الشيخ لورنس.. كلمته قانون في منطقته بالأنبار والأميركيون يعولون عليه.. ورث سلطته واسمه من جده الأكبر الذي قاتل إلى جانب (لورنس العرب)
الرمادي: توني بيري «لوس انجليس تايمز» - كما في فيلم «لورنس العرب»، يتطلع الرجل بعينين ثاقبتين وعلى رأسه عمامة. ينظر إليك مباشرة بنظرة عنيدة بها تصميم. وتعتبر كلمته قانونا في منطقته في محافظة الأنبار، ولا يسمح بأية معارضة في قبيلته، ولا يعارض استخدام القوة لمعاقبة من يعتبرهم تهديدا له أو لقبيلته.
هناك الكثير من شيوخ القبائل السنية في الأنبار، ولكن هناك «شيخ لورنس» واحدا فقط. وقد ورث سلطته واسمه من جده الأكبر، الذي كان واحدا من زعماء البدو، الذين ركبوا إلى جوار الرجل الإنجليزي تي إيه لورنس أثناء الحرب العالمية الأولى ضد الإمبراطورية العثمانية.
ولا تتميز قبيلته، عنزة، بكبر الحجم، كما أن المنطقة التي تسيطر عليها ليست بارزة في السياسة العراقية. ولكن كما يعلم مسؤولون أميركيون عسكريون ومدنيون، فإنه رجل يجب أن يوضع في الحسابات. ويقال إن للشيخ لورنس، واسمه الكامل الشيخ لورنس متعب حزان، روابط مهمة بجميع أنحاء الخليج العربي، ومع قيادات الحكومة المحلية في الرمادي والحكومة الوطنية في بغداد.
وبالاشتراك مع الولايات المتحدة، ألحق الشيخ لورنس هزيمة نكراء بالمتمردين في منطقته في الأنبار، وهو في وسط قرية النخيب. ولكن كان لصفقته مع الأميركيين ثمن، حيث تمول الولايات المتحدة إنشاء آبار مياه ومحطة توزيع للطاقة في النخيب.
وفي الفترة الأخيرة، طلب من الولايات المتحدة المساعدة في تسوية نزاع حدودي بين محافظتي الأنبار وكربلاء، وهو الطلب الذي يحاول جنرال في قوات المارينز في العراق تلبيته.
وعندما يُسجل التاريخ أحداث التدخل الأميركي في العراق، سيكون أحد المحاور هو علاقة الأميركيين بشيوخ الأنبار، وهي المحافظة التي شهدت مولد التمرد السني. في البداية، سعى الجيش الأميركي إلى تجاهل الشيوخ وكأن اللجوء إليهم أمر لا يتماشى مع الواقع، وهو القرار الذي ندمت عليه سريعا، حيث انتشرت حركة التمرد. وبعد ذلك جاءت صحوة الأنبار، وهو التعهد الذي صادق عليه بعض الشيوخ للوقوف إلى جوار الأميركيين ضد المتمردين. وفي غضون عامين، تحولت الأنبار من قضية خاسرة إلى قصة نجاح في نظر المسؤولين الأميركيين، حتى قبل تعزيز القوات في بغداد.
وكانت معرفة التسلسل الهرمي بين الشيوخ تمثل تحديا للجيش الأميركي. ويحظى بعض الشيوخ بنفوذ كبير، بينما يدعي البعض ذلك. وتوصل قادة الجيش إلى أن بعضا منهم «شيوخ مزيفون».
وقد نجح الشيخ لورنس، الذي يبلغ الخمسينات من عمره، في جميع اختبارات المصداقية. وظل مع الأميركيين حتى بعد اغتيال مؤسس حركة الصحوة. وقد دعا إلى استمرار معارضة المتمردين والتعاون مع الحكومة الوطنية في بغداد. وفي الاجتماعات القبلية، يرتدي رداء فخما لزعيم العشيرة، مثل جده الأكبر. وفي أوقات أخرى، يرتدي بدلات أنيقة ذات تصميم أوروبي. وهو لا يحتاج إلى مترجم لاستيعاب اللغة الإنجليزية.
ويقول جون ماتل، الذي كان حتى الفترة الأخيرة مسؤولا رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية في الأنبار، إن «الشيخ لورنس يحوز الاحترام تلقائيا». وقال ماتل، «يبدو أن أهل بلدته يحبونه وكانوا يثنون عليه عفويا عندما كنت أتحدث معهم عنه». وتتميز منطقة الشيخ بأنها هادئة نسبيا وخاضعة لإدارة جيدة، وهو أمر مثير للدهشة بعض الشيء، نظرا لموقعها الحدودي والبيئة العامة الموحشة والجافة».
ويضيف ماتل أن اسمه والتاريخ الذي يحمله يشكلان جزءا من الإعجاب الذي يحظى به الشيخ، وخاصة لدى الأميركيين والبريطانيين. وقال ماتل إنه لا يستطيع النظر إلى الشيخ لورنس بدون أن يسمع الموسيقى التصويرية التي تأتي في بداية فيلم ديفيد لين الملحمي، الذي أنتج عام 1962. وفي اجتماع عقد مؤخرا لمسؤولين محليين ووطنيين في نقطة تفتيش عرعر لبحث الإجراءات الأمنية، كان الشيخ لورنس من بين مجموعة من الشيوخ الحاضرين. وبموجب بروتوكول معقد يتبعه الشيوخ، لم يكن من المسموح له بالحديث.
وعندما أثيرت قضية النزاع الحدودي، ضغط الميجور جنرال في المارينز جون كيلي، وهو يحمل أعلى رتبة في قوات المارينز في العراق، على المجموعة من أجل الوصول إلى تسوية سلمية للنزاع وإلى احترام الحدود التي تفصل بين المحافظتين. وصرح كيلي في ما بعد، بأنه كان سعيدا للتحدث نيابة عن الشيخ. ووصفه قائلا: «إنه ملكي».