رسالة مفتوحة الى الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء عبد الكريم خلف...
    الجمعة 15 نوفمبر / تشرين الثاني 2019 - 13:00
    طلال شاكر
    في مؤتمر صحفي عقده اللواء خلف يوم الاثنين 11.10.2019 اوجز فيه مجمل الاحدات التي جرت في البلاد وبخاصة في بغداد, الجوهري في هذا المؤتمر هو ذلك الاستعلاء والتبجح المزري الذي اظهره هذا النويطق عندما رد بان القوات المسلحة قادرة على انهاء او ازاحة وجود المتظاهرين على الجسور والطرق خلال (نصف ساعة) أنتهى..

    السلطات المستبدة اعتادت على خلق ذيولها وابواقها كنواطق وتوابع ممسوخة مجردة من كبرياء الانسان. في العراق تبدوهذه السياقات ثقافة سلطوية بدأت نواتها عام 1963 بعد انقلاب شباط الدموي وسارت متورمة مزرية فاقعة في أماد سلطوية مختلفة، ولعل اشهر من تولاها الصحاف (الوزير) البعثي في عهد المقبور صدام وبعثه.. وفي العهد الجديد اي بعد2003 برز الجنرال عطا المكصوصي وغيره كأمتداد لهذا النهج... رمزها الحالي العسكري  اللواء الركن عبد الكريم خلف كنمط مستهلك لهذا النوع من المهام وبخاصة في الظروف المحتدمة التي سرعان ماتذوي كفقاعات يتلاعب بها الاطفال ويتجاوزها التطور كأنماط متخلفة.

    كان  السيد خلف كثيرا ماظهر مهذبا سلساً في مقابلاته التلفزيونية محللاً ناقداً عندما كان خارج مقتضيات السلطة وأستحكاماتها, بيد ان الحال تغير عندما اصبح ناطقا باسم القائد العام للقوات المسلحة فاصبح سلطويا نمطياً في نطقه واجاباته عندما استساغ الوقوف امام الكاميرات والصحفيين وظهر (كسمؤول مستنفر) يخلوا وجهه من ومضة استرخاء انسانية وعيناه متربصتان متوثبتان في محجريها الصلد، متصنعاً الصرامة والحزم , متوهماً بماهو فيه، مستعرضاً في قراءة سطحية  وساذجة ما يدور ويجري في الشوارع وساحات الاحتجاج.

    عادل عبد المهدي الرجل التائه يوجز الموقف عبر  ناطقه العسكري وكأن هنالك جبهات قتال يجري فيها تلاحم بين اعداء متحاقدين في السواتر والخنادق, تتلاحق فيها الخسائر والانتصارات, هجوم, دفاع, انسحاب, ضحايا.. الخ دون ادنى ادراك او وعي بان هنالك انتفاضة شعبية عارمة لها مطالب مشروعة سالت دونها الدماء الزكية من خيرة شباب وشابات  العراق ورجاله ينبغي التعامل مع احداثها بروية وتفهم واحترام ومسوؤلية وليست جبهات قتال يوجزوقائعها بيان عسكري متهافت ومزيف عبر ناطق عسكري مأزوم يسطر النجوم المتبارقة على كتفيه مزهوا بزيه العسكري وانضباطه المصطنع ليضفي على الموقف هيبة فارغة مستهينا بدماء الشهداء وهو يتلو بلاغاته الحربية. 

    كانت امام السيد عبد الكريم خلف وغيره فرصة ان يكون جزءأ من شعبه تتسامى في روحه قيم الشهامة والشجاعة ليقف مع المظلومين من ابناء وطنه في هذا المنعطف التاريخي الفاصل, وهو يشاهد ارواح اولئك الشباب وكيف تزهق بقسوة ووحشية من لدن سلطة جائرة تقودها احزاب اسلاموية شيعوية فاسدة ومنحطة برفض ما أوكل له من مهمة هابطة في هذا المحتدم المصيري من قبل هذه السلطة ألساعية لتُسخير ابواقاً جاهزة تسوق كذبها وافتراءاتها وعنفها ضد انتفاضة تلاقحت فيها معاني وتجليات سامية من الصعب وصفها باي تبجيل بلاغي متاح.

    عبد الكريم خلف واصنافه عاجزون عن ادراك دروس التاريخ و استيعاب عبره وكثيراً مايختارون التوقيت الخاطئ واللحظة المختلة ليظهروا نجوما باهتة سعيا وراء الجاه والشهرة والمنصب على حساب عذابات الناس ومحنة الوطن, والكثير من هؤلاء كانوا من بقايا مؤسسات نظام البعث صدام اجهزت على ارواحهم ثقافة التصاغر والانتهازية والتزلف وافقدتهم قيم التوازن والعقلانية والولاء الوطني الاصيل وهم في سباق محموم لنيل مبتغاهم بغض النظر عن سبل الوصول اليه.. 
    لم يدرك عبد الكريم خلف كنه الثورات ومعنى الانتفاضات والاحتجاجات الجماهيرية لأنه لم يقرأ التاريخ بجدارة العارف والمثقف الناقد فالنصف ساعة التي حددها لسحق الجماهير وهذا هو المقصد الحقيقي لعبارته بأننا قادرون عل فتح الجسور والشوارع (بثلاثين دقيقة فقط) هو غطرسة واستعلاء فارغ من جاهل اسغرقته الاوهام, فامريكا بعظمتها اجبرتها الاحتجاجات الجماهيرية على وقف الحرب في فيتنام في السبعينيات كاحد العوامل المؤثرة, والامثلة كثيرة ان التناسب بين الشعب والسلطة لايقاس بما تملكه السلطة من قوة وسلاح وجيش مقابل شعب أعزل, الامر يتعلق بمعادلة يصعب فهمها بمنطقك السلطوي وتفكيرك المحدود ان الشعب هوالاغلبية الساحقة وهو يمتد في كل البلاد وشعابها  ومن الصعب الصمود امامه اذا تمرد فهو يمتلك القوة المادية والاقتصادية والروحية والحل الامني هو حل اخرق تجاوزته الدول المتحضرة وبقينا نحن في الدول المتنامية نراهن عليه لاخضاع شعوبنا وانظر ماذا كانت التتيجة في العديد من دول العالم..؟ واذا نجحت سلطة ايران مثلا في قمع التظاهرات المناوئة لها فهي اخرت سقوطها الى حين.. وبالتالي نصحيتي الى كل المسؤولين ان يتوخوا الدقة  في اختيار عباراتهم المناسبة وعقلنة سلوكهم فالامر لايتعلق بخارجين عن القانون ينبغي قمعهم انهم ثوار عراقيون تنادوا لانقاذ وطنهم من براثن سلطة فاسدة هذه هي صورة وتجسيدات هذه الملحمة العراقية التي سترغم السلطة على اعادة حساباتها والاذعان لمطالب الشعب في تغيير الدستور..انتخابات حرة, جديدة. انهاء نظام المحاصصة والمضي في بناء مشروع دولة عراقي في ظل مؤسسات نزيهة, بعيداً عن الطائفية والعرقية الضيقة وفي المحصلة ستسقطها.. 
    افضل الكفاح وقفة حق في وجه سلطان جائر...

    أخيراً اذكرك بتصريحاتك وتغريداتك قبل سنة وكيف كنت تحث الجماهير على الثورة ضد الطغمة الفاسدة مالذي تغير ياسيادة الناطق الرسمي.... اتمنى ان تقرأ رسالتي بتجرد وموضوعية ايها اللواء الموقر....

    طلال شاكر كاتب عراقي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media