تستمر وزارة النفط وباصرار، منذ التعديل الوزاريالاخير في شهر اب 2016 ولغاية اليوم، على تجاوز تعليمات مجلس الوزراء وعدمالالتزام بها، كما وانها تنكث حتى بتعهداتها وتناقض التزاماتها وممارساتها السابقةمما يدلل على استمرار السياسة المناوءة للشفافية في الصناعة النفطية؛فلماذا وبتوجيه من ولمصلحة من؟
تعتمد هذه المساهمة على شواهد وأدلةومعلومات رسمية تتعلق بمجموعة من العقود والالتزامات وكما مدون ادناه.
اولا: عقود استثمار الغازالمصاحب
بموجب متطلبات قرض البنك الدولي لتقليل حرق الغازالمصاحب فقد اقترحت وزارة النفط على مجلس الوزراء (بموجب المراسلات السرية 686 في2/11/2017 و 713 في 19/11/2017 ومرفقاتها) ما يلي:
"تقوم وزارة النفط بتنفيذ اجراءات احالة عقود معالجة الغاز الطبيعي ( SNG PCS )فيما يخص الغاز المصاحب على ان يتم احالتها لمستثمرين مؤهلين من خلال مناقصة تنافسيةوشفافة تلتزم بافضل المعايير الدولية" و "لمصلحة الشعبالعراقي"
وقد صادق مجلس الوزراء بموجب قراره رقم (51 ) بتاريخ30 كانون ثاني 2018 على مقترح الوزارة اعلاه وألزمها بتنفيذه.
ان مقترح الوزارة ومصادقة مجلس الوزراء عليه يتضمن منالنواحي العملية والقانونية والاجرائية المباديء والخطوات الاساسية الملزمةالتالية التي يجب الامتثال لها في كل عقد :
1- ان تقوم الوزارةباعداد نموذج (او نماذج) العقود الخاصة بالموضوع وحقيبة المعلومات ووثيقة وشروطالمناقصات المعنية؛وان تقوم الوزارة باعلان هذه الوثائق بشكل كامل؛
2- ان تقوم الوزارةبتحديد ودعوة وتقييم واعلان اسماء "المستثمرين المؤهلين"؛
3- ان تكون هناك"مناقصة" عامة يتم الاعلان عنها بشكل واضح ووفق جدول زمني محدد؛
4- ان تتم جولة"التنافس" بين "المستثمرين المؤهلين" الرغبين في تنفيذالمشروع المعني بشكل مفتوح وفي يوم يعلن عنه مسبقا وبوقت كافٍ ويتم تغطية التنافسبواسطة وسائل الاعلام وتعلن نتائج المنافسة على الموقع الالكتروني للوزارة وغيرها؛
5- اعتماد الشفافيةالكاملة بكل ما يتعلق في اي عقد وذلك بنشر وتوفير كافة المعلومات ذات العلاقةبالمشروع المعني والشركات المؤهلة واعلان المناقصة ومسودة نموذج العقد و الشروطالاساسية التنافسية والتي يتم بموجبها اختيار افضل المتنافسين؛
6- على الوزارة انتحدد وبشكل علمي ومهني وتخصصي الى اكبر حد ممكن ما هي "افضل المعاييرالدولية" التي يجب الالتزام بها وما هي المؤشرات وقياساتها والمصادر التييسترشد بها اضافة الى ضرورة تأكيد المبدأ العام الذي يلزم المستثمر باتباع"افضل المعايير الدولية"؛
7- على الوزارة انتبين وبشكل علمي ومهني وبموجب حسابات الجدوى الاقتصادية كيف ان احالة المشروع الىالمستثمر يمثل افضل بديل لخدمة مصلحة الشعبالعراقي.
في الواقع والممارسة العملية لم تلتزم وزارة النفطبمقترحاتها ولا بتوجيهات مجلس الوزراء ولم تقم باي من المؤشرات او الالتزاماتالسبع المذكورة اعلاه، وكما موضح في المثالين التاليين:
عقد اًستثمار الغاز المصاحب لحقلي الغراف والناصرية معشركة بيكر هيوز
أعلنت وزارةالنفط، في 2 نيسان 2018 عن توقيعها عقداً مع شركة بيكر هيوز أحد الأذرع المهمةلشركة جنرال الكتريك الأميركية لاستثمار الغاز المصاحب لحقلي الغراف والناصرية فيمحافظة ذي قار.
والغريب في الامر ان الوزارة سبق وان اعلنت عن توقيع نفس العقد لنفس المشروعمع نفس الشركة الامريكية وذلك في 13 تموز 2017!؟
والاغرب ان هذا العقد قد تم مناقشته والاتفاق علية بشكل سري وخلف الابوابالمغلقة وبذلك لم تقم وزارة النفط بالالتزام باي من الاسس السبعة المذكورة سابقا.
مذكرة تفاهم مع شركة اوريون الامريكية لاستثمارالغاز فيحقل نهر بن عمر
وقعت الوزارة مذكرة تفاهم مع شركة اوريون الامريكية يوم 22 كانون ثاني2018 لاستثمار الغاز في حقل نهر بن عمر في محافظة البصرة بحضوروزيرالنفط والسفير الامريكي في بغداد دوكلاس سيليمان وعدد من المسؤولين في الوزارةوالامانة العامة لمجلس الوزراء.
وكما هو الحال مع عقد بيكر هيوز لم تلتزم الوزارة بأي من الاسس المذكورةاعلاه؛ والغريب ان مجلس الوزراء لم يعترض على تجاوز الوزارة لتوجيهات المجلس ذاته؛والغريب ايضا ان البنك الدولي لم يعترض لحد الان على انعدام الشفافية والتنافسيةالتي اصر عليهما ضمن ضوابط تقديم القرض المقدم من قبله لهذه المشاريع. ربما لان الامريتعلق بشركتين أمريكيتين!!!!!
ثانيا: عقود جولة التراخيصالخامسة
ارسلت دائرة العقود والتراخيص البترولية الى الشركات المؤهلة يومالجمعة 13 نيسان 2018 ، وثيقة المناقصة النهائية وشروط المناقصة ونموذجلعقدين، الاول يشمل استكشاف وتطوير وانتاج الرقع الاستكشافية، والنموذج الثانييشمل عقد تطوير وانتاج. علما ان عدد الشركات المؤهلة التي اشترت حقائب المعلومات(14) شركة من جنسيات مختلفة وذلك حسب اعلان وزارة النفط.
وعند طلب نسخ من " وثيقة المناقصة النهائية وشروط المناقصة ونموذجالعقدين" كان جواب دائرة العقود كما يلي:
"العقود التي تمإرسالها الى الشركات هي جزء من حقيبة المعلومات التي حصلت عليها الشركات بعد اندفعت كل منها الرسوم المقررة ،وبعد توقيع اتفاقية سرية المعلومات وفِي الوقتالحاضر تعتبر تحت السرية لحين تنفيذ عملية التنافس واستلام عروض الشركات وإعلانالفائزة بالعقود حيث يمكن بعدها نشر العقود"
تعقيبا على اجابة دائرة العقود لابد من القول ان"توقيع اتفاقية سرية المعلومات " من قبلالشركات التي اشترت حقيبة المعلومات صحيحة وملزمة وضرورية من النواحي القانونيةوالعملية؛ لان كل حقيبة تتضمن معلومات خاصة بالرقعة او الحقلالمعني وعليه لابد من حماية تلك المعلومات ما لم يتم شرائها.
اما وثيقة المناقصة النهائيةوشروط المناقصة ونموذج العقدين، فان كل من هذه الوثائق هي "عامة"بحكم طبيعتها القانونية ولا تتضمن خصوصيات الرقع الاستكشافية او الحقولالمشمولة بجولة التراخيص حيث لا يمكن استخدام أي من هذه الوثائق في التنافس بدونحقيبة المعلومات التي يجب شرائها ! اضافة الى ضرورة تاهيل الشركة قبل السماح لهابالمشاركة في التنافس.
وهذا يعني ان "اتفاقية سرية المعلومات" لا يمكن من الناحيةالقانونية والمنطقية ان تشمل او تسري على وثيقة المناقصة النهائيةوشروط المناقصة ونموذج العقدين!
ان عدم نشر واعلان وثيقة المناقصة النهائية وشروط المناقصةونموذج العقدين وكذلك عدم نشر اسماء الشركات التي اشترت حقائبالمعلومات:
1- يتناقض بالكامل مع ممارسات الوزارةخلال جولات التراخيص الاربع السابقة؛ حيث تم وفي كل جولة توفير جميع المعلوماتالمتعلقة بالجولة وبوقت كافٍ مما اتاح لجميع المعنيين والمختصين ابداء الراي مماساهم في تقييم تلك العقود و تشخيص مالها وما عليها؛
2- يخالف ما تعهد به وزيرالنفط (9 كانون ثاني 2018) بان وثائق ونماذج العقود سيتم نشرها على الموقعالالكتروني للوزارة؛
3- يتناقض بالتأكيد مع تعهدات الوزارة بتبنيالشفافية الكاملة وذلك بعد ان علقت مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية( EITI) لعضوية العراق. فقد تضمن كتاب وزارة النفط الموقع من قبل الوزيربتاريخ 4 كانون ثاني 2018 الموجه الى "جميع الشركات .." " الالتزامبكافة المباديء والمتطلبات والمعايير المعتمدة لدى المبادرة ..." كماوألزم "دائرة العقود والتراخيص البترولية .. تضمين عقودكم الحاليةوالمستقبلية بفقرات تضمن الالتزام بما ورد اعلاه". ومن المعلوم انالافصاح الكامل عن العقود ومكوناتها وشروطها تعتبر من المتطلبات المهمة للامتثاللمتطلبات المبادرة؛
4- يشكل تهديدا خطيرا على جهودالعراق ومساعيه لاسترداد عضويته في المبادرة المذكورة ويتعارض مع مااكد عليه كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء (عاجل جدا) المرقم 40397 في 14 كانوناول 2017 المتضمن "خارطة الطريق لمتابعة الاجراءات التصحيحية".
ان اصرار الوزارة على عدم نشر واعلان مضامين الوثائق ونماذج العقود يوفر فرصةقوية ودليل دامغ على استمرارية انعدام الشفافية في وزارة النفط مما قد يقودالى انهاء عضوية العراق في المبادرة مع الاسف؛
اضافة الى ماذكر اعلاه فان وزارة النفط لم تعلن لحد الان صيغة عقدتطويرحقل شرقي بغداد –الجزء الجنوبي مع شركة جنهوا الصينية الذي وقعته مع وزارةالنفط بالاحرف الاولى بتاريخ 25 كانون الاول 2017 ثم تم احالته الى لجنة الطاقةالوزارية والتي قررت إحالة العقد إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليه في 28 اذار2018.
يتضح مما تقدم ان وزارة النفط تستمر وباصرار على مخالفة توجيهات مجلس الوزراءوعلى عدم الالتزام بمقترحاتها نفسها وممارساتها الفعلية في كافة جولات التراخيصالسابقة وترسخ سرية العقود وعدم شفافيتها.
من اهم فرضيات الشفافية والحكم الرشيد ان الاصرار على السرية وعدم الشفافية انهناك شيء ما يتم اخفاءه من قبل شخص ما ولمصلحة ما؛ فماذا تخفي الوزارة وبتوجيه منولماذا ولمصلحة من؟
ام انها ممارسة عقلية ادارية من "ايام زمان"!!
احمد موسى جياد
استشارية التنمية والابحاث/ العراق
النرويج
17نيسان 2018
Ahmed Mousa Jiyad,
Iraq/ DevelopmentConsultancy & Research,
Norway
17 April 2018