النفس والتصنيع!!
    الأحد 12 مايو / أيار 2019 - 06:33
    د. صادق السامرائي
    يبدو أن سلامة النفس البشرية وتفاعلاتها اليومية له علاقة بقدرات مجتمعها  , فالمجتمع القادر على التصنيع والعطاء والإنتاج , يمنح النفس قوة جديدة وزخم إبداعي وثقة بالإتيان بما هو جديد.

    فالتصنيع له تأثير على النفس البشرية , وهو الذي يساهم في تصنيعها أيضا , ومدّها بما تحتاجه من المهارات اللازمة للقوة الحضارية وبناء الإرادة الإنسانية العزيزة الكريمة.

    إن إغفال بعض المجتمعات لهذا الركن الأساسي المؤثر في السلوك البشري , يجعلها تتحول إلى وجود واهي , ويوفر لها قدرات الإنكماش والإنحسار والإضمحلال والضياع.

    ويمكن تقدير الحالة النفسية للمجتمع من خلال معاينة قدراته الإنتاجية , ونشاطاته الصناعية والإقتصادية.

    فالحالة النفسية التي تتمتع بها مجتمعات النفط غير الحالة النفسية التي تتمتع بها مجتمعات لا تملك نفطا , لكنها تمتلك عقلا وأفكارا , ومهارات تصنيع وإبتكار وإنتاج , جعلت من دول النفط تابعا ضعيفا لها , وليس العكس.

    وفي مجتمعاتنا  يبدو تأثير الإنهيار الصناعي على نفسية الإنسان.

    وقد كان العراق متجها نحو التصنيع , وكان الشعور القائم في أعماقنا غيره عندما تحول إلى بلد خالٍ من التصنيع.
    وكذلك الحالة النفسية في مصر , عندما كانت ذات قدرات صناعية  وتصديرية , و بعد أن تم الإجهاز على مشاريعها الصناعية وعدم تطويرها , أصابتها آفات العجز والإتكال.
    فعندما سألت عن سيارات "نصر" التي كنت أعرفها منذ صباي , وجدت الجواب , "يرحمها الله"!
    وهذا يعني أن النفس قد إنكسرت , والإرادة إنحنت , والأمل والثقة بالمستقبل قد تزعزعت.

    فالنفس البشرية ليست حالة معزولة عن دفق الوجود الإنساني من حولها , وخصوصا في مجتمعها ووطنها الأصلي.

    وفي خضم الفيضان المعلوماتي والتواصل الإليكتروني , فأن العديد من النفوس ستصاب بالصدمات والإنكسارات والإنفعالات السلبية , والثورات الهيجانية المعبرة عن حالتها الشعورية وطاقتها العاطفية المتراكمة المضغوطة في قدور وجودها , التي تغلي على جمرات آهاتها!!

    ومن أهم المعالجات المطلوبة للواقع العربي , هو إعادة روح التصنيع والإبتكار التي تعزز ثفة الإنسان بنفسه , وبحاضره ومستقبله.
    فهل لدينا مناهج إعادة تصنيع الذات العربية المأزومة؟!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media