية خاصة وحاسمة فيما يتعلق بهذه المبادرات التي تستحق مزيدا من التقييم والمناقشات العميقة والمتخصصة. وبدون إعادة النظر هذه، يبقى التحول الذي تجريه وتطلبه سومو مشكوكا فيه ويمثل محاولة قد تكون محفوفة بالمخاطر؛
5-وعليه توجد حاجة ماسة إلى مساهمات المهنيين في مجال النفط لتقييم هذه المسائل وتوقعات شركة تسويق النفط الحالية والمستقبلية. إن مساهمة المدراء العامين السابقين وكبار الموظفين السابقين في شركة سومو حيوية للغاية وتحتل اهمية خاصة في هذا الحوار الفني المهني المتخصص.
6-أقترح إطلاق "حوارعن تحول سومو " لفترة محددة من الوقت تنتهي في 30 سبتمبر. والغرض من ذلك هو توفير تقييم شامل وموضوعي ومهني "خارج الصندوق" قائم على الأدلة وقابل للتنفيذ. وهذا يمكن أن يساعد سومو، وزارة النفط، والحكومة والبرلمان في فهم صحيح وواقعي لتعقيدات القضايا المعنية وعواقبها المحتملة وتداعياتها.
ينبغي أن تكون المساهمات في هذا الحوار بعيدة عن التسييس والشخصنة (مؤيدة أو معرضة) وبدون توجيه "الاتهامات" او اطلاق الصفات المهينة وينبغي أن تكون واضحة في الحجج والبيانات والمعرفة.
7-كما اقترح أن تعقد سومو ورشة عمل خاصة لعدد صغير مختارين من المختصين في مجال النفط من أجل معالجة جدوى ومتطلبات نجاح تحول سومو. وينبغي أن تستند الورشة إلى "ورقة أساسية- باك كراوند بيبر" يعدها خبير استشاري خارجي، لتعميمها على سومو والمشاركين المختارين قبل انعقاد ورشة العمل للمساهمة في صياغة خارطة طريق واقعية وعملية لنجاح عملية تحويل سومو. ويفضل أن يكون توقيت ورشة العمل قبل نهاية العام، وينبغي الانتهاء الى المسائل العملية مثل المبادئ التوجيهية والمواعيد النهائية وبرنامج الورشة وجميع الخدمات والمتطبات اللوجستية ذات الصلة في أقرب وقت ممكن.
تم نشر النسخة ألأصلية لهذه الورقة باللغة ألانكليزية بتاريخ 5 ايلول /سبتمبر:
http://www.akhbaar.org/home/2017/9/233074.htmlأحمد موسى جياد
استشارية التنمية وألأبحاث
النرويج
10 ايلول2017
Ahmed Mousa Jiyad,
Iraq/ Development Consultancy & Research,
Norway
10 September 2017