أيران و الفساد في العراق
    الثلاثاء 12 نوفمبر / تشرين الثاني 2019 - 19:50
    حازم الكرعاوي
    كشف خراب العراق أن لأيران عورة , فلم يعد الشارع الشيعي و بالذات العراقي مقتنع أن أيران حاملة لواء الحسين عيله السلام في الاصلاح و الوقوف ضد شياطين الارض المعتاد عليهم كأمريكا و أسرائيل و ألسعودية.
    فبعد ستة عشر عاما من الهيمنه على القرار العراقي من قبل طرفي النزاع  الامريكي الايراني لا يمكن لعاقل ان يقول أن المنتصر هي أمريكا, بل أيران هي المنتصرة و بدون أدنى شك ... و لكن بعد خراب البصرة
    بعد ستة عشر عاما من هدر الدماء العراقية الزكية و بعد نهب خيرات العراق من كل الاطراف و بالذات من قبل حلفاء (عملاء) أيران من الاحزاب الشيعية الماسكة بالحكم و منذ سقوط الصنم. بعد كل هذا الخراب نفذ صبر الشعب العراقي و بالذات في المناطق الشيعية وتولدت قناعة أن العراق بالنسبة لأيران لا يمثل سوى ساحة حرب تستخدمه لمصالحها و لتصفية الحسابات مع الاخر فهو ذخير لا ينضب من الدماء و الاموال.
    ومن يؤمن أن أيران تمثل مشروع الحسين (ع س) الاصلاحي, عليه أن يجيب على سؤال بسيط وهو لماذا جل بل كل حلفاء أيران السياسيين في العراق هم من الفاسدين ؟ و منذ السقوط و الى يومنا هذا؟ ولو كانت نوايا أيران حسنة لوقفت ألى جنب المتظاهرين وحقهم في تغيير النظام الواضح فساده للقاصي و الداني ولكنهم أختاروا أن يحمو عورتهم بأوراق واهية خرقاء
    الحقيقة أن الاحزاب الاسلامية الفاسدة هي أضمن وسيلة (بأسم الدين باكونه الحرامية) للسيطرة على مقدرات العراق و بسط النفوذ الايراني و استخدامه كأداة حرب لصد هجمات أعداء أيران التقليديين خارج بلاد فارس, فهذه أحدى الدروس الاستراتيجية التي أستلهمها الاستراتيجي الايراني من الحرب العراقية الايرانية. من هنا يمكن القول أن هذه الاحزاب الفاسدة تدين لولاية فقيه طهران ولا تهتم لنداءات مرجعية النجف الاشرف. فهم حتى وأن أحترمو و بجلو و عظمو مرجعية النجف لكنهم ميدانيا يأتمرو لصاحب النفوذ على الارض و من يمثله في ساحة الحرب هذه, ولو كانت تبعيتهم مرجعية النجف الاشرف فعلا لكان الحال مختلف تماما.
    ومع أندلاع مظاهرات تشرين العظيمة أنبرى لتخوينها خطباء أيران و على رأسهم ولي فقيه النظام الايراني, فهذا أمر طبيعي لأنهم لا يرون دمار البصرة بل مصالح الامة الايرانية و زعزعة أستراتيجية المواجهة الحربية مع خصومهم. فالفقر و الفساد و الجريمة المنظمة و نهب الاموال في العراق من خلال أذرعهم في الحكم الفاسد لا يهم, لأن العراق لا يعدو ان يكون ألا ساحة حرب مستباحة بالنسبة لهم, كما الامريكي و السعودي و الاخرين الكثر.
    في أعتقادي وقع الاستراتيجي الايراني بخطأ فادح حين تصور ان العراق يمكن أن يكون تابع ولم يعير أهمية لخصوصياته, رغم طلب مرجعية النجف و منذ اليوم الاول من القيادة الايرانية برفع اليد عن العراق : فالعراق ليس بدولة مواجهه مع العدو الاسرائيلي حتى يتم التعامل معه كرأس حربه, العراق يمثل العمق الفكري لكل مسلمي (شيعة و سنة) العالم و من ظمنهم أيران بحكم تواجد مراقد الأئمة و الانبياء عليهم السلام و العلماء , حتى وان ضعفت حوزة النجف الاشرف لكنها تبقى قرة عين الحوزات الشيعيه فهي بجوار باب مدينة علم رسول الله (ص) علي ابن ابي طالب (ع س), التنوع الفكري و العقائدي و العرقي الذي يزخر به العراق لا يمكن أن يتماسك في ظل دولة ضعيفة تابعة, أضعاف العراق و بالذات المناطق الشيعية يشكل نقطة جذب لمشاريع صدامية أخرى لا قدر الله و في لحظة يمكن أن ينقلب السحر على الساحر, و على العكس عراق حر في قراره يجعل منه ركيزة من ركائز الاستقرار في المنطقة بشكل عام و ليس نداً
    و من هذا المشهد يتجلى لنا مدى غربة مرجعية النجف, فبموقفها الفكري الرافظ لولاية الفقيه و التبعية له وجدت نفسها محاصرة بهذا الكم الهائل من نفوذ ولي الفقيه في أيران  و أنها لا تملك القوى المحركة على الساحة العراقية لصنع التغيير الحقيقي, حتى أتت مظاهرات تشرين الاصيلة ثورة الكرماء (و ان شابتها بعض الجهات المتربصة الشاذه كالبعثية و من لف لفهم)
    من هذه الزاوية يمكن لنا فهم خطاب المرجعية المغاير لخطاب ولي الفقيه, بل العكس تطالب المرجعية بأستمرار المظاهرات حتى تتحقق مطالب الشعب المشروعة ولم تطالب بالتهدئه او أعطاء الفرص للطبقة الفاسدة وكذلك المطالبة الصريحه على كشف هوية القناصة. و لم تكتفي المرجعية بذلك بل فسرت بشكل أوضح موقفها أثناء مقابلة سماحة أية ألله المرجع السيد علي السيستاني الاخيرة مع مندوبة ألامم المتحدة حيث تناقلت الاخبار  "المرجعية أبدت قلقها من عدم جدية القوى السياسية حيال القيام بهذه الاصلاحات، وأكدت المرجعية أن المتظاهرين السلميين لا يعودون الى بيوتهم دون تحقيق مطالبهم المشروعة "الاصلاحات"، مبينة ان "السيد السيستاني أكد إن لم تكن السطات قادرة او لا تريد تحقيق المطالب فلا بد سلوك طريق آخر"  و هذا التصريح يملك بين طياته نداء للعصيان و البعض قارنه بالجهاد الكفائي ضد النظام الفاسد و من يقف خلفه أن لم يستجيبوا.
    و في الخلاصة أجد من الصعب لنبتة خبيثة أن تأتي بثمرة طيبة, فهذا الدستور و نظامه السياسي المشوه لا يمكن أن يصلح نفسه. فقد وضع و كتب بيد المحتل و أدواته و أسس لتمزيق العراق لا لأستقراره و نماءه . وأكاد أجزم أن الاطراف السياسية الحالية لا تأبه أن توصل العراق ألى الاحتراب الداخلي حتى تحافظ على منابع ثرواتها الطائلة(مال قارون و هارون مجتمع).
    وعليه لا يمكن الشروع نحو الاحسن في ظل دستور و نظام فاسد. فأرجوا أن تستثمرهذه الفرصه من قبل الثوار و باقي أقطاب هذه الامة من مهنين و نقابات و شيوخ عشائر و محاربين و ضباط وطنيين تشهد لهم ساحات الوغى الدفاع عن هذه الامة, و يبدأو الشروع بطرح المشروع الوطني و بمباركة و دعم المرجعية الرشيدة التي لطالما كانت و لا زالت تمثل عزة هذه البلاد و مصدر حكمتها.
    و لهذه الغاية أرفقت صيغة نداء يطالب بأنعقاد مؤتمر وطني يضع النقاط على الحروف و يقطع الدرب على كل من تسبب بدمار هذا البلد الكريم, فأرجوا من الاخوة و الاخوات أن يرسلو و يشاركو هذا النداء مع كل من له صلة و الله ولي التوفيق.
    عاش العراق حراً أبياً


    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media