حقوق الإنسان

عربي الخميسي

بحث .. اضطهاد الاقليات العراقيه والصابئه المندائيين مثالا

05/11/2010 07:21:59
محتوى البحث
1 – المدخل والتعريف وتكييف القانوني للأضطهاد
2 – اركان جريمة الاضطهاد
3 - النظره الدوليه لمفهوم الاضطهاد
4 - الاقليات العراقيه وموقفها من الاضطهاد
5 – الصابئه المندائيون اقلية مثالا للأضطهاد
6 - المندائيون في الدساتير المتعاقيه للدوله العراقيه
7 - مسؤولية سلطة الاحتلال عن حماية الاقليات من الاضطهاد
8 - الخاتمه والمقترحات

1 - المدخل والتعريف والتكييف القانوني للاضطهاد
بالحقيقه لا يوجد تعريف واف ومحدد وجامع ، يغطي كامل معلومة الاضطهاد وفق رؤيا دوليه موحده ، وذلك لتعدد اشكاله ، وصعوبة تحديد حيثياته وممارساته والنتائج الناجمه عنه بحق الغير، والعله في ذلك ترجع الى اختلاف هذا التعريف باختلاف الدول، بسبب تعدد الاجتهادات ، والطروحات ، والاراء ، والاوضاع الاجتماعيه لشعوبها ، والنظره الانسانيه لحقوق الأفراد والجماعات ، ودرجة ثقافتها وتطور قوانينها وغيرها من العوامل الذاتيه ، الا انه يمكن القول بان معظم الدول توصلت الى تعريف يصب في ميدان ضمان حقوق الانسان وحمايتها إذ يقول ، ان الاضطهاد هو ممارسة سؤ المعامله للانسان كفرد وجماعه، عن طريق التمييز العرقي، اوالديني، اوالعقائدي، او الطائفي، او المذهبي، او الاصل ، او اللون ، اوالشكل، او الجنس ،او الانتماء المناطقي ، وحتى الوظيفي ... ولسعة من يشملهم هذا التعريف ، وخطورته على الانسان ، فقد تم التوصل الى وصف متفق عليه، مفاده ان الاضطهاد جريمة تصنف ضمن الجرائم المرتكبه ضد الانسانيه، باعتبارها جرائم تؤجج وتوطد الكراهيه والتمايز بين بني البشر وتسلب حقوقهم المشروعه ، وتثيرالاحتقان والخصومه ، وهي مجموعة افعال واقوال كلها يحرمها الاعلان العالمي لحقوق الانسان استنادا للمادتين 1و2 منه وكذلك استنادا للماده الثانيه من معاهدة جنيف لحماية اللاجئين لسنة 1951 المعدله والبروتوكل الملحق بها لسنة 1967 ... وطبقا لنص الماده السابعه من نظام محكمة الجنايات الدوليه لسنة 1998 ... هذا النظام هوايضا صنف الاضطهاد ، وجعله من ضمن اصناف الجرائم المرتكبه ضد الانسانيه التي يجرمها ويعاقب عليها المجتمع الدولي .. وكما عرف الاضطهاد تعريفا شاملا بالفقره (ج ) منه كالآتي ( اضطهاد اية جماعه محدده او مجموع محدد من السكان لأسباب سياسيه ، اوعرقيه، اوقوميه ، او اثنيه ، او ثقافيه، او دينيه ، اومتعلقه بنوع الجنس ، على النحو المعرف في الفقره 3 ، او لأسباب اخرىمن المسلم بها ، ووفق المعايير العالميه ، بان القانون الدولي لايجيزها ، ،وذلك فيما يتصل باي فعل مشار اليه في هذه الفقره او اية جريمه تدخل في اختصاص المحكمه ) واضافت الفقره ( ز ) على مفهوم الاضطهاد بقولها ( يعني الاضطهاد حرمان جماعه من السكان ، اومجموع السكان ، حرمانا متعمدا وشديدا من الحقوق الاساسيه بما يخالف القانون الدولي وذلك بسبب هوية الجماعه اوالمجموع )

خلاصة القول : -- وتأسيسا على الموجز اعلاه يتضح ان جريمة الاضطهاد تقوم على تحقق وجود دافع التمييز بين البشر اولا والحط من قيمة الاخر ثانيا كما هومنصوص عليهما بقوانين بعض الدول خاصة امريكا وكندا والدول الاوربيه واستراليا ونيوزيلاند واليابان وغيرهامن الدول، فهي تعاقب الشخص اذا ارتكب فعلا اومارس سلوكا يقوم على سياسة التمييز بين البشر بسبب اللون او الاصل اوالمعتقد الديني اوالمذهبي اواطلق عبارات تسيئ اوتنقص من قيمة الشخص الاجتماعيه بين اقرانه ، ووفق معايير وقيم واخلاقيات مجتمعه ، او حرمانه من حقوقه الثقافيه اواية حقوق دستوريه اوقانونيه وضعيه .. وتتجسد خطورة هذه الجريمه حتى تصل الى جريمة الجنايه الكبرى حين يمارس الطعن بالمعتقد ، او وصم الغير بالتكفير ، اواطلاق الفتاوى ضد اتباع ديانه معينه، اومذهب معين ، ضد شخص او جماعه معينه ، واعتبار هذه الجرائم من الجرائم العمديه يعاقب عليها الفاعل ، والشريك ، ومن افتى بها على حد سواء وفقا للقانون –

2 - اركان جريمة الاضطهاد
لا تقوم جريمة الاضطهاد الا إذا توفرت اركانها الثلاث التاليه كأية جريمة جنائيه وهي ( الشرعي ، والمادي ، والمعنوي)

الركن الشرعي
ان القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدوليه والبروتوكلات الملحقه بها تتضمن نصوص تتعلق بجريمة الاضطهاد ، ليس هذا فقط بل ، ان القوانين الوضعيه المشرعه لكثير من الدول اخذت بهذا الاتجاه وقد اوردت نصوصا في قوانينها تحرم الاضطهاد بكل اشكاله وممارساته ، كسؤ المعامله ،وتوجيه الاهانات ، والسب ، والشتم ،وتجريح الفرد اوالجماعه ، والقيام بافعال من شانها نشر البغضاء ، والكراهيه ، إثارة النعرات الطائفيه ، والقوميه ، والعنصريه من اجل تأجيج الفرقه والتنافر بين البشر افرادا وجماعات بشكل عام وبين ابناء الشعب الواحد بشكل خاص . وأية افعال او سلوك تمس المعتقد الديني، او المذهبي ،وعليه فان كل هذه الافعال وغيرها التي تجرمها النصوص تمثل الركن الشرعي كأساس لفرض العقوبه المناسبه على مرتكبها وفق القانون ..

الركن المادي
يشمل هذا الركن جميع تلك الافعال التي تمارس ضد شخص معين من قبل الدوله او احدى مؤسساتها ، او من شخص موظف اوصاحب قرار من شانها الحط من قيمة الانسان ، او المساس بشعوره ،او التجريح لشخصه كاساءة معاملته ، او التعبير عن موقف المعادة له ، او بث روح الكراهيه ضده... ومن المعلوم ان جميع هذه الافعال هي افعال تصنف غير انسانيه .. حيث جرى تعريف هذا الفعل من الناحيه القانونيه هو - كل تصرف جرمه القانون سواء كان هذا التصرف ايجابيا ام سلبيا كلامتناع والترك ،كما في حالة اهمال المريض بدون علاج اومساعده طبيه وهنا يتضح جليا نزعة الانكار والامتناع عنة فهي اذن ، شكل من اشكال الاضطهاد وخرق حق من حقوق الانسان وعلى رأسها حقه بالحياة التي تضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان إضافة على ما يتعلق بحق العدل والتساوي مع الغير دون تمييز ..!

الركن المعنوي
يراد بهذا الركن توفر القصد الجنائي اي نزعة وارادة الفاعل بارتكاب الفعل والاصرار على ايقاع الجريمه كنتيجه له والعلاقه السببيه بينهما .. فضلا عن توفر الدوافع لهذا الفعل كما هي في حالة اساءة المعامله المقصوده ضد شخص معين او جماعه معينه ، بسبب اللون او الجنس او العنصر او القوميه او الدين والمعتقد او المذهب وغيرها كما مر بنا اعلاه ، حيث ما من شك ان جريمة الاضطهاد من الجرائم الخطيره و تكيّف قانونا ضمن جرائم الجنايات مثل ارتكاب المذابح وابادة الجنس البشري والارهاب المؤدي للموت ، وقد لا يتوفر فيها القصد الجنائي فتكون عندئذ بمرتبة ادنى كالجنح او المخالفات .

3 - النظره الدوليه لمفهوم الاضطهاد
ان جريمة الاضطهاد كان قد جرى التشديد عليها بعد صدور ميثاق الامم المتحده بغية حماية حقوق الانسان ومنع اي تمييز بين البشر ، وبالرغم من توقيع العديد من الاتفاقيات الدوليه المكرسه لضمان حقوق الانسان ، غير ان هذا كله لم يمنع من ممارسة الدول للأضطهاد الديني والقومي والمذهبي ، وكانت الحروب سببا رئيسيا اهدرت خلالها حقوق الانسان ، وارتكبت جرائم بشعه ضد الانسانيه ، ومورست كثيرمن المذابح الجماعيه وجرائم ابادة للجنس البشري لأسباب مختلفه وكانت الدوله في بعضها تمارس الاضطهاد لأبناء شعبها لسبب او اخر ، مما جلبت معها الكوارث وهدر الكرامات والحزن والآلام والتهجير على نطاق واسع ، شمل قطاعات كبيره من البشر معظمهم كانوا من المدنيين ، مقابل هذا كله كانت هناك كثيرمن الجهود الدوليه تبذل من اجل وضع حد لأنتهاك تلك الحقوق ، مما دفع بالمشرعين العمل لأيجاد صيغ قانونيه دوليه مقبوله لأحتواء الدول المنضويه تحت خيمة الامم المتحده ، بغية بحثها وتشجيع تلك الدول للأنضمام اليها والتوقيع على المعاهدات والمواثيق الدوليه المعنيه بهذه الحقوق والعمل بها وتفعيلها، عن طريق تشريعها بقوانينها الوطنيه الوضعيه . وتأسيسا لهذا التوجه نجح المجتمع الدولي بتوسيع مفهوم حماية حقوق الانسان وتطور فشمل الافراد بعد ان كان مقتصرا على الدول وهو تطور مهم لقواعد القانون الدولي ، وعلى صعيد حماية حقوق المكونات والمجموعات الأثنيه والدينيه والمذهبيه الصغيره ، فقد عقدت من اجلها اتفاقيات دوليه لحماية حقوقها من الضرر ، ولضمان التعايش بين كل القوميات واتباع الديانات لتحقيق السلام ومنع الاضطهاد او اساءة معاملتها اوممارسة الكراهيه ضد الاشخاص والمكونات الاجتماعيه الصغيره .

4 - الاقليات العراقيه وموقفها من جريمة الاضطهاد
يقصد بالاقليات هي تلك المكونات الاساسيه للشعب العراقي القوميه والطائفيه والدينيه ماعدا القوميتين الكبيرتين العربيه والكرديه وبضمنهم الاكراد الافيليه السنية منها والشيعيه ، فهناك القوميه الاشوريه والسريانية والكلدانية والارمنيه وجميع هؤلاء يمثلون الديانه المسيحية ، ومن ثم يأتي التركمان كقوميه سنية وشيعيه ، ومن بعدهم الايزيدين الذين يشتركون مع الكرد بالقوميه وبذات الوقت يؤلفون اقلية دينيه لهم خصوصيتهم ، وهناك ايضا الشعب الصابئي المندائي الذين يكونون اقلية دينية خاصة بهم ، كما يوجد الشبك، والكاكائيه ، يؤلفان طائفتان دينيتان وربما هناك بقايا افراد لطائفيه اليهوديه لا يزالون بالعراق..

تشترك جميع هذه الاقليات وترتبط عضويا مع باقي الاطياف تاريخيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وحتى تشترك مع بعضها بالتقاليد والاعراف الاجتماعيه ، ليؤلفوا نسيج الشعب العراقي باكمله ، خاصة وانها تنحدر من جذور متشابهة وتعيش تحت ظروف موضوعيه مماثله ، وبذلك تتساوى تماما مع بعضها البعض من حيث التركيب النفسي ، والتربوي ، والثقافي ، والاقتصادي ، والوعي الفكري وتنضوي جميعها داخل خيمة الهيئه الاجتماعيه الواحده لتؤلف الامه العراقيه .. وهنا تبرز مسألة الحقوق السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والثقافية والانسانية وتتطابق مع بعضها البعض، وتشترك الى حد بعيد بالتطلعات نحو المستقبل السعيد والطموحات والمصالح المشروعتين ، وتختلف مع بعضها بخصوصية المعتقدات الدينيه والاحكام الشرعيه وممارسات الشعائر والطقوس الدينيه ، ويمكن اختزال كل هذه المفردات بجملة واحده هي حقوق المواطنه كمصطلح قانوني يشمل الحقوق والواجبات للجميع.

تعرضت الاقليات الى الاضطهاد والقهر والاساءه والعنف وفقدان العداله والمساواة وعدم تكافؤالفرص وتهميش حقوقها عمدا من قبل المشرعين لدساتير الحكومات المتعاقبه منذ نشؤ الدوله العراقيه ، ولم تنصفها قوانينها الوضعيه ، وتبنيّ تلك الحكومات سياسات اقصاء الاقليات من قبل معظم رجال الحكم واصحاب القرار طيلة هذه المده حتى سقوط النظام السابق ، هذاالممارسات السلبيه انعكست على نفوس وافكار ابناء الاقليات ، ومما زاد بالطين بله ، تعرضهم للقتل والارهاب والعنف والتعذيب واعمال الخطف واغتصاب نساءهم ، والاستيلاء على اموالهم المنقوله وغير المنقوله ، وتهجيرهم بالاكراه عن دورهم واماكن تواجدهم ، والضغط عليهم ومحاربتهم في ارزاقهم ، ومنعهم من ممارسةالاعمال التي يتعاطونها بحجة مخالفتها احكام الشرع ، والاعتداء على معابدهم وتفجير بعضها ، واصبحت حياتهم اشبه بالجحيم ، مما اضطرهم للتفتيش عمن ينقذهم من محنتهم ، التي اخذت تتزايد وتتأزم وتتسارع باطراد يوما بعد يوم . وقد يبدو للمراقب المنصف ان الامر اخطرمن ذلك بكثير ..ّ كون هذه الممارسات اللآنسانيه المتنوعه التي اطلقنا عليها وصف الاضطهاد هي جزء من مخطط مدروس ومبرمج لعميلة أخلاء العراق كليا من الأقليات اوابادتهم بالمطلق عاجلا ام آجلا .

5 - الصابئه المندائيون اقلية دينية مثالا للاضطهاد
لكي نستعرض مدى الاضطهاد والغبن الذي لحق بهذه الاقليه العراقيه الدينية ولا تزال حتى هذه الساعه ، كان لا بد من مراجعه دساتير الدولة العراقيه وقوانينها الوضعيه منذ نشؤها للتعرف على درجة الاهمال والاجحاف والتهميش وللآمساواة واللآمبالاة ، وعدم اقرار الحقوق المشروعه لهم وهضم حقوقهم ، وخرق حرياتهم الفرديه منها والجمعيه تلك التي تقع ضمن تعريفات الاضطهاد بشكله القانوني ، لهضم عمدا الحقوق التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وجاءت بها المعاهدات والمواثيق والبروتوكلات الدوليه ذات الشان ، فالمندائيون هم سكان العراق الاصليين بلا منازع ، وتاريخهم ببلاد الرافدين يمتد سحقيا بعمر الزمن ، وبالرغم من قلة تعدادهم ، الا انهم كانوا من الاقوام المخلصيين المسالمين الفاعلين الحرفيين النشطين يشهد لهم ماضيهم وحاضرهم بما قدمه ابناؤهم من جهد وممارسات مميزه لبناء الدوله العراقيه منذ نشؤها ، بالاشتراك وباقي مكونات الشعب الاخرى.!!!

6 - المندائيون في الدساتير المتعاقبه للدوله العراقيه
الحقيقه الثابته أن دساتير الدوله العراقيه المتعاقبه تنص كلها و بشكل عام - أن العراقيين سواسيه أمام القانون - هذا من حيث ظاهر الحال ، إلا انها خلاف ذلك عند التطبيق .فمثلا ان الماده السادسه من القانون الاساسي الملكي الصادر سنة 1925 تنص كما يلي : ( لا فرق بين العراقيين امام القانون , وإن اختلفوا في القوميه , والدين , واللغه. )
والماده 16 من نفس القانون تنص ( للطوائف المختلفه حق تأسيس المدارس لتعليم افرادها بلغاتها الخاصه والاحتفظ بها على ان يكون ذلك موافقا للمناهج العامه التي تعين قانونا )
وتعليقي على ذلك هو ان الماده ( 13 ) منه تتعارض وفحوى هذه الماده والتي قبلها , فهي تنص ما يلي ( الاسلام دين الدوله الرسمي... الخ.) ويعني ذلك الغاء كل حق للطوائف الاخرى ، بل يفسخ جميع المواد ذات العلاقه بشئونهم الدينيه ما لم يصدر قانون وضعي خاص بهم ينظم احوالهم ..!
أما المواد 75 و 76 و 78 و79 منه والمتعلقه بالسلطه القضائيه ، فقد نصت على تشكيل المحاكم الدينيه لغير المسلمين ( المسيحيين والموسويين ) فقط وحجبت تماما عن الصايئه المندائيين و كما يلي نصوص المواد :
الماده 75 – تقسم المحاكم الدينيه الى : 1- المحاكم الشرعيه 2- المجالس الروحانيه الطائفيه
الماده 78 – تشمل المجالس الروحانيه الطائفيه , المجالس الروحانيه الموسويه , والمجالس الروحانيه المسيحيه , وتؤسس تلك المجالس , وتخول القضاء بقانون خاص .
الماده 79 – في المواد المتعلقه بالنكاح , والصداق , والتفريق , والنفقه الزوجيه , وتصديق الوصايا ,ما لم تكن مصدقة من كاتب العدل , خلا الامور الداخله ضمن اختصاصات المحاكم المدنيه في ما يخص افراد الطائفه عدا الاجانب منهم .
يلاحظ القارئ الكريم ان ليس للصابئه المندائيين أي ذكر بهذا الشأن. وقد تجاهلهم المشرع تماما وعن قصد وتصميم كليا . هذه الحاله بالنسبه للقانون الاساسي الملكي ( الدستور ) .
وللاسف أن الدستور العراقي المؤقت الصادر بعد ثورة تموز سنة 1958 فهو الاخر تناسى الصابئه أيضا , وجاء بنفس الماده التي تقول ( الاسلام دين الدوله ) وهي الماده رقم 4 من الباب الاول .
والماده 9 منه – المواطنون سواسيه أمام القانون في الحقوق والواجبات العامه و لا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الاصل أو اللغه أو الدين أو العقيده .
الماده 12 – حرية الاديان مضمونه , وينضم القانون أداء وظيفتها على أن لا تكون مخله بالنظام العام و لا منافيه مع الاداب العامه .
والملاحظ أن المشرع لم يتطرق الى القوانين الخاصه بالطوائف الاخرى بل تركها كما هي , وأعني بذلك أن لا جديد بالنسبه للصابئه ، ولم تشرع بحقهم القوانيين الخاصه بهم ، كما نصت الماده المشار اليها ، أما الطوائف ( المسيحيه واليهوديه فهي بالاصل لديها قوانينها المشرعة باقيه ولا حاجه لها بتشريع غيرها .
أما الدستور المؤقت لعام 1964 : هو الاخر كرر النص نفسه , ففي الباب الاول الماده 3 تنص : الاسلام دين الدوله والقاعده الاساسيه لدستورها واللغه العربيه لغتها الرسميه .
الماده 28 – حرية الاديان مضمونه وتحمي الدوله حرية القيام بشعائرها على أن لا يخل ذلك في النظام العام , أو ينافي الاداب .
دستور 21 ايلول 1968 المؤقت - جاء هو أيضا بنفس الصيغه والمفهوم بل اكثر تزمتا ورجعية بالنسبه للاديان غير المسلمه والصابئة على وجه التعيين .

وللتاريخ اؤكد ثانية أن جميع الدساتير المتعاقبة كما أسلفت خالية تماما عن أية إشارة أو إقرار بالاقليه الصابئية المندائية ، وبالتالي فانها لا سند لها من القانون ، ووفق هذا المفهوم لا تسمع لها شكواها أو مقاضاة الغير بالامور الدينية والعقيده امام القضاء ، ولا يتمتع أفرادها بالحقوق كاملة السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه رغم تواجد ممثلا برلمانيا واحدا لها بالمجلس البرلماني ألاخير عن طريق ما يسمى نظام (الكوتا) ، الا ان هذا لا ينهي المظلوميه والاضطهاد ومادامت الحقوق غير منصوص عليها قانونا ، فان الفرد المندائي ، واخته المرأة المندائيه بشكل خاص تبقى بلا حقوق ، واصبح حالها حال الاخريات من النسوة الاسلاميات عنوة وفرضا قانونيا . فمثلا ان الماده 41 من قانون الاحوال الشخصيه رقم 111 لسنة 1968 المعدل اعطت للزوج الحق بضرب زوجته من باب ما يسمى التاديب ، على شرط ان الضرب يجب ان لا يكون مبرحا ، ولا يزال هذا النص معمول به حتى الان ، وهي بحق اهانة بكرامة المرأة واذلال لها ، فالمرأة المندائيه مشموله بهذا الحكم دون ارادتها . وتأسيسا لهذا الرأي ، فان باقي حقوق المندائيين السياسية والاقتصاديه وحقوق الانسان المدنية والثقافيه والدينيه هي الاخرى غير معترف بها ضمنا . وان الاجحاف والحيف يلحق الفرد المندائي عمليا أمام القضاء ، عند حصول الخصومات ما بين ابناء الطوائف الدينيه غير الاسلاميه والصابئي كمثال وبين الفرد المسلم ، ولدينا وقائع وأحداث حية بهذا الشأن . منها على سبيل المثال :
· في حالة قيام الفرد الصابئي المندائي الزوج كان أو الزوجة باشهار إسلامه عن طريق الترغيب أو والترهيب فان الاولاد القاصرين ، أي دون الثامنة عشر من أعمارهم ، يصبحون تلقائيا اسلاميين ، استنادا الى حكم الشرع الاسلامي . ووفق هذه الحالة ، يكون من حق الاب المسلم أخذ الاطفال من الطرف الثاني ، التي هي الام الصابئية الزاما وبحكم قضائي ، على أساس أن من مصلحة القاصرين تولي الاب المسلم حضانة و رعاية وتربية هؤلاء ، وفقا لتفسير الشريعة الاسلامية باعتبارها الافضل دينا لصالح الطفل . وهذه الحالة تشكل خرقا فاضحا للقانون العراقي نفسه الذي ينص أن الحضانة للام لا ينازعها على هذا الحق الاب او غيره من الاقرباء . وكذلك يشكل خرقا لحقوق الاطفال القاصرين ورعاية الطفوله . وعدم مراعاة حقوق الاسرة والامومة . مما يؤثر سلبا على حالة الام المندائيه والاطفال النفسية وهدرا للحقوق الانسانية بابعادهم عن امهاتهم عنوة ، وإن هذه الحقوق التي نصت عليها القوانيين الدولية وحقوق الانسان ، تكون قد إعتدي عليها عمدا من قبل الدولة أولا ، ومن قبل الجهة القضائية ثانيا ..
والمؤلم في هذا كله أن الدولة تكون هي الخصم في الدعوى ، وهي بذلك تنازع الفرد الزوجه او الزوج في حقوقه الذاتية المحضة ، وقناعته وشعوره وأحاسيسه النفسية ، لأن مسألة الدين كما هو معلوم متعلق أصلا بضمير وقناعة الفرد وإختياره ، وليس عن طريق الاكراه والفرض ، كما أنها لا تأخذ بنظر الاعتبار حقوقه ، التي ضمنها له قانون الدولي العام قبل قوانين دولته العراقية . وأن هذا الاجراء يعتبرمعيبا في القضاء العراقي ولا مثيل له في بلدان العالم المتحضر . ومن المؤسف حقا ان محكمة الموضوع تعود الى نصوص قانون قديم جدا في تكييُفها للدعوى ، وهو ما يسمى ببيان المحاكم رقم 12 لسنة 1917 كما بينته اعلاه .
الان وبعد زوال الحكم التعسفي الجائر ، والعراق في مرحلة بناء وتشريع قوانين وضعيه ، والتي يفترض بها ان تستند على المبادئ الديموقراطية وما اتى به الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتعترف بالتعديدة الدينية وحرية المعتقد ، وان تضمن حقوق كافة أطياف الشعب ، وتؤمن للجميع الحرية ، والعدل ، والمساواة ، وحرية الرأي ، وتكافؤ الفرص للجميع دون تفريق او تمييز ، بسبب العنصر ،او القوميه ، او اللون ، او الجنس ، او الانتماء وغيرها .. حيث أصبح أمر إعطاء الطوائف الدينية المختلفة والصابئة احدها حقوقها المشروعة ، من المهام الملحة الملقاة على عاتق الدوله والبرلمان العراقي واصحاب القرار وذوي الشأن ، وأن يلتفتوا الى مطاليب هذه الطائفة المشروعه ، التي تنسجم مع الاعراف ، والاخلاق ، وحقوق المواطنة و لا تتعارض وقوانين الدولة الوضعية وحقوق والقوانين الدوليه.

صحيح ان دستور العراقي لسنة 2005 الساري المفعول اورد اسم الصابئه المندائيين عند تعدد مكونات الطيف العراقي كما هو وارد نصا من خلال الصيغ التاليه :--

ففي الماده الثانيه من الدستور

اولا – الاسلام دين الدوله الرسمي وهو مصدر اساس التشريع

آ - لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الدين

ب – لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطيه

ج – لا يجوز سن قانون يعارض مع الحقوق والحريات الاساسيه الورده في هذا الدساتور

ثانيا – يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهويه الاسلاميه لغالبية الشعب العراقي كما ويضمن كامل الحقوق الدينيه لجميع الافراد في حرية العقيده والممارسه الدينيه كالمسيحين والايزيدين والصابئه المندائيين .

التعليق
1 - يلاحظ ان الدستور اعطى صفة للدوله وجعلها دولة اسلاميه علما ان الدوله لا يمكن ان تدين بدين معين لآنها وببساطه شخصية معنويه.

2 – اقر الدستور العراقي الطائفيه واسس لها رسميا.

3 – شمل بمواده اعلاه الاثنيات والاديان الاخرى وجعلها بالمرتبه الثانية وربط امورها واحوالها الشخصيه باحكام الدين الاسلامي وتبعا لثوابت الدين المختلفه وتحت نير الاجتهادات المذهبيه المختلفه.

4 – اعطى اسبيقه لآحكامه الدينيه وجعلها تتحكم بمصائر الاخرين عن طريق عرقلة ورفض تشريع القوانين الخاصه بالمكونات العراقيه الاخرى بحجة مخالفتها للثوابت الاسلاميه.

5 – فقرات الماده الثانيه اعلاه تتناقض كليا والفقره ج من نفس الماده ولا يمكن باية حال من الاحوال الجمع بينهما حيث الحقوق والحريات الاساسيه للفرد العراقي كما جاء بالفقره آنفة الذكر.

وهكذا كانت الطائفه المندائيه ككل تقع بالمرتبه الادنى من اصحاب الحقوق وقد شرعها الدستور ويبقى الفرد المندائي والاقليه المندائيه باكملها وخاصة المرأة المندائيه ، هي الخاسر والمهضوم قانونيا وانسانيا واجتماعيا تحت ظل الدستور القائم والقوانين الوضعيه السائده.

7 - مسؤولية سلطة الاحتلال عن تامين الحمايه للاقليات
بعد ان قدمنا عرضا موجزا للحالة المزرية التي تعيشها الاقليات والاقلية الصابئيه المندائبه مثالا لها .. نعود للحديث عن التطورات السلبيه والمعاناة التي تجددت وتزايدت شدتها باطراد وتسارع نتيجة افرازات الاحتلال الامريكي للعراق في 9 / 3 / 2003 والتي اضحت ظاهرة مميته وخطيرة للغايه بالنسبة لتقرير مصير الأقليات ، تجسدت بارتكاب الجرائم الجنائيه التي تصل الى حد التطهير العرقي والديني والاباده الجماعيه وخير شاهد ما صرحت به وزيرة حقوق الانسان العراقيه السيده وجدان ميخائيل في حيث - للسومريه نيوز- حين تدلي بشهادتها مباشرة وتقول ( ان الانتهاكات التي تتعرض لها الاقليات الدينيه ، ترتبط باهداف سياسيه بحته تهدف الى اخلاء العراق من الاقليات المهمه في العراق ، ومؤكدة في الوقت نفسه وجود اجندات داخليه وخارجيه تهدف الى تفكيك المجتمع العراقي وانهاء الوجود للاقليات كافة .الخ )

اما عن الجانب الامريكي والمؤسسات الدوليه المعنيه بهذا الشأن ، نعرض القرار الامريكي رقم 322 الصادرعن مجلس الشيوخ الامريكي في شهر آب / 2010 حيث يفيد نصا ( ان مجلس الشيوخ الامريكي يعبر عن قلقه تجاه ما تعرضت له العديد من اطياف الشعب العراقي من مضايقات واعمال عنف تستهدف الاقليات الدينيه والعرقيه وهو يناشد الاداره الامريكيه لتقديم العون للعراق (حكومة وشعبا ) من اجل حماية تلك الاقليات).

وفي تقرير كان قد اعدته الى لجنة العلاقات الدولية في الكونكرس الامريكي يوم 21/12/2006 تطرقت السيدة ( نينا شي ) التي تمثل دائرتها احدى أقوى المؤسسات السياسية الامريكية التي تتحكم بمصائر الشعوب والاقليات الضعيفة ، من خلال تاثيرها على أصحاب القرار في الكونكرس الامريكي ، الذي يتولى بدوره رسم سياسة ادارة الحكومة الامريكية في العالم ، تطرقت الى الوضع المتأزم الذي يعانيه المسيحيون ( الكلدوآشوريون السريان ) والايزيديون والصابئة المندائيون والشبك والكاكائيون والتركمان ، حيث وجدت هذه الاقليات فجأة نفسها ولا سيما المسيحيين في وضع حرج وخطير تمخض عنها هروبهم الى الخارج، وهذا يعني نهاية الوجود المسيحي والتاريخي لهذه الاقليات العرقية والدينية التي عاشت في هذه المنطقة لالاف السنين .
واكدت على ضرورة شمول هذه الاقليات بالمساعدات الامريكية لغرض الاعمار ، وانشاء قوة أمنية من الشرطة المحلية من أبناء هذه الاقليات لغرض حمايتهم من الاعتداءات التي تطالهم من قبل الفئات الاسلامية المتطرفة والارهابية التي تمر عادة بدون عقاب مما يشجع هذه الفئات على المضي والاستمرار في نهجهم العدواني في ايذاء هذه الاقليات العراقية المسالمة ، دعت ايضاً الى توطين الاكثر ضرراً كاليتامى والارامل والمشوهين في الولايات المتحدة وتوفير المبالغ اللازمة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة لمواكبة هؤلاء الناس وقبول اعداد اكبر منهم ، وفي تصريح لها امام لجنة العلاقات الدوليه والحملة العالميه لحقوق الانسان بتاريخ 21 كانون الاول 2006 عام اشتداد الاعتداءآت والأضطهاد بالعراق تقول السيده ( نينا شي ) مديرة الاداره لحرية الاديان في تقريرها المسهب الشامل نستل منه ما يلي : --
لقد تمّ تحميل مسؤولية حقوق الانسان على عاتق الحكومات في العالم ومن ضمنها حكومتنا ، لدعم وزرع الامل في قلوب الملايين من المضطهدين في هذا العالم ، شهادتنا اليوم تدخل ضمن هذا الاطار غير مستثناة من ذلك .
هناك اضطهاد ديني فضيع يحدث في ...........ودول عديدة اخرى ... ، هناك دولة اخرى حيث يتعرض اصحاب الديانات غير المسلمة فيها الى اقسى انواع الاضطهاد الدموي في العالم هذا اليوم ، هذا البلد غير مذكور في هذا التصنيف ، اعني به العراق ، سيكون تركيزي منصباً على هذا البلد الذي يعاني فيه اقلياته ومجاميعه الصغيرة الأمرين .
علينا النظر الى المكونات الدينية الصغيرة في العراق ( المسيحيون ، الايزيديون ، المندائيون ، البهائيون ، الكاكائيون واليهود ) كما فعلنا سابقاً مع يهود الاتحاد السوفييتي ، الاضطهاد الذي يجابه هذه الفئات يفوق المشهد المرعب الذي يغطي العراق برمته ، الاحصاءات الاخيرة تؤكد على ان نصف اعضاء هذه الفئات قد اجبرت على مغادرة محلات سكنها وعملها في السنتين او الثلاث الماضية ، الى اجزاء اخرى من البلد او الى الخارج . وجودها الان بداخل العراق مهدد بتنظيف عرقي وديني وثقافي ، تقرير وزارة الخارجية لشؤون حرية الاديان يصف حالة الفئات غير المسلمة ، عديمة الحماية وتحت مطرقة الزمر الارهابية والفئات الاخرى ، كالقاعدة ومتمردي السنّة ، والمليشيات الشيعية والكردية ، والعصابات الاجرامية التي تفترس هذه الفئات الدينية الصغيرة ، حالتهم فريدة ، فدياناتهم وثقافاتهم تظهرهم بان الفرد منهم " محتل او مستأجر كافر " في نظر المتطرفين الاسلاميين ، وبسبب عدم امتلاكهم مليشيات او نظام عشائر او تأييد قوى خارجية كبقية المجاميع الكبيرة ، تراهم ضعفاء في مواجهة الاذى والخطورات التي برزت بعد الاحتلال ، ولانهم لا يديرون اي منطقة خاصة بهم ، نراهم تحت رحمة هذه المجاميع التي تروم الاستحواذ على ممتلكاتهم واعمالهم وقراهم . على الولايات المتحدة مسؤولية اخلاقية كبيرة للنظر في مأزقهم هذا ، يلزمها خطوات خاصة ، معظم هذه الفئات الصغيرة لا ترغب في ترك العراق ، علينا اتخاذ خطوات عاجلة لزيادة أمنهم داخل العراق ، والمساعدة في عودة الذين هاجروا الى دول الجوار ، آخذين بنظر الاعتبار الاكثر يأسا وضرراً وتوطينهم هنا في اميركا ،حيث لاكثرهم أقارب مقيمين هنا .
ولأن حالتهم لم تأخذ نصيبها من سياسة الولايات المتحدة لا بل أن مأساتهم تمّ تجاهلها والتعتيم عليها من قبل تقرير مجموعة الدراسات العراقية ، وحقيقة عدم توفير الحماية لهم تؤدي بهم الى الاعتداء والقتل ، علماً بانهم لا يضطهدون او يقتلون احداً ، نضيف مقارنة عكسية للعلاقات بين ما يعانونه وبين لا مبالاة المجتمع الدولي بحالهم .
يقدر عدد نفوس المجاميع الدينية الصغيرة في العراق بمليون ضمن العراق البالغ 26 مليوناً عند سقوط نظام صدام حسين ، وهم ... المسيحيون ( الكلدان ، وتتبع الطقس الشرقي الكاثوليكي ، الاشوريون ، ضمنهم كنيسة المشرق ، السريان وهم ارثوذكس وكاثوليك شرقيون ، والارمن بشقيهم الكاثوليكي والارثوذكسي ، والبروتستانت ، الانجليكاني ، برسبتاري ، المعمذائيون ، والانجيليون وغيرهم ) ، المندائيون ( تابعي يوحنا المعمذان )، الايزيديون ( ديانة ملائكية قديمة ) ، البهائيون ، الكاكائيون ( مجموعات توفيقية حول كركوك ) واليهود ، المجموعة الاكبر هي المسيحية تليها الايزيدية حوالى 70,000 – 500,000 والمندائيين حوالي 6,000-10,000 واصغرها هي الجالية اليهودية التي لم تتعدّ المئة شخصاً عام 2003 . تحت تهديد العنف والضربات المتلاحقة ، تفر هذه المجاميع وبصورة جماعية من ديارها ، بالرغم من أنها تشكل 3-4% من نفوس العراق ، الا انها حسب احصاءات منظمة شؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة تشكل 40 % من مجموع اللاجئين العراقيين ، هذا الهروب غير المتناسب يؤيد ويدعم الظروف والمعاملة التي لا تحتمل والتي يعانون منها ،
النساء المسيحيات والمندائيات واخريات ، اجبرن على ارتداء الزي الاسلامي ، بعضهن تمّ قتلهن او تشويههن ،

هناك امثلة اخرى ، معززة بعمليات قتل ، هناك تقارير لعمليات خطف لأطفالٍ مسيحيين تمّ جذعهم وبتر أعضائهم بسبب عدم تمكن اهاليهم من دفع مبالغ كفدية ، اعداد اخرى من هذه الحوادث فان هذه الرسالة ، تفضح بالتفصيل حوادث الخطف والقتل التي تعرض لها المندائيون بسبب ديانتهم في العام الماضي ، حيث اجريت عمليات ختن لقسم من المخطوفين قبل اطلاق سراحهم بعد دفع الفدية ، هذا يعزز مقولة بان الدين لعب دوراً في هذه الجرائم . من ضمن الحوادث ، هو مقتل رجل الدين السيد طالب سلمان عرابي يوم 2 كانون الاول 2006 ، هذا الشماس الذي يقوم بخدمة ومساعدة قداسة الكنزا رابا ستار جبار حلو الزهروني ، رئيس الطائفة المندائية في العالم ، لقد كان من السهل التعرّف عليه بسبب الرستة البيضاء التي يلبسها رجال الدين المندائيين ، تمّ دفنه سراً من قبل عائلته دون مراسيم دينية بسبب تهديدات المتطرفين بتفجير دارهم ان خالفوا ذلك .

تحتاج الولايات المتحدة أتخاذ خطوات حازمة لمساعدة المجاميع الدينية الحساسة والصغيرة المعرضة للأذى ، للولايات المتحدة التزام نحو هذه الشعوب بسبب ديانتهم غير المسلمة التي اصبحت سبباً لارتباطهم مع الاحتلال الامريكي ، وجعلت منهم هدفاً لدى عقول المتطرفين المسلمين الذين يربطونهم مع الاحتلال الامريكي ، بالاضافة الى انهم تركوا وحدهم دون حماية وبدون مليشيات ، التماسك الاجتماعي والمسؤولية الحكومية ، لهذا من الضروري مساعدة هؤلاء الناس ، التي حافظت وصانت وجودها في العراق لآلاف السنين ، العيش داخل العراق واتخاذ الخطوات لاعادة اسكان المتضررين واليائسين الى خارج العراق ، كل هذه الخطوات يجب ان تأخذ في الحسبان السرعة في الانجاز وهي كما يلي :

• تعيين منسق مساعد خاص للعراق ، كما اوصى بذلك تقرير مجموعة دراسات العراق ، هذا الموقع قد يبرهن اهميته في الحفاظ وتعزيز مستقبل المسيحيين والاقليات الصغيرة خاصة المتواجدة في شمال العراق وتلك التي همّشت حالياً .
• توفير معونة طارئة للأشخاص الذين يتم احلالهم داخلياً في العراق والتأكيد بان هذه المعونات تصل الى المعوزين المسيحيين وغيرهم من الاقليات الصغيرة التي تتكدس وتتجمع في المناطق الشمالية في العراق .
• التأكيد بان المساعدات الامريكية للاعمار تصل وتوزع بصورة عادلة ومتساوية للمسيحيين والايزيديين والمندائيين والاقليات الصغيرة الاخرى ، ومن ضمنهم الشبك والتركمان ، خاصة في مناطق الاكراد الشمالية ، حيث يهرب العديد منهم اليها والتي للولايات المتحدة تأثير عليها ، يجب التشاور مع قياديي هذه الاقليات الصغيرة الشرعيين والمستقلين والمحليين منهم ، حول سبل اعادة الاعمار وأولوياته لقراهم ومناطق سكنهم ، يجب عدم السماح للمسؤولين الاكراد باستعمال واستخدام معونات الولايات المتحدة لسياسات التنظيف العرقي في شمال العراق .
• دعم انشاء قوة امنية من الشرطة من أبناء الاقليات من المسيحيين وغيرهم في سهل نينوى ، بالتوافق مع قرار مجلس النواب العراقي كما هو منجز في مناطق العراق الاخرى .
• أستعمال الدبلوماسية بصورة أكثر فعالية مع القادة العراقيين ، وبالاخص الاكراد منهم ، والاصرار على توفير الحماية والتعامل بالمساواة مع الاقليات الدينية الصغيرة .
• توطين المسيحيين والاقليات الصغيرة الاخرى الذين يعانون بيأس ، في الولايات المتحدة ، وتشمل اليتامى والارامل والمشوهين بسبب العنف والارهاب ، هناك آلاف من هؤلاء اللاجئين الذين يرومون الانضمام الى اقاربهم في الولايات المتحدة
هناك خطوات اخرى يمكن اتخاذها ، ليس هناك مجموعة لا تعاني او تقاسي في العراق ، لكن الاقليات الصغيرة غير المحصنة للدفاع عن نفسها والحساسة جداً ، بالاضافة الى اتهامهم بالتعاون مع المحتل الامريكي من قبل المتطرفين ، بحاجة الى رعاية سريعة ، هؤلاء المسيحيون الكلدوآشوريون والايزيديون والمندائيون وآخرين بحاجة الى مساعدتنا للعيش والاستمرار والخروج من هذا التمييز والاضطهاد الديني الكبير ، تماماً كما حصل مع يهود الاتحاد السوفيتي بالامس القريب ، تقرير حرية الاديان لوزارة الخارجية يصف الكثير من معاناتهم ، لكن سياسة الولايات المتحدة في تقديرهم منقوصة لا ترتقي الى مستوى الحدث .

، هنا أختم شهادتي .

نينا شي

8 - الخاتمه والمقترحات
مما سبق يمكن ان نخرج بخلاصة مفيده وهي ، ان الشعب العراقي بطبيعته مؤلف من اطياف متعدده ، تشترك مع بعضها بروابط تاريخيه وعادات وتقاليد اجتماعيه من المفترض يتمتع ابناؤها بحقوق متساويه وفق مبدأ حق المواطنه التي يضمنها لهم دستور البلاد وقوانينه الوضعيه ، ولا يمكن ان يتحقق هذا الامر الا بنظام ديموقراطي علماني يفصل الدين عن الحكم ، وتسود فيه مبادئ حقوق الانسان الذي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. هذه الحقوق ،هي تلك التي اقرها واكد عليها القانون الدولي العام وجميع المعاهدات والمواثيق والبرتوكلات المتعلقه بهذا الشأن ، الا ان ابناء الاقليات كثيرا ما هٌضِمت حقوقهم وتعرضوا للتهميش والاعتداء والعنف والاضطهاد ..! خاصة بعد التغيير الذي حدث بفعل الاحتلال الامريكي للبلاد ، حيث كان من افرازاته اثارة الفوضى والاجرام وظهور حالة من الانفلات الامني ، ونزوع بعض المليشيات المنسوبه الى الجهات الحزبيه او الدينيه وعلى رأسها الجهات السلفيه و تنظيم القاعده الى افراغ العراق من مواطنيه عنوة وعمدا عن طريق ممارسة الاباده الجماعيه والتطهير العرقي والديني ، وبنطاق واسع شمل كل الاقليات المستضعفه التي لا تؤمن بالعنف ، وليست لديها مليشيات مسلحه ، وتحرم حمل السلاح ، واحسن مثال الشعب الصابئي المندائي وما تعرض له من محن وازمات وبات الانسان منه لا مفر له فاما مواجهة الموت المحتم ، واما النزوح الى المجهول ، وهذا ما حصل فعلا ، وقد تشظت الاسره الواحده وتفتت كيانها، وتفرق شمل ابناءها في كل مكان من العالم .

وحيث ان الاقليات عامة تأزمت احوال ابناءها وزادت معاناتهم جراء الاحتلال ، وعليه فان الحكومه الامريكيه والمجتمع الدولي وخاصة تلك الدول التي اشتركت او ساهمت بالعمليه عليها تقع المسؤوليه القانونيه والاخلاقيه لما حل لجميع الاقليات العراقيه من مصائب وويلات . مما يجعها ملزمة اي قوى الاحتلال تبعا لقانون الدولي العام ولتعهداتها امام هيئة الامم المتحده والعالم اجمع بوجوب تامين الحمايه لآبناء الاقليات ، وذلك تنفيذا للمعاهدات المواثيق والقرارات الصادره بهذا الشان بصفتها دول محتله وعليها ان تلتزم قانونا بتامين هذه الحمايه ، ولما اصبح الامر من الصعوبه بمكان لا يمكن تأمينه لا من الحكومة العراقيه ولا من قبل قوات الاحتلال لتعقد الاوضاع وصعوبتها ، لذا اصبح على الولايات المتحده والدول الاوربيه واستراليا وكندا وغيرها تامين توطين المهجرين والمهاجيرن في بلدانها ، وعليهم ايضا تامين الدعم المالي والمساعدات اللازمه لهم خلال تواجدهم على اراضي البلدان المجاوره بعدان التجؤ اليها مكرهين ، الى حين البت بشأنهم وقبول لجؤهم من دائرة المفوضيه العليا للاجئين الدوليه . مع اعطاء الاسبقيه للصابئه المندائيين الذين يؤلفون الحلقه الاضعف في حقلة الاستهداف وسهولة ابادتهم والقضاء عليهم ، خاصة لا يوجد هناك من يعطف عليهم من الدول التي تقبل الهجره ، ولا يتمتعون باية خصوصية دوليه كحاله انسانيه وقانونيه تتطلب اعطاءهم الاسبقيه بالتوطين تبعا لوضعهم المأساوي والتي يجب ان تؤخذ بنظرالاعتبار .


عربي فرحان الخميسي
حقوقي 
نيوزيلاند
عضو منظمة محامون بلا حدود
3 / 11 / 2010

المصادر
1- دساتير وقوانين العراقيه الوضعيه القديمه والحديثه
2- ممارسات شخصيه من واقع المحاكم وتطبيقات قانونيه امام القضاء العراقي
3 – بحوث ومقالات مختاره حول الاضطهاد لأساتذه مختصين
4- البيان العالمي لحقوق الانسان والمعاهدات والقرارت الدوليه ذات الصله
5 – المحكمة الجنائيه الدوليه والمحاكم الاخرى ذات العلاقه
6 – منظمة العفو الدوليه
7 – لجنة حقوق الانسان التابعه للامم المتحده في جنيف
8 –المنظمة العربيه لحقوق الانسان في القاهره

مشاهدة الموقع بالنسخة العادية